الاستبداد العربي سعيداً بقبلة الموت…بقلم:منار الرشواني

2017/01/23
Updated 2017/01/23 at 10:13 صباحًا


بخلاف كل التوقعات المنطقية، دخل دونالد ترامب البيت الأبيض، فيما يستمر صعود اليمين المتطرف في أوروبا، حيث يفرض على القوى السياسية الأخرى أخذ خطابه الشعبوي المتطرف بعين الاعتبار على أقل تقدير، إن لم يتمكن هذا اليمين من الإمساك بزمام السلطة. وبذلك، يكون محقاً تماماً القول إن الأنظمة العربية المستبدة، ونموذجها الأهم نظام الأسد، قد دخلت “ربيعها” غير المسبوق؛ إذ تبدو متحررة من أي قيد أو رادع على الرغم من وصول جرائمها، أو أقله فشلها على كل صعيد؛ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، مستويات غير متخيلة.
طبعاً، نعرف جميعاً أن مثل هذا “الربيع”، ودونما أي تناقض كما تُثبت كل العقود الماضية، تعيشه أيضاً إسرائيل. لكن فيما يظل طول أمد “ربيع الصهاينة” محل تخمين، فإن من الممكن الجزم أن “ربيع المستبدين العرب” لا بد وأن يكون قصيراً، بخلاف ما يأمل سدنة الاستبداد.
مفروغ منه أن الغرب، بيساره ويمينه “المعتدلين”، لم يكن يوماً مبالياً بصدق بحقوق الإنسان العربي خارج حدود الخطابة والتقارير التي لا تؤثر في السياسات؛ إذ تظل تُقرر هذه الأخيرة استناداً إلى المصالح الوطنية الغربية، والتي “لا تعرف أخلاقاً” في أحيان كثيرة. مع ذلك، فإنه منذ نهاية الاستعمار العسكري للعالم العربي حوالي منتصف القرن الماضي، لم يُعلن الغرب يوماً عداءه للشعوب العربية مباشرة وصراحة؛ فكان أن بقي دوماً ملاذاً للكثير من المضطهدين على يد الأنظمة العربية الحليفة للغرب قبل الأنظمة المدعية عداءه. وهو ما يتبلور نقيضه حالياً ومستقبلاً.
فالآن، يمنح/ سيمنح اليمين المتطرف والشعبوية في الولايات المتحدة وأوروبا، شيكاً على بياض للأنظمة المستبدة بأبشع ممارساتها ضد الشعوب، في الوقت ذاته الذي يقوم فيه هذان الطرفان بتجييش المجتمعات الغربية على القادمين إليها، طوعاً أو كرهاً، من العالم العربي خصوصاً، بزعم أن العرب المسلمين جميعهم إرهابيون. ومع نجاح هذا التجييش – من دون إغفال دورنا في المساهمة في هذا النجاح بأدوات عدة – في منح شرعية السلطة للمروجين له، فسيكون متوقعاً تماماً تحوله إلى تشريعات تجعل العربي عموماً “أسير بلاده!”؛ وفي هذا المصطلح ما يلخص مأساوية المشهد المقبل في دول عربية عدة، حيث – ببساطة- لا مفر!
هكذا تكون متوقعة تماماً النتيجة النهائية لمواصلة السير في سياسات الاستبداد ذاتها، وصنوها الفساد، مع عدم وجود مهرب، بالهجرة واللجوء، للشعوب المضطهدة والمحبطة؛ إنها العنف وحتى الإرهاب في مواجهة موت محقق تمارسه أنظمة، معنوياً إن لم يكن مادياً. والمتوقع تماماً أيضاً أن يكون العمود الفقري لهذا العنف والإرهاب هم الأكثر وعياً والأعلى تعليمياً، لأنهم سيكونون الأكثر اضطهاداً وإحباطاً. الأمر الذي يختزل حجم الخسارة، والتي ستكون طويلة المدى بما يتجاوز فترات العنف ذاتها، نتيجة الاستبداد والفساد أساساً.
باختصار، العرب الفرحون بصعود اليمين الغربي المتطرف، إنما يفرحون بقبلة موت مؤكد؛ فرغم تأكيدهم أن العربي منذور للموت فقط وإلا صار خائناً وعميلاً، سيظل هذا العربي إنساناً ساعياً إلى إنسانيته مهما طال الزمن، أسوة بكل البشر. وبعد التحالف مع اليمين، لم يعد ممكناً لمنكري إنسانية العربي التذرع بمؤامرة كونية صهيونية لتبرير الاستبداد والفساد. بل ويثبت اليوم أن هذه المؤامرة إن وجدت، إنما تمارس ضد الشعوب، برعاية الأنظمة التي يُدافع عن جرائمها.
الغد الاردني.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً