ما هو قانون الجرائم الالكترونية؟

2017/07/19
Updated 2017/07/19 at 9:01 صباحًا


خاص دنيا الوطن – أسامة الكحلوت /ضجت المواقع الاخبارية على مدار الايام الماضية بقرار الرئيس محمود عباس بعدما صادق على قانون الجرائم الالكترونية الذي يهدف الى تنظيم المواقع الالكترونية الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، وفرض عقوبات على من يخل بالسلوك العام او يحرض من خلال المواقع.

وقال الناطق باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات، ان القرار جاء ليعالج الجرائم الالكترونية التي ارتفعت معدلاتها في الاراضي الفلسطينية خلال السنوات الاخيرة، ففي عام 2015 بلغ عدد تلك الجرائم 502، وفي العام 2016 بلغ العدد 1327، وحتى منتصف هذا العام تلقت الشرطة الفلسطينية 850 بلاغ عن الجريمة الالكترونية.

واكد ان جهاز الشرطة أسست وحدة مكافحة الجريمة الالكترونية ضمن نطاق عمل ادارة المباحث العامة، وتم تزويدها بضباط متخصصين وامكانيات لازمة من اجل متابعة هذه القضايا، وفي اللحظة التي تصل فيها الشكوى تتحرك الوحدة وتبدأ باجراءات البحث.

بالاضافة الى ان الشرطة تقوم بدور توعوي في الجامعات والمدارس ومع الاهل، ومن خلال رسائل ونشرات توعوية وافلام قصيرة لتوضيح الاستخدام الامن للانترنت.

رفض نقابي

وخاطبت نقابة الصحفيين الفلسطينيين والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم” السيد الرئيس برسالة عاجلة طالبتا فيها بضرورة الوقف الفوري لتطبيق القرار بقانون رقم (16) لسنة 2017 بشأن الجرائم الإلكترونية، وإعادته للتشاور مع مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها نقابة الصحفيين والشركات المزودة للانترنت، بهدف تعديله بما ينسجم والقانون الأساسي الفلسطيني والالتزامات الدولية لدولة فلسطين في اتفاقيات حقوق الإنسان التي انضمت إليها، وبما يوفر حماية حقيقية لخصوصية المواطنين وحرمة حياتهم الخاصة التي ترتبط بالكرامة الإنسانية للإنسان الفلسطيني.

وأعربت النقابة والهيئة عن استعدادهما لتقديم ملاحظات تفصيلية وتوصيات محددة بخصوص مواد القرار بقانون والمشاركة في أية لجان لإعادة صياغته، كونهما لم تطلعا على مسودة القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية قبل نشره في العدد الممتاز من الرقائع الفلسطينية رقم (14)، ولم تتم مشاورتنا أو أخذ رأينا بالأحكام التي تتضمنها، بالرغم من صلته الوثيقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وعلى رأسها الحق في حرية الرأي والتعبير وفي حرمة الحياة الخاصة للمواطنين.

وأكدت المخاطبة على أهمية وجود قانون لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، لا سيما بعد التطور الهائل في مجال التكنولوجيات وقطاع الاتصالات، “ونحن مع وجود قانون عصري واضح في تجريمه وعقابه، ويوفر حماية للمواطنين ولأسرارهم ومبتكراتهم ومؤلفاتهم وأموالهم وأعراضهم..

وحماية فوق العادة للأطفال من الاستغلال في المواد الإباحية وفي الاتجار بالبشر، وحماية مؤسسات الدولة وبياناتها، من المجرمين وقراصنة الانترنت، شريطة أن تكون هذه النصوص منسجمة مع أحكام القانون الأساسي المعدل ومع الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ومع المبادئ الدولية المعنية بمراقبة الاتصالات، بالإضافة إلى توفيرها مراجعة قضائية فعَّالة لجميع الإجراءات الإدارية والقضائية ذات العلاقة، وتحقيق التوازن بين صلاحيات الدولة وإجراءاتها الإدارية والعقابية من جهة، وحق المواطنين في حرية التعبير وحقهم في حرمة الحياة الخاصة من جهة أخرى، وفق ما هو مقبول في مجتمع ديمقراطي حرَّ”.

وبينت المخاطبة أن القرار بقانون رقم (16) بشأن الجرائم الإلكترونية يتضمن نصوصاً خطيرة من شـأنها انتهاك وتقييد غير مبرر لطائفة من حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية، لا سيما حقهم في حرية الرأي والتعبير، وحقهم في الخصوصية وحرمة حياتهم الخاصة، التي كفلهما القانون الأساسي المعدل، وإعلان الاستقلال الفلسطيني، والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي انضمت إليها دولة فلسطين. خاصة المواد (16، 20، 28، 51) علاوة على المواد (32 ،33 ،34 ،35 ،37 -40 ،41 ،42 ،43 ،44)، التي تتضمن العديد من الأحكام التي من شأنها المساس بالحق في الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، دون أن توفر ضوابط قانونية حقيقة لذلك، أهمها الإذن القضائي، وإخطار المتهمين بهذه الإجراءات.

بدوره، أشار وزير العدل د علي أبو دياك إلى أهمية إصدار قرار بقانون الجرائم الإلكترونية بالتلازم مع قرار بقانون المعاملات الالكترونية رقم (15) لسنة 2017، لمواجهة الوسائل الجرمية التي نشأت عن الاستخدام الواسع لتكنولوجيا المعلومات، مؤكدا على أهمية هذا القانون في حماية المواطن وأمواله وأملاكه وبياناته الخاصة، وحماية المعاملات الالكترونية التي شرعها قرار بقانون المعاملات الالكترونية، ومؤكدا بأن غالبية نصوص قرار بقانون الجرائم الإلكترونية تتصدى للجرائم الواقعة على الأشخاص والأموال أو حقوق الملكية الفكرية وحقوق النشر والتأليف، أو الجرائم الواقعة على مؤسسات الدولة وبياناتها بالوسائل الالكترونية وقرصنة المعلومات.

وبين وزير العدل بأن تحفظات نقابة الصحفيين والهيئة المستقلة قد تم تبديدها أصلا في مواد القانون التي منحت السلطة التقديرية للمحكمة المختصة سواء في تكييف الجريمة أو في تحديد العقوبة بين حدها الأدنى والأقصى، مضيفا أن هناك نصوص عديدة وردت في القوانين الأخرى ومنها قانون العقوبات والتي وضعت عقوبات على الأفعال التي تمس بالنظام العام والآداب العامة وسلامة وأمن الدولة وسلامة وأمن المجتمع

خبير قانوني

من جهته، قال الخبير في القانون الدولي د عبد الكريم شبير، ان الجرائم الالكترونية اصبحت في الاونة منتشرة بكثرة، وتحتاج الى قانون في ظل الانقسام الفلسطيني، لملاحقة كل من يقترف جريمة سب او قذف او اساءة للاخرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

واوضح ان الرئيس اقر ما يقارب 144 قانون في ظل الانقسام الفلسطيني، ومنها الجرائم الالكترونية، في حين ان قطاع غزة ما زال يتعامل بالجرائم الالكترونية وفق قانون عام 36.

واكد ان اهم سلبيات هذا القانون هو صدور في ظل الانقسام الفلسطيني، لكن اهم ايجابياته هو ردع كل من تسول له نفسه الاساءة للاخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي سواء قذف او سب او تشهير، وتضع حدا للجرائم سواء الخاصة او العامة، سواء على مستوى مرتكب الجريمة او من تسول له نفس بارتكاب جريمة.

وتابع:” تصنيف الجرائم وتكييفها والعقاب ترجع للمحكمة التي تقرر ما يناسب الوقاع والاسباب المنسوبة لكل شخص، حسب طبيعة الجريمة والظروف الموجودة في قطاع غزة والضفة الغربية، ومكان وزمان الجريمة، كما ان الشخص نفسه له دور”.

ولفت الى ان العقوبة قد تكون بالسجن او الغرامة، وفي حال كان موظفاً قد تطاله عقوبة ادارية بمنعه من ممارسة عمله لمدة معينة، كما ان هناك تصنيف معين للعقاب سواء عقاب جزائي او مالي او اداري بشكل عام.

ولا يعتقد د شبير ان يتم تطبيق القانون في قطاع غزة والالتزام بقرار الرئيس بسبب الانقسام والخلاف السياسي، لكن ذلك واجباً نظراً لوجود جرائم تشهير في غزة وقانون تحتاج الى تطوير.

واشار الى ان اهم سلبيات القانون هو محاولة تسييسه ضمن القضاء والتشريع، وذلك سيشكل تقل على الاعلاميين واهل الرأي والفكر ليعبروا عن ارائهم المجتمعية والسياسية من اجل تصويب المسيرة الاعلامية وسياسة البلد.

وزارة العدل

في السياق، يرى رئيس وحدة حقوق الانسان في وزارة العدل مجدي الحردان، ان قانون الجرائم الالكترونية يلبي حاجة وطنية مجتمعية فلسطينية، حيث تعلمون ان الجرائم الالكترونية قد اثرت على النسيج الاجتماعي بشكل خطير، وانتشرت مؤخراً جرائم الابتزاز والتشهير بالاضافة للجرائم الاخلاقية والتحرش والاحتيال والسطو على الصفحات والمعلومات بما يضر بالاقتصاد الوطني.

وأكد ان القانون يسد فراغ تشريعي وهذا متطلب حقوقي للجمهور والتزام دولي تجاه المعاهدات التي اصبحت فلسطين طرفاً فيها.

وفيما يخص مراعاة القانون لحقوق الانسان، قال الحردان:” نلاحظ ان الرقابة على المواقع والصفحات ترجيه النيابة العامة بطلب من القضاء، وبالتالي الرقابة القضائية هي الضمانة لكل الاجراءات، وهذا ما اخذت به كل الدول واولها فرنسا، وان الرقابة تأتي في اطار تحقيق جزائي وليس جزافاً وليس بها أي مس بالخصوصية الا بشكل استثنائي لغايات الوصول للعدالة”.

واوضح انه جرى حوار مجتمعي مؤخراً لبحث القانون وافاق تطبيقه بمشاركة عطوفة النائب العام، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة اهلية ورسمية لمتابعة تنفيذ القانون ونشر الوعي به وتدارس اية نقاط خلافية بتنفيذه بالشراكة مع النائب العام.

كما يرى رئيس وحدة حقوق الانسان في وزارة العدل ان الاعلام تقع عليه مسئولية مجتمعية عالية بنشر الوعي القانوني وحماية المجتمع وتحمل المسؤولية الوطنية تجاه الشعب، مطمئناً الجمهور الفلسطيني ان القانون وجد لحمايته فقط وحماية ابنائه وامواله من الاعتداء، وان القانون ضامن لحقوق الانسان الاساسية.

مجلس الوزراء

الى ذلك، قال المستشار القانوني للحكومة الفلسطينية، رامي الحسيني، ان اهمية القانون تكمن في سد الفراغ القانوني الهائل المتعلق في الجرائم الالكترونية كون قانون العقوبات سواء المطبق في المحافظات الشمالية او الجنوبية لا يراعي التطورات التكنولوجية التي حصلت، حيث ان الجرائم الالكترونية تتزايد بشكل ملحوظ، كما ان القانون يهدف بالاساس الى معاقبة من يسيئون استخدام تقنيات المعلومات.

واضاف:” يوفر القانون حماية للمواطنين ولعائلاتهم ومؤلفاتهم، كما يوفر حماية للاموال وللاعراض، ويغلظ العقوبة للجرائم الالكترونية الواقعة على الاطفال ومنع استغلالهم ويوفر حماية للعائلة، وسيتم تطبيق القانون على الجميع وعلى جميع مناطق الدولة الفلسطينية، ويحتوي على 61 مادة، وهذا القانون حديث وعصري”.

وافاد ان القانون الجديد يمنع مراقبة الاتصالات او اغلاق المواقع الالكترونية دون اذن من المحكمة المختصة في هذا ضمانة وحماية للحريات والحقوق.

واختتم بالقول:” القانون يراعي الاتفاقيات الدولية والقوانين والتشريعات الفلسطينية، وهو ثمرة جهد مشترك بين الوزارات المختصة لا سيما الاتصالات والعدل والنيابة العامة، وتم صياغته بشكل جماعي من ذوي الشان في الوزارات المذكورة.

وخلال اعداد التقرير حاول مراسل دنيا الوطن الحصول على رد من الحكومة في غزة حول امكانية تطبيقه في غزة، من الناطق باسم وزارة الداخلية اياد البزم، والمسؤول في اللجنة الادارية د اسامة سعد، الا انه لم يتمكن من الحصول على اجابة.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً