تعوق المشاكل السياسية والاقتصادية في فلسطين عمل المنظمات غير الحكومية… بقلم : حازم بعلوشه

2013/02/04
Updated 2013/02/04 at 4:26 مساءً

Palestinian boy sits atop a vehicle as he waits to leave Gazaعانى المجتمع الفلسطيني وما زال على مدار عقود من عدم وجود استقرار في توفير حاجاته الاساسية وتقلب الأحوال السياسية على الساحة الفلسطينية، والتغيير المستمر في اركان الحكم، في ظل ثبات نسبي لمنظمات المجتمع الأهلي.

وتغيرت مع اختلاف الحكم، فلسفة وتوجهات العمل الأهلي من مرحلة تعزيز صمود الفلسطينيين في مواجهة انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي، قبل قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994، فشكلت نقلة فارقة في التحول إلى مرحلة التنمية والزيادة الهائلة في التمويل بنسبة وصلت إلى 500% حسب تقرير مركز تطوير المؤسسات الأهلية.

وقال امجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة “تحول العمل الاهلي مع وصول السلطة الفلسطينية إلى الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق العاملين، والتوعية بقضايا المرأة، ومواجهة الانتهاكات الداخلية، بالاضافة إلى التأثير في تشريع القوانين وتعزيز الديمقراطية من خلال الانتخابات، أما مع سيطرة حماس على غزة، فاتخذ العمل منحى إغاثي في بدايته، واحياناً دور الوسيط بين حكومتي غزة والضفة في قضايا مثل الكهرباء والصحة والتعليم”.

واستمر النزاع بين المؤسسات الأهلية والسلطة الحاكمة في قطاع غزة بعد سيطرة حماس عليها في عام 2007، بعد ان شهدت العلاقة مع السلطة الفلسطينية توتراً شديداً وصلت لدرجة اعتقال بعض رموز العمل الاهلي الفلسطيني في تسعينات القرن الماضي نتيجة صراع على مصادر التمويل وكشف قضايا فساد وانتقادها للسلطة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان.

ورفض ايمن عايش، مدير الدراسات في ادارة الجمعيات التابعة لوزارة الداخلية في غزة الاتهامات بالتعامل الامني مع المؤسسات الاهلية ومحاولة السيطرة عليها، مشيراً إلى أن دور إدارة الجمعيات ينحصر في الرقابة المالية والإدارية على أدائها، ومساعدتها على تجاوز مشكلاتها.

وقال “ورثت الحكومة في غزة العلاقة التي نشأت بين السلطة الفلسطينية والمنظمات الأهلية، والصورة النمطية السلبية لتلك العلاقة بالرغم من محاولاتنا للاعتماد على قاعدة الحوارات واللقاءات في الوصول إلى قواسم مشتركة”.

وأضاف “العلاقة الناظمة بين الحكومة والمؤسسات غير الحكومية قانون الجمعيات، واللائحة الداخلية وتعديلاتها التي اقرها مجلس الوزراء في عام 2010، ولكن قلة الخبرة في العمل الاهلي أحياناً لدى بعض المؤسسات يزيد من حدة التوتر”.

فيما اتهم امجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية الحكومة في غزة باجراء تعديلات غير قانونية على اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون الجمعيات رقم 1 لعام 2000 مما يسمح بزيادة الصلاحيات لوزارة الداخلية في التدخل في شئون الجمعيات، مستغلين الثغرات التي تركها المجلس التشريعي السابق في القانون والتي تسمح بازدواجية التفسير.

ويزخر قطاع غزة بعدد كبير من الجمعيات والمنظمات الاهلية والتي يبلغ عددها حسب احصائية وزارة الداخلية ما يربو على 860 منظمة أهلية منها حوالي 70 منظمة عربية ودولية، تتوزع على قطاعات مختلفة، قرابة نصفها تعمل في مجال الاغاثة.

وتفتقر المؤسسات الأهلية العاملة في قطاع غزة لوجود فلسفة واحدة للعمل، أو استراتيجية مشتركة لتوزيع المشاريع والنشاطات لتشمل كل الفئات والمناطق، وتعتمد بشكل اساسي في تحديد خططها السنوية على مدى توفر التمويل من المؤسسات الدولية.

وبرغم محدودية المعلومات المالية الدقيقة إلا أن تقديرات وزارة الداخلية في غزة حول حجم الانفاق السنوي للمؤسسات الاهلية غير الحكومية في قطاع غزة يتراوح ما بين 200 – 300 مليون دولار، في مقابل زهاء 700 مليون دولار موازنة حكومة حماس في غزة خلال السنوات الثلاثة الاخيرة.

وتنفرد المنظمات الفلسطينية بقطاعات عمل لا تتوفر بديل لها في المؤسسات الحكومية الرسمية كقطاع تأهيل ذوي الحاجات الخاصة، الايتام، وحقوق الانسان والديمقراطية، مما يشكل عامل قوة لدى تلك المؤسسات في صراعها مع السلطة الحاكمة.

كما تعمل المؤسسات الأهلية في المناطق المهمشة والحدودية والتي يصعب للمؤسسات الحكومية العمل بها، لاسيما في ظل الاوضاع السياسية والامنية الراهنة.

وقال الشوا ” نشأت مؤسسات أهلية جديدة خاصة في مجال المساعدات الاغاثية والاجتماعية، وكان هذا الازدياد واضحاً في المناطق النائية والفقيره، لمساعدتها على الصمود في وجه الصعوبات والتحديات في ظل الحصار”.

وحاولت حكومة حماس السيطرة على عدد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية في قطاع غزة منذ وصولها لسدة الحكم، لاسيما في قطاعات تعتقد انها تريد ان تنفرد بها أو تحقق لها تواصل وتاثير على الجمهور لاسيما المؤسسات الخدمية والشبابية.

وشهدت العلاقة ما بين حكومة حماس والمنظمات الاهلية خصوصاً مؤسسات حقوق الانسان توتراً شديداً في بعض الفترات، وصل إلى حد تبادل الاتهامات والتشكيك بالمرجعية الوطنية والفساد المالي والإداري، كما تم اغلاق بعض الجمعيات.

وتتهم حكومة حماس بعض المؤسسات العاملة في قطاع غزة بالفساد المالي والاداري، فيما ترى مجالس ادارت تلك الجمعيات أنه تصفية حسابات مع خصوم سياسيين او محاولة سيطرة على المؤسسات ذات التأثير.

وشكك التقرير السنوي لعام 2011 الصادر عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) في جدية مؤسسات المجتمع المدني في تفعيل مدونة السلوك، وضعف الرقابة الداخلية والخارجية على صرف الأموال من قبل الجمعيات.

وأشار ذات التقرير إلى محدودية تأثير المؤسسات في مجال مكافحة الفساد، وتواضعها في المشاركة الفاعلة في الرقابة على إدارة الشأن العام.

فيما عزا أمجد الشوا الصعوبات التي تواجهها المنظمات الأهلية ومحدودية تأثيرها في السنوات الأخيرة إلى الانقسام بين الضفة والقطاع، التي انهكت قدراتها في ظل الاستقطاب السياسي، وكذلك زيادة نسبة التمويل “المشروط” بالتوقيع على وثيقة الارهاب والتي ترفضه كثير من مؤسسات القطاع، وقلة ومحدودية التمويل المحلي بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الفلسطيني.

http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/opinion/2013/01/palestine-ngo-economic-challenges.html#ixzz2JwDi2Klw

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً