احتمال حدوث مواجهة إيرانية إسرائيلية في سوريا؟

2018/05/10
Updated 2018/05/10 at 8:18 صباحًا

إسطنبول ـ «القدس العربي»: أبدت تركيا قلقاً عميقاً من انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران في ظل تعاظم رغبة أنقرة في إحلال الاستقرار بالمنطقة ومنع دخول دولة جارة جديدة في حالة من الفوضى وانعدام الاستقرار السياسي والأمني الذي يمكن أن ينعكس على تركيا سلباً بشكل سريع وكبير.
وعلى الرغم من أن إيران تعتبر بمثابة القوة الإقليمية الأولى منافسة لها في النفوذ بالشرق الأوسط والمنطقة بشكل عام، إلا أن أنقرة لا ترغب في مواجهة هذا النفوذ من خلال تحويل إيران إلى سوريا جديدة تنتشر فيها المليشيات لا سيما الكردية منها وتتحول تدريجياً إلى مركز للتدخلات الدولية كم حاصل الآن في الجارة سوريا.
وخلال الاحتجاجات التي اندلعت في إيران نهاية العام الماضي وعقب أيام من التردد، حسمت تركيا موقفها بالانحياز إلى جانب النظام الإيراني، واعتبرت أن هذه الأحداث لا تخدم الاستقرار في المنطقة وتصب في صالح أمريكا إسرائيل.
وفي موقف مشابه اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،أمس الأربعاء، أن الولايات المتحدة ستكون الخاسرة بعد أن انسحبت من الاتفاق النووي مع إيران، وقال: «انسحاب واشنطن من الاتفاق سيكون له تأثير سلبي على اقتصاد المنطقة والعالم وتركيا»، وأضاف: «لماذا نفتح المجال أمام خلق أزمات جديدة؟.. أمريكا ستكون الخاسرة لأنّها لم تلتزم باتفاقية هي أبرمتها، لا يمكن تعطيل أو إبرام الاتفاقيات الدولية بشكل كيفي، هذا أمر غير مقبول».
وفي السياق ذاته، اعتبر إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية أن الخطوة الأمريكية مثيرة للقلق، وقال: «إلغاء اتفاقية أبرمت نتيجة مباحثات مطولة ومبادرات دبلوماسية، من جانب واحد، يزعزع مصداقية الولايات المتحدة»، مشدداً على أن بلاده لا تريد لأي دولة في المنطقة أن تمتلك السلاح النووي، وأولويتها هي تطهير المنطقة برمتها من هذا السلاح، محذراً من خطر عدم الاستقرار ونشوب توترات وصراعات جديدة في المنطقة.
وفي تصريح مماثل، وصف المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ الخطوة الأمريكية بـ«الخاطئة»، وقال: «ترامب سيدرك الخطأ الذي ارتكبه خلال فترة قصيرة»، مشيراً إلى أنه «من غير الممكن لواشنطن جني نتائج صحيحة عبر الإقدام على خطوات خاطئة».
ويرى مراقبون أن الموقف التركي ينبع من رغبة أنقرة الجامحة في منح تصاعد التوتر في المنطقة بشكل عام وتفضيلها تحجيم رغبة إيران النووية من خلال الاتفاقيات الدولية والضغوط الدبلوماسية دون اللجوء إلى التصعيد الذي يمكن أن يصل إلى مراحل متقدمة لاحقاً.
وإلى جانب ذلك تخشى أنقرة كما الدول الأوروبية من النتائج الاقتصادية المترتبة على الموقف الأمريكي الجديد لا سيما وأن واشنطن أعلنت أنها ستفرض عقوبات جديدة على طهران وسوف تمنح الشركات الأجنبية 90 إلى 180 يوماً للخروج من طهران وهو القرار الذي أثار حفيظة ومخاوف أنقرة والعديد من العواصم الأوروبية، لا سيما باريس التي قال أحد وزرائها، الأربعاء، إن من غير المقبول أن تتحول واشنطن إلى شرطي اقتصادي للعالم.
وعلى الرغم من أنقرة أعلنت سابقاً وحديثاً أنها غير مضطرة للإلتزام بالقرارات الأمريكية الأحادية في الجانب الاقتصادي، إلا أنها تعلم أن عدم الإلتزام بهذا الجانب سيفتح الباب أمام مزيد من الخلافات والتوترات والمشاكل مع واشنطن.
ومن جانب آخر، ترى تركيا أن التطورات الأخيرة تمهد لمواجهة عسكرية بين إسرائيل وطهران في سوريا خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل تصاعد التوتر بين الجانبين وتزايد الضربات الجوية الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في سوريا، وكان آخرها مساء الثلاثاء والتي خلفت ما لا يقل عن 8 قتلى من الحرس الثوري الإيراني، حسب مصادر سورية.
وعلى الرغم من أن أنقرة ستكون راضية عن أي خطوة تؤدي إلى اضعاف النفوذ الإيراني في سوريا وربما إجبارها على الخروج من هناك، إلا أنها تخشى أن الأمر لن يقف عند هذا الحد وسيتوسع ـ حال حصوله ـ إلى مواجهة أوسع تؤدي إلى مزيد من الفوضى وتقوض جهودها إلى إنهاء الحرب في سوريا وربما اشعال حرب مع إيران، وهي سيناريوهات جميعها تجعل أنقرة تقف في وجه التوجهات الأمريكية والإسرائيلية الجديدة ضد إيران، وتدفعها للعمل أكثر مع الدول الأوروبية المعارضة لخطوة ترامب للحفاظ على حالة معينة من الاستقرار والتعاون السياسي والاقتصادي مع إيران.

Share this Article