«إنقاذ غزة».. لماذا الآن ؟! بقلم :هاني حبيب

2018/09/02
Updated 2018/09/02 at 8:40 صباحًا

توحد الشعب الفلسطيني في كل مكان وراء شجب وإدانة القرارات الأميركية الأخيرة حول تصفية الأونروا، كون هذه القرارات ستلقي بظلالها بشكل مباشر على كل فرد فلسطيني أينما كان، ورغم أن المصالحة الوطنية كما التهدئة أو الهدنة ستؤثر كل منها، منفردة لا مجتمعة على كل فرد فلسطيني أينما كان، الا انها كلها لم تعد تحظى باهتمام المواطن الفلسطيني اينما كان لسبب يبدو وجيهاً، وهو أنه على مدى أكثر من إحدى عشرة سنة والحديث يدور عن مبادرات ومفاوضات بشأن هذه المسائل دون أن يظهر ضوء في آخر أنفاقها المتشعبة، رغم ذلك، يمكن القول، إن الحديث هذه المرة حول المسائل المتعلقة بالمصالحة والتهدئة والهدنة، يجب أن يحظى باهتمام متزايد من قبل الرأي العام، لسبب نعتقد أنه أكثر وجاهة، ذلك، أن هذه المسائل باتت، بخلاف السنوات والمرات السابقة، بمخطط أميركي ـ إسرائيلي يطال القضية الوطنية الفلسطينية في جوهرها، والهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وإذا كان صحيحاً أن المرات السابقة لمعالجة المصالحة كانت تتم بين حركتي فتح وحماس، دون أي علاقة مباشرة بمنظمة التحرير الفلسطينية، بينما لم يحظ الحديث والمداولات حول التهدئة التي أعقبت الحروب الإسرائيلية الثلاث على قطاع غزة بدور من قبل حركة فتح أو منظمة التحرير الفلسطينية، لذا فإن السؤال الذي لا بد من طرحه، لماذا هذه المرة تحاول فتح، كما منظمة التحرير الفلسطينية أن تلعبا دوراً مركزياً، سواء بالنسبة للمصالحة، أو بالنسبة للتهدئة أو الهدنة؟!
هناك متغيران أساسيان وجوهريان، وراء هذا المسعى، المتغير الأول، يتعلق بشعار وآليات “إنقاذ غزة” وهو الشعار الذي تم رفعه قبل بضعة أشهر، ما لبث أن تم تبنيه من قبل إدارة ترامب عندما عقدت اجتماع واشنطن تحت نفس الشعار “إنقاذ غزة” منتصف آذار الماضي، فجأة تذكر المجتمع الدولي، وخاصة إدارة ترامب أن هناك كارثة إنسانية في قطاع غزة، رغم أن عمر هذه الكارثة يمتد لأكثر من عقد من الزمن، بسبب الحصار الإسرائيلي، وحروب إسرائيلية ثلاث على قطاع غزة جرت معها العديد من الشهداء ومن الكوارث، إضافة إلى فشل إدارة حماس في توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة للمواطن، كارثة حقيقية تحدثت عنها وثائق الأمم المتحدة وتقاريرها، وكان الأخير منتصف تموز العام الماضي، باعتبار قطاع غزة لا يصلح للحياة والعيش فيه، كل ذلك كان قبل الإجراءات العقابية التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية بتقليص رواتب موظفيها في القطاع مع إجراءات التقاعد القسري بحق عدد آخر من الموظفين الحكوميين، مع ذلك، ولذلك، ظهر وكأن هذه الإجراءات الفلسطينية هي سبب وعنوان الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، مع أنها جاءت لتعمّق وتفاقم هذه الكارثة وهذه الأزمة.
ورغم الأزمة المحدقة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، إلاّ أن أحداً لم يهب لنجدتها، باستثناء تبرعات محدودة لم تكن كافية كي تواصل مهامها في مناطق عملياتها الخمس، مع ذلك، نجد أن نيكولاي ميلادينوف، منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نجح في جمع 650 مليون دولار، مع وعد بتلقي مليار دولار مع نهاية العام الجاري، كل ذلك لصالح برنامج “إنقاذ غزة” مع تجاهل تام لبرنامج إنقاذ “الأونروا”. والسؤال هنا، لماذا استيقظ المجتمع الدولي على كارثة غزة فجأة بالتوازي مع “صفقة القرن”؟!
أما المتغير الثاني، فيتعلق بهذا الإجماع على ضرورة أن تكون مسارات المصالحة والتهدئة والهدنة، برئاسة الرئيس أبو مازن، الذي لم يكن “شريكاً” ليصبح راعياً ومسؤولاً، مسارات حددتها مباحثات ومفاوضات كانت القيادة الفلسطينية بعيدة عنها. مبادرة ميلادينوف لإنقاذ غزة، تشترط عودة السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن إلى قطاع غزة، بينما غرينبلات يهدد “بملء الفراغ” في حال غياب الرئيس أبو مازن عن هذه المسارات، وبينما أبو مازن والقيادة الفلسطينية تقاطع إدارة ترامب، إلاّ أن هذه الأخيرة أكثر حماساً لمشاركته في التوقيع على نتائج هذه المسارات، ألا يدعو ذلك للتساؤل مجدداً، لماذا مثل هذه الدعوة الآن، وفي ظل ما هو مطروح من مشاريع ومبادرات واشتراطات، وبالتوازي مع خطة ترامب حول “صفقة القرن” ما يزيد من قلق الرأي العام وشكوكه رغم الحاجة الملحة لتصل المسارات المتعلقة بالمصالحة والتهدئة إلى نهاياتها، شريطة أن تعكس هذه النهايات المصالح الوطنية الفلسطينية وتجمع القوى الفاعلة في مواجهة حقيقية مع مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية التي تتخذ من “صفقة القرن” عنواناً لها!

 

Share this Article