الدبلوماسية والإعلام…علاقة جدلية (مثال جمهورية التشيك) بقلم: د. دلال عريقات

2018/09/16
Updated 2018/09/16 at 11:46 صباحًا


قبل يومين، تم تداول خبر نقل السفارة التشيكية من تل ابيب إلى القدس، وتناقلت معظم وسائل الاعلام الفلسطينية المقروءة وخاصة الإلكترونية منها هذا الخبر. بالنهاية، نفت وزارة الخارجية مشكورة مؤكدة انه لم يصلها بشكل رسمي. من المهم التنويه هنا أن الرئيس التشيكي ميلوس زيمان كان منذ آيار اَي منذ نقل السفارة الأمريكية الى القدس، مؤيداً لنقل سفارة التشيك الى القدس، الا أنه لاقى معارضة من رئيس وزرائه الذي ارتأى أن تلتزم التشيك بموقف الاتحاد الأوروبي الذي يعترف بالحق الفلسطيني في القدس الشرقية وأن مصير القدس يجب أن يقرره طرفا الصراع.
لقد تم تناول الخبر في الاعلام الفلسطيني بطريقة مغلوطة وعلى نطاق واسع، ما حصل هو أن التشيك أعلنت انها ستفتتح البيت الثقافي التشيكي في القدس بحضور رئيسها في نوڤمبر المقبل ولَم تذكر السفارة! وبعد إعلان خبر افتتاح البيت التشيكي جاءت تحليلات على لسان المتحدث باسم الرئاسة التشيكية تقول ان افتتاح البيت التشيكي في القدس قد يكون خطوة ممهدة لنقل السفارة من تل ابيب الى القدس خاصة في ظل تأييد رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الخارجية لافتتاح هذا البيت الثقافي في القدس. في المحصلة النهائية، موقف التشيك لم يتغير حتى هذه اللحظة فيما يخص نقل السفارة!
لا بد من التنويه هنا أننا لا نغفل أن سياسة التشيك مقربة من إسرائيل، فهي جزء من تحالف ال V4، (الڤايسجراد) الذي يضم كلا من (بولندا وسلوفاكيا وهنغاريا والتشيك) والتي تحتفظ بموقف يميني باتجاه اسرائيل ولا نتغاضى عن حقيقة أن افتتاح البيت التشيكي في القدس قد يمهد لخطوة خطيرة لنقل السفارة للقدس ولكن من المهم هنا ضرورة نقل الأخبار بمهنية.
العلاقة ما بين الدبلوماسية والإعلام علاقة جدلية؛ هناك:
١- Media Diplomacy دبلوماسية الإعلام وهي باختصار ان يستعمل الدبلوماسي وسائل الإعلام لتحقيق مصالح دولته.
٢- Media-brokering Diplomacy دبلوماسية لوسائل الإعلام، وهنا يقوم الإعلامي ومن خلال تناقل أخبار أو تحليلات مختارة بتوجيه الدبلوماسية والتأثير بالسياسة الخارجية لدولة ما، باختصار الصحفي يوجه الدبلوماسية.
القاعدة الأساسية في الدبلوماسية أن (صديق الْيَوْم-عدو الغد، عدو الْيَوْم-صديق الغد)، (friends or Foe). ولو اطلعنا على تاريخ العلاقات الدبلوماسية التشيكية/الإسرائيلية، سنجد أنها مثالاً حياً على هذه القاعدة، فقد توقفت العلاقات بين البلدين ما بين ١٩٦٧-١٩٩٠ طوال فترة النظام الشيوعي، أما منذ مطلع التسعينات وتوغل اليمين حتى يومنا فالعلاقة بين اسرائيل والتشيك تبدلت وشهدت تطوراً إيجايياً ملحوظاً.
هناك قاعدة دبلوماسية أخرى مهمة تدعو الى صنع الأصدقاء قبل الحاجة لهم (Make Friends before you need them)، رسالة المقال الْيَوْم موجهة لطلاب وخريجي وأساتذة الصحافة والإعلام، الرجاء من الجميع توخي الحذر والالتزام بأداب وأخلاقيات المهنة، وعدم تناقل التحليلات على أنها أخبار، كان أجدى بوسائل الاعلام لو تناقلت تحليل هذه الخطوة وحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية لاتخاذ ما يلزم من خطوات دبلوماسية كإجراء وقائي والتحضير دبلوماسياً في حال تطورت الأمور سلبياً فيما يخص السفارة، بدلاً من الفوضى التي خلقتها نتيجة عدم تقصي الدقة والحقيقة عند تناقل الأخبار.

Share this Article