أوسلو.. حرب الاستنزاف السياسي..!! بقلم :أكرم عطا الله

2018/09/17
Updated 2018/09/17 at 8:14 صباحًا


نقاش أوسلو الذي يمتد على مساحة ربع قرن يحتاج إلى أكبر بكثير من منافسة حزبية بين طرفين لا ينقصهما دافع استمرار خصومة لديها من أعواد الثقاب، ما يغنيهما عن تطويع التاريخ لصالح هذه الجهة أو تلك، فالتاريخ أكبر شأناً من نقاش عابر، بل إن تلك مهمة الباحثين في آثار السياسة للتنقيب عن وثائق مدفونة في صدور شهود المرحلة أو بين مذكرات لم تقل الحقيقة كلها بعد.
المدرسة الأبيقورية في علم السياسة تقول: لا تختلفوا على التفاصيل والمناهج والمسارات.. احكموا على النتائج بعد تحققها، وإذا ما ذهبنا بهذا الاتجاه يمكن أن نصدر حكماً قاسياً على رجال تلك المرحلة، وبعضهم غادر دنيانا وبعضهم يستبد به الغضب من حجم الخديعة في نهاية المسار، وبعضهم على الجانب الآخر أسكره خمر الانتصار على أوسلو منذ أن أقسم بإسقاطه واعتبره يوماً أسود في تاريخ إسرائيل.. بهذه الكلمات كانت تبكي العجوز المتطرفة غيئولا كوهين التي كانت عضو برلمان عن حزب “الليكود” وأورثت العمل السياسي لابنها تساحي هنغبي.
هل كان أوسلو مساراً جدياً سيأخذ أطرافه إلى الحل لولا مستجدات حرفت مساره أم أنه كان متاهة بلا نهاية وكان مصمماً أن يصل لتلك النتيجة؟ حصاد ربع القرن الماضي مجرداً من عوامل التطور الطبيعي للأشياء يشير إلى أن أوسلو كان يحمل عوامل الفشل لثلاثة أسباب:
الأول: أن الفلسطينيين اعترفوا بإسرائيل دون أن يأخذوا اعترافاً مشابهاً من إسرائيل، وكل ما حصلوا عليه هو اعتراف بأحقيّة تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية وصلاحيتها للمفاوضات، وتلك كانت سقطة اعترف بها مسؤول ملف المفاوضات الدكتور صائب عريقات.
الثاني: مرحلية الاتفاق وترك القضايا الأكثر أهمية للمفاوضات النهائية، مثل القدس واللاجئين، ما مكّن إسرائيل من فرض وقائع على الأرض، تمكنت خلالها من سد الطريق على فكرة حل الدولتين بسبب ثغرة أوجدتها تلك المرحلية وتأجيل تلك الملفات.
الثالث: طول الفترة الزمنية، ما مكّن اليمين الإسرائيلي من الوصول للحكم وتنفيذ أجندته الرافضة تماماً لأوسلو تطبيقاً لتعهده بإسقاطه، وهو ما حصل بعد ثلاثة أعوام من الاتفاق ووصول بنيامين نتنياهو للسلطة عام 1996.
أما على الجانب الفلسطيني، ظل السؤال المحير فهذا اتفاق محكوم بسقف زمني محدد لخمس سنوات فكيف تحول هذا المؤقت إلى دائم؟ الجواب ليس بتلك الصعوبة لأن إسرائيل تمكنت من تكبيل النظام الفلسطيني الوليد الخداج، الذي لم يكتمل بعد ويحتاج إلى عناية وأنابيب تغذية ولا يمكن الخروج وحده نحو الحياة، ولم تكن تلك الأنابيب سوى الإسرائيلية وفي مستشفى إسرائيلي.
وهكذا وقع الفلسطيني قليل التجربة السياسية وعديم القدرة على فهم وقراءة الإسرائيلي ضحية أحلام مرة، ومرة أخرى ضحية حسن النوايا والصورة الحالمة التي أعدتها مخيلة لواقع واتفاق كان م

Share this Article