“اختبار الندم” لخليل صويلح .. حين تلتهم حرائق الحرب غراميات مرحة مفترضة

2018/09/18
Updated 2018/09/18 at 7:53 صباحًا


الايام بديعة زيدان:حاول الروائي والسيناريست، الشخصية المحورية هنا، الخروج برواية عن “العشق” في ظل الأحداث اليومية المهولة الدائرة والمتواصلة منذ سنوات في سورية، لكنه عجز عن ذلك، ففي كل مرة، كان يصطدم بحادثة هنا، أو خبر في نشرة تلفزيونية هناك، إضافة إلى يوميات تسيطر عليه عنوة كغيره، حالت دون نجاحه في مشروعه على مستوى إنجاز رواية، أو حتى سيناريو لفيلم، لكن الروائي السوري خليل صويلح، الذي يعيش هو الآخر في سورية بكل تفاصيل الحياة أو اللاحياة فيها، تمكّن من إتمام روايته “اختبار الندم”، على عكس الروائي فيها، بشكل مدهش أهّلتها بجدارة للفوز بجائزة الشيخ زايد عن فئة الأدب للعام 2018.
صويلح في روايته الصادرة عن دار “هاشيت أنطوان” في بيروت، يتحدث عن مصابي الحرب السورية على نحو مغاير، فهم هنا ليسوا مبتوري الأطراف، فالبتر يمس الروح، وكأنه قطع في الشرايين اللامرئية للسوريين الناجين من قصف أو اشتباكات تتواصل، وهم أيضاً ليسوا مشوهي الأجساد، لكنهم، ومن ناحية عملية، مصابين بارتدادات “الزلزال السوري” في دواخلهم على المستوى الحسي، وبتشوهات لا يمكن إدراكها بالعين المجردة، وهو أمر مهول.
سوريات
إلى جانب الروائي والسيناريست الذي لم يحمل اسماً بعينه، حضرت شخصيات، في مجملها نسائية، كانت على العكس منه تحمل أسماء بعينها، بينهم الشاعرة “آمال ناجي” كاسم مستعار لـ”أسمهان مشعل”، وتعيش في منطقة ريفية هادئة إلى درجة كبيرة.. تعرف إليها بداية عبر ما كانت ترسله له من نصوص شعرية كرسائل على “مسنجر الفيسبوك”، وولدت بينهما علاقة جسدية خلال زياراتها الخاطفة إلى دمشق على مدار خمس سنوات، إلى أن ظهرت “المحجبة”، وهي إحدى المتدربات لديه في ورشة إعداد السيناريو، هي “نارنج” الغامضة المنعزلة التي كشفت له لاحقاً عن حكايتها.
“نارنج عبد الحميد” التي عاشت تشوهاً مركباً، كانت إحدى الناشطات في تظاهرات دمشق، وكانت فاجعتها بعد أن علمت عقب اعتقالها، أن من كانت تربطه وإياها حكاية عشق هو من وشى بها قبل أن يفرّ إلى أوروبا، ويتركها فريسة للاغتصاب من قبل محقق في المعتقل، واصل لفترة اغتصاب أذنيها بألفاظ جارحة ونابية، قبل أن يقضم جزءاً من إحدى هاتين الأذنين، لتترك الحادثة داخلها تشوهات جسدية ونفسية في آن.
أما المصورة “جمانة سلوم” وتعمل في وكالة إخبارية رسمية، وهي صديقة “أسمهان” أو “آمال”، وربطته لاحقاً وإياها علاقة متخيلة من قبله.. في وقت لاحق تكشف له “جمانة” صوراً عن جرائم وفظائع التقطتها دون غيرها بحكم عملها، وهي الصور المحظور نشرها، وأخذتها في أماكن يحظر على الكثيرين بل الأكثر الوصول إليها أصلاً.
كانت هذه الصور تكاد تفترسها مسببة لها آلاماً مبرحة تشعر بها على الدوام، وكأن لعنة القتلى والمصابين والمقطعة أشلاؤهم تطاردها باستمرار، وكأنها، أيضاً، أرادت بكشفها الخطير هذا للروائي التخلص من شيء من عبء الإحساس بالذنب أو ما وراء الذنب.. كان يعتقد أن تلك العلاقة المتخيلة بينهما ستكون في تلك الجلسة، لكن الصدمة جراء ما عرضته له على حاسوبها المحمول (اللابتوب)، شكّل حاجزاً جديداً ما بينه وبين خيالاته أيضاً.
عجز آخر
وبينما كان يحاول الخروج مما يجتاحه ليشرع في روايته الرومانسية وبطلتها “هـ” أو “هنادي”، اصطدم بفيديو صعقه عن غرق سوريين جدد من المهاجرين الحالمين بحياة أفضل، أو بهروب من موت يبدو محققاً، ليعود إلى خيباته عاجزاً عن إتمام مشروعه الحلم… “الشريط الوثائقي الذي باغتني ليلاً، في إحدى المحطات الإخبارية، عن غرقى سوريين جدد، أبعد صورة (هـ) الغائمة والمهتزة والمشتهاة. كنت على وشك ارتكاب خديعة سردية بمطاردتها في شوارع مونتريال لترميم عطب المسافة، واختراع رسائل بيننا، بعد أن وجدت حساباً جديداً بيننا على الفيسبوك. كانت (هـ) قد أغلقت صفحتها منذ ثلاث سنوات تقريباً، لكن صفحتها الجديدة لا تحمل أي إشارة إلى أحوالها في المنفى. فقط نماذج من أعمالها الجديدة. لم يطرأ تغيير جوهري على طريقتها في

Share this Article