الإخوان للأميركيين: نحن نخدمكم أفضل!

2013/03/09
Updated 2013/03/09 at 8:59 صباحًا

 thumbgenالكويت : «إنهم يخدموننا بشكل أفضل.. وعلينا أن نساعدهم بسرعة قبل أن تسوء الأمور إلى حد الانهيار».. هذا ما يتوقعه مراقبون للشأن المصري بأن يكون فحوى الرسالة التي قد ينقلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى رئيسه باراك أوباما بعد زيارته الأولى الى مصر، التي يحكمها اليوم رئيس من جماعة الإخوان، وهي كانت إلى وقت قريب مدرجة ضمن المنظمات التي تشجع التطرف الديني وتعادي السياسة الأميركية!

كيري عاد من القاهرة بالنتائج والإجابات التي كان يحتاجها في بداية عمله كرئيس للدبلوماسية الأميركية، وهو بالتأكيد سيضع ذلك كله أمام رئيسه أوباما الذي من المرتقب أن يزور المنطقة قريبا، حيث سيحاول إلقاء نظرة عن قرب على الآثار الإقليمية والدولية للربيع العربي الذي ساهمت إدارته في صنع الكثير من أحداثه.

وساطة مرفوضة

ربما تصورت الإدارة الأميركية أنها تستطيع أن تلعب دور «الوسيط» بين نظام الإخوان وجبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، بعد أن تصاعدت الحرب السياسية بين الطرفين، ووصلت إلى مرحلة تنذر بإفشال عملية التحول السياسي الديموقراطي التي لم ينجز منها عمليا سوى انتخاب رئيس الجمهورية، وخلفت حالة انقسام واستقطاب عميقين في المجتمع المصري.

وبعد تمرير الإخوان للدستور، تستعد مصر لمواجهة معركة الانتخابات البرلمانية في غضون الأسابيع المقبلة. وكان هذا الملف في مقدمة اهتمامات كيري، فقد حرصت السفيرة الأميركية على الصعود إلى طائرته لإحاطته علما بآخر التطورات قبل أن يلتقي ايا من الاطراف المصرية. وكانت جبهة الإنقاذ استبقت الزيارة بإعلانها رفض أي وساطة أميركية، متهمة الإدارة الأميركية بالانحياز الى مصالح الإخوان.

والمثير في الأمر أن الإخوان لم يرفضوا هذه الوساطة بل بدا أنهم يرجون الإدارة الأميركية أن تستخدم كل نفوذها من أجل إقناع جبهة الإنقاذ بالمشاركة في الانتخابات. وتبدو الجماعة أنها توظف الآن الإدارة الأميركية مباشرة للضغط على المعارضة، لكي ترمي الكرة في ملعبها أمام الولايات المتحدة بأنها هي التي ترفض المشاركة في الانتخابات وفقا لقواعد المنافسة السياسية، وعوضا عن ذلك تريد الإطاحة بالرئيس المنتخب من خلال الاحتجاجات الشعبية المتصلة، وتطويرها إلى حالة عصيان مدني كاملة كما يحدث بالفعل في عدة محافظات.

وعلى الرغم من أن معظم أحزاب الجبهة قاطعت كيري، فانه تم الاتفاق ضمنا، وبشكل غير معلن، على إتاحة الفرصة لرئيس حزب المؤتمر ووزير الخارجية والأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى على لقاء كيري، فوضع أمامه الصورة كاملة، خصوصا ما يتعلق برفض الإخوان تلبية طلبات المعارضة لضمان انتخابات حرة ونزيهة، وفي المقدمة تشكيل حكومة محايدة تجري الانتخابات، لأن هذه الحكومة وقد أصبحت في معظمها إخوانية، ولن تجري انتخابات حرة. كما طالبت بإبعاد النائب العام الحالي الذي عينه مرسي رغما عن مجلس القضاء الأعلى بعد الإطاحة بالنائب العام السابق من خلال التعديلات الدستورية التي تسببت في انقسام مصر في نهاية نوفمبر الماضي. بالإضافة الى تحفظات المعارضة على الأوضاع الأمنية المنهارة والممارسات القمعية لوزير الداخلية الجديد المعين من قبل الإخوان، وقولها «إن الإخوان أصبحوا يجيدون أكثر من الحزب الوطني السابق تزوير الانتخابات والتحكم في نتائجها، وأن القضية الآن بالنسبة لهم هي استكمال عملية التمكين والسيطرة على مصر بالكامل، وهم يستخدمون الصناديق الانتخابية كسلم للوصول واقصاء الآخرين».

ومن المثير أن العديد من قوى المعارضة، مثل النائبة السابقة جميلة إسماعيل، حرصت على تذكير كيري عبر رسالة مفتوحة، بأن واشنطن مرة جديدة تتخلى عن مبادئها ومثلها في دعم الحريات العامة ومبادئ الديموقراطية، ومحاربة كل صور العنصرية والتمييز الديني، من خلال دعمها لنظام لا يحترم الحريات ولا يعترف بحقوق المرأة والأقباط ويمرر دستورا مشبوها باستفتاء مزور، يستغل فيه نسبة جهل وفقر عالية، وان الإدارة الأميركية لا تبحث سوى عن مصالحها فقط.

إنقاذ الاقتصاد

كيري، الذي حرص في مواجهة عواصف المعارضة، ومنها أحزاب قريبة للتوجهات الأميركية السياسية والاقتصادية، على الابتعاد عن التدخل مباشرة في القضايا الداخلية لمصر، اكتفى بدعوة كل الأحزاب للمشاركة في الانتخابات من دون التطرق إلى القوانين والظروف الصحيحة التي يجب أن تجرى فيها تلك الانتخابات. لكنه في الوقت نفسه ركز على الملف الاقتصادي حيث تعاني مصر من مخاطر انهيار اقتصادها، وإذا حدث ذلك فالعملية السياسية برمتها ستنهار. وأعلن عن الإفراج عن المعونات الاقتصادية لدعم الموازنة العامة بملغ 190 مليون دولار، مع إنشاء صندوق جديد للتعاون الاقتصادي بمبلغ 60 مليون دولار.

وعلى الرغم من أن تلك المبالغ هي بمنزلة «حبة أسبرين» للاقتصاد المصري المنهار، فانها تعد بإنقاذ الاقتصاد الذي يتهاوى بسرعة كبيرة ولو جزئيا، وتدفع باتجاه تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي مطلوب عرضه قريبا على صندوق النقد الدولي، خاصة أن ملامح البرنامج المصري لا تتناقض مع مبادئ حرية الأسواق والتخرج عن سياسة تشجيع القطاع الخاص باعتباره اللاعب السياسي للاقتصاد كما كان يتم أثناء نظام مبارك.

ضمانة أكبر للمصالح الأميركية

معظم التحليلات التي صدرت في أعقاب زيارة كيري للقاهرة استندت إلى المعطيات التالية:

• واشنطن ستبقى داعمة لنظام الإخوان في مصر، لأنه يستند إلى تأييد شعبي، ولأنه أكبر فصيل منظم في البلاد ويستطيع التفاهم مع بقية فصائل الإسلام السياسي، بما في ذلك الجماعات السلفية.

• القوى المعارضة المنضوية تحت راية جبهة الإنقاذ منقسمة على نفسها ولا تملك بنيانا سياسيا واضحا ولا تنظيما موحدا. وعلى الرغم من أنها سياسيا أقرب إلى المبادئ الأميركية الغربية (تبني الليبرالية السياسية والاقتصادية.. وسواها)، فإن ضعفها وخلافاتها وعدم تمتعها بدعم شعبي واسع من شأنها إضعافها بشدة، وأن أقصى دور تستطيع القيام به هو القيام بمعارضة نشطة وقوية وإحداث قدر من التوازن في المجتمع المصري.

• هناك دور إقليمي مهم تستطيع جماعة الإخوان القيام به من ناحية ضمان الاستقرار في الأوضاع في غزة، وقد أثبتت نجاحا كبيرا في ضمان وتحقيق التهدئة الأخيرة. فهي أكثر قدرة على السيطرة على حركة حماس وتحجيمها. كما أن الجماعة تعهدت بضمان معاهدة السلام مع إسرائيل، ولم يصدر عنها- حتى الآن- تصرف واحد يدعو للقلق، بل على العكس، فهي نفذت خطوات عملية في سيناء لم يقدم عليها نظام حسني مبارك (مواجهة المنظمات الإرهابية الجهادية وتدمير عشرات الانفاق..).

كما يتوقع أن يلعب نظام الإخوان دورا مستقبليا مهما في إطار إعادة تشكيل المنطقة عقب سقوط النظام في سوريا من ناحية التنسيق مع كل من إخوان سوريا وإخوان تركيا.

خدمة أفضل

في الإجمال، لا تعاني الولايات المتحدة من نظام الإخوان في مصر، الذي لم يقدم أبدا على أي تصرف ضد السياسة والمصالح الأميركية في المنطقة، كما لم يقدم هذا النظام على أي تصرف عدائي ضد إسرائيل التي تشعر بالارتياح لأن مصر ستظل منغلقة على نفسها لسنوات مقبلة، وكل ما طلبته الولايات المتحدة تمت الاستجابة على كل المجالات «المعاهدة مع إسرائيل، فتح وتأمين قناة السويس، التفاهم مع صندوق النقد، المناورات والتعاون العسكري المشترك، حقوق المرأة والأقليات» ومع اتجاه الإخوان لإجراء انتخابات برلمانية.

تزداد ثقة الإدارة الأميركية بالإخوان وترى أنهم يتغيرون، وان المعارضة على العكس تتمسك بمواقف متشددة تؤثر في إفشال العملية السياسية وتهديد الاقتصاد الذي إذا انهار انهارت الثورة نفسها.

عن القبس الكويتية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً