إيــران : صراع المعسكرات الأربعة

2013/04/20
Updated 2013/04/20 at 9:32 صباحًا

p22_20130420_pic1

«الجلبة في الخارج والمعركة في الداخل»، عبارة تتردد على ألسنة العديد من المعنيين في إيران هذه الأيام. هناك، في الجمهورية الإسلامية، استنفار عام، استعداداً لأي طارئ يزداد ترجيحاً مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة. يعرفون حق المعرفة أن الجولة الأخيرة من صراعهم مع «الاستكبار» ستكون في عقر دارهم. تعلموا جيداً من تجربة عام 2009، واستخلصوا منها الكثير من العبر، رغم قناعتهم بأن المواجهة هذه المرة ستكون مختلفة، بطبيعتها… ونتائجها

لم تدخل المعركة الانتخابية الإيرانية بعد الشوط النهائي. مجلس صيانة الدستور لم يفرز المرشحين، وبالتالي لم يحدد أسماء المتبارين النهائيين. المتسابقون كثر، ومعظمهم من العيار الثقيل. الأساسيون منهم يقاربون الـ20. لكن المشهد لا يزال ضبابياً، من دون ضوابط. لا قواعد اللعبة اتضحت، ولا اللاعبون الرئيسيون.

ومع ذلك، بات ممكناً رسم خريطة تقريبية للقوى السياسية تساعد على فهم الصورة، حيث تنقسم الساحة السياسية عملياً اليوم إلى أربعة تيارات رئيسية، قوامها الأصوليون من جهة، وإلى جانبهم مجموعة الرئيس محمود أحمدي نجاد، والإصلاحيون من جهة أخرى، وفوقهم الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني.

الإصلاحيون: خاتمي أو الهزيمة

يسعى الإصلاحيون، جاهدين، إلى دفع الرئيس السابق محمد خاتمي إلى الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران المقبل، على قاعدة أنه الوحيد الذي يمكنه إخراجهم من حال السبات الغارقين فيها منذ الاستحقاق السابق في عام 2009، وأنه الوحيد القادر على هزيمة مجموعة الرئيس محمود أحمدي نجاد، وخاصة في ظل وجود المرشحين الخاسرين في الانتخابات السابقة، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، قيد الإقامة الجبرية. ولكنّ هناك تياراً جدياً في صفوف الإصلاحيين، وبعض الأصوليين، ممن يرون أن المرشح القادر على إلحالق الهزيمة بالرئيس الحالي ليس سوى الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
وكان الإصلاحيون، قبل أشهر، قد شهدوا نقاشاً داخلياً حول جدوى المشاركة في تلك العملية، مع مفاضلة بينها وبين المقاطعة ترشيحاً واقتراعاً، في ظل ضغوط دولية كانت تستهدف نزع الشرعية عن النظام عبر تعبئة الشارع باتجاه رفع نسبة عدم المشاركة. لكن الرأي استقر على خوض المعركة، بعد استقراء فشل خطة تقليص نسبة الاقتراع إلى الحد الأدنى بفعل الحملة المضادة التي شنها النظام لحثّ الشعب على المشاركة بكثافة ترشيحاً واقتراعاً عبر فتح الأبواب أمام الجميع لإيجاد مكان له في هذه العملية.
وتخشى أوساط الإصلاحيين من أنه في حال امتناع خاتمي عن الترشح أن يكون مصيرهم «التشرذم»، عندها يصبح «تدخل رفسنجاني حيوياً لجمعهم خلف حسن روحاني أو محمد رضا عارف». ومعروف أن روحاني يميل أكثر إلى رفسنجاني منه إلى الإصلاحيين التقليديين، لكنه لا يستفزهم، وبالتالي يمكن أن يكون مقبولاً لديهم.
وكان ثلاثة من القياديين الإصلاحيين المغضوب على رموزهم الكبار، هم وزير الداخلية الأسبق موسوي لاري ووزير الصناعة والمعادن الأسبق إسحق جهانغيري والنائب السابق عن طهران مجيد أنصاري، قد التقوا قبل نحو شهر بالمرشد علي خامنئي الذي أعطاهم بركته تحت عنوان «أنتم جزء من النظام الذي يجب أن تعودوا إلى أحضانهم». وأفادت مصادر مطلعة على أجواء اللقاء بأن الثلاثة أسمعوه كلاماً مشابهاً أكدوا في خلاله أنهم «قطعوا أي صلة لهم بالخارج، كما قطعوا علاقتهم بكروبي وموسوي على مستوى الخطاب السياسي».
وكانت المجموعة المحيطة بمحمد خاتمي قد أكدت، في أكثر من مناسبة، أنها «لا تريد أن تلعب خارج النظام، وأنها ما عاد لها أي علاقات بالخارج الذي يتآمر على النظام». وترى أوساط الإصلاحيين، التي تزعم أنها قادرة على الحصول على 20 مليون صوت، أن لا أمل لهم بتحقيق أي فوز بالانتخابات إلا عبر تعزيز الاستقطاب في الشارع الإيراني بما يستفز قواعدهم المحبطة ويدفع بها إلى المشاركة بكثافة بعملية الاقتراع.

اللعب في الدقيقة 90

في هذا الوقت، تؤكد أوساط رفسنجاني أن الأخير هو الذي سيحدد هوية الرئيس المقبل، إما عبر تسميته، أو من طريق ترشحه بنفسه للانتخابات، على أن ينسحب في اللحظات الأخيرة، «في الدقيقة 90»، لمصلحة المرشح الذي يدعمه. وتضيف أن رفسنجاني يتمنى لو يعود هو إلى الرئاسة، وإلا فليكن محمد خاتمي، فحسن روحاني. لكن إن اقتصر السباق على أحد الأصوليين وعلى مرشح نجاد، فهو قطعاً ضد الرئيس الحالي.
وفي سؤال عن هذا الالتقاء بين رفسنجاني والإصلاحيين، ترى مصادر وثيقة الاطلاع على الحراك السياسي الداخلي الإيراني أنه «أمر بديهي. التقوا في الوسط. الإصلاحيون كانوا يساراً متطرفاً، أجبرتهم التجربة والإخفاقات على التحول إلى يسار معتدل، أو يسار وسط. أما رفسنجاني فلطالما كان رمزاً لليمين المعتدل، أو يمين الوسط».
أما بالنسبة إلى علاقة رفسنجاني بنجاد، فتضيف هذه المصادر أن هناك «وقفاً للنار اليوم بينهما. هناك تبريد وتهدئة. يحتاج أحدهما إلى الآخر لمنع الأصوليين من الوصول إلى الرئاسة»، موضحة أن «نجاد يريد أن يمنع من يسميهم عواجيز الأصوليين، بقايا العصور القديمة، من الوصول إلى السلطة، على قاعدة أنه والشباب الأصوليين من سيحكم البلاد». أما رفسنجاني فيرى «في نفسه وفي جماعته الجذور والجذوع الأساسية للنظام التي لن تسمح للمتطفلين بامتلاك السلطة، على قاعدة أن الوقت ليس للمجيء بأناس لكي يتدربوا على الحكم في وقت حساس كالذي تمر فيه البلاد».
مع ذلك، يؤكد العارفون أن فرصة ترشح خاتمي أو حتى رفسنجاني تلامس الصفر. ويشيرون إلى أن خاتمي لا يزال على طبيعته المترددة، يخشى أن يشطب اسمه في مجلس صيانة الدستور، هو الذي يريد ألا يسجل في تاريخه سابقة من هذا النوع.

نجاد: يحيا الربيع

ومعروف أن الرئيس نجاد، بحسب الدستور، ما عاد لديه الحق دستورياً للترشح لولاية ثالثة. لكنه يسعى جاهداً، مع تيار، يبدو أنه لا يزال صلباً حتى اليوم، إلى ضمان استمرار نهجه في الحكم عبر العمل على ضمان فوز أحد مجموعته بكرسي الرئاسة. وهو يخوض حملته تحت شعار «يحيا الربيع»، والحديث هنا عن الربيع الفارسي، لكونه أعلن حملته أيام عيد النوروز. يطمح طبعاً إلى أن يُجلس قريبه، مرشده الروحي، اسفنديار رحيم مشائي، مكانه في كرسي الرئاسة. لكنه يدرك أن هذا الأخير لن يمرّ في مصفاة مجلس صيانة الدستور، لذلك هو يلعب بأوراق عديدة، ولن يعدم شخصية تمثله في الحكم.
يوم الخميس كان مفصلياً في حملة نجاد الذي وعد بأن يحشد في هذا اليوم مئة ألف مناصر في ساحة أزادي تحت عنوان «تكريم خدّام النوروز»، في ظل شائعات عن إعلان ترشيح مشائي للانتخابات. لكنه فشل في جمع هذا العدد. كذلك لم يجرؤ مشائي على الظهور فيه، في أعقاب تحذيرات قضائية وسياسية من استغلال الرئيس للسلطة لغايات انتخابية.
وترى الأوساط المحيطة بنجاد أنه لضمان فوز تياره بالانتخابات، «مضطر لاعتماد استراتيجية ترفع حالة الاستقطاب إلى حدها الأقصى بما يسمح بتعبئة أكبر عدد ممكن من الناس خلفه لمواجهة خاتمي ورفسنجاني». وهي تعتقد أنه «قادر على حشد الإيرانيين، من لوس أنجلوس (منفى المعارضة الشاهنشاهية) إلى قم، ومعهم كل المحافظات، خلفه».
في المقابل، يواجه خصوم نجاد، وفي مقدمتهم الإصلاحيون، استراتيجيته بما يعرف بتكتيك «
too little, too late»، بحسب تعبير المفكر الإيراني الشهير، أستاذ جامعة طهران صادق زيباكلام، أي إن «ما تقدمه قليل جداً ومتأخر جداً، لأنك لا تزال ذاك الأصولي المتطرف الذي كنته قبل ثماني سنوات، عندما أتيت إلى رئاسة الجمهورية، فكيف تريد أن تقنعنا بأنك تريد اليوم أن تغير جلدك؟ أنت أصولي وستبقى أصولياً». ويؤكد مراقبون أنّ «من الواضح أن هناك قاسماً مشتركاً بين مجموعة نجاد والإصلاحيين، هو تعزيز حالة الاستقطاب. بل بلغ بهم الأمر أنهم يتحدثون لغة واحدة تقريباً عنوانها التغيير والإصلاح والحرية الاجتماعية وحرية التعبير ومشاركة الجميع بالانتخابات. وكأنهم يروجون للبرنامج نفسه، لكن مع اختلاف في بعض التفاصيل. حتى اتهامات بعضهم لبعض واحدة. الإصلاحيون يقولون لنجاد إنه دمر الاقتصاد وإنهم إذا ربحوا الانتخابات فسيصلحونه، ومجموعة نجاد تتهمهم بأنهم هم سبب البلاء الاقتصادي نتيجة حكمهم من 1997، وأنه يحاول إصلاح ما أفسدوه، هم ورفسنجاني». ويضيفون: «مع ذلك، يبدو كأن هناك تحالفاً ضمنياً بين الإصلاحيين ونجاد لإقصاء الأصوليين المشتتين، من دون أن يعني ذلك طبعاً أي علاقة انتخابية من أي نوع كانت بينهما».

الأصوليون: تحالف التقدم

في هذه الأثناء، يظهر الأصوليون الذين يخوضون حملتهم تحت عنوان «تحالف التقدم»، مشتتين، بين علي أكبر ولايتي وحداد عادل ومحمد باقر قاليباف، الذين يبدو أنهم قد تفاهموا على أن ينتهي المطاف بواحد منهم فقط مرشحاً إلى الرئاسة. أوساط وثيقة الصلة بقيادات الأصوليين ترى أن تكتيكهم يعتمد على مبدأين: الأول، ضرب حالة الاستقطاب الثنائي الذي يحاول الإصلاحيون ومجموعة نجاد فرضه على الشارع الذي يريده الأصوليون متعدد الأقطاب. والثاني، إخراج الشارع من الشخصنة إلى البرنامج، بمعنى أنهم يسعون إلى ألّا يكون السجال حول شخص المرشح، بل حول برنامجه وفريق عمله. من هنا، يمكن المراقب أن يرى مرشحي الأصوليين يخوضون المعركة بعدة كاملة، برنامج شامل وفريق عمل سينتقل معهم إلى الحكم في حال فوزهم.
وتؤكد هذه الأوساط أن من حسنات المرشحين الأصوليين أنهم «عابرون للنخب والمرجعيات وعامة الناس. لهم علاقات مع جميع الأطراف، ولا يستفزون أحداً، وهذا يجعلهم الأقدر على تحقيق ما يطالب به نجاد والإصلاحيون معاً، ألا وهو حكومة وحدة وطنية»، مشيرة إلى أنهم «يشكلون فريقاً غير استفزازي قادراً على أن ينزع ذرائع جميع الأطراف التي تريد أن تتحدى النظام». وتضيف أن المرشحين الأصوليين «يمتلكون أيضاً مقبولية عالمية، لكونهم يشكلون فريقاً مخضرماً لديه تجربة سياسية دولية وعلى علاقات جيدة بالنخب السياسية والاقتصادية في العالمين العربي والإسلامي، ما لا يملكه نجاد على سبيل المثال».
ومما يعزز فرص «تحالف التقدم»، اعتذار سعيد جليلي عن الترشح، بعدما اختارت «جبهة الصمود» الأصولية التي يظللها المرجع مصباح يزدي، أول من أمس باقري لنكراني مرشحاً باسمها للانتخابات بدلاً منه. وكان الترجيح أن يقع الخيار على جليلي الذي بانسحابه يكون قد جرى تحييد مرشح قوي من أمام علي أكبر ولايتي ومحمد باقر قاليباف وغلام حداد عادل.
ويصبّ في هذا الاتجاه أيضاً تصريح الزعيم التاريخي لحزب مؤتلفة الإسلامي، عسكر أولادي، بأن على الأصوليين أن يذهبوا باتجاه مرشح واحد في نهاية الشهر الإيراني الجاري. يضاف إلى ذلك طبعاً تصريح لمنوشهر متكي قبل أيام يؤكد فيه أنه «عندما تتزاحم الأمور وتظهر منزلقات جديدة وخطيرة، سنتوحد مع تحالف التقدم».
ومعروف أن الانتخابات الرئاسية ستجري في إيران في 14 حزيران المقبل. وسيجري تسجيل المرشحين رسمياً في الفترة ما بين 21 نيسان و21 أيار المقبلين، على أن يخضعوا لتدقيق مجلس صيانة الدستور الذي يستبعد من بينهم من لم تتوافر فيه الشروط المطلوبة.

 

خامنئي: لا عودة للماضي

يبدو لافتاً أنها المرة الأولى التي يمتنع فيها المرشد عن مقاربة الاستحقاق الانتخابي «بكلام تأسيسي، وإنما اكتفى بالإشارة إلى المواصفات التي يراها في الرئيس المقبل»، على ما تفيد مصادر معنية. ولعل من أبرز إشاراته أنه يريد تلك الانتخابات في ظل ملحمة سياسية واقتصادية تفرز رئيساً يحمل جميع نقاط قوة نجاد، ناقصة نقاط ضعفه، في إشارة على ما يبدو إلى مواقفه الصلبة من الغرب وإلى عناده ورفضه لأي مشورة. يقول المرشد إن على الرئيس المقبل أن يحكم بالتشاور مع الآخرين وأن يكون منفتحاً على الجميع وأن يكون عقله مرناً، ما فسّره مراقبون بأن صلابة الرئيس الحالي في التعامل مع الملفات الخارجية هي الحد الأدنى المقبول في الرئيس المقبل. «إننا لا ننطلق من فراغ» في هذا المجال. كما أكد المرشد، في مناسبة أخرى، إن «العودة إلى الخلف ممنوعة»، ما قرأه البعض رفضاً لعودة رفسنجاني وخاتمي إلى السلطة. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، إن جل ما يهمّ خامنئي أمران: الأول، أن تكون الانتخابات المقبلة «ملحمة سياسية حقيقية». والثاني، أن تكون «عرساً وطنياً» يشترك فيه بين 45 و48 مليون ناخب بحيث تطوي صفحة الانتخابات الماضية لعام 2009 عندما اهتزت صورة النظام بسبب «حماقة المعارضة وسوء إدارة الرئيس» نجاد.

 

المحطة الأخيرة في مسيرة رفسنجاني!

 

يؤكد الرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أنه لا يرى أفضل وأكفأ وأحق من رفيق عمره الإمام علي خامنئي مرشداً للثورة الإسلامية. مقولة يكررها دائماً كلما سنحت له مناسبة لقولها. يؤكد دائماً وأبداً أنه «لن يصطدم في أي يوم من الأيام مع الولي الفقيه، ولن يكون في أي لحظة عقبة أمامه».
كلام واضح ومباشر، يعبّر عن الولاء المطلق للمرشد، لكنه لا يعني أبداً، على ما يقول رفسنجاني، أنه لن يختلف معه. بل بالعكس. هو يرى في هذين المبدأين الضمانة له ليختلف مع المرشد حول القضايا الداخلية والدولية. يفعل ذلك، على ما يوضح، لأنه يرى نفسه كأنه «كتلة إضافية تستطيع أن تمد النظام بما يمكّنه من إطالة عمره والتعايش مع الدولة الإيرانية ومع المجتمع الدولي». يعتقد أن ممارسة اختلافه مع المرشد «ضرورة وواجب بالنسبة إليه، وإلا فسيكون قد خان البلد والثورة».
يقول في مجالسه «مسموح لي بأن ألعب». يضيف أنه يرى مهمته في أن «يلم من أُحرج فأخرج، ومن أخطأ فأخرج، ومن خرج بارادته عن نظام الجمهورية الإسلامية». يتابع أنه «يسعى لأن يكون الخيمة لكل من خرج من البيت الداخلي ليعود إلى بيت النظام».
هو ثعلب إيران الذي يحب أن يلعب. يحاول دائماً أن يترك الجميع يتكهنون ماذا يدور في خلده، وماذا ينوي أن يفعل. لا يتحرك إلا في الدقائق الأخيرة من المباراة. في الدقيقة الـ90. يرى أنها الطريقة الوحيدة ليبقي الجميع مستنفراً ليقوم بمهمته.
المعنيون في الحلقات الضيقة للنظام يرون أن هذه الانتخابات ربما تكون الفرصة الأخيرة لرفسنجاني. الامتحان الأخير. «إما أن يثبت للكل أنه كتلة إضافية، أنه رجل كل الفصول، الركن الركين، الرجل الأهم في النظام، على حد تعبيره، أو أن يخسر كل شيء ويكتب نهايته السياسية بيديه». ويشيرون إلى أن «لا عمره يسمح (78 عاماً) ولا مكانته تسمح (رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام) له بفرصة ثانية. هي الأخيرة له، نظراً لسنه ومقامه وتجربته».
سبق لرفسنجاني أن «اختلف مع القائد، لكنه لم يذهب إلى المعارضة، ولا مع ما قامت به. لم يفعل كما فعل (الرئيس السابق محمد) خاتمي». ولطالما اعتقد رفسنجاني أنه «إضافة نوعية». حتى في أيام الإمام الخميني. كان يقول «أنا لست رقماً. لن اسمح لكل من يمالقني بأن أكون عدداً لا للقائد ولا للنظام». رؤية للذات تسببت له بالكثير من المشاكل، لعل أكبرها بدأ مع وصول الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى الحكم. وقتها، فتح الرئيس الشاب على رفسنجاني «أبواب الجحيم كلها». حاول بكل ما أوتي من قوة وسلطة، وتحت عناوين متعددة، استئصال إرث الرجل من جميع مؤسسات الدولة. حاربه حتى في عقر داره، في المؤسسات التي أقامها، بينها على سبيل المثال جامعة آزادي، أكبر جامعة خاصة في البلاد. ولما جاءت انتخابات عام 2009، رأى رفسنجاني أنها الفرصة السانحة لتصفية حسابه مع نجاد، ففرد عباءته لمعارضيه الذين استظلوا بها لخوض معركة، سرعان ما تبين أنها كانت تستهدف اسقاط النظام الإسلامي كله، لا الرئيس فقط. فكانت الواقعة. تدخل المرشد لتثبيت دعائم الجمهورية، ورمى بعباءته على رفسنجاني لحمايته، بعدما بلغ مستوى الغضب منه حداً خشي البعض أن بتهدد حياته، وخصوصاً مع انكشاف أن غرفة عمليات حملة المعارضة كان يقودها ابن رفسنجاني، مهدي، من جامعة أزاد، فيما كانت ابنته فائزة تتقدم التظاهرات ضد النظام.
مرت الأيام، استمر المرشد في استقبال رفسنجاني، كعادته منذ عقود، مرة كل عشرة أيام، فيما كانت علاقة مهدي وفائزة تزداد سوءاً بأجهزة الدولة، وخاصة في ظل شبهات واسعة وتهم ومحاكمات بالفساد للعديد من أبناء رفسنجاني وأقربائه وحاشيته. إلى أن بلغت حالة التوتر ذروة جديدة، اضطرت المرشد إلى الخروج ذات يوماً بخطبة، كان واضحاً انها تستهدف رفسنجاني، محورها أن تاريخ أي انسان لا يشفع له لارتكاب الأخطاء اليوم. بعدها مرت العلاقات بمد وجزر، إلى أن استقرت خلال الأشهر الماضية، وخاصة مع اقتراب الانتخابات التي حُمّل فيها رفسنجاني، على ما يشاع، مسؤولية أي انحرافات للمعارضة ترتكب باسمه أو بغطاء منه. ويرى البعض، من عصب النظام، أن مشكلة الرئيس الأسبق لم تكن يوماً فيه، بل في عائلته، التي ورطته في معظم مشاكله ولوثت سمعته، فكان كلما حلق بعيداً، عادت لتدفع به أرضاً.
في انتخابات 2009، يرى غلاة النظام أن رفسنجاني «ذهب بعيداً، إن أسأنا الظن، أو على الأقل لم يفعل شيئاً لو افترضنا حسن النيّة. في نهاية المطاف، أغضب النظام ولم يُرض المعارضة». اليوم، يبدو أنه يسعى إلى إرضاء الاثنين معاً، فهل ينجح؟ الجواب رهن الأسابيع المقبلة.
إيلي…

 

قائمة المرشحين

المرشحون الأساسيون إلى انتخابات الرئاسية الإيرانية كثر، وإن لم يتقدم جميعهم بأوراق ترشيحهم رسمياً حتى الآن، وأهمهم:

الأصوليون:
– وزير الخارجية الأسبق منوشهر متكي
– مستشار المرشد علي أكبر ولايتي
– عمدة طهران محمد باقر قاليباف
– الرئيس السابق للبرلمان غلام علي حداد عادل
– وزير الداخلية السابق مصطفي بور محمدي
– وزیر التجارة الأسبق يحيي آل إسحاق
– النائب الأول لرئيس البرلمان سيد محمد حسن أبو ترابي فرد
– النائب الثاني لرئيس البرلمان محمد رضا باهنر
– نائب رئيس مجمع مصلحة تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي
– وزیر الاستخبارات الاسبق علي فلاحيان
– وزیر الصحة السابق کامران باقري لنکراني
– رئیس الشوری الاسلامي لمدینة طهران مهدی جمران
– رئيس البرلمان الحالي علي لاريجاني
– صهر نجاد، اسفنديار رحيم مشائي
الإصلاحيون:
– نائب الرئيس الأسبق محمد رضا عارف
– وزیر العمل الأسبق حسين كمالي
– النائب مصطفی كواکبیان
– رئيس المنظمة الرياضية سابقاً محسن مهرعليزاده
– الرئيس السابق محمد خاتمي الذي يواجه ضغوطاً كبيرة للترشح
مستقلون:
– عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام حسن روحاني
– النائب حسن سبحاني
* الوزير السابق محمد سعيدي كيا
– وزير التجارة الأسبق محمد شريعتمداري
– الاستاذ الجامعي الأميركي هوشنك اميراحمدي
– الصحافي فرهاد جعفري
– رئیس روحانی مجتهد دینی آیة الله سيد محمد باقر خرازي

 الاخبار اللبنانية –إيلي شلهوب .

 

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً