فنزويلا: دعوة إلى السلام

2014/04/08
Updated 2014/04/08 at 9:35 صباحًا

gagoekb5

احتلت التطورات الأخيرة في فنزويلا عناوين الأخبار الدولية. وقد شوهت الكثير من التغطيات الإعلامية الأجنبية الواقع في بلدي، وكذلك الحقائق التي تحيط بالتطورات.
إن الفنزويليين يفتخرون بديمقراطيتنا. فقد بنينا حركة ديمقراطية تشاركية من الجذور الشعبية، والتي تأكدت من أن يتم توزيع السلطة والموارد على حد سواء بشكل متساوٍ بين أبناء شعبنا. ووفق الأمم المتحدة، فقد خفضت فنزويلا بثبات منسوب عدم المساواة، وباتت تتمتع راهناً بأقل معدل من عدم المساواة في الدخل في المنطقة. كما أننا خفضنا الفقر بشكل كبير -إلى 25.4 في المائة في العام 2012، وفق بيانات البنك الدولي من 49 في المائة في العام 1998. وفي الفترة نفسها، ووفق إحصائيات حكومية، انخفض منسوب الفقر المدقع متراجعاً من 21 في المائة إلى 6 في المائة.
لقد أنشأنا برامج رعاية صحية وتعليمية رائدة مجانية لعموم المواطنين في البلاد. وأنجزنا كل هذه المفاخر في الجزء الأكبر منها باستخدام عوائد النفط الفنزويلي.
في الوقت الذي حسنت فيه سياساتنا المجتمعية حياة المواطنين ككل، تصدت الحكومة أيضاً لتحديات اقتصادية خطيرة في الشهور الستة عشر الأخيرة، بما في ذلك التضخم ونقص السلع الأساسية. ونحن نستمر في إيجاد الحلول من خلال اتخاذ تدابير مثل نظام التبادل الأجنبي الذي يستند إلى السوق، والمصمم لغاية خفض سعر الصرف في السوق السوداء. كما أننا نراقب النشاطات التجارية لضمان عدم التلاعب بالمستهلكين أو اكتناز السلع. وبالإضافة إلى ذلك، تكافح فنزويلا ضد معدلات الجريمة العالية. ونحن نستجيب لذلك من خلال بناء قوة شرطة وطنية جديدة، وتقوية أواصر التعاون بين الشرطة والمجتمع، بالإضافة إلى تحديث نظام السجون لدينا.
منذ العام 1998 كسبت الحركة التي أسسها الرئيس الراحل هوغو شافيز أكثر من عشرة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، من خلال عملية انتخابية وصفها الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر بأنها “الأفضل في العالم”. ومؤخراً، كسب الحزب الاشتراكي الموحد تفويضاً كاسحاً في الانتخابات البلدية في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2013، حاصداً الفوز في 255 بلدية من أصل 337 من البلديات.
في الأثناء، زادت المشاركة الشعبية في السياسة الفنزويلية بشكل درامي على مدار العقد الماضي. وكمنظم نقابي سابق، فإنني أؤمن بعمق بحق الجمعيات والروابط، وفي الواجب المدني لضمان سيادة العدالة عبر الإعراب عن مكامن القلق المشروعة من خلال التجمع والاحتجاج السلميين.
تكذب الحقائق الادعاءات بأن لدى فنزويلا ديمقراطية منقوصة، وبأن الاحتجاجات الراهنة تمثل الاتجاه السائد. إن الاحتجاجات المعادية للحكومة تنفذ من جانب أناس ينتمون إلى القطاعات الأكثر ثراء في المجتمع، والتي تسعى إلى قلب وجهة مكاسب العملية الديمقراطية التي أفادت الغالبية العظمى من الشعب.
لقد هاجم المحتجون المعادون الحكومة فيزيائياً ودمروا مستشفيات الرعاية الصحية، وأحرقوا جامعة في ولاية تاشيرا، وألقوا قنابل مولوتوف وحجارة على حافلات الركاب، كما استهدفوا مؤسسات عامة أخرى من خلال إلقاء الحجارة والمشاعل على مكاتب المحكمة العليا وشركة الهواتف العامة “كان تي في” ومكتب المدعي العام. وقد أفضت هذه الممارسات العنيفة إلى إحداث خسائر تقدر بعدة ملايين من الدولارات. وهذا ما يفسر السبب في أن الاحتجاجات لم تحظ بأي دعم من جانب الضواحي الفقيرة وتلك التي تعود للطبقة العاملة.
إن لهذه الاحتجاجات غاية واحدة: الخلع غير الدستوري للحكومة المنتخبة بطريقة ديمقراطية. وقد أوضح الزعماء المعادون للحكومة هذه الغاية عندما شرعوا في الحملة في كانون الثاني (يناير) الماضي، متعهدين بخلق فوضى عارمة في الشوارع. وفي هذا السياق، يتم استغلال أولئك الذين ينطوون على انتقادات للظروف الاقتصادية أو لمعدل الجريمة من جانب قادة الاحتجاجات الذين لديهم أجندة عنيفة ومعادية للديمقراطية.
في غضون شهرين، ذكر أن 36 شخصاً قد قتلوا. ونحن نعتقد بأن المحتجين مسؤولون عن نصف الإصابات تقريباً. فقد تم إطلاق النار على ستة من أفراد الحرس الوطني الذين قتلوا، فيما قتل مواطنون آخرون بينما كانوا يحاولون إزالة العوائق التي وضعها المحتجون من أجل تعطيل حركة السير.
ثمة عدد صغير من أفراد القوات الأمنية الذين اتهموا بالانخراط في أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل عدة أشخاص. وهذه تطورات تدعو للأسف بشكل كبير، وقد ردت الحكومة الفنزويلية عليها باعتقال أولئك المشبوهين، كما أنشأنا مجلساً لحقوق الإنسان للتحقيق في كل الحوادث ذات الصلة بتلك الاحتجاجات. وسوف يعتبر كل ضحية تستحق الإنصاف، وكل مرتكب جريمة -سواء كان مؤيداً أم معارضاً للحكومة- مسؤولاً عن تصرفاته.
في الولايات المتحدة، يوصف المحتجون بأنهم “سلميون” بينما يقال إن الحكومة الفنزويلية تقمعهم بعنف. وحسب هذه الرواية، فإن الحكومة الأميركية تقف إلى جانب الشعب في فنزويلا. لكنها تقف في الحقيقة إلى جانب 1 في المائة، هم الذين يريدون جر بلدنا وراء إلى حيث تم حرمان 99 في المائة من المشاركة في الحياة السياسية، وحيث لم تستفد من نفط فنزويلا سوى القلة -بما في ذلك الشركات الأميركية.
دعونا لا ننسَ أن بعض أولئك الذين دعموا طرد الحكومة الفنزويلية المنتخبة ديمقراطياً في العام 2002 يقودون احتجاجات اليوم. وكان أولئك الذين انخرطوا في انقلاب العام 2002 قد قاموا فوراً بحل المحكمة العليا والمجلس التشريعي وألغوا الدستور. ويجب أن يمثل أولئك الذين يحرضون على العنف ويحاولون تنفيذ أعمال غير دستورية مشابهة اليوم أمام العدالة.
كانت الحكومة الأميركية قد دعمت انقلاب العام 2002 واعترفت بحكومة الانقلاب، رغم سلوكها المعادي للديمقراطية. واليوم نجد أن إدارة أوباما تنفق 5 ملايين دولار سنوياً على الأقل لدعم حركات المعارضة في فنزويلا. وثمة مشروع قانون أمام الكونغرس راهناً يدعو إلى إقرار زيادة إضافية بقيمة 15 مليون دولار لهذه التنظيمات المعادية للحكومة. وسيقرر الكونغرس ما إذا كان سيتم فرض عقوبات على فنزويلا. وآمل أن يقرر الشعب الأميركي الذي يعرف الحقيقة أن فنزويلا وشعبها لا يستحقون هذه العقوبة وأن يدعو ممثليه إلى عدم تفعيل العقوبات.
لقد حان الوقت الآن للحوار والدبلوماسية. وفي داخل فنزويلا، مددنا أيدينا إلى المعارضة، وقبلنا بتوصيات اتحاد الأمم الأميركية الجنوبية للانخراط في مفاوضات مع المعارضة. كما أعربت حكومتي للرئيس أوباما عن رغبتنا في تبادل السفراء مرة أخرى. ونأمل أن ترد إدارته بالمثل.
إن فنزويلا تحتاج إلى السلام والحوار حتى تمضي قدماً. ونحن نرحب بأي طرف يريد مساعدتنا بإخلاص للوصول إلى تحقيق الغايات.
الغد الأردنية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً