بعد صفقة ميونخ السيئة، من غير المرجح أن يتحسن الوضع السوري

2016/02/17
Updated 2016/02/17 at 10:12 صباحًا

index
في غضون ساعات فقط من التصويت لصالح قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في كانون الأول (ديسمبر)، الذي أقرّ وضع نهاية لقصف المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية في سورية، أرسلت روسيا طائراتها لقصف مدينة يسيطر عليها الثور المدعومون من الولايات المتحدة. وفي حين استمر السوريون في المدن المحاصرة بالتضور جوعاً، انضمت موسكو إلى إيران في دعم هجوم واسع النطاق، والذي سمح لنظام بشار الأسد باستعادة السيطرة على مناطق مهمة حول مدينة حلب، بينما قطع خطوط الإمداد عن 400.000 مدني إضافيين.
وكانت استجابة إدارة أوباما لهذه الاستراتيجية الشرسة والإجرامية هي التماس شروط موسكو لإقرار هدنة. وفي وقت مبكر من صباح الجمعة في ميونخ، وافقت الإدارة بضعف على صفقة سيئة، والتي تسمح لقوات روسيا-إيران-الأسد بتقوية وتوسيع مكاسبهم، وباحتلال موقع قيادي في أي مفاوضات حول مستقبل سورية. وبعد ساعات فقط، كانت الطائرات الروسية تعاود غارات القصف مرة أخرى.
السمة البارزة للاتفاق الذي أبرمه وزير الخارجية جون ف. كيري هي وقف جزئي للأعمال العدوانية -بعد أسبوع من تاريخ الاتفاق. وسوف يسمح ذلك للطائرات الروسية بمواصلة حملتها الجوية التي شملت، حسب ما وثقت مجموعات حقوق الإنسان، إسقاط ذخائر عنقودية على المناطق المدنية. وسوف يسمح للمقاتلين الشيعية من لبنان والأماكن الأخرى، والذين تقودهم إيران، بقطع آخر طريق للإمدادات إلى نصف حلب الذي تسيطر عليه قوات الثوار المدعومة أميركياً. وسوف يضع ذلك موسكو وحلفاءها أقرب إلى هدفهم الأساسي -وهو القضاء على أي قوى في سورية سوى قوات نظام الأسد و”الدولة الإسلامية”. وإذا لم ينجحوا في ذلك في غضون أسبوع، فإن روسيا منحت نفسها الإذن بمواصلة قصف الجماعات “الإرهابية”، التي تعرِّفها على أنها تشمل الثوار في حلب.
بالنسبة للغرب، كانت المكافأة عن القبول بكل هذا هي الوعد بفتح مدخل لوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المدنية الخاضعة لاستراتيجية الحصار القائمة على مبدأ “الاستسلام أو الموت جوعاً”، مثل بلدة مضايا؛ حيث يحاول نحو 20.000 من المدنيين البقاء على قيد الحياة بأكل الأعشاب والحشرات، وحيث يموت الأطفال بسبب الجوع. ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إنهم يأملون برفع الحصار وبتسليم المساعدات بحلول مطلع الأسبوع المقبل؛ لكن هذه ليست المرة الأولى أو الثانية التي قُطعت فيها مثل هذه الوعود. وكما عبر عن ذلك السيد كيري، فإن “ما لدينا هنا هو كلمات على الورق. وما نريد رؤيته في الأيام القليلة المقبلة هو الأعمال على الأرض”.
لا يوحي سجل فلاديمير بوتين بأن مثل هذه الأعمال ستذهب كثيراً أبعد من الرمزية. وفي سورية، سعى الحاكم الروسي إلى مواصلة التكتيكات نفسها التي تبناها في أوكرانيا: اكتساب ميزة عسكرية حاسمة، ثم تقديم شروط غير متوازنة لوقف إطلاق النار. وبعد كسب تنازلات سياسية كبيرة في أوكرانيا، لم يحترم السيد بوتين أبداً وقف إطلاق النار أو الإجراءات الأمنية اللاحقة التي كان مبعوثوه قد وافقوا عليها؛ وما يزال القتال هناك مستمراً حتى هذا اليوم. وفي سورية، لديه سبب أقل للوفاء بكلماته؛ حيث ليست هناك عقوبات غربية، ولا أي إجراءات ملموسة أخرى تعاقبه على تدخله هناك.
يواصل السيد كيري افتراض أن الإقناع اللفظي وحده سوف يقنع السيد بوتين مؤخراً بالتخلي عن نظام الأسد والموافقة على تسوية سياسية تطيح بزمرة الأسد وتمكِّن الأغلبية السنية في سورية. وفي العالم الحقيقي، فإن أفضل سيناريو بعد خمس سنوات من تقاعس الولايات المتحدة عن العمل هو تحقيق سلام جزئي يترك سورية مقسمة إلى مناطق يسيطر عليها النظام و”الدولة الإسلامية”، مع القليل من الجيوب للمعارضة والأكراد محشورة بينهما. وحتى ذلك سيتطلب من إدارة أوباما أن تزيد بقوة من دعمها لمجموعات الثوار، وأن تواجه روسيا بأكثر من مجرد الخطابة. ولم يكن هناك أي إلماح على مثل هذا العزم لدى الولايات المتحدة في ميونخ.
افتتاحية – (الواشنطن بوست)

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
.
*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان:After the bad Munich deal, it’s unlikely Syria’s situation will improve
FacebookTwitterطباعةZoom INZoom OUTحفظComment

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً