بيع أراض كنسية في قيسارية الفلسطينية لشركة أجنبية وسط اعتراض أرثوذوكسي

2016/11/29
Updated 2016/11/29 at 10:19 صباحًا

28qpt961-5
الناصرة – «القدس العربي»: كُشف، أمس الاثنين، عن صفقة بيع أراض جديدة، في مدينة قيسارية التاريخية داخل أراضي 48 بين بطريركية الروم الأرثوذوكس في القدس المحتلة (مالكة الأرض رسمياً) وبين شركة أجنبية بواسطة محامية إسرائيلية، قوامها ألف دونم تقريباً، بيعت بثمن زهيد للغاية (مليون دولار)، ما أثار ردود فعل غاضبة، لدى أوساط فلسطينية.
وتبلغ مساحة الأرض نحو 900 دونم (834935 مترا مربعاً)، وتقع في منطقة قيسارية التاريخية القائمة قريبا من الأماكن الأثرية والمطاعم والمقاهي الإسرائيلية.
وكانت هذه المنطقة التابعة للكنيسة الأرثوذوكسية مؤجرة من تاريخ 22/ 11/ 1974 لما يعرف بـ «دائرة أراضي إسرائيل» لمدة 135 سنة بعقد مقابل مبلغ زهيد أيضاً بلغ 1.750 مليون دولار فقط.
وقام البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بتوقيع الاتفاقية التي تتضمن أرقام القسائم والمبلغ المستحق رسمياً بقيمة 800 ألف دولار سًلّمت للبائعين فور التوقيع على الاتفاقية و200 ألف دولار سلمت لاحقاً، وكان الشرط بأن تسلّم قبل 30/ 12/ 2016. وهذه الأرض في قيسارية داخل فلسطين التاريخية تشمل منطقة آثار تاريخية، أبرزها مدرج روماني وكنيسة قديمة ومواقع أثرية مهمة. وفيها أيضاً آثار نادرة من الفترات الرومانية والبيزنطية والإسلامية، بينها جامع من عصر عبد الملك بن مروان بيعت لشركة تدعى «سانت فينسنت»مسجلة في دولة صغيرة نائية تدعى» الغرينادين» الواقعة في منطقة البحر الكاريبي ويبلغ تعداد أنفسها نحو 150 ألف نسمة.
وبيعت الأرض بمبلغ مليون دولار فقط أي بسعر دونم أرض واحد في الناصرة أو في أي بلدة عربية أخرى، علما أن قيسارية تعتبر واحدة من المناطق التي تباع أراضيها اليوم بأغلى الأسعار على الإطلاق ، خصوصاً وأنها تشمل آثاراً عتيقة من عدة حضارات. واللافت أن الدولة التي تقع فيها الشركة التي اشترت الأملاك، هي جزيرة الغرينادين، البالغة مساحتها فقط 389 دونم، أي أصغر حتى من الأرض التي باعتها الكنيسة، وهذا يثير تساؤلات حول هوية الشركة، وسبب شرائها أملاكا في قيسارية، عن طريق محامية إسرائيلية.
وتزداد الشبهات حول هذه الصفقة بعد التنبه أنها موقعة من قبل المحامية الإسرائيلية كيلانيت سلطون، التي مثلت شركة إسرائيلية (شركة قيسارية) . ويستدل من مراجعة صفقات مشابهة، أن هذه الشركة نفسها هي التي اشترت الأملاك في يافا بجانب برج الساعة عام 2013، ضمن صفقة بين بطريركية الروم الأرثوذوكس وبين الشركة المذكورة قبل ثلاث سنوات تم بيع ستة دونمات في يافا عليها عمارات بمساحة ثمانية آلاف متر مربع بمليون ونصف مليون دولار. كما في الماضي تثير الصفقة الجديدة حالة امتعاض وغضب لدى أبناء الرعية في فلسطين التي تطالب بتعريب الكنيسة وأملاكها بدلاً من أن تبقى تحت تصرف رهبان يونانيين يتصرفون بها كما يحلو لهم، وأحياناً ضمن صفقات مريبة مع جهات إسرائيلية. وفي هذا السياق، يقول عضو المجلس الأرثوذوكسي في الأراضي المقدسة (فلسطين والأردن) والرئيس الأسبق للجنة التنفيذية الأرثوذوكسية في أراضي 48، عدي بجالي لـ «القدس العربي»، إن «البطريرك مؤتمن على الوقف، وهو ليس مالكا له. البيع ممنوع والتأجير لأمد طويل ايضاً ممنوع حين تنتقص من حقوق ملكية المالك للأرض»، لافتاً إلى كون ذلك «أمرا بديهيا في كافة الكنائس خاصة الارثوذوكسية».
ويضيف: «لا يوجد أي عاقل يقبل بهذه الصفقات التي تعقد مجاناً. إنها تصفية عامة على أوقاف وأملاك الأرثوذوكس من بطريرك أجنبي، ولا يوجد تفسير روحي أو كنسي أو اقتصادي لهذا التفرّد بمُقدرات الكنيسة».
ويعتبر بجالي أن «صمت أبناء الطائفة ومؤسساتهم التي تتشدق بالتمثيل، هو الذي أوصل الحال إلى هذا الحضيض، وإلى هذا التسيب الحاصل من البطريرك في قضايا الأملاك»، موضحاً أن «هذا ينساق على موقف السلطات الرسمية في كل من الأردن وفلسطين».
ويتساءل عضو المجلس الأرثوذوكسي في الأراضي المقدسة، «إذا كان مستشار قضائي لهيئة فلسطينية تم تعيينها بمرسوم هو محام يعمل عند البطريرك ثيوفيلوس ويوفده للتبرير صفقة يافا المشينة فماذا تتوقع من الشعب، وإذا كان مسؤول كبير مباشر عن الكنائس في المملكة الأردنية يصف أبناء جلدته الارثوذوكس بـ(رعايا) فعلى من نعوّل؟».ويكشف بجالي عن «تحرك جماهيري يجري الإعداد له»، مرجحا أن «الأسابيع القريبة جدا ستشهد تحركا كبيرا».
ويناشد «السلطات في كل من فلسطين والأردن الكف عن قمع أو إخراس أبناء الطائفة ووقف تدخلاتهم غير المجدية والتي تصب في مصلحة شخص ثيوفيلوس وتشكل محفزا للفساد المالي».
كما يطالب المؤسسات الارثوذوكسية، خاصة في الداخل بـ»التعالي عن الصغائر والأنا والتحرك الجاد»، قائلاً :»نحن نواجه أعتى هجوم على تراثنا ووجودنا ومستقبل أولادنا ليس كطائفة فحسب، فالأملاك الارثوذوكسية هي شاهد وطني على حضورنا كشعب نفتخر به، وعلى كافة الأحزاب والفعاليات الاجتماعية والمدنية أخذ دورها الفاعل والجدي لأنه بالشعارات لا تنقذ أوطان. نحن جميعا مطالبون بالتصرف كشعب وليس كطوائف».
ويبدي بجالي أسفه لـ«وجود راهبين عربيين عضوين في المجمع المقدس (إدارة البطريركية) وهما متساوقان مع كافة قرارات ثيوفيلوس، أما باقي الرهبان العرب فمعروف لدى الجميع القمع الذي مارسه ثيوفيلوس عليهم واتخاذه قرارات حرمان بحقهم سابقا مثل الارشمندريت خريستفوروس والارشمندرينت ميلاتيوس والمطران عطا الله حنا والذي راتبه الشهري ما زال مقطوعا منذ أكثر من ثلاث سنوات ولا يتبوأ أي وظيفة رعوية أو مسؤولية داخل هرمية البطريركية بسبب مواقفه الوطنية».
في المقابل، قال الناطق بلسان بطريركية الروم الأرثوذوكس، الأب عيسى مصلح، بعد أن اتصلت به «القدس العربي» للحصول على تعقيب على ما ذكر، «انتظر ولا أعرف متى نرد، ولا تنسى أن الأمور ليست بيدي».

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً