جنين- الحياة الجديدة-عبد الباسط خلف- لم يكن الشاب أحمد فتحي صلاح (36 عاما) يعلم أن ذهابه من بلدته كفر دان غرب جنين إلى مسجد القاضي في أطراف المدينة؛ لأداء صلاة التراويح، سيكون الأخير هذا المساء.
وأكد فراس حمارشة لـ “الحياة الجديدة” وهو شاهد عيان أنه كان يجلس رفقة شبان عند دوار الداخلية، ولاحظوا تحرك مصفحات احتلالية نحو المكان، بينما كان الشاب صلاح يجتاز الطريق.
وأضاف أن إحدى الدوريات الاحتلالية دهست أحمد، وأسقطته على الأرض، وصار ينزف من رأسه، واكتفى أحد جنود الاحتلال بالنزول من المصفحة وإلقاء نظرة سريعة على الشاب، ثم أكملوا سيرهم.
وتابع حمارشة إنه بدأ مع المتواجدين في الموقع بالتواصل مع الإسعاف، إلا أنهم فشلوا في مهمتهم، فتطوع أحد المارة ونقله إلى مستشفى ابن سينا المجاور بمركبته.
قلب ورضيعة
بدورها، أفادت مصادر في مستشفى ابن سينا في جنين أن صلاح وصل وقد فارق الحياة، إذ تعرض لإصابة مميتة في الرأس، وعبثا حاول الأطباء إنعاش قلبه.
وبالكاد استطاع ابن عمه ثائر تمالك نفسه، وهو يروي لـ”الحياة الجديدة” اللحظات الأخيرة في حياة أحمد، الذي رفع شاهده بعد سقوطه عن دراجته.
وقال بحزن إن ابن عمه اعتاد منذ مطلع رمضان التوجه بدراجته النارية كل مساء إلى جنين؛ لصلاة التراويح خلف الشيخ محمد عباهرة وإكمال جلسة حفظ القرآن، غير أن مصفحة للاحتلال، يطلق عليها الأهالي “بوز النمر” قطعت طريقه عند دور الداخلية، وأصابته بشكل قاتل في رأسه.
وترك أحمد رفيقة دربه وطفله البكر عمر (ابن الربيع السادس)، وصغيرته فرح (4 سنوات)، والرضيعة سيلين (5 أشهر)، مثلما شغر مكانه الخامس في عائلته ذات الأبناء الستة والبنات الثلاث، فيسبقه منتصر وفرج ومحمد، ويليه عبد السلام وعبد الله.
ووفق صلاح فإن أحمد تخلى عن سيارته قبل بداية رمضان، وابتاع دراجة نارية، وواظب طوال عشر ليالٍ على الوصول إلى مسجد القاضي.
وأفاد بأن ابن عمه كان يعمل في أراضي الـ 48، وبرع في بناء الحجر، لكنه توقف قسرا منذ خريف 2023، وبدأ يفتش عن عمل في بلدته والمناطق المجاورة، وكان متواضعا ويقبل بأي فرصة.
النجم 31
وأفاد بأن أحمد استطاع في وقت قصير حفظ 10 أجزاء من كتاب الله، وكان يحلم بإنهاء 30 جزءا، وكان في سباق مع الزمن.
وتابع ثائر بحزن، أحمد لم يفرح برضيعته سيلين، التي ولدت قبل 5 أشهر، وستعيش يتيمة من الآن.
وهبطت الأحزان سريعة وثقيلة على أهالي كفردان، الذين تقاطروا إلى بيت والده للعزاء والمواساة.
وقال الشاب أحمد عابد، إن البلدة تبكي بحرقة على شاب خلوق ومتواضع وبشوش، وازداد ألمها وقهرها على أطفاله الذين تيتموا قبل أن يعرفوا عطف والدهم.
ويحمل أحمد الرقم 31 من بين الشهداء الذين قضوا جراء العدوان الواسع المتواصل على جنين ومخيمها وريفها، منذ 21 كانون الثاني الماضي.
مواضيع ذات صلة
استشهاد مسنة برصاص الاحتلال في جنين
أحمد صلاح.. صلاة لم تكتمل
غزة تختنق.. أزمة الوقود تفاقم معاناة المواطنين في شهر رمضان
نازحو غزة يشكون غياب العدالة في توزيع المساعدات
حملة في نابلس تضبط مخزناً يُعيد تغليف وتزوير تواريخ صلاحية سكاكر منتهية الصلاحية
صيادو غزة يصنعون مراكب من أبواب الثلاجات
“اليونيسف” وحكومة اليابان توقعان اتفاقية لتحسين خدمات الصحة والتغذية للأطفال والنساء الأكثر ضعفا في