الايام -خليل الشيخ:”أبراج سكنية احتوت على شقق وبنية تحتية متكاملة جميعها تحولت لأكوام ركام وخراب، ويحاول السكان الذين يعودون تدريجياً إليها التعرف على الواقع الجديد فيجدون صعوبة في ذلك”.
هكذا قال المواطن غسان أبو شعر (58 عاماً) الذي صار يتجول بين الشوارع ويتنقل بين أكوام الركام وهو يتحسر على المكان الجميل الذي كان يعيش فيه بمدينة حمد غرب خان يونس قبل وقوع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
المواطن أبو شعر واحد ممن تسلموا شقة سكنية في برج رقم 98 وجهزها بأحدث الأثاث بحسب قوله لكنه يحاول البحث عن هذا الاثاث ولا يجد حتى قطعة صغيرة بين ركام شقته.
“ما لذي حدث هنا؟ كان البرج الذي أسكن فيه وهناك الجامع ولا اجد لا اثاث منزلي ولا حتى مصاحف الجامع” أضاف في حديث لـ”الأيام” وهو يستهجن بأي طريقة بعثرت قوات الاحتلال المكان.
وتابع “لا احد يواسي أحدا فالجميع طالته آلة الحرب الإسرائيلية ولا مكان للمواساة أو المساعدة، فللكل شأن يغنيه عقب حالة الدمار الواسعة التي وقعت في مدينة حمد”، مشيراً إلى أن اكوام الركام متناثرة والابراج انهارت وبعضها لا يزال واقفاً لكنه لا يصلح لإعادة السكن فيه.
وتتكون مدينة حمد من نحو 173 برجاً غالبيتها ابراج سكنية واخرى للمؤسسات العامة ومقامة على مساحة 400 دونم وتقرر انشاؤها عقب زيارة امير دولة قطر لقطاع غزة في العام 2012 ويوجد بها بنية تحتية متكاملة ومقامة على أحدث طراز سكني.
يشار إلى أن قوات الاحتلال لم تتوقف عن استهداف المدينة منذ اندلاع العدوان وقبل التوغل البري في منطقة خان يونس وحتى اللحظة.
قال المواطن ادهم جابر (45 عاماً) ان سكان القطاع أطلقوا على مدينة حمد بأنها درة غزة من شدة الإعجاب بهندستها وروعة بنائها وتنظيمها، لكنهم يتحسرون الآن على واقعها الجديد كباقي مناطق القطاع التي تعرضت للدمار والخراب بفعل آلة الحرب الإسرائيلية.
واضاف لـ”الأيام”: لا نستطيع نسيان الذكريات في اركانها، ولا ذكريات السير في شوارعها أو حتى التقاء الناس من سكانها في الأماكن العامة، مؤكداً أنها تحولت الى ماض لكنه لن ينسى.
لم تكن مدينة حمد وحدها التي تتعرض للتدمير والتخريب من الأحياء التي بنيت حديثاً في غزة، بل طال هذا التخريب الحي السعودي الذي يقع غرب مدينة رفح.
وأُقيم الحي السعودي على مراحل متقاربة آخرها كان في العام 2013 واشرفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” على بنائه بتمويل من المملكة العربية السعودية وعلى مساحة كبيرة قد تتعد 500 دونم وتقدر عدد الوحدات السكنية فيها بنحو 1800 وحدة، فضلاً عن المرافق العامة والمدارس والعيادات والمساجد والاسواق وآبار المياه المحلاة مع بنية تحتية متكاملة.
يقول بسام الرخاوي في الأربعين من عمره أحد السكان لـ”الأيام”: كان الحي السعودي يتعرض للقصف بين فترة واخرى أدت الى تدمير بعض المنازل لكنه من المناطق التي تم تصنيفها إنسانية ونزح إليه مئات الآلاف من المواطنين حتى بداية شهر أيار.
ويضيف “عقب قرار اسرائيل الدخول الى رفح وصلت هذه الآليات إلى الحي وبدأت بتدمير كل ما يقابل هذه الآليات حتى حولت غالبية مناطقه إلى اكوام من الركام مع تخريب البنية التحتية بالكامل”.
وأشار الرخاوي الذي سكن الحي في العام 2010 إلى أن اسرائيل عمدت لتخريب كافة مظاهر الحياة والجمال في الحي السعودي الذي كان يعتبر من أبرز المعالم السكنية في قطاع غزة نظراً لجمالية أبنيته وشوارعه وإنشائه وفقاً لطراز السكن في أحياء المملكة العربية السعودية، وقد تحول الآن لمناطق اشباح وخراب باستثناء بعض مناطقه التي طالها الضرر الجزئي فقط.