أصحاب الصهاريج يرفضون الامتثال للأسعار الاسترشادية وسلطة المياه تحذر!
نابلس- الحياة الجديدة- ميساء بشارات- يُضطر المواطن عبد الله جبور، وتحت ضغط انقطاع المياه عن منزله عدة أيام إلى شراء المياه المعدنية من محلات السوبرماركت ليس للشرب فقط انما للأغراض المنزلية أيضا، حاله حال كثيرين في معظم أنحاء الضفة، يقول جبور (56 عاما) وهو من قرية سالم شرقي نابلس إنه يتحمل ورغم الظروف الاقتصادية الضعبة تكاليف شراء صهاريج المياه التي تتراوح ما بين 150- 200شيقل.
في كلّ صيف يلجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى تقليص كميات المياه المخصصة للفلسطينيين، من أجل تخصيص أكبر كمية للمستعمرين في الضفة لتتجلى العنصرية بأبشع صورها، وهذا الصيف كان الإجراء الاسرائيلي أكثر تعسفا بهدف إلحاق أشد الأذى بالجانب الفلسطيني، وفي المحصلة فإن المواطن وحده من يدفع الثمن عطشا وكلفة.
يوزع مجلس قروي سالم- حاله حال العديد من المجالس المحلية- المياه ومصدرها من شركة “ميكروت” الاسرائيلية، على المنازل بحيث تصللكل حارة في القرية، مرة واحدة كل 10 أيام لمدة 12 ساعة متواصلة، ويقول الأهالي إنها تصل ضعيفة شحيحةما يحول من تعبئة خزانات المياه على أسطح منازلهم.
وعندقطعالمياه عنبيت جبور وغيره من المواطنين، ينعكس ذلك سلبا على حياتهم، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة والحاجة الملحة للمياه، وما يرافقها من وضع اقتصادي سيئ يحد من قدرته الدائمة على شراء صهاريج مياه متنقلة لحين موعد مجيء المياه من المجلس القروي.
يقولجبور: “سرعان ما تنفد المياه ما يضطرني لشراء صهريج بتكاليف مرتفعة، ولا أستطيع دائما توفير ثمنه، خاصة وأنني لا أعمل حاليا، وأصبحت أتدبر أمور العائلة والمنزل المالية بصعوبة وبالدين”.
وجبور ليس وحده من يشتكي من شراء المياهعبر الصهاريج، سميرة ابراهيم الأم لأربعة أطفال تسكن منطقة عين قيقوب وهي امتداد للمساكن الشعبية شمال شرق مدينة نابلس، تشكو أيضا من غلاء صهاريج المياه المتنقلة، حيث تدفع ما يقارب 800 شيقل شهريا من أجل المياه فقط.
تقول ابراهيم: ” هذه أسعار فلكية في ظل الوضع المادي المتردي، والارتفاع في درجات الحرارة والحاجة الماسة إلى الماء بكميات كبيرة وعدم توفر شبكة مياه في المنطقة، أصبحنا نضع أكثر من ثلث الدخل لشراء المياه بالصهاريج، وهذه النفقات أصبحت على حساب احتياجات أخرى”.
كثيرون لا يملكون ثمن صهاريج المياه
يقول صاحب نبعة مياه في مخيم بلاطة، رشادأبو عيشة: “إن بعض الناس لا يملكون ثمن صهاريج المياه، فيتواصلون معه مباشرة من أجل إعطائهم مجانا نظرا لظروفهم الإقتصادية الصعبة، والبعض الآخر يسكن بمنطقة جبلية عاليةلا تصله المياه، فيضطر إلى الشراء الدائم.
ويبيع أبو عيشة الـ 10 كوب بسعر 40 شيقل، و 3 كوب بـ 20 شيقل من النبعة لأصحاب الصهاريج، وأصحاب الصهاريج يبيعون المياه بأسعار تتراوح ما بين 180 – 200شيقل.
يقف الشاب أحمد حامد صاحب صهريج مياه من قرية تلأمام نبعة مياه في مدينة نابلس، مبررا الأسعار المرتفعة للصهريج إنها تعود للجهد المبذول والمسافة والمصاريف، فالشقق في الطوابق الأرضية يباع بـ 100 شيقل، بينما الطوابق العلوية 150 شيقل وأكثر، مشيرا إلى أن البعض لا يملكون ثمن الصهريج.
سلطة المياه تضع أسعارا استرشادية
وحول توزيع المياه عبر الصهاريج، وبعد وصول عدد من الشكاوى حول استغلال حاجة المواطنين، قالت سلطة المياه ان الجهات المختصة ستتخذ مجموعة من الإجراءات من أجل ضبط كافة المخالفات بهذا الشأن وعدم السماح باستغلال المواطنين.
وأوضحت سلطة المياه أن الأسعار الاسترشادية للكوب من المياه بالصهاريج، تم وضعها بما يراعي مصلحة المواطنين وأصحاب الصهاريج، والمسافة المقطوعة من نقطة التعبئة (المصدر) وحتى نقطة التوزيع (المستهلك)، وسعر الكوب من المصدر، والوقت اللازم للتفريغ وتكاليف رفع المياه إلى أسطح العمارات، وسعر السولار المتذبذب، ووقت التعبئة من المصدر، وخصوصية كل محافظة.
وتتراوح الأسعار ما بين 25 – 35 شيقل للكوب الواحد في الصهاريج الكبيرة (8 – 10 كوب)، وبين 30 -40 شيقل في الصهاريج الصغيرة (3 – 5 كوب)، كما تم تحديد أسعار المياه على وصلة التعبئة بـ 4 شيكل وهذا يقلل التكلفة على صاحب الصهريج والمواطن.
أصحاب الصهاريج: الأسعار الاسترشادية تؤدي إلى خسارتنا
واحتج بعض أصحاب الصهاريج على الأسعار الاسترشادية للمياه التي وضعتها سلطة المياه، يقول صاحب صهريج فضل عدم ذكر اسمه يعمل على نقل المياه من مدينة روابي إلى قرى رام الله، أن هذه الأسعار تؤدي إلى خسارة أصحاب الصهاريج وتكليفهم لأموال من جيبهم الخاص لإيصال المياه للمنازل، وأنه تم وضع سعر الكوب للمياه دون مراعاة مصالح أصحاب الصهاريج.
يقول الشاب: “هذه الأسعار غير عادلة وتسبب لنا الخسارة، وإن أرادت سلطة المياه ترخيص أسعار الصهاريج فعليها خفض أسعار السولار (…) ولم تسمع مصلحة المياه الإ نفسها عندما وضعت هذه الأسعار ولم تراعي جميع الأطراف”.
ويشير الرجل إلى أن سعر الصهريج من مدينة روابي الى بيرزيت وأبو قش مثلا يصل الى 350 شيقل، وعلى صاحب الصهريج تكاليف يجب تغطيتها، فهذا يشكل مصدر رزقه، وعليه التزامات من تأمين وترخيص وضريبة وتصليح للصهريج وسولار.
مجلس تنظيم المياه: الأسعار الاسترشادية غير عادلة
من جانبه، يعلق مدير مجلس تنظيم قطاع المياه في فلسطين، محمد الحميدي على الأسعار الاسترشادية أنها لم تكن عادلة؛ لأنها وحدت كافة مناطق الضفة بسعر محدد واحد، ولم يؤخذ بعين الإعتبار خصوصية كل منطقة على حدى، فلم تكن موفقة ويجب أن تكون أسعار تراعي جميع المحافظات.
ويشير إلى أن عدد الصهاريج المتوفرة في البلد أكثر بكثير من عدد الصهاريج المرخصة، فالبعض يرخص صهريج واحد ويشغل معه ثلاثة غير مرخصات، ما يربك المواطن، ويشكل عبء على الجهات التي تراقب.
واعتبر الحميدي أن عمل بعض أصحاب الصهاريج المتنقلة مربح ماديا، وفيه استغلال زائد للمستهلك حيث وصل سعر الصهريج إلى 300 شيقل، كما أن هذا العمل غير منظم، فصهاريج نقل مياه البناء والزراعة تستخدم لنقل مياه الشرب، وهذا يسبب تلوث في ظل عدم أخذ عينات للفحص، وينوه الى أن توزيع المسؤوليات بخصوص الصهاريج وترخيصها من قبل جهات متعددة شتت الجهد والمراقبة وجعل فوضى في الصلاحيات، خاصة في ظل عدم تحديد القانون على من تقع مسؤولية متابعة الصهاريج ، فبقيت غير واضحة، وعادت إلى سلطة المياه.
سلطة المياه تحذر أصحاب الصهاريج من استغلال المواطنين
وقامت سلطة المياه في السنوات الماضية بإعداد خطة متكاملة تهدف إلى تنظيم عمل صهاريج المياه المعتمدة لضمان التزامها بشروط السلامة والحفاظ على حياة المواطنين وعدم استغلالهم تضمنت شروطا واضحة لصلاحية هذه الصهاريج ومدى مأمونيتها.
بدورها، أوضحت مدير عام المصادر والرقابة في سلطة المياه ماجدة علاونة، أن الأسعار وضعت لعدم استغلال المواطنين، والأسعار المرتفعة لا يجوز السكوت عنها، خاصة أن أصحاب الصهاريج هدفهم فقط الربح في نهاية اليوم، فمن الطبيعي أن يحتجوا على الأسعار التي وضعتها سلطة المياه.
وتوجهت علاونة لأصحاب صهاريج المياه بضرورة الالتزام بأسعار المياه، وحذرت من استغلال الأزمة المائية القائمة في عدد من التجمعات برفع الأسعار في هذه المرحلة الحساسة والتي يواجه بها أبناء شعبنا تضييقات صعبة من قبل الاحتلال، خصوصا أن المياه كانت وما زالت جزءا من معركة الصمود على الأرض.
وقالتإنه في حال اضطر المواطن للحصول على المياه من خلال الصهاريج، عليه التأكد من أن صاحب الصهريج يحمل الأوراق المصرح بها من سلطة المياه والتي تؤكد على صلاحية نقله للمياه، ويمنع أصحاب الصهاريج من تعبئة مياه الشرب من مصادر غير آمنه وغير مخصصة لمياه الشرب، ويتم وسم الصهريج إنه مخصص لنقل مياه للشرب.
وتشير علاونة الى أن هناك أيضا مسؤولية على مزود الخدمة، فيجب عليه عدم السماح لأصحاب الصهاريج المخالفين وغير الملتزمينبالأسعار الاسترشادية التي تم الاعلان عنها بتعبئة المياه من نقاط التعبئةالخاصة بهم.
وتؤكد أن التوجه لشراء المياه بالصهاريج خلال أشهر الصيف لا يعتبر ضمن توجهات سلطة المياه وأنها تعمل على إيجاد حلول مستدامة تضمن ايصال المياه للمواطنين بكميات وأسعار معقولة.
في حال لم يلتزم صاحب الصهريج بالتعليمات والشروطسيتم حجز الصهريج، وتعميم على الهيئات المحلية الالتزام بعدم التعبأةلأي صهريج لا يحمل الأوراق الرسمية وتصريح النقل.