القدس- أ ف ب: أبدلت مصممة الأزياء الفلسطينية نتالي الطحان ساعات من التطريز اليدوي بأمتار من القماش المطبوع رقمياً بنقشات مختلفة استوحتها من الأثواب الفلسطينية التقليدية، لتضفي لمسة عصرية حديثة على الملابس الفلسطينية التقليدية.
في مشغلها الصغير داخل منزل عائلتها في حي رأس العمود في القدس الشرقية المحتلة، التي يرغب الفلسطينيون بجعلها عاصمة لدولتهم المنشودة، تعمل الطحان مع أمتار من القماش المطبوع ومقص وجهاز حاسوب محمول، بعد إطلاق مجموعتها الأولى في كانون الثاني الماضي.
وتقول المصممة البالغة من العمر 27 عاما لوكالة فرانس برس “رغبت في القيام بأمر جديد ومعاصر، وغير موجود في السوق”.
ولطالما ارتدت السيدات الفلسطينيات أثواباً تقليدية مطرّزة، خاصة السوداء التي تتخللها نقشات باللون الأحمر، لكن ذلك بات يقتصر اليوم على السيدات المسنات في المناطق القروية، وبعض الفتيات في مناسبات مثل الأعراس.
وتختلف الأثواب بحسب المدن والمناطق، في اللون وغيره. وتقول نتالي الطحان “في السابق، كانت السيدة تعرف من خلال ثوبها، من أي منطقة جاءت، وما إن كانت متزوجة أم عزباء، وغير ذلك”.
وتشرح وهي تعرض رسوماتها للمجموعة “قمنا بالتركيز على النقشات من كل هذه المناطق. والألوان مستوحاة من الأثواب القديمة”.
تتألف المجموعة من خمس قطع، مصممة بأسلوب العباءة العصري، بألوان زاهية مثل البنفسجي والوردي والأبيض وغيرها. وقد بيعت بأكملها عبر الانترنت تقريبا بأقل من ثلاثة أشهر.
للوهلة الأولى، تبدو العباءات وكأنها تطريز فلسطيني تقليدي مع لمسة عصرية، إلا أن القماش عبارة عن ساتان خفيف طبعت عليه خيوط التطريز مع نقشات مختلفة.
ففي عباءة الخليل مثلا ركزت طحان على استخدام نقشات من الثوب التقليدي للمدينة مع دمجها باللونين الزهري والأزرق.
وتضفي هذه العباءات طابعا مميزا على أي ملابس بمجرد ارتدائها فوقها.
تبيع نتالي الطحان عباءاتها مقابل 550 دولارا، وتقول إن زبائنها فلسطينيون بمعظمهم، يتركزون في منطقة الخليج، وفي بعض الدول العربية الأخرى.
وتضيف “أعتقد أن الفتيات اليوم يرغبن بشيء جديد وخفيف في الأزياء، وأنا أركز في التسويق في منطقة الخليج. هناك الطقس حار للغاية في الصيف، والتطريز التقليدي يكون ثقيلا”.
وبعد تصميم المجموعة، تطبع نتالي القماش في دبي لعدم وجود مصانع مماثلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتبدو مسيرة القماش طويلة للغاية من دبي مرورا بالعاصمة القطرية الدوحة حيث تملك صالة عرض، وصولا إلى القدس عبر الأردن، لتتمكن بعد ذلك من بدء العمل عليه.
تحاول نتالي الطحان، كغيرها من رواد الموجة الجديدة من مصممي الأزياء الفلسطينيين، إضفاء لمسات عصرية على اللباس التقليدي لإرضاء جيل جديد من الفتيات الفلسطينيات يفضلن ارتداء الملابس الحديثة.
تقول الباحثة مها السقا التي تدير مركز التراث الفلسطيني في مدينة بيت لحم، والتي تملك أكبر مجموعة من الأثواب التقليدية الفلسطينية من مختلف المدن، لوكالة فرانس برس “التطريز هوية وثيقة لوجودنا في كل قرية ومدينة فلسطينية”، مبدية إعجابها بإضافة “التطريز الفلسطيني على الثياب العصرية”.
وأسست السقا مركز التراث في عام 1991، وتسعى حاليا للترويج لفكرة ارتداء الزي المدرسي المزين بالتطريز في المدارس الفلسطينية.
وتقدر السقا تكلفة الحصول على ثوب فلسطيني تقليدي مصنوع من أفضل المواد بمبلغ يتراوح بين 1500 و2000 دولار، بسبب ساعات طويلة من العمل اليدوي ونوع الخيوط المستخدمة.
وتؤكد السقا أن الجهود الجديدة بالرغم من تميزها لا يجب “أن تلغي أبدا التطريز اليدوي الذي يظهر جمال تراثنا الفلسطيني وثراءه. وهذا جزء من التحديث ونحن ندعمه 100%”.
تخرجت نتالي الطحان من “لندن كوليدج أوف فاشن” في بريطانيا وتخصصت في الأزياء النسائية، ودرست أيضا في الدوحة.
ويبدو اختيار القدس الشرقية كمركز لأعمالها غريبا، ولاسيما بسبب التوترات المتواصلة في المدينة التي تحتلها إسرائيل منذ خمسين عاما.
وتشرح نتالي “أنا فتاة من مدينة القدس، أرغب في عمل شيء يصنع في مدينتي”.
وتتحدث عن بعض الصعوبات التي تحيط بعملها مشيرة إلى أن “الشحن مشكلة كبيرة للغاية. التصدير عبر إسرائيل إلى دول الخليج صعب، ولهذا علينا دائما نقل البضائع عبر دول أخرى”.
تحلم المصممة الشابة بفتح استوديو كامل مع غرفة عرض في مدينة القدس، قائلة “الناس أحبوا للغاية فكرة الحصول على شيء صنع في القدس، ولا سيما فلسطينيي الخارج الذين يشعرون عند شرائهم القطع بأنهم يحملون معهم قطعة من المدينة”.
أزياء المقدسية نتالي الطحان .. لمسة عصرية على ملابس تقليدية
Leave a comment