حكومة المصالحة الفلسطينية تعقد اول جلسة لها في غزة
- كرست صحيفة “هآرتس” عنوانا رئيسيا على صدر صفحتها الاولى لتغطية انعقاد اول جلسة لحكومة المصالحة الفلسطينية، امس الخميس، في قطاع غزة، والتي كرستها، في الأساس، لمناقشة الخطط الفلسطينية لترميم القطاع بعد عملية “الجرف الصامد”.
- وقد وصل اعضاء الحكومة من رام الله الى غزة، عبر معبر ايرز، بعد حصولهم على التصاريح من إسرائيل. وقال الحمدالله في مؤتمر صحفي عقده قبل افتتاح الجلسة، ان ترميم قطاع غزة وعودة الحياة الى مسارها الطبيعي سيحتل مقدمة جدول اولويات الحكومة، مضيفا “ان سنوات الخلاف والانقسام بين الفصائل الفلسطينية أصبحت من ورائنا والحكومة تبدأ فورا مهمة اعادة الحياة في القطاع الى مسارها”.
- وحسب الحمدالله فإن للحكومة مخططات شاملة سيتم عرضها امام الدول المانحة في المؤتمر الذي سينعقد في القاهرة يوم الأحد القريب. والتقى رئيس الحكومة رامي الحمدالله، برئيس الدائرة السياسية في حركة حماس، اسماعيل هنية. وخلال مؤتمر صحفي مشترك قال هنية ان “التحديات التي تواجهنا كبيرة جدا، خاصة بسبب الدمار الهائل في القطاع والأوضاع الصعبة التي يواجهها السكان. نريد جدا للحكومة ان تنجح في مهامها، ونهتم بتطبيق خطوط المصالحة التي تشمل ترميم القطاع واطلاق سراح الأسرى ورفع الحصار بشكل شامل”.
- وقال الحمدالله “اننا نقول للإسرائيليين بأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن تحقيق حلمه بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حدود 67 وقرارات المجتمع الدولي والاعتراف بهذه الدولة”.
- وزار اعضاء الحكومة المواقع التي تعرضت إلى التدمير الأساسي خلال الحرب، والتقوا خلال جولتهم برجال الأعمال الذي سيشاركون في مشروع ترميم القطاع والاستثمار على المدى الطويل. ويواصل الحمدالله، اليوم، جولاته في قطاع غزة، ومن هناك سيغادر الى القاهرة عبر معبر رفح للقاء ممثلي الدول المانحة.
- يشار الى أن اسرائيل اعلنت بعد تشكيل حكومة المصالحة انها لن تسمح لأعضائها بالوصول الى غزة عبر أراضيها، لكنه بما أن مهمتها الرئيسية ترميم القطاع، ولأن الدول المانحة وخاصة الولايات المتحدة واوروبا والأمم المتحدة حددت بشكل واضح بأن حكومة المصالحة هي المسؤولة عن الترميم، فقد امتنعت اسرائيل عن منع مرور اعضاء الحكومة عبر اراضيها وصادق منسق شؤون الحكومة على تصاريح العبور.
- وقالت مصادر فلسطينية في القطاع لصحيفة “هآرتس” انه لن يغادر كل وزراء الحكومة الى القاهرة، اليوم، وانما سيغادر رئيسها والوزراء المعنيين فقط بمهمة الترميم. وحسب المخطط سيرجع الوزراء بعد انتهاء مؤتمر الدول المانحة في القاهرة، الى غزة لمباشرة تطبيق خطة الترميم، وخاصة بناء البنى التحتية والبيوت كما اعلن الحمدالله. وحسب تقديرات الحكومة فان اعمال الترميم ستكلف بين سبعة وثمانية مليارات دولار، وستتراوح مدة العمل بين خمس وست سنوات، اذا كانت المعابر مفتوحة.
- يشار الى ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيترأس الوفد الفلسطيني الى مؤتمر الدول المانحة في القاهرة، ومن المقرر ان يلتقي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال المؤتمر. وسيناقشان معا مشروع القرار الذي تنوي السلطة الفلسطينية طرحه للتصويت في مجلس الأمن بشأن انهاء الاحتلال حتى عام 2016 ونيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل حدود 67.
- ويعارض الامريكيون بشدة هذا الاقتراح ويهددون باستخدام حق النقض اذا نجح الفلسطينيون بتجنيد غالبية مؤيدة للقرار. وقال مسؤول في ديوان الرئاسة الفلسطينية انه يجري التخطيط لزيارة عباس الى غزة، لكن ذلك يتعلق بتطبيق خطوط المصالحة. وأوضح: “الأجواء السياسية غير ناضجة لتنفيذ الزيارة الآن، وحضور الرئيس الى القطاع يجب ان يجسد عنوان تطبيق المصالحة”.
- · عباس: “الاقتحامات المتكررة الى الاقصى هدفها السيطرة على الحرم القدسي”
- نقلت صحيفة “هآرتس” عن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تحذيره امس الأول، من الاقتحامات المتكررة لقوات الأمن الاسرائيلية الى المسجد الأقصى وقوله انها “تهدف الى محاولة فرض وقائع على الأرض والسيطرة على الحرم القدسي”. وحذر عباس من أن السياسة الإسرائيلي ستحول الصراع الى مواجهة دينية.
- جاء تصريح عباس على خلفية المواجهات التي وقعت، امس الأول، في الحرم القدسي مع دخول اليهود للزيارة. واتهم مدير الأوقاف الشيخ عزام الخطيب، إسرائيل بالمسؤولية عن الأحداث في الحرم القدسي، وقال: “لقد حذرنا من ابعاد فتح باب المغاربة”. وفي السياق ذاته، طالب الناطق بلسان الحكومة الاردنية، محمد المومني، إسرائيل بالتوقف عن سياسة المس بالمسجد الأقصى.
- في السياق ذاته، وبعد المواجهات التي وقعت صباح اليوم الجمعة في الحرم، نشر موقع المستوطنين (القناة السابعة) تصريحا لنائب وزير الأديان، ايلي بن دهان (البيت اليهودي) هاجم فيه دائرة الاوقاف الاسلامية في القدس، وقال انه “ثبت عدم الاعتماد على الاوقاف، وعلى شرطة إسرائيل فرض النظام والقانون على الجبل، فمن حق اليهود ايضا نيل حرية العبادة في الهيكل” (الحرم القدسي).
- وطالب بن دهان الحكومة بتسريع المصادقة على الانظمة التي اعدها لمنح اليهود “حق الصلاة في الهيكل”!
- · حماس تجري اتصالات مع مصر لمفاوضة إسرائيل على صفقة تبادل
- ذكرت صحيفة “يديعوت احرونوت” ان حركة حماس تجري اتصالات مع مصر من اجل فتح مفاوضات مع اسرائيل حول اعادة جثتي الجنديين هدار غولدين واورن شاؤول، حسب ما اعلنه احد قادة حماس في الخارج، محمد نزال.
- وقالت الصحيفة ان حماس لم تعلن، حتى الآن، الثمن الذي تطالب به، ولكنه يسود التكهن بانها ستطلب اطلاق سراح أسرى من السجون الاسرائيلية.
- واضافت: “سواء كان مصادفة ام لا، فقد جاء اعلان نزال، بعد أيام قليلة من تعيين الكولونيل (احتياط) ليؤور لوطن، منسقا لشؤون الأسرى والمفقودين وبعد بيان الناطق بلسان حماس في غزة، بأن التنظيم على وشك تنفيذ صفقة تبادل مع اسرائيل. وحسب نزال فان المفاوضات ستبدأ قريبا. وستجري المفاوضات حول التبادل بشكل غير مباشر، وبوساطة مصرية. وقد اوضحت مصر لحماس انها ستجري بدون أي علاقة بالمفاوضات حول وقف اطلاق النار الدائم وما سيترتب عنها من تفاهمات.
المستوطنون يدشنون تلة على اسم الفتية الثلاثة المقتولين ويطلقون دعوة لتوسيع الاستيطان
- كتب موقع “القناة السابعة” ان آلاف المستوطنين ومؤيدي الاستيطان، شاركوا صباح اليوم الجمعة، في احتفالات “فرح صب المياه” (المرتبط بتقاليد عيد العرش العبري) في تلة “عوز فيغاؤون” القريبة من مفترق غوش عتصيون، وهي التلة التي اقيمت لذكرى الفتية الثلاثة الذين تم اختطافهم وقتلهم في حزيران الماضي.
- وقد بادرت الى احتفال جمعية “نساء بالاخضر” الاستيطانية، واستضافت عضوي الكنيست اوفير اوكونيس وايلي يشاي. وهاجم اوكونيس المقالات والمواقف الدولية المضادة للجيش الاسرائيلي بعد حملة “عودوا ايها الاخوة” في الضفة وحرب “الجرف الصامد” في غزة، وقال: “نحن لا نرتدع من هذه المقالات والتصريحات ضد الجيش الإسرائيلي، فهو افضل الجيوش واكثرها اخلاقية في العالم”.
- واضاف: “بعد فترة وجيزة من مقتل الفتية انطلقت اصوات تدعو الى الرد على ذلك بإنشاء مستوطنات جديدة، ومن على هذه التلة تنطلق الدعوة الى انشاء مستوطنات في ارض إسرائيل طوال الوقت بموجب حقنا الطبيعي والتاريخي، كما جاء في وثيقة الاستقلال، وانطلاقا من هذا الحق سنواصل البناء ليس فقط في غوش عتصيون وانما في كل ارض إسرائيل ولن نترك هذا المكان او أي مكان آخر”.
- ودعم ايلي يشاي تصريح اوكونيس، وقال في كلمته: ” ادعو الحكومة الى مواصلة البناء في كل انحاء البلاد. في اوروبا وامريكا قد يمكن تجميد البناء ولكن ليس هنا.”
- في السياق ذاته، ذكر موقع “واللا” ان قادة المجالس الاقليمية لمستوطنات الضفة الغربية، يعدون لاطلاق حملة ضد ما يسمونه “سياسة رئيس الحكومة نيامين نتنياهو التي تمنع دفع البناء في الضفة الغربية”. وحسب موقع “واللا” فقد عقد رؤساء هذه المجالس عدة لقاءات لفحص طرق العمل ضد “التجميد”، وطرحت عدة افكار لبدء المعركة بعد الاعياد اذا لم يتغير الوضع.
- وحسب المعلومات فانه على الرغم من تعهد نتنياهو لقادة المستوطنين بدفع البناء في الضفة، وامره بنشر مناقصات لتسويق 2500 وحدة اسكان، ردا على اختطاف وقتل الفتية الاسرائيليين الثلاثة، في حزيران الماضي، الا انه اوعز لاحقا بالامتناع عن دفع خطة البناء وتعليقها.
- ومن بين البرامج التي يخطط لها قادة المستوطنات، اطلاق حملة اعلامية ضد سياسة نتنياهو، لكن القرار النهائي لم يتخذ بعد. كما من المتوقع مضايقة الائتلاف الحكومي من خلال امتناع نواب المستوطنات عن المشاركة في التصويت وتشويش سن القوانين في الكنيست والحكومة. كما يتوقع المبادرة الى انشاء بؤرة استيطانية جديدة. وتقف وراء هذه المبادرة مديرة حركة “نحلاه” المستوطنة دانئيلا فايس التي تدير نشاطا مكثفا لانشاء بؤر استيطانية في الضفة.
مقالات وتقارير
- فلتدفع إسرائيل ثمن الدمار في غزة
- نشرت الباحثة في علم الاجتماع، الدكتورة مايا روزنفلد، مقالة جريئة في صحيفة “هآرتس” طالبت من خلالها تحميل إسرائيل المسؤولية عن ترميم قطاع غزة، واتخاذ اجراءات تكفل عدم تكرار الهجمات الاسرائيلية المدمرة على القطاع.
- واستعرضت الكاتبة باسهاب، عدة محطات ترتبط بالمفاوضات والاتفاقيات بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، وقيام إسرائيل بسلب الفلسطينيين ما تم الاتفاق عليه في اوسلو وغيرها من الاتفاقيات.
- وتكتب روزنفلد “ان المسائل السياسية التي طرحتها المواجهة الحالية بين إسرائيل وحماس، وحجم اعمال القتل والدمار الذي سببه الهجوم الإسرائيلي على غزة، تمثل ثلاثة مركبات رئيسية للسياسة الاسرائيلية في المناطق المحتلة خلال الـ14 عاما الأخيرة: جهود منهجية لسلب ممتلكات الفلسطينيين – البنى التحتية والموارد القومية التي تم تحصيلها في اتفاقيات اوسلو، تكرار شن الهجمات العسكرية المكثفة من خلال الاعتماد المتزايد على سلاح الجو والمدفعية، والتنكر للمسؤولية عن اصابة المدنيين كنتيجة لهذه الهجمات ولاستمرار السيطرة العسكرية”.
- وأضافت: “الى جانب سلب الأراضي والبناء في المستوطنات، هذه هي ركائز النهج العسكرية الإسرائيلي الذي يسعى الى اخضاع الفلسطينيين ومنع اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة”.
- وترى الكاتبة “ان المطالب الأساسية التي يطرحها الوفد الفلسطيني الى مفاوضات القاهرة حول الاتفاق طويل المدى، والتي تشمل فتح المعابر من والى القطاع والعبور الآمن بين القطاع والضفة وانشاء الميناء البحري واعادة فتح المطار الجوي في غزة ليست الا مطالب تهدف الى استعادة ما سبق وحصلوا عليه او تم الاتفاق عليه في اتفاقيات اوسلو. فلقد تم الاتفاق على انشاء الميناء البحري في غزة، لأول مرة، في اطار “اعلان المبادئ” الذي وقعته حكومة إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية في أيلول 1993، وتم الاتفاق على المعبر الحر بين القطاع والضفة وتطوير بنى تحتية للمواصلات تتيح تطبيق الاتفاق، في اطار “اتفاق غزة واريحا” في أيار 1994. وتم التطرق بشكل مفصل الى انشاء مطار دولي في غزة في “اتفاق اوسلو ب” في أيلول 1995.
- “صحيح ان إسرائيل وضعت الكثير من العراقيل لتقليص مساحة السيادة الفلسطينية المنصوص عليها في هذه الاتفاقيات، ولكنه بدء بتطبيقها عشية انتهاء الفترة المرحلية التي تم تحديدها في اتفاقيات اوسلو. وتم في تشرين الثاني 1998 تدشين مطار غزة الدولي، فيما تم تفعيل المعبر الآمن بين القطاع والضفة لأول مرة في تشرين الأول 1999، وفي تموز 2000، في أعقاب قرارات مؤتمر شرم الشيخ، المنعقد في ايلول 1999، بدأت اعمال البناء في ميناء غزة، والتي قامت إسرائيل بعرقلتها المرة تلو المرة.
- “لقد كانت هذه الممتلكات الاستراتيجية هي اول ما سلبته اسرائيل للفلسطينيين في ردها على الانتفاضة الثانية. فقد تم قصف موقع البناء في الميناء البحري في مطلع تشرين الأول 2000، وتم اغلاق المطار ووقف المعبر الآمن، وفرض حصار شامل على سكان الضفة والقطاع. وبعد وصول اريئيل شارون الى السلطة في شباط 2001، تحولت العقوبات الى سياسة هدفها المعلن تدمير السلطة الفلسطينية وصد الباب امام الاستقلال الفلسطيني. ومن بين الخطوات البارزة التي بشرت بهذا التوجه، كان تدمير مطار غزة الدولي من خلال عمليات القصف الجوي لمسار الاقلاع، في كانون الأول 2001. وفي أعقاب ذلك جاء احتلال المدن الفلسطينية مجددا وتشديد القيود على تحركات الفلسطينيين ومحاصرة ياسر عرفات في المقاطعة، والفصل التام للقطاع عن الضفة.
- “ولم يغير “الانفصال” عن غزة السياسة الاسرائيلية بل ساعد على تضخيمها. صحيح ان اسرائيل اضطرت الى ابتلاع الضفدع المتمثل في اتفاق المعابر (تشرين الثاني 2005) والذي التزمت بموجبه بإنشاء الميناء البحري وفتح المطار، لكنها لم تنفذ التزامها هذا ابدا، وتنكرت له علانية بعد وقوع غلعاد شليط في الأسر. ووفر انتصار حماس في انتخابات 2006 وسيطرتها على قطاع غزة في حزيران 2007، ذريعة لتشديد الحصار الذي فرض على القطاع قبل ذلك بسنوات.
- ” لقد نجحت اسرائيل بعرقلة تحقيق السيادة الفلسطينية من خلال تفعيل القوة المكثفة التي قادت الى ازدياد المقاومة الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك ازدياد عمليات الارهاب بين 2001 و2004. وردا على ذلك صعدت اسرائيل من تفعيل القوة، وتم استبدال بنادق “ام 16” وامثالها من الأسلحة التي استخدمت ضد الانتفاضة الأولى، بطائرات “اف 16″ و”الأباتشي” والدبابات وجرافات دي 9 المدمرة والقاتلة مئات الأضعاف.
- “في غياب جيش معاد وساحة حرب، تم تفعيل هذه الآليات القوية في قلب الجمهور المدني وضد بيوته ومؤسساته وشوارعه وحقوله. وقامت قوات المدرعات بإعادة احتلال المدن الفلسطينية وتم اغتيال القادة السياسيين بالصواريخ والقذائف الجوية التي قتلت ضحايا آخرين. وقامت الجرافات بسحق آلاف البيوت في غزة وتحويلها الى رماد، لخلق “منطقة عازلة معقمة”، كما تم تمشيط آلاف الدونمات الزراعية في القطاع، واطلقت المدفعية النيران على كل من دخل الى “المناطق الممنوعة”.
- “لقد كانت هذه هي السياسة الإسرائيلية منذ مطلع سنوات الألفين، وسبقت بسنوات سيطرة حماس على القطاع وتحويلها للقصف الصاروخي لبلدات الجنوب الى مسار مركزي في المقاومة الفلسطينية المسلحة.
- “ومع استكمال هذه التطورات، في النصف الثاني من العقد الأول لسنوات الألفين، ألغت إسرائيل بقية القيود المفروضة على استخدام القوة في قطاع غزة، كما دل على ذلك حجم اعمال القتل والتدمير خلال عملية “الرصاص المصبوب” في 2008 -2009، ووصل التصعيد الى قمته (حاليا) في قوة النيران الوحشية التي اطلقت على غزة خلال 50 يوما من حرب “الجرف الصامد”.
- “لقد تم خلال هذه الحرب شن 4850 هجوما جويا، تم في كل واحد منها القاء مواد متفجرة بوزن طن واحد (قرابة 100 طن من المواد المتفجرة يوميا في الحد المتوسط)، بالإضافة الى اطلاق 50 الف قذيفة مدفعية (قرابة 1000 قذيفة يوميا)، والتي زرعت الموت والدمار غير المسبوق منذ بداية الاحتلال.
- “ما الذي اتاح لإسرائيل الخروج، المرة تلو المرة، لشن هجمات عسكرية على الجمهور المدني في منطقة محتلة خاضعة لسيطرتها؟ الجواب يكمن في المهمة التي يتولاها المجتمع الدولي في “ادارة” الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، او للتدقيق اكثر، في ترسيخ الاحتلال. منذ تشرين الأول 2000 وحتى اليوم، يمتنع المجتمع الدولي بشكل متواصل عن الزام اسرائيل بتحمل المسؤولية عن اصاباتها الواسعة للبشر والاملاك والبنى التحتية التي سببتها هجماتها العسكرية، وعن الأضرار الضخمة التي سببتها سياسة الاغلاق والحصار للاقتصاد والمجتمع الفلسطينيين. وبدل ذلك اختار المجتمع الدولي انشاء قنوات “مساعدات طارئة” للسلطة الفلسطينية ولسكان المناطق، والتي يتم تمويلها من الدول المانحة. إسرائيل لم تمتنع عن تعويض المصابين فحسب، لا بل خربت، المرة تلو الأخرى، عمليات الترميم التي تقوم بها الأونروا، عندما منعت ادخال مواد البناء الى القطاع.
- “ان الثمن الوحيد الذي جباه المجتمع الدولي من إسرائيل مقابل “اعفائها” من دفع التعويضات هو موافقتها على مواصلة التعاون طوال السنوات الماضية في المفاوضات الواهية مع ممثلي منظمة التحرير والسلطة. وعلى ضوء هذه الصفقة المفيدة جدا، ليس صدفة ان إسرائيل اختارت مواصلة الاعتماد على الهجمات العسكرية كعنصر مهيمن في سياستها.
- “خلال أيام سينعقد المؤتمر الدولي للدول المانحة لترميم غزة. سيكون من الجيد اذا قرر ممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الانحراف عن سياستهم ومطالبة اسرائيل بتعويض سكان القطاع، على الأقل، عن جزء من الدمار الذي سببته في “الجرف الصامد”. خطوة كهذه قد تثير استياء الجمهور الإسرائيلي وقيادته، ولكنها قد تحقق، في نهاية الأمر، فائدة: فدفع التعويضات سيردع إسرائيل عن شن هجمات عسكرية على المناطق في المستقبل المنظور، ولن يترك حسم الأفق العسكري أمامها أي مفر من السعي الى انهاء الاحتلال وتحقيق اتفاق سلام مع الفلسطينيين”.
- سلام آري شبيط الوهمي
- يناقش الكاتب ديميتري شوماسكي، في “هآرتس”، جانبا من الافكار المزورة للحقائق التي يطرحها أري شبيط من خلال مقالاته المتعلقة بفشل المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وهجومه المتكرر على اليسار بسبب تمسكه بحل الدولتين. ويكتب شوماسكي ان المؤرخين للشرق الأوسط الذين سيسعون في المستقبل الى التعرف على مصطلح “العملية السلمية” بين الاسرائيليين والفلسطينيين، على أساس مقالات آري شبيط في صحيفة “هآرتس”، سيفركون اعينهم كلما قارنوا ما يكتبه بالواقع، خاصة في مقالته “السلام مات – يحيا السلام” (المنشور في 22 أيلول 2014).
- فيف تلك المقالة يحدد شبيط ان الخطأ الفادح الذي ارتكبه اليسار الإسرائيلي في اواخر القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين، يكمن في الاعتقاد الساذج بأنه “يمكن انهاء الاحتلال من خلال الوعد الميتافيزيقي للسلام الآن”. والمنطق يقول ان شبيط يقصد اتفاقيات اوسلو. لكن العملية السلمية لأوسلو – كما يليق بمصطلح “العملية”، الذي يقصد “ليس الآن” وانما “بعد ذلك” – كانت ابعد ما يكون عن التعبير عن السعي الى “السلام الآن”.
- لقد كانت عملية اوسلو، أولا وقبل كل شيء، بمثابة اختبار خاص من نوعه للانسان الفلسطيني، في جوهره: نحن سنمنحهم الحكم الذاتي الجزئي في بعض الجيوب في الأراضي المحتلة، ونواصل السيطرة عليكم والاستيطان على اراضيكم في الأجزاء الأخرى من ارضكم، وسنرى كيف سيكون ردكم. هل سترضيكم التنازلات المؤلمة؟
- ربما يوافقون على التخلي عما اصبح ميراثنا عمليا (الكتل الاستيطانية)؟ او هل سننجح بإنهاء الصراع دون ازالة غالبية مستوطناتنا؟
- لقد تواصل اختبار الانسان الفلسطيني هذا حتى في الأيام التي يسميها شبيط “مبادرات السلام التي طرحها كلينتون وبراك واولمرت”. فاليد الأولى واصلت تعزيز وتوسيع مشروع الاستيطان برعاية السلطة العسكرية، فيما رسمت اليد الثانية خرائط تقسيم البلاد حسب رؤية الحكام، وتقديمها الى الشعب المسيطر عليه كي يصادق عليها. والى جانب ذلك كله، كان ترقب نتائج الاختبار: هل سيقدر الفلسطينيون حجم سخاء السيد الإسرائيلي، الذي تكرم بمقاسمتهم ارض وطنه التاريخي، او انهم سيفضلون مرة اخرى “الكرامة العربية” ويفوتون الفرصة التاريخية للسلام؟
- ان صورة المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين، كما يطرحها شبيط، ابعد ما يكون عن الحقيقة كبعد السلام المنشود. ما يعتبره شبيط جهودا صادقة وبريئة من قبل إسرائيل لدفع تقسيم البلاد، لم يكن الا محاولة للتجارة مع الفلسطينيين حول الأرض التي سلبت منهم بقوة الذراع، وتعميق السيطرة والاستيطان عليها بصفاقة خلال المفاوضات. ولكن، اذا استخلص مؤرخو الشرق الأوسط في المستقبل، ان عرض العملية السلمية من قبل شبيط ليس الا اكذوبة فظة، فسيكون ذلك مجرد تحديد بسيط. ذلك ان وصف الواقع السياسي في مقالات شبيط ابعد ما يكون عن الحقيقة. انه يعكس بدقة، شكل فهم الكثير من الاسرائيليين لعملية اوسلو وما بعدها. فالكثير من الاسرائيليين يعتبرون عملية اوسلو تعبر عن قمة سخاء إسرائيل وطموحها الى السلام الحقيقي، وليس غطاء سياسيا لمواصلة سلب اراضي الفلسطينيين، على أمل ان تحتفظ إسرائيل في نهاية الأمر بأكثر ما يمكن من الكتل الاستيطانية.
- لا شك انه عندما يطالب محمود عباس، المتمرس في تجربة الاستيطان برعاية السلام، بالتجميد المطلق للبناء في المستوطنات كشرط للتفاوض، ويطلق صرخة الشعب المضطهد في الأمم المتحدة، يتم التعامل معه من قبل الكثير من الاسرائيليين، وفق الصورة الملتوية والسخيفة التي يعرضها نتنياهو وشبيط – كرافض للسلام الحقيقي، وليس كرافض لمهزلة السلام.
- ان جذور العمى الاسرائيلي الذي لا يتيح الرؤية الصحيحة للعملية السلمية – كمقايضة على الأملاك الفلسطينية المسلوبة، من خلال مواصلة السلب – تكمن في كون الكثير من الاسرائيليين لا يريدون اعتبار الاحتلال والاستيطان بعد 1967، بمثابة عمليات سلب وسرقة. وهذا ليس لأنهم يؤيدون بالضرورة ارض إسرائيل الكاملة، ويعتقدون ان السيطرة الإسرائيلية على البلاد تنبع عن قوة الوعد الالاهي الذي يمنع خرقه. فهم ليسوا كذلك. ولكن، وبما ان الاحتلال والمشروع الاستيطاني يستمتعان بالحصانة الهادئة من قبل القوة العظمى العالمية الديموقراطية وحلفائها الأساسيين، الذين لا يحركون اصبعا من اجل وضع حد له ومعاقبة إسرائيل المحتلة – فان الاسرائيليين البسطاء يميلون الى التصديق بأن الاحتلال والاستيطان ليسا غير قانونيين. واذا كان الأمر كذلك، فان التخلي عن ثمارهما لا يعتبر تصحيحا مفهوما ضمنا للاعوجاج، وانما “تنازلا مؤلما” من جانب سيادة قانونية، تحدد شروط التنازل وحجمه وطابعه.
- يجب الاعتراف انه بدون التوضيح للإسرائيليين بشكل مطلق، بأن سجن شعب بأكمله يعتبر عملا لا خلاف على عدم قانونيته، وان تحرير شعب لا يمكن ان يخضع للتفاوض – لا يمكن توقع أي تقدم ملموس في العملية السلمية. ويمكن ان يتم تحقيق ذلك بواسطة فرض عقوبات دولية على إسرائيل، على الأقل بحجم تلك التي فرضت على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم.
- هنا، عمليا، تكمن الحكاية المحزنة والحقيقية لليسار الإسرائيلي: من جانب واحد، اذا دعا المعارضون الإسرائيليون للاحتلال علانية الى مقاطعة دولة إسرائيل، سيتم وصمهم بالخيانة ومعاداة الصهيونية وسيفقدون بقية الشرعية بين ابناء شعبهم، ومن جهة أخرى، لا توجد طريقة واقعية لدفع إسرائيل الى تحرير نفسها من اعباء استعباد الشعب الفلسطيني واعادة الهوية الأصلية للصهيونية كحركة تحرر قومي، باستثناء تفعيل الضغط الدولي الشامل وغير المساوم على إسرائيل المحتلة.
- اعلان نوايا فقط
- يعتبر الصحفي جاكي خوري في مقالة تحليلية نشرها في “هآرتس” ان الجلسة التي عقدتها حكومة المصالحة في غزة، يوم الخميس، “هدفت في جوهرها الى العلاقات العامة وفحص النوايا، اكثر من كونها تعبيرا عن رغبة الحكومة الفلسطينية بفحص الأوضاع على الأرض وجلب حلول فورية لسكان القطاع، الذين يحلمون باليوم الذي يختفي فيه الدمار الكبير وتبدأ عملية الترميم الفعلية”.
- ويكتب خوري: “لقد استقبل رئيس الحكومة رامي الحمدالله ووزرائه بترحيب كبير في قطاع غزة، وعقدوا الجلسة الأولى في منزل الرئيس عباس، المهجور منذ سبع سنوات، كخطوة ترمز لعودة السلطة الى غزة. ومن ثم انتقل الوزراء الى بيت اسماعيل هنية لسماع المباركة من السيادة الفعلية في القطاع.
- لقد تحدث الحمدالله بشكل عملي، وتطرق الى المخططات العملية لترميم القطاع التي تقدر تكلفتها بمليارات الدولارات، وعن الأيام الصعبة المتوقعة له ولحكومته حتى انتهاء العمل.
- لقد قال هنية في الخطاب الذي القاه في بيته انه لا يزال يعيش في مخيم اللاجئين وليس في قصر وانه لا يريد أي مال لترميم بيته. وقال ان ترميم القطاع ورفع الحصار هي احتياجات فورية، ولكن تطبيق المصالحة يجب ان ينتهي بانتخابات الرئاسة والبرلمان وادارة شؤون السلطة الفلسطينية او الدولة بشراكة كاملة.
- لقد تحدث الحمدالله الى سكان القطاع المحبطين، الذين تدهورت اوضاعهم جدا منذ الحرب. اما هنية فتحدث الى رئيس السلطة ابو مازن والى المجتمع الدولي، واوضح ان حماس تقف وراء الحكومة ومستعدة لأن تكون جزء من الاتفاق السياسي الشامل حتى داخل حدود 67.
- يواجه الجانبان الآن اصعب اختبار منذ الانقسام في عام 2007. والسؤال هو هل سيتمكنان من التغلب على الخلافات وعلى جشع السلطة والسيطرة والعمل معا. في ادراج الجانبين اكوام من الأوراق والاتفاقيات المتعلقة بالمصالحة، لكنهما فشلا بتطبيق القرارات والنوايا، لأسباب داخلية، في مركزها عدم الرغبة بالتخلي عن السيطرة والسلطة. وهناك اسباب خارجية – خاصة الضغوط التي تمارس عليهما كي لا يدفعا المصالحة قدما. فإسرائيل والولايات المتحدة تضغطان على ابو مازن، وتركيا وقطر وايران تضغط على حماس.
- في الوضع الراهن، وصل الجانبان الى ازمة، زادتها الحرب الأخيرة حدة. حماس وحلفائها لا يستطيعون الالتزام برفع الحصار وترميم القطاع ويحتاجون الى المجتمع الدولي، والسلطة لم يعد بمقدورها تسويق حكاية العملية السياسية والراعي الامريكي المستعد لدعم قيام دولة فلسطينية.
- لدى الجانبان منظومة علاقات هشة مع الشارع الذي ينتظر الأجوبة. يصعب في هذه المرحلة توقع مدى نيل الحكومة للتعاون من قبل السكان. والتعاون مطلوب بشكل خاص من قبل الموظفين الذين ينتمون بغالبيتهم الى حماس، ولا يمكن معرفة حجم المجال الذي ستسمح به السلطة وابو مازن لرجال حماس والى أي حد سيتم اشراكهم في آلية صنع القرار.
- الغرب يطالب بالاشراف الدولي على ادخال مواد البناء وتحويل الأموال واهدافها. انه يسأل عن الجهة التي ستحمي المشاريع ولمن ستخضع الأجهزة الأمنية. وهذه اسئلة لا تتوفر عليها اجوبة واضحة حتى الآن. ولذلك يرحبون في غزة بالحكومة، ولكنهم يحذرون ولا يبالغون في الاحتفالات. في القطاع ينتظرون النتائج على امل ان تتضح الأجوبة خلال الأيام والأسابيع القريبة.
- “كان يمكننا احتلال كل القطاع”
- قال قائد الفرقة 162 في الجيش الاسرائيلي، العميد نداف فدان، في لقاء يجريه معه عاموس هرئيل في “هآرتس”، “ان الجيش الاسرائيلي بدأ الاستعداد لمعالجة الأنفاق قبل بدء العملية العسكرية في غزة، وانه تم تطوير بعض المناورات الحربية قبل ذلك، وكان من المخطط في منتصف تموز اجراء تدريب في كتيبة غزة، بقيادة لواء غبعاتي، حول الحرب في باطن الأرض، ولكن الحرب اندلعت قبل اسبوع من الموعد المحدد، وفي نهاية الأمر تم الانتقال الى التدريب الحقيقي امام حماس”.
- ويصف فدان الذي قاد احدى الفرق الثلاث للجيش خلال الحرب، ما يعتبره هو والضباط الذين عملوا تحت إمرته، مشاعر انجاز حقيقي: ضرب حماس، تدمير الانفاق الهجومية والتقدير بأنه لو القيت على الجيش مهمة احتلال القطاع لكان قد نفذها كما يجب.
- ويقول فدان: “وصلنا الى الحرب مع مستوى متوسط من النضوج لمعالجة الأنفاق. وقد نضجت العملية خلال الحرب وتعلمنا خلالها الكثير. انت تتعلم كيف تفخخ حماس فتحة النفق، وكيف تدافع عن مجالها. هذا العالم لم يكن غريبا علينا. فمستوى دقة المعلومات الاستخبارية حول مواقع فتحات الأنفاق كان عاليا. لكننا لم نعرف كل شيء. احيانا انت تكتشف منظومة كاملة من خلال نقطة البداية. كان ينقصنا المسار الدقيق في بعض الأنفاق.
- خلال الحرب على غزة قتل سبعة جنود من الفرقة خلال المعارك التي دارت في شمال القطاع – منطقة بيت حانون، جباليا والعطاطرة. وقامت الفرقة التي اشرفت على تفعيل ثلاثة طواقم حربية من الوية “ناحال” و”المدرعات 401″ و”بهاد 1″، بتدمير عدة انفاق هجومية وقتلت المئات من نشطاء حماس المسلحين. وكان الاحتكاك بالمدنيين الفلسطينيين قليل نسبيا، لأن اخلاء السكان في شمال القطاع تم بنجاعة وترك غالبيتهم المنطقة قبل بدء المعركة البرية. ويدعي فدان ان “بيت حانون كانت خالية من المدنيين عندما دخلنا”. كما يدعي انه شاهد طوال الحرب جثة مواطنة واحدة، مسنة قتلت جراء القصف. وينفي ما نشره الفلسطينيون عن مقتل 15 مدنيا جراء قصف المدرسة، ويدعي انه لم يتم اصابة المدرسة، وان حماس “الصقت” الحادث بقتلى من اماكن أخرى!
- ويقول “ان حماس استخدمت بشكل دائم المدارس ومنشآت الأونروا. وخرجت الخلايا من هذه المنشآت واطلقت النار على قواتنا وعادت الى الداخل. وقد بذلنا جهدا كبيرا لمنع اصابة المدنيين، بما في ذلك وقف اطلاق النار في عشرات الحالات. عندما اقارن بين ما حدث في العراق، اجد بأننا نعمل بشكل اكثر مراقبة. هناك نقاش كبير حول ذلك لدينا. هناك من يدعون انه ليس من الأخلاقي جعل الجنود يواجهون الخطر كي نقلص اصابات المدنيين الاعداء. ولكن من الواضح لنا انه يجب ان نطبق على انفسنا هذه القيم، لا أن نثرثر”.
- خلال الحديث مع فدان اكد ان تدمير الأنفاق “لم يكن مشمولا في الخطة الأصلية. ففي لواء 401 مثلا، كنا نستعد لمناورة اعمق تشمل احتلال وتدمير مواقع منصات الصواريخ. وشملت الخطة معالجة نفق. لكن مركز الثقل في المهمة تغير بعد فترة وجيزة من دخولنا الى القطاع، وتحولنا من المناورة البرية الى معالجة الانفاق وتدميرها”.
- كما في الحروب السابقة، في لبنان وغزة، تخبطت القيادات السياسية والعسكرية كثيرا قبل الأمر بشن الهجوم البري. وحسب فدان “فان المناورة البرية هي وسيلة لتحقيق الأهداف، وليست هدفا بحد ذاته. اذا حققت ذلك بشكل يقلص الخطر على حياة الجنود فهذا جيد. هذا هو التخبط الذي ساد في القيادة العامة وفي لواء الجنوب. لقد نبع تدمير الأنفاق من خلال عملية برية، عن الادراك بأنه لا يمكن تدمير الانفاق من خلال القصف الجوي، بسبب عمقها وطريقة حفرها”. لقد جرى نقاش عاصف حتى عندما كان الجيش على وشك الانتهاء من تدمير الأنفاق، وتمحور حول ما اذا يجب توسيع العملية. وكالعادة تقريبا، تم التبليغ عن قادة الألوية الذين يطالبون بالسماح لهم بالضغط على الدواسة والتوغل.
- وحسب اقوال فدان فان “النقاش مع قائد المنطقة الجنوبية كان مثيرا ومنفتحا. لقد تواجد رئيس الحكومة ووزير الأمن والقائد العام عددا كبيرا من المرات لدي في الفرقة. وقد عرض قادة الألوية امام رئيس الحكومة كيفية معالجتهم للأنفاق وما الذي ينوون عمله. لم يتحدثوا عن مسائل سياسية. دور قائد اللواء هو الدفع قدما، عرض بدائل عسكرية، اما اتخاذ القرارات فيتم على المستويات الأعلى منا.
- “عندما تخبطت القيادة السياسية في مسألة التوغل اكثر في القطاع، كنا ننشغل في اعداد خطة توسيع العملية. لقد انشغلنا جدا الى حد عدم تفرغنا للاحباط”.
- مقارنة ببقية القطاعات، كان عدد الاخفاقات العسكرية والمصابين في قطاع الفرقة 162 قليلا، وربما لهذا السبب اعتقد فدان ورجاله انه يمكن النجاح في شن عملية برية اوسع، اذا القيت عليهم المهمة. ويقول: “لقد تعززت مشاعر الأمن لدينا، شعرنا بأننا ننجح في المواجهة اكثر مما توقعنا، ومن هنا فاننا نملك قدرات على تحقيق كل خط أزرق (للتقدم) رسموه لنا. هذه ليس مقولة تافهة. لقد تم رسم الخطوط في البداية في ظل كثير من التخوف، ولكننا شعرنا انه لو رسموا لنا خط احتلال القطاع لكنا سنفعل ذلك. هذا هو شعور قادة الكتائب والألوية. لكن السؤال كان هو هل سيخدم ذلك مصالح القيادة السياسية.
- “كقادة للكتائب والألوية، ليست مهمتنا التحليل، فنحن رجال تنفيذ. كنا على استعداد لتنفيذ ذلك خلال المهلة الزمنية التي حددوها لنا 42 او 48 ساعة. وبعد الانتهاء من معالجة الأنفاق كنا نجري الاستعدادات على مدار الساعة. لم تكن هناك ساعات للنوم في القيادة. وكانت هناك لحظات تواجدنا خلالها على اهبة الاستعداد لخطوة برية اخرى”.
- ويلخص فدان قائلا: “نحن ننظر الى المناورة البرية التي قمنا بها في قطاع غزة بوعي تام. نحن نعرف من هو العدو الذي وقف امامنا ولا نقارنه بحزب الله. من الواضح لنا ايضا، ما الذي يجب عدم استخلاصه من حرب غزة. المواجهة في لبنان ستكون اكثر تعقيدا”.
- مع اعداء كهؤلاء
- تحت هذا العنوان تكتب سيما كدمون عن شعور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالارتياح نتيجة عدم وجود أي خطر في ائتلافه الحكومي، يهدد بتبكير موعد الانتخابات. وتقول: لقد ادعى وزير الخارجية ليبرمان، هذا الاسبوع، ان إسرائيل بيتنا لا تنوي المبادرة الى خطوة كهذه. وكرر رفضه اجراء أي تغيير في الائتلاف الحالي.
- وتضيف: لقد عاد ليبرمان من زيارته الى الولايات المتحدة مع ادراك بأن هناك اربعة قضايا تشغل الامريكيين حاليا: الايبولا، الدولة الاسلامية، اوكرانيا والاقليم العالمي. وهذا هو ما ادعاه طوال الوقت حين اعتبر ان الموضوع الفلسطيني ليس مطروحا على جدول الأعمال، وانه مثل الذبابة التي تزعج محيطها وكل طرف يحاول ابعادها عنه. لكن ليبرمان لا يقوم عمليا بتحقيق أي شيء حقيقي. وحسب رأيه فان هذا لا يعني ان إسرائيل لا تتقدم، وانما ان العالم يتقدم الى الخلف.
- وكي يثبت هذه النظرية، يسأل عما اذا كان يمكن القول ان الشرق الاوسط قبل عشر سنوات، كان كما هو اليوم او تراجع الى الوراء. والجواب لدى ليبرمان واضح: الفوضى، التطرف، الهوس الديني والقومي، العنف الاثني، تفكك دول، كل هذه هي دلائل على اننا نتقدم الى الخلف. يجب القول ان هذه الأمور لا تقال عبثا، فهي تعكس موقف ليبرمان بالنسبة لما يجب ان تفعله اسرائيل، او الصح، ما يجب ان لا تفعله، وهو، في الأساس، عدم المبالغة في قدراتنا.
- ويقول: “لا يمكن لإسرائيل في خضم هذا المحيط من العنف وسفك الدماء ان تحلم بجزيرة للحب والأخوة. هذا خطأ. علينا أن نفهم بأن هذا هو الواقع وان نحاول تقليص الضرر والتفكير كيف يمكن العيش بشكل أفضل وآمن في هذه الظروف”.
- هل يعني ذلك انتهاء محاولة اسرائيل التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين؟ حسب ليبرمان فان من يفكر بأنه يمكن التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين فقط، لا يفهم شيئا. ويقول ان الفلسطينيين هم جزء من الأمة العربية كلها، واذا تحدثنا عن ترتيب فانه يجب رؤية كيفية التوصل الى ترتيب شامل. ومن سيشمل ذلك؟ كل الدول العربية والفلسطينيين وعرب إسرائيل. وحسب ليبرمان يجب على إسرائيل التوصل الى اتفاق مع هذه المركبات الثلاث.
- ويقول ان مشكلتنا هي السذاجة والاعتقاد بأنه يمكننا حل المشكلة لوحدنا، كما لو ان العالم الخارجي ليس قائما. ويرى ليبرمان انه يجب التوصل الى اتفاق سلام، ولكن ليس كالسلام القائم بين هولندا وبلجيكا ولوكسمبرغ، وانما سلاما بمصطلحات الشرق الاوسط!
- باستثناء ليبرمان فان وزيرة القضاء تسيبي ليفني ليست معنية الآن بالاستقالة من الحكومة. لم يقنعها لا خطاب ابو مازن ولا خطاب نتنياهو بان وجودها في الحكومة زائدا، رغم انها تعتقد بأن الخطابين لم يقدما أي مساهمة.
- يمكن تكهن الاحباط الذي شعرت به ليفني عندما سمعت الانباء عن البناء في غبعات همطوس، والرد الامريكي الذي يشجب البناء، ورد نتنياهو على الرد الامريكي، عندما اعتبر رد البيت البيض “يتناقض مع القيم الامريكية”. ويمكن تكهن الاحراج الذي شعرت به عندما اضطر الناطق بلسان البيت الابيض الى تذكير اسرائيل بأن القيم التي تحدث عنها نتنياهو هي التي جعلت الادارة الامريكية تدعم اسرائيل وتمول القبة الحديدية كي تحتمي إسرائيل من صواريخ الارهاب الاسلامي.
- لا حاجة لأن تكون الوزيرة المكلفة ملف المفاوضات كي تشعر بالحرج من تصريحات الادارة الامريكية. أي صفاقة تنطوي عليها مقولة “تتعارض مع القيم الأمريكية”، ان لم نقل انكار الجميل من جانب رئيس الحكومة ازاء رئيس الدولة الوحيدة في العالم التي يمكن لإسرائيل الاعتماد عليها ساعة الضائقة.
- لقد سمع الفلسطينيون رأي ليفني بخطاب ابو مازن، والذي اعتبرته خطابا سيئا، ليس فقط بسبب ما تضمنه وانما لأنه زرع اليأس في صفوف الاسرائيليين الذين يريدون التوصل الى اتفاق، حسب رأيها. اما ردها على خطاب نتنياهو فتنوي التعبير عنه في العمل، وتقول انه بالنسبة لها لا يقوم خيار دفن كل ما تم عمله والقول انه لا توجد فرصة. وتقول ليفني ان حرب غزة كانت حدثا غير جيد، لكنه كان يمكن لهذا الحدث ان يولد ديناميكية جديدة. الا ان ذلك لم يحدث. وما حدث هو ان الفلسطينيين توجهوا الى الأمم المتحدة للحصول على الاعتراف، وانطواء الجمهور الاسرائيلي والسياسيين الذين يقولون: لقد ثبت عدم وجود شريك للمفاوضات.
- لقد شهدت العلاقات بين ليفني ويئير لبيد، وزير المالية، تسارعا خلال الأشهر الأخيرة، وولدت تفاهما على المضي معا في كل ما يتعلق بالعملية السياسية. هذا يعني انهما معا يملكان 25 نائبا، ويمكنهما المبادرة ومنع امور في كل ما يتعلق بالعملية السياسية.