واشنطن تحاول احياء خطة الجنرال ألين الأمنية
قالت صحيفة “يديعوت احرونوت” ان الامريكيين قرروا، كما يبدو، العودة للانشغال في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين ومحاولة احياء خطة الجنرال ألين الأمنية. وكشفت الصحيفة انه وصلت الى اسرائيل، سراً، امس، “مجموعة العمل الأمني” التي شكلها وزير الخارجية جون كيري، بقيادة الجنرال جون ألين. وقد التقى خبراء الأمن الأمريكيين فور وصولهم الى البلاد مع رئيس الحكومة نتنياهو، ومن المتوقع عقد لقاء، اليوم، بينهم وبين وزير الأمن موشيه يعلون.
وتقول الصحيفة ان إسرائيل حاولت تقزيم الزيارة، وقالت ان الوفد وصل الى المنطقة كي يستطلع ما يحدث، ولكن الجنرال ألين وطاقمه، سبق وقدموا خطة أمنية شاملة في اطار الاتفاق السياسي الذي تبلور بين إسرائيل والفلسطينيين. وشملت الخطة ترتيبات أمنية اقليمية، تشمل قطاع غزة، ايضا. وتندمج تلك الترتيبات جيدا مع نوايا مصر والسلطة الفلسطينية خلق علاقة بين حل الأزمة في القطاع واحياء العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة.
وتشير الصحيفة الى مبادرة الرئيس ابو مازن وتقول ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تقبل خلال اجتماعه بعباس، هذه المبادرة التي تهدف الى استغلال الأزمة في القطاع من أجل دفع خطة سياسية شاملة. وحسب الصحيفة فقد اوضح ابو مازن للجميع بأنه لا ينوي تحمل أي مسؤولية عن القطاع، دون ان تجري في المقابل عملية سياسية مع إسرائيل تؤول الى حل الدولتين على اساس حدود 67.
ورغم ان ابو مازن اجاب بالنفي عندما سئل من قبل التلفزيون المصري عما اذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على مبادرته الجديدة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، بسبب رفض إسرائيل الربط بين وقف اطلاق النار والعملية السياسية، الا ان الاتحاد الاوروبي طرح فكرة مشابهة خلال التحضير لمشروع قرار في مجلس الأمن لوقف اطلاق النار.
معلومات متضاربة حول المبادرة المصرية
وحول المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار تكتب “يديعوت احرونوت” ان مصادر مصرية تكهنت يوم امس على مسامع مسؤولين امريكيين واسرائيليين كبار، بأن وقف اطلاق النار سيتم خلال 24 ساعة، ولكن مصر اعتقدت منذ يوم الاحد انها تملك اتفاقا لوقف اطلاق النار، الا انها واجهت المصاعب من قبل الطرفين، ما ادى الى تأجيل اعلان وقف اطلاق النار. ويسود التقدير بان وقف اطلاق النار سيكون تماما وفق المبادرة التي طرحتها مصر منذ عدة اسابيع، واذا طرأت تغييرات على هذه المبادرة فستكون تجميلية فقط، تتيح لحماس التراجع عن اصراره على التفاوض تحت وطأة النيران.
في هذا الصدد تكتب “هآرتس” انه وصلت، امس، تقارير متضاربة من القاهرة حول اتفاق لوقف اطلاق النار. واعلن مسؤولان من الجهاد الاسلامي انه سيتم نشر الاتفاق قريبا، لكن حماس اعلنت انه لم يتم احراز أي تقدم ملموس. كما قال مسؤولون في ديوان الرئيس عباس انهم يجهلون مصدر معلومات الجهاد.
وقالت مصادر فلسطينية رفيعة، ان مصر قد تعلن عن وقف اطلاق النار لفترة غير محدودة، وان الاتفاق يشمل موافقة اسرائيلية على فتح المعابر الى غزة والبدء باعمار القطاع. كما ستلتزم اسرائيل بوقف كل عملياتها العدائية بعد دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ. وقال مصدر فلسطيني لوكالة الانباء الفرنسية، امس، ان الفلسطينيين على استعداد لتقبل المبادرة المصرية، وانهم ينتظرون الرد الاسرائيلي. وقال المصدر ان مصر قد تدعو الوفد الاسرائيلي للعودة الى القاهرة خلال 48 ساعة. لكن مسؤول حماس عزت الرشق قال انه لم يتم التوصل الى اتفاق تهدئة. كما نفى موسى ابو مرزوق حدوث تقدم في الموضوع. اما اسامة حمدان فقال ان هناك اتصالات لوقف العدوان الإسرائيلي.
وكتبت “يسرائيل هيوم” ان القيادة السياسية واصلت، امس، الصمت ازاء الاتصالات الجارية لوقف اطلاق النار، فيما اعلن مصدر سياسي في واشنطن ان الولايات المتحدة اعدت مشروع قرار دولي لوقف اطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وكانت مصادر فلسطينية قد اعلنت، امس، ان حماس وافقت على دعوة مصر للعودة الى المفاوضات، وان الطابة تتواجد الآن في الملعب الإسرائيلي. وقال مصدر في وزارة الخارجية المصرية انه تجري محاولات مكثفة لاعادة الاطراف الى طاولة المفاوضات. واكد ان المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار لم تتغير،
وقال: “في البداية تفتح إسرائيل المعابر الى غزة وتسهل تحركات الفلاحين والصيادين، وتتوقف الاعمال العدائية نهائيا، وبعد شهر، عندما يستقر وقف اطلاق النار، تبدأ الأطراف التفاوض حول المسائل الجوهرية، كرفع الحصار ونشر قوات الامن الفلسطينية على الحدود الفلسطينية مع اسرائيل ومصر، واطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل اعادة جثتي الجنديين الاسرائيليين، واعادة اعمار غزة بشكل كامل. واكد المسؤول المصري ان القاهرة تصر على عدم الربط بين المفاوضات وفتح معبر رفح، لأن هذه مسألة مصرية – فلسطينية سيتم طرحها في اطار آخر. ونفى المصدر ان تكون السعودية قد وعدت الفلسطينيين بضمان فتح معبر رفح، لكنه لم ينف قيام الرياض بدور في المساعي المبذولة لاستئناف المفاوضات.
الى ذلك، وتعقيبا على “الخطة المفاجئة” التي قال ابو مازن انه سيعلنها قريبا، قالت الادارة الامريكية، امس، ان واشنطن تدعم هدف ابو مازن بشأن الحل القائم على الدولتين، لكنها تعتبر توجه الفلسطينيين الى محكمة الجنايات الدولية سيسبب ضررا كبيرا ويخرب الأجواء مع إسرائيل.
الجيش الإسرائيلي يصعد هجماته على الأبراج الاسكانية والمنشآت العامة
قالت “يديعوت احرونوت” ان الجيش الإسرائيلي غير في اليومين الاخيرين، تماما، طابع عمله في غزة. فسلاح الجو يهاجم المباني المتعددة الطبقات، والعيادات والمدارس والمنشآت العامة المرتبطة بالجانبين العسكري والمدني لحماس. ويتم مهاجمة كل مكان يتم اطلاق النار منه، حتى لو كان منطقة مأهولة بالمدنيين. وتقدر إسرائيل بأن تغيير طابع العمل والضغط العسكري الكبير بدأ يؤثر على ما يحدث في الاتصالات المتواصلة بين الفلسطينيين ومصر.
وكتب موقع “واللا” صباح اليوم، ان سلاح الجو الإسرائيلي قصف عند منتصف الليلة الماضية، برجا اسكانيا اخر في قطاع غزة، هو البرج الايطالي الذي يتألف من 13 طابقا. ولم يكشف الجيش الإسرائيلي بعد من المستهدف في قصف البرج، لكن عملية القصف جاءت استكمالا لنهج “خلع القفازات” في الجيش، والذي يعني انتهاج سياسة قصف اشد عدوانية ضد التنظيمات الفلسطينية.
ويضم البرج 11 طابقا للاسكان وطابقين تجاريين، وتقوم فيه مكاتب وزارة الخدمات العامة والذراع السياسية لحماس. وقالت وكالة “رويترز” ان القصف الإسرائيلي دمر قسما كبيرا من المبنى. وقالت مصادر طبية ان مواطنين على الأقل قتلا واصيب 20. وتقيم في البرج 70 عائلة. وقالت وزارة الأديان ان الجيش الإسرائيلي قصف امس اربعة مساجد في القطاع، الامر الذي رفع عدد المساجد التي تم تدميرها الى 71 مسجدا.
وكتبت “هآرتس” ان اطلاق النار المكثف تواصل يوم امس، وتم اطلاق اكثر من 120 قذيفة هاون وصاروخ باتجاه الاراضي الاسرائيلية، وانفجر اكثر من 100 منها في منطقة محيط غزة. وتم اعتراض 16 صاروخا بواسطة القبة الحديدية. وفي ساعات المساء تم اطلاق صاروخين من الأراضي اللبنانية وانفجرا في منطقة كريات شمونة. ورد الجيش الاسرائيلي بقصف مناطق النيران.
واصيب مواطن إسرائيلي في منطقة المجلس الاقليمي اشكول، كما اصيبت مواطنة في احدى بلدات المنطقة. واصابت احدى القذائف احد خطوط التيار العالي فانقطعت الكهرباء عن البلدات القريبة منه. ولحقت اضرار مادية ببركة للسباحة وملعب.
وفي غزة قصفت إسرائيل سيارة يدعي الشاباك انه كان يستقلها نشطاء من “جيش الاسلام”، الذين خططوا لتنفيذ عملية. وحسب الشاباك فان هذا الجيش يعمل برعاية حماس. وحسب مصدر فلسطيني فقد قتل جراء القصف اربعة أشخاص هم احمد الدالي والشقيقان باسم واحمد حجازي، بينما لم يتم تشخيص الشخص الرابع. واسفر القصف عن اصابة سبعة مدنيين.
وتم التبليغ صباح امس عن مقتل ثمانية اشخاص جراء القصف المدفعي والجوي الاسرائيلي. كما تم قصف عشرات البيوت من البحر والجو واليابسة. وحسب الجيش فقد هاجم امس، 70 هدفا في غزة. وذكرت وسائل اعلام فلسطينية في غزة ان الصحفي عبدالله مرتجى (26) قتل جراء القصف في حي الشجاعية. ويعمل مرتجى في قناة الأقصى، وهو نسيب الناطق بلسان حماس فوزي برهوم.
وحسب المصادر فقد قتل في غزة، امس، 12 فلسطينيا. وقالت وزارة الصحة ان عدد القتلى ارتفع الى 2133، والجرحى الى 11 الف. الى ذلك ادعى الشاباك الاسرائيلي، امس، ان الأسرى الذين تم التحقيق معهم اعترفوا بأن المسجد تستخدم لنشاطات عسكرية وانه تم حفر انفاق بالقرب من رياض اطفال وعيادة.
الشاباك ينشر تقريرا حول استخدام حماس للمؤسسات العامة
كتبت “يسرائيل هيوم” ان جهاز الشاباك الإسرائيلي نشر تقريرا حول “استخدام حماس للمباني العامة كغطاء لنشاطه العسكري”. ويدعي الشاباك انه يعتمد في ذلك على التحقيقات التي اجراها مع النشطاء الذين اعتقلهم خلال الحرب على غزة.
وحسب الشاباك فقد “ظهرت خلال التحقيقات صورة مثيرة للقلق حول استخدام حماس للجمهور المدني والمباني العامة كي ينفذ نشاطاته العسكرية، من خلال الافتراض بأن اسرائيل لن تضربها”. ونشر الشاباك بشكل استثنائي على موقعه الالكتروني عينات مع اسماء النشطاء الذين تم التحقيق معهم. فمثلا قال عبد الرحمن بعلوشة من خان يونس ان مساجد “الصفا” و”الابرار” استخدما لعقد اجتماعات للنشطاء. وقال عفيف جراح وعماد جراح، من بيت لاهيا، انه تم حفر نفق بالقرب من رياض للأطفال، وانه في حال النجاح باختطاف إسرائيلي كان من المخطط احضاره الى الروضة ومن هناك الى النفق. وحسب محمد القدرة فان قيادة حماس برئاسة اسماعيل هنية، تختبئ تحت مستشفى الشفاء في غزة.
الجيش استخدم فتى فلسطينيا كدرع بشري في غزة
كتبت صحيفة “هآرتس” ان الجيش الإسرائيلي استخدم خلال توغله البري في قطاع غزة، الفتى الفلسطيني احمد جمال ابو رائدة (17 عاما) كدرع بشري خلال بحثه عن الانفاق. وقال ابو رائدة ان الجيش الإسرائيلي احتجزه لمدة خمسة أيام، واجبره على التفتيش عن انفاق قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة. وأضاف ان الجيش كان يجبره على النوم وهو مقيد الأيدي وعيونه معصوبة. وكشف ان الجنود كانوا يشتمونه ويهددونه بمعاملته كالكلب، واجبروه على السير في مقدمة الكتيبة العسكرية والبحث عن انفاق داخل البيوت.
وقد نشرت افادة احمد، يوم الخميس الماضي، من قبل منظمة (DCI) الدولية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين. واكد الجيش الإسرائيلي ان الجنود اشتبهوا بانتماء الفتى الى الميليشيات واحتجزوه خلال ايام العمليات البرية بسبب قرابة والده جمال من حماس، حيث عمل في وزارة السياحة في حكومة حماس. ورغم وعد الناطق العسكري بفحص التفاصيل واطلاع الصحيفة عليها، الا انه لم يتطرق بتاتا الى الاتهامات، وقال انه تم تحويل الموضوع لمعالجة الجهات المختصة. وزعم ان تقرير (DCI) فلسطين يشوه حقيقة ان حماس تستخدم الدروع البشرية بشكل دائم، وان اخلاقيات الجيش الاسرائيلي تمنعه من استخدام هذه الطريقة!
700 عائلة إسرائيلية غادرت محيط غزة
ذكرت “هآرتس” ان عدد العائلات الإسرائيلية التي قررت مغادرة بلداتها في محيط غزة، وصل الى 700 عائلة، بعد ان طلبت 300 عائلة اخرى المغادرة، امس. وقالت سلطة الطوارئ الوطنية التي تركز الموضوع انها اعدت قرابة الف غرفة لاستضافة سكان بلدات محيط غزة، وان الطلب عليها تزايد بشكل كبير، امس.
هآرتس: “رجال عباس أمروا بتحقيق سياسي ضد سلام فياض”
تدعي صحيفة “هآرتس” في تقرير رئيسي، تنشره اليوم، ان رجال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمروا باجراء تحقيق سياسي ضد رئيس الحكومة السابق سلام فياض. وتكتب الصحيفة ان ضابطين من الأمن الوقائي الفلسطيني وصلا في خضم الحرب على غزة، الى مكاتب الجمعية التي يديرها فياض، في رام الله، واستدعوا موظفين للتحقيق!
وقال دبلوماسيون غربيون اطلعوا على تفاصيل الحادث، للصحيفة، انهم يعتقدون بأن هذا التحقيق جاء بمبادرة من مسؤولين كبار في السلطة وبمصادقة من الرئيس محمود عباس. واوضحوا ان الضابطين وصلا، في مطلع الأسبوع الماضي، الى مكاتب جمعية “فلسطين الغد” واستدعيا موظفين كبيرين للتحقيق، وفي اليوم التالي تم التحقيق معهما حول نشاط الجمعية وتمويلها! ولكن التحقيق لم يتوقف عند هذا الحد، بل تطرق الى مسائل ذات طابع سياسي، وما اذا كانت للجمعية طموحات او نوايا سياسية. وطلب الى أحد الموظفين العودة الى التحقيق ثانية بعد عدة أيام واحضار وثائق وتقارير داخلية للجمعية.
وحسب الصحيفة فقد “بدت هذه الخطوة وكأنها تعكس ملاحقة سياسية من قبل الرئيس الفلسطيني والمقربين منه لرئيس الحكومة السابق. ومما يلمح الى ذلك حقيقة اجراء التحقيق من قبل المخابرات الفلسطينية وليس من قبل الشرطة، التي تحقق عادة في شبهات تتعلق بالخلل المالي”.
وحسب الدبلوماسيين الغربيين فانهم لا يشكون بأن الأوامر وصلت من جهات عليا. ويعتبر التحقيق مع تنظيم يترأسه من شغل منصب رئيس الحكومة طوال ست سنوات، مسألة مستهجنة خاصة بسبب توقيتها، في خضم الحرب على غزة، وكذلك بسبب كون فياض لا يزال يعتبر من الشخصيات الفلسطينية التي تحظى بالتقدير في المجتمع الدولي.
ويمكن ان يكون هذا التحقيق قد جاء على خلفية الحملة الشعبية التي نظمتها الجمعية لتشجيع المواطنين في الضفة على التبرع من خلال وكالة الأونروا للمحتاجين في غزة. فالاعلانات التي نشرتها الجمعية في الصحف سببت، كما يبدو، عدم الارتياح لبعض الشخصيات القيادية، فقررت ارسال تهديد الى فياض من خلال هذا التحقيق!
يشار الى ان العديد من قادة فتح غضبوا على فياض عندما كان رئيسا للحكومة بسبب محاربته للفساد وحرصه الشديد على صندوق المالية الفلسطيني. وكان فياض قد استقال من رئاسة الحكومة اثر خلافات مع الرئيس عباس، وقرر تأسيس الجمعية التي قامت بتجنيد موارد مالية من دول الخليج لصالح مشاريع اقتصادية – اجتماعية في المناطق الضعيفة في الضفة، كالقدس الشرقية والمناطق (C). وشملت حفر آبار للمياه وانشاء شبكة لتزويد الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية للقرى المعزولة. وتقوم الجمعية بتقديم تقارير دورية الى جهات المراقبة الفلسطينية، رغم ان القانون لا يلزمها بذلك. ويسود الشك بأن حصول الجمعية على تمويل من دول الامارات اغضب عباس ومسؤولين في فتح، كون العلاقات بين قيادة السلطة وقيادة الأمارات متضعضعة على خلفية دعم الامارات لمحمد دحلان.
وقال فياض معقبا لصحيفة “هآرتس” ان الشرطة لم تجر تفتيشا في بيته او مكتبه، وكان هناك نشاط معين قيل له ان هدفه التأكد من التزام الجمعية بالقوانين والأنظمة. وقال فياض انه متأكد تماما بأن جمعيته تنفذ القانون والأنظمة بدقة. مع ذلك وجه المقربون من فياض انتقادات شديدة الى عباس وقالوا ان محاولة العمل ضد فياض لن تخدم الرئيس الفلسطيني. ولم يعقب ديوان الرئاسة على الموضوع، لكن البعض اشاروا الى ما نشر في وكالة “وفا” الفلسطينية، امس الأول حول تشكيل لجنة خاصة لفحص نشاط الحركات المدنية والجمعيات غير الحكومية في السلطة بهدف تنظيم عملها.
تدهور شعبية نتيناهو
كتبت صحيفة “هآرتس” ان نسبة الدعم الشعبي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تدهورت على خلفية الحرب في غزة. ويستدل من استطلاع للرأي اجرته شركة “شيلوف ميلوورد براون” للبرنامج الاخباري في القناة الثانية، ان 38% فقط من الاسرائيليين يشعرون بالرضا ازاء أداء نتنياهو لمهامه، بينما قال 50% انهم لا يشعرون بالرضا. وتدل هذه المعطيات على انخفاض كبير في نسبة تأييد نتنياهو التي بلغت 55% فقط قبل اربعة أيام، و63% قبل ثلاثة اسابيع، و82% مع بدء التوغل البري في غزة.
ايران تعرض صورا لطائرة تجسس إسرائيلية اسقطتها فوق مفاعل نتز
كتبت “هآرتس” ان التلفزيون الايراني عرض، امس، صورا للطائرة الإسرائيلية بدون طيار، التي تم اسقاطها فوق المفاعل النووي في نتز. وقالت ايران ان الطائرة من طراز “هرمس” التي تم انتاجها في إسرائيل. وقال خبير في الأسلحة الإسرائيلية لصحيفة “هآرتس” انه يستدل من الصور بأن الحديث عن طائرة من انتاج إسرائيلي.
وكان الحرس الثوري الايراني قد اعلن، امس، ان طائرة التجسس اخترقت الأجواء الايرانية في منطقة المفاعل النووي في وسط البلاد، وتم اسقاطها بواسطة صاروخ ارض – جو. وقال وزير الدفاع الايراني حسين دهقان ان ايران سترد على كل عدوان في كل ظرف، وسيتم الرد على المعتدين بشكل حاسم ومدمر. واضاف ان ايران تقوم بفحص وتحليل الأجزاء المتبقية من طائرة التجسس، وستحاول الوصول الى المعلومات المخزنة في منظومتها الالكترونية. ورفض ضابط رفيع في سلاح الجو الإسرائيلي التعقيب. يشار الى ان التقرير الايراني لم يذكر موعد اسقاط الطائرة وكيف تم التحديد بأنها طائرة اسرائيلية.
حل الأزمة الامنية بين واشنطن واسرائيل
نقلت “هآرتس” عن مصدر في الجهاز الأمني الإسرائيلي قوله انه في اعقاب التقدم الذي طرأ على الاتصالات بين الولايات المتحدة واسرائيل، من المتوقع قيام واشنطن بارسال شحنة الأسلحة التي تم تأخيرها خلال ايام الحرب.
وقال المصدر الإسرائيلي للصحيفة انه تمت ازالة العوائق التي منعت ارسال الشحنة في موعدها. وكانت وول ستريت جورنال قد كشفت قبل اسبوعين ان الولايات المتحدة أمرت بتجميد الشحنة التي كان يفترض ارسالها الى إسرائيل عبر البحر، والتي تشمل صواريخ “هلفاير” التي تستخدمها الطائرات الحربية “الاباتشي”، اضافة الى ذخيرة أخرى. وجاء في التقرير ان إسرائيل طلبت الشحنة لاستخدامها في الحرب على غزة، لكن البيت البيض طلب التصديق بشكل مفصل على كل طلب إسرائيلي للأسلحة الأمريكية، بعد ان فهم بأن إسرائيل تدير اتصالات مباشرة مع وزارة الدفاع والجيش الامريكي.
واكدت وزارة الدفاع الامريكية، قبل اسبوع، انه في اعقاب الحرب في قطاع غزة، تم اتخاذ تدابير حذرة في مسألة تزويد السلاح لإسرائيل. وقالت نائبة الناطقة بلسان وزارة الخارجية ماري هارب، ان الولايات المتحدة ابدت قلقها ازاء قتل الفلسطينيين الأبرياء، وفي اعقاب الأزمة في غزة تم اتخاذ تدابير حذرة اخرى، وفحص شحنات الأسلحة. لكنها اعلنت انه لم يطرأ أي تغيير على السياسة الامريكية فيما يتعلق بتقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل.
مقالات
لا نشعر بالرضا عن أنفسنا
تحت هذا العنوان تكتب كارولاينا لاندسمان في “هآرتس” عن الاقتراح الذي طرحه البروفيسور إسرائيل أومان، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد بتطوير نظام آلي، بدون تدخل بشري، لإطلاق الصواريخ على غزة، ردا على كل صاروخ ينطلق من غزة. وقال في مقالة نشرها في موقع “nrg”: “هكذا سنشعر بالرضا عن أنفسنا، حماس تطلق صاروخا على غزة كلما أطلقت صاروخا على اسرائيل.”
وتقول الكاتبة “ان هذا الادعاء ليس الا تطبيقا لمفاهيم بنيامين نتنياهو الذي يعتبر الفلسطينيين ضحايا لحماس، أي ضحايا لأنفسهم. في ملعب ألعاب البروفيسور اومان كلهم لاعبون باستثناء الله. وهكذا فهو يجيد التعبير عن روح العصر الذي يتم فيه تقديم الحساب البيروقراطي فقط (للجنة التحقيق، للمحكمة، للرأي العام)، ويتصرفون كما لو أنه يمكن التهرب من المسؤولية الأخلاقية عن الفظائع بواسطة استخدام وسطاء. كما لو انه بتقليص المسبب وحصره بالصواريخ فقط، ننجح بإلغاء المسببات الواسعة التي نشارك فيها، وهي خلق الظروف التي جعلت حماس تطلق الصواريخ منذ البداية”.
“من الواضح انه ليس من المفاجئ صدور فكرة كهذه عن اقتصادي، سيما انه لا يوجد أي مجال يكثر فيه الضحايا، ويمتاز قادته في التهرب من المسؤولية مثل المجال الاقتصادي. لكن منظومة اومان بالذات تكشف الشعور بالذنب ازاء صواريخ اسرائيل. فكما يبدو يعرف اومان الحقيقة. فاذا كنا على حق فعلا، فلماذا لا نشعر بالرضا عن أنفسنا؟ ان محاولة اخفاء الأمور عن العين، تميز من يريدون مواصلة عمل ما يشعرون في قلوبهم بأنه ليس جيدا، ولهذا الغرض يجب خلق مظهر يمكن تحمله، والتغطية على الفظائع بغطاء عقلاني”.
هذا هو سر الانجذاب الحقيقي للرأسمالية إلى الديموقراطية: انها تسمح بالاستغلال دون أن يحتج القلب. فمن يسمعون احتجاج القلب تصبح مسؤوليتهم مضاعفة، لأنه لا تتوفر لديهم اعذار. ويبدو ان هؤلاء الذين يعرفون بأن إسرائيل مخطئة، عثروا، في يأسهم او من خلال غوصهم الاقتصادي في الوضع الراهن، على طرق لإقصاء أنفسهم اخلاقيا كي يتم اعفاءهم من المسؤولية عن الفظائع، وينقذون صورتهم الشخصية.
ان الربط بين اليسار والرأسمالية يوفر الآلية الكاملة: استخدام الوسطاء. لقد استخدم اليسار الرأسمالي الشرائح الضعيفة في المجتمع لتفصل بينه وبين فظائع الدولة. ويكفي النظر الى التآلف العرقي في تظاهرة السلام الأخيرة، مقابل تآلف الشرطة التي جاءت لحماية المتظاهرين كي نفهم ان شيئا ما تشوش هنا من الأساس. ولكن علينا أن لا ننسى انه اذا كان الله لاعبا، فإنه يرى ما يخفونه عن عيون القلب، وهو ان من يعيش خارج المستوطنات يشارك في المسؤولية عن المشروع الاستيطاني، وان من يخدم في وحدات النخبة او يرفض التجند، يشارك في المسؤولية عن فظائع الجيش، وأن من لا يصوت للقيادة التي تقود السياسة، يشارك في تحمل مسؤولية خطاياها. ففرقة “بات شيباع” وحركة “ميرتس” والاكاديمية، والمحكمة العليا، والفلهارمونية، وصحيفة “هآرتس” وسلاح الجو، وحتى شمعون بيرس، ليسوا سفينة نوح.
وبدل التطوير التكنولوجي للمسافة بيننا وبين مسؤوليتنا عن أعمالنا، ونقل مسؤولية اطلاق النار من ايدي جنودنا الى آليات اوتوماتيكية، يجب علينا بالذات تقليص المسافة، والاصرار على ضمنا الى دائرة المسؤولية. كل واحد حسب قوته ومن خلال استخدام كل الموارد الخاضعة لسيطرته، وبنفس التفاني الذي تظهره الامهات اللواتي ترسلن اولادهن الى الحرب، وبنفس الشجاعة التي يظهرها جنودنا في ساحة الحرب.
غزة لن تختفي
تحت هذا العنوان يكتب الأديب يتسحاق ليؤور في “هآرتس” انه فور احتلال الأراضي الفلسطينية، بدأت القيادتين السياسية والاستخبارية بمناقشة طرد مئات آلاف اللاجئين من قطاع غزة، الى العريش والعراق والمغرب، على افتراض ان المنطقة ستبقى تحت السيطرة الاسرائيلية. وكالعادة تم اشراك أساتذة في المشاورات. واقترح البروفيسور ارييه دابورتسكي نقل الغزيين الى بيوت لاجئي 67 في الضفة. وقال: “(هكذا) تثير الصراع الداخلي بين السكان، بينهم وبين انفسهم، لأنهم لن يرغبوا بزيادة سكانية في اراضيهم، وبهذا الشكل تتخلص من فائض السكان في القطاع، وتمنع عودة اللاجئين الى الضفة”.
لقد كان القطاع عالقا في الخيال الصهيوني، ولم يعرفوا ما يفعلون به. وفي محاولة بالغة “الجدية” عين رئيس الحكومة آنذاك، ليفي اشكول، عادة سيراني، ذات التاريخ السري، لرئاسة لجنة التخطيط للتخلص من اللاجئين. وآمنت سراني انه يمكن “اخلاء” ربع مليون نسمة غلى الأردن بثمن زهيد نسبيا. وخلال احدى الجلسات قال اشكول: “أنا اؤيد ذهابهم جميعا، ولو إلى القمر” (توم سيغف، كتاب “1967 – والأرض غيرت وجهها”). لكن اسرائيل ليست مستقلة فعلا، ولم يكن أي طرف خارجي سيسمح لها بتحقيق شهوة التخلص من اللاجئين. ومن هنا تولدت كوابيس الدمار التي تجسدت مع مرور السنين.
الاحتلال يولد المقاومة، والاحتلال الوحشي يولد المقاومة الوحشية، والارهاب. اسرائيل التي لم تسمح بمرور حتى الاضرابات التجارية في المناطق دون انزال عقوبات كبيرة، كإغلاق المحلات التجارية والاعتقال والتعذيب، بنت على مدار السنوات المسار الوحيد الذي تسعى الى مواجهته: “العمليات”. قتل طفلان اسرائيليان في غزة، في بداية 1971، جاء بأمر تشكيل دورية “شكيد”، كما تم تشكيل دورية “ريمون” بقيادة مئير دغان، لصالح تنفيذ “العملية”. وهذه العمليات شملت التعذيب والملاحقة والاعتقال والهدم وقتل الفلاحين في اكواخهم وعشرات نشطاء المقاومة المسلحة. اما مجد “محاربة الارهاب” فقد عزف عليه اريئيل شارون. لقد شارك الجنود في “التخفيف” (السكاني) وعادوا الى بيوتهم يعانون الكوابيس، مثلا، بسبب مشهد الجثث المتراكمة على سيارات الجيب في الشوارع.
مع ذلك، فقد كان الإجماع حول القمع في قطاع غزة قويا، لأنه لم يتواجد أي حزب صهيوني لا يدعم الحكم الذاتي الفلسطيني، ناهيك عن الاستقلال، بما في ذلك قطاع غزة. من هنا جاء تسييج القطاع المبكر، وخنقه البطيء. ومن هنا جاء التضليل بشأن الجسر البري بين القطاع والضفة، والذي تم الوعد بإنشائه في اطار اتفاقيات اوسلو. ومن هنا، ايضا، جاء الاطراء على شارون بعد خطة الانفصال (التخلص).
وقد سبقتها وجاءت بعدها اعمال قتل واسعة. مئات الفلسطينيين قتلوا، والآلاف جرحوا منذ عام 2004: في عملية “قوس قزح” (في أيار)، “أيام الغضب” (ايلول -اكتوبر)، “أمطار الصيف” (حزيران – تشرين الثاني 2006)، “شتاء دافئ” (شباط آذار 2008). ويتذكر حتى أصحاب الذاكرة القصيرة، الذين يعيشون الحرب الأخيرة فقط، الفظائع التي أوصلتها حكومة اولمرت الى رقم قياسي خلال عملية “الرصاص المصبوب” (شتاء 2008-2009).
لم تكن في أي مرة أي علاقة ملموسة بين الأحداث والضربات التي نفذها الجيش (كـ”رد”)، دائما شكلت تلك العمليات فرصة لحملات تدمير، وجاءت سياسة الاغتيالات لتصبح زنادا مقبولا. وكلما كان القمع أشد وحشية، أصبحت المقاومة أشد تطرفا. مقابل حماس تبدو “الجبهة الشعبة” الآن كما لو انها دورة للماركسية الانسانية.
ولكن صمود حماس في المعركة الحالية لا يدل على عمى حكامنا فقط، وانما على قوة اللا مفر لسكان الغيتو المحاصر والذي يتعرض للقصف منذ سنوات.
يستحسن بمن يقارعون نتنياهو الآن بسبب فشله الخلود الى الراحة. حتى لو عرضت امامنا “اهداف للعملية”، وحتى لو لم يتم تحقيقها، دائما يطرح المخططون انجازا واحدا على الأقل: غزة لن تختفي؟ سنقتل هناك، سندمر هناك، “سنعيدهم الى العصر الحجري”، كي يواجهوا عدة سنوات أخرى من الثكل والمعاناة بين الخرائب، بدون كهرباء وماء. وبعد ذلك، سيطلقون النار مرة أخرى، وسنعود للاغتيال، سيطلقون النار، سنغتال. وماذا بالنسبة لسكان “محيط غزة”؟ الشعب معكم. لايك، ايها الطعم المدهش.
50 يوما من السحق والاستنزاف وعلامات تساؤل
تحت هذا العنوان يكتب يوآب ليمور في “يسرائيل هيوم” ان عملية الجرف الصامد تنهي يومها الـ50، مع تساؤلات تفوق الاجابات، فرغم السحق المتواصل لغزة، ليس من الواضح كيف سيبدو الاتفاق في النهاية، وما هو مقياس الردع الذي حققته إسرائيل، واي ابعاد سيكون له على المنطقة وعلى السياسة الإسرائيلية.
50 يوما تعتبر زمنا طويلا في المصطلحات العسكرية، واسرائيل تنقسم الى معسكرين. اولئك الذين يعتقدون ان العملية تشكل نجاحا باهرا وان انجازاتها ستتضح بعد انقشاع الغبار، واولئك الذين يعتقدون انها فشل ذريع ستدفع إسرائيل ثمنه الباهظ. وينتمي الى المعسكر الأول اولئك الذين اداروا المعركة، نتنياهو ويعلون وغانتس، وقيادة الجيش، وبعض قادة الشاباك، بينما ينتمي الى المعسكر الثاني ليبرمان وبينت والجناح الصقري في الليكود، وغالبية المحللين من خارج المؤسسة الرسمية.
بنظرة واقعية عليا للأمور، يمكن مشاهدة الصورة التالية، تقريبا: لا خلاف على ان حماس تلقت ضربة صعبة، ربما غير مسبوقة، ولكنها نجحت بجر إسرائيل الى معركة متواصلة، باهظة الثمن (بالدم والمال) ومحبطة، وبشكل خاص، تفتقد الى الحسم الواضح. صحيح ان اسرائيل نجحت باحباط غالبية مخططات حماس الهجومية واجتثت مشروع الانفاق الهجومية، ولكنها وجدت غالبية اراضيها وسكانها يتعرضون لهجمات صاروخية لا متناهية، سحقت في الأيام الأخيرة وبشكل خطير قوة الصمود لدى سكان محيط غزة.
هذا ينبع في الأساس عن حقيقة ان حماس هي التي حددت شروط الحرب. فاذا رغبت بدأت بإطلاق النار، واذا رغبت اوقفته. ويوم امس، ايضا، بعد 50 يوما، جلسوا في القدس وانتظروا خالد مشعل. كما في الكوميديا الامريكية “النهوض صباح امس”، والتي يستيقظ فيها الراصد الجوي، كل يوم فيجده كما سابقه، هكذا هي إسرائيل، تنتظر منذ السابع من تموز موافقة مشعل على مبادرة وقف اطلاق النار.
يمكن الافتراض بأن مشعل سيرضى في النهاية، وسيتم وقف اطلاق النار (حتى ولو بعد عدة ايام). في إسرائيل يصرحون بأن حماس لن تحصل على ميناء ومطار، ويعرفون اننا لن نحصل على تجريد القطاع من السلاح. فالاتفاق يشمل المعابر والصيد والهدوء لفترة غير واضحة ولكن مصيرية: فاذا استؤنف اطلاق النار بسرعة ستعتبر “الجرف الصامد” فشلا، واذا ساد الهدوء في محيط غزة لفترة طويلة، وخاصة اذا ترافق بمنع اعادة تسلح التنظيمات الارهابية، يمكن الحديث عن العملية بمصطلحات النجاح.
السياسيون في اسرائيل والعالم لا يملكون الوقت للانتظار حتى تتضح الصورة. فأولئك من الخارج سيهجمون علينا في اليوم التالي مع لجنة التحقيق ومقترحات الحل السياسي، وهؤلاء في الداخل، سيحولون كل ما شاهدناه خلال 50 يوما الى مجرد روضة مقابل ما سنراه لاحقا. ولكن من المناسب ان يتوقفوا في الطريق في ناحل عوز، ويتذكروا لماذا حدث هذا كله، ومن دفع الثمن حقا.
عباس، من المفضل بدون أرانب في القبعة
تحت هذا العنوان يكتب يوسي بيلين، في “يسرائيل هيوم” ان اللقاء الذي اجراه التلفزيون المصري مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كان مسليا، تقريبا. فعندما حاول الصحفي الفهم ما هو الأرنب الذي يحتفظ به الرئيس الفلسطيني في القبعة، وعده عباس بأنه لا ينوي اعلان الحرب على إسرائيل. وكان ذلك مقطعا سرياليا تماما، على خلفية الحرب المتواصلة في غزة، والتي يحاول هو شخصيا وقفها. زعيم منظمة التحرير الفلسطينية العجوز، خلافا لقادة حماس، يعتبر الحرب مع إسرائيل مسألة مثيرة للسخرية ويوضح مسبقا ان الأرنب الوحيد الذي يحمله في قبعته هو ارنب سياسي.
ولكنه في جوابه على السؤال التالي حول ما اذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على اقتراحه، قال عباس بمصداقية مفاجئة انه يعتقد بأنها سترفضها. ويتحتم عليّ الاعتراف بأنني لم افهم هذا المقطع، فاذا كنت تريد من العالم ان يتعامل بجدية مع اقتراحك، يتحتم عليك اقتراح شيء تعتقد انه، ربما بعد محاولات اقناع مكثفة، يمكن للقوة العظمى الوحيدة في العالم تقبله. لأنه اذا لم يتم ذلك، واذا فرضت امريكا الفيتو على اقتراحك عندما يتم طرحه للتصويت في مجلس الأمن، فسيكون من الواضح انه تم تقديم الاقتراح فقط كي يتم رفضه، وكي تستطيع تبرير خطوة سياسية اخرى، كالتحقيق مع الاسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية.
وفوق هذا، اذا قلت علانية انك تعتقد بأن الولايات المتحدة لن تقبل اقتراحك، فهل تؤمن ان الحكومة الاسرائيلية ستلتف على اوباما من اليسار وتقبل اقتراحا رفضته الولايات المتحدة؟ ربما تكون قد استسلمت ولم تعد تجد أملا في هذه الحكومة، ولكن بما انك احد الزعماء البراغماتيين في المنطقة، فانك تعرف انه لا يمكنك دفع أي مبادرة سياسية بدونها، ولذلك من المفضل القيام بخطوة تحسن الوضع بشكل ملموس، ويمكن للولايات المتحدة واسرائيل التعايش معها، بدل التلميح علانية الى عدم وجود فرصة.
لقد أعادت عملية الجرف الصامد محمود عباس بقوة الى الصورة، وهو يقوم بدور هام في الجهود المبذولة لوضع حد للنار. كما ان إسرائيل الرسمية تفهم اليوم انه كان من الخطأ قطع الاتصالات معه في اعقاب تشكيل “حكومة المصالحة” الفلسطينية. تكمن المصلحة الإسرائيلية حاليا، في نشر قوات السلطة الفاعلة في اطار تلك الحكومة، على المعابر بين إسرائيل وغزة وبين مصر وغزة. ومن جانب آخر من الواضح تماما، ان السلطة لن تسيطر بشكل كامل على قطاع غزة ولن تستطيع تجريده من السلاح، وان عباس، بذكائه، ليس مستعدا للسماح لقوات حماس بموطئ قدم في الضفة الغربية، ليس فقط بسبب الرد الاسرائيلي المتوقع، وانما، وأولا، لأنه من الواضح له ان حكومة المصالحة لم تحول حماس المتطرفة من عدو الى حبيب.
لا توجد مفاجآت في حكايتنا، ولا وجود للأرانب في القبعة. لقد وصلنا الى وضع سياسي لا يسمح الآن بالعودة الى خطوط كيري. ترميم غزة بواسطة السلطة الفلسطينية، من جانب، ومفاوضات سياسية مع منظمة التحرير، من جانب آخر، لكي يتم اقامة دولة فلسطينية داخل حدود مؤقتة، هي الخطوات العملية الوحيدة حاليا.
50 يوما من الحرب
تحت هذا العنوان ينشر يوسي يهوشواع، في “يديعوت احرونوت” تقريرا يلخص أبرز نقاط الحرب في غزة التي بدأت قبل 50 يوما. ويقول ان مرور 50 يوما يعتبر مناسبة جيدة لفحص الانجازات والاخفاقات. هذه فترة طويلة بما يكفي لفحص ما الذي حدث لإسرائيل امام العدو الذي يفترض ان يكون “الأسهل” في المنطقة، وفحص كيف حدث وتم جر الجيش الى حرب استنزاف، والتفكير كيف فقدنا بلدات الجنوب. يمكن من مقر وزارة الأمن في تل ابيب، سماع وطأ اقدام قادة الألوية الذين اصيبوا بالاحباط حول القطاع، ويمكن سماع صراخ السكان على خط النار من مقر الحكومة في القدس. ولذلك من المناسب فحص لماذا حدث ذلك.
بالنسبة لرئيس الحكومة ووزير الامن: رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الامن موشيه يعلون أظهرا ضبط النفس الكبير خلال ايام الحرب، وحظيا بالثناء من قبل منافسيهما. ولكن من جهة اخرى، ولا توجد طريقة لطيفة لقول ذلك، فان المشاعر ازاء وزير الامن في الجيش صعبة.
لقد بدأ ذلك في الخطاب الذي صرح خلاله بأن معالجة الانفاق ستستغرق يومين او ثلاثة، ولكن العملية دامت لأسبوعين وثلاثة. كما ان قراره عدم الوصول الى كيبوتس ناحال عوز يوم السبت الأخير بسبب تهديد القذائف سبب ليعلون ضررا كبيرا. ومع كل الاحترام للشاباك الا انه كان من المتوقع من وزير الامن ان يبلغ حراسه بأنه يتحمل المسؤولية عن نفسه والاصرار على تشكيل نموذجا شخصيا للسكان، الذين لا يستطيعون مثله التجوال داخل سيارة مدرعة.
والأخطر من ذلك ان يعلون ونتنياهو وافقا على اقتراح وقف اطلاق النار الأول، قبل معالجة الأنفاق. ومن المثير للفزع التفكير بما كان سيحدث لو لم تقم حماس بخرق وقف اطلاق النار في حينه، ولم تقم إسرائيل بتدمير الانفاق. كما ان وزير الأمن عارض عملية التوغل البري في البداية، وعندما انطلقت كانت محدودة نسبيا، وغير كافية. من هذا كله يتضح ان رئيس الحكومة ووزير الأمن يتحملان المسؤولية العليا عن استمرار المعركة لفترة زمنية طويلة، وبدون حسم.
القائد العام للجيش: من جانبه التزم القائد العام للجيش بالأهداف التي حددتها له الحكومة، فقد تم تدمير الأنفاق الهجومية، وتلقت قاعدة حماس ضربة قاسية جدا، رافقتها سلسلة من الاغتيالات في الأسبوع الأخير، والتي اثبتت ان قيادة الذراع العسكرية ليست محصنة. وتم تقليص اطلاق الصواريخ، وقتل ما بين 800 الى 1000 مسلح خلال الحرب على غزة. ويقول مسؤولون كبار في الجيش ان غزة تلقت ضربة ستقود في النهاية الى هدوء طويل.
لقد تعرض بيني غانتس الى انتقادات من قبل اعضاء في المجلس الوزاري ورفاق في القيادة العامة، وجنرالات في الجيش الاحتياطي، الذين يقولون انه يوحي احيانا بأن ما يريده هو انهاء ورديته بسلام.
خطاب “شقائق النعمان” الذي دعا من خلاله سكان محيط غزة للعودة الى بيوتهم كان زائدا، ومن المؤكد انه يندم عليه، ولكن يجب القول انه خلال فترة غانتس، لم يتم بناء خطة متعددة السنوات لصياغة مستقبل الجيش. يمكن اتهام الحكومة بذلك، ولكن يجب القول انه لو كان غيره قائدا عاما للجيش لكان قد قلب الطاولة. وتمثلت النتيجة في تدهور الجيش. فعدد تدريبات الألوية الذي بلغ 20 تدريبا في السنة انخفض الى خمسة فقط، ولم تتدرب كتائب جنود الاحتياط، وتيبس سلاح المشاة خلال العمل العسكري طوال 10 أشهر.
صحيح ان القائد العام لا يتحمل كل شيء، ولكنه كان هو ويعلون من قادا مفهوم السماح بتقليص سلاح اليابسة، وعدم المس بتاتا بسلاح الجو والاستخبارات. وكلاهما لم ينجحا بإقناع رئيس الحكومة والوزراء بخارطة التهديدات الحقيقية قبل “الجرف الصامد”، في الوقت الذي جرت فيه صراعات مريرة بين وزارة الأمن ووزارة المالية. وفي هذه المسالة يتحمل الوزراء المسؤولية بشكل اكبر.
عمليات عميقة: لقد افتقدت حرب غزة الى أي عملية حربية باهرة، جريئة، والتي وإن لم تحقق الحسم، فانها تترك تأثيرا نفسيا ومعنويا هاما على العدو وعلى مواطني اسرائيل. وللمقارنة، خلال حرب لبنان الثانية، نفذ الجيش 23 عملية خاصة خلال 33 يوما، اما في الجرف الصامد فلم ينفذ الا خمس عمليات كهذه خلال 50 يوما.
لقد اجاد العدو قراءة الجيش والاستعداد كما يجب. عملية الكوماندوس البحري، مثلا، التي تمت خلال الأيام الأولى للحرب، تم احباطها من قبل حماس، فتراجع محاربو البحرية تحت وطأة النيران ولحسن الحظ لم يسقط قتلى. في الأسابيع الأخيرة وبتوجيه من يعلون، ترسخ نهج الجمود، وبات الجيش يعمل وفق “المزيد من الأمر ذاته”: قصف جوي على أساس معلومات استخبارية. انه لا يغير طابع العمل حتى عندما لا يحقق اهدافه.
الاستخبارات: الانجاز الاستخباري الكبير تمثل في سلسلة عمليات الاغتيال الناجحة خلال الأسبوع الأخير، لقادة من الذراع العسكرية لحماس، الى جانب محاولة تصفية محمد ضيف. واثبتت تصفية المسؤول المالي في حماس انه لا يتمتع أي شخص بالحصانة، وان غيوم الموت تحلق فوق كل قادة حماس. صحيح ان هذا جاء متأخرا، ولكن الشاباك نجح بتوفير المعلومات التي ادت الى العمليات الناجحة لسلاح الجو.
في مجال المعلومات الاستخبارية التي وفرتها شعبة الاستخبارات العسكرية، حصل قادة الألوية على المعلومات بشكل مباشر، عبر اجهزة الحاسوب المتنقل، وهذا يعتبر ثورة حقيقية في ساحة الحرب. ولكن شعبة الاستخبارات اخفقت في المجال الاستراتيجي بشكل كبير حيث وفرت معلومات جزئية.
مع اختطاف الفتية الثلاثة، والخروج لتنفيذ عملية “عودوا ايها الأخوة” تكهنت الاستخبارات بأن حماس ليست معنية بالمواجهة، وتصرفت إسرائيل بناء على ذلك، فوجدت نفسها تجر نحو الحرب.
كما حدث شيء ما في موضوع الأنفاق، واما يتعلق الامر بشكل عرض الجنرال افيف كوخابي للموضوع، او بشكل فهم القائد العام للجيش ورئيس الحكومة ووزير الأمن. السيناريوهات التي عرضها كوخابي بالصور والتقارير كان يجب ان يترجمها غانتس الى خطة حربية ضد الانفاق، وتدريب القوات على المهمة وزيادة عدد الوحدات الهندسية المختصة بذلك. لكن ما حدث عمليا هو ان قادة الألوية وصلوا الى غزة واضطروا للاكتفاء بالحصول على الإشارة الى فتحات الانفاق وتلقي الأمر بالهجوم. وهكذا اختار كل قائد لنفسه طريقة العمل وتم استخلاص العبر اثناء الحرب. ودفع الثمن الكثير من الجنود بالدم.
لواء الجنوب: قائد المنطقة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان كان الشخص الذي انتبه عمليا الى خطر الأنفاق ودفع من اجل شن حملة برية ضدها قبل عدة أشهر، ولكنه لم يحصل على مطلبه الا قبل شهر. مع ذلك، عانت ادارة الحرب البرية من نواقص، احيانا على مستوى القيادة، واحيانا على مستويات ادنى. مقتل الجنود السبعة من كتيبة جولاني في المصفحة القديمة، ومقتل الجنود الخمسة في الموقع العسكري قرب ناحل عوز، ومقتل الجنود التسعة في مكان تجميع الجنود داخل منطقة تطالها قذائف الهاون، ومقتل الجنود الثلاثة من وحدة “اغوز” واصابة قائدهم بجراح بالغة، بعد ارسالهم للمحاربة بدون ادرع واقية، وكذلك موت ضابط وجندي في بداية المعركة داخل سيارة الجيب غير المدرعة، كلها اخفاقات عسكرية يجب فحصها.
القبة الحديدية: في قائمة النجاحات البارزة تقف القبة الحديدية في المقدمة، بفضل نجاحها باعتراض 90% من الصواريخ التي تم اطلاقها على مناطق مأهولة. وقد وفرت المنظومة للقيادة وللمجتمع الإسرائيلي طول نفس وانقذت حياة عشرات آلاف السكان. وكانت هذه المهمة ليست بسيطة، في ضوء تعرض إسرائيل الى 4382 صاروخا وقذيفة. وامام هذا التفوق قررت حماس تفعيل منظومة قذائف الهاون الناجعة اكثر من صواريخها. وحققت حماس انجازا معنويا ملموسا، عندما نجحت بطرد سكان الكيبوتسات المحيطة بغزة من بيوتهم، مقابل طرد إسرائيل لسكان الشجاعية وبيت حانون. وتحتل المرتبة الثانية في قائمة النجاح منظومة “معطف الريح” الخاصة بحماية الدبابات. وقد تم تفعيل المنظومة 15 مرة على الأقل وانقذت الدبابات من اصابات بالغة.
دروس: من المناسب استخلاص العبر الآن، من الاخفاقات والنجاحات والاستعداد للمواجهة القادمة التي ستندلع، كما يبدو، على الجبهة الشمالية. كخطوة اولى، يجب زيادة عدد بطاريات القبة الحديدية فورا. وعلى الجهاز الأمني تسريع استيعاب منظومة “العصا السخرية”، التي يفترض بها اعتراض آلاف الصواريخ طويلة المدى التي يملكها حزب الله. في مجال اليابسة يجب اعادة الجنود الى اقصى حد من الجاهزية، والتركيز على تدريب الجيش الاحتياطي كما يجب. بعد ذلك يجب الاهتمام بتدريع الدبابات بمنظومة “معطف الريح” والتزود بمصفحات مدرعة من طراز “نمير” والتي تم تجميد امتلاكها بسبب معايير مالية. صحيح ان التكاليف باهظة، تصل الى مليارات الشواقل، ولكن لا مفر امام الواقع والتهديدات المتزايدة. دولة اسرائيل ستضطر الى اجراء حساب مع النفس حول ما هو الأهم: جودة الحياة او الحياة نفسها.