مواجهات غير مسبوقة في شعفاط في اعقاب اختطاف وقتل الفتى محمد ابو خضير
واشنطن تحاول منع التصعيد * عباس يحمل المسؤولية لإسرائيل ويطالب نتنياهو بشجب جريمة القتل* حملة تحريض دامية تدعو الى قتل العرب والمستشار القضائي يطلب التحقيق فيها
كرست كافة الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، صفحاتها الرئيسية للجريمة المروعة التي ارتكبتها، كما يبدو، عصابة يهودية، في حي شعفاط في القدس، فجر امس، حيث تم اختطاف الفتى محمد أبو خضير، 16 عاما، عندما كان في طريقه لأداء صلاة الفجر، وقتله واحراق جثته في احراش القدس. وأشارت الصحف الى المواجهات العنيفة التي شهدتها القدس، اسم، في اعقاب شيوع نبأ الجريمة.
والمحت “يديعوت احرونوت” الى اعتبار احداث القدس امس، بمثابة مقدمة لانتفاضة ثالثة، وكتبت ان مصطلح “انتفاضة ثالثة” سمع يوم امس، مرارا خلال المواجهات القاسية التي اندلعت في القدس الشرقية. فالملثمين الذين شاغبوا في الشارع الرئيسي في شعفاط، فجروا كل رمز رسمي صادفهم، ودخلوا في مواجهات مع قوات الأمن.
وتكهن ضابط في الشرطة، امس، بأن العملية تبدو كمن وقعت على خلفية قومية، لكنه اوضح بأن المقصود تكهنا فقط، لعدم وجود ادلة مثبتة! واوضح ان التحقيق سيستغرق عدة أيام.
من جهته قال عم القتيل ان القتلة وصلوا للانتقام لمقتل الشبان الثلاثة، حسب مبدأ العين بالعين، واذا كانت هذه هي الطريق التي يريدونها فنحن جاهزون لها.
وقالت “يديعوت” ان عشرات الملثمين تظاهروا طوال ساعات النهار في شعفاط وبيت حنينا، وقاموا باغلاق الشارع واحرقوا محطات القطار الخفيف، ورشقوا الحجارة والزجاجات الحارقة واشعلوا الاطارات والالعاب النارية وحاويات القمامة. وقالوا ان هذه هي البداية فقط. وقال جيران عائلة الفتى القتيل ان جبناء ارتكبوا هذه الجريمة وان اليمين المتطرف هو الذي يشعل الانتفاضة الثالثة.
ونقلت صحيفة “هآرتس” بيان شرطة القدس، التي اعلنت انه يجري التحقيق في اتجاهين، جنائي وقومي. ونقلت في المقابل عن عائلة ابو خضير قولها ان القتلة يهود، ارتكبوا فعلتهم انتقاما لمقتل الفتية الاسرائيليين. وقال والد الطفل حسين، لصحيفة “هآرتس”، ان ابنه خرج من المنزل في ساعات الفجر متجها الى المسجد مع صديقيه، وفي مرحلة ما دخل صديقاه الى المسجد وبقي هو في الخارج. وعندها نزل شخصان من سيارة وجروه عنوة الى السيارة. وقد شاهد الناس ذلك ولاحقوا الخاطفين”.
وقال عم الطفل، محمود، ان السيارة جاءت من جهة “بسغات زئيف” وتوقفت، ثم استدارت وعندها نادى ركابها محمد وجروه الى السيارة”. وقال شهود عيان انه كان يجلس في السيارة شخصين او ثلاثة من اليهود.
واتصل الأب بالشرطة وابلغ عن الحادث، وقامت الشرطة بتتبع الفتى عبر جهاز هاتفه الخليوي، وبعد ساعة ونصف من تلقي البلاغ، عثرت على جثته محروقة في حرش في القدس. وتم اقحام الشاباك في التحقيق. وتم استدعاء عائلة الفتى الى مركز الشرطة واخذ عينات من الدم، للتأكد من أن الجثة تعود لابنهم. كما تم التحقيق مع صديقي محمد لعدة ساعات في الشرطة. ومن المتوقع تسليم الجثة للعائلة، اليوم، كي يتم دفنها.
ولم تتمكن الشرطة طوال يوم أمس من العثور على دليل يؤكد مقتل الطفل على خلفية جنائية. وادعت جهات في الشرطة انه في الحالات الجنائية غالبا ما يتم العثور على طرف خيط يشير الى دافع جريمة القتل، حتى اذا لم يتم التعرف على منفذيها. ولذلك، وبناء على حقيقة وقوع الجريمة بعد فترة قصيرة من العثور على الشبان الاسرائيليين القتلى، وبناء على معلومات استخبارية اشارت الى نوايا تنفيذ عمليات انتقام، فان الشرطة تعتقد بأن الجريمة وقعت على خلفية قومية.
يشار الى انه فور اختطاف الشبان الاسرائيليين الثلاثة، اقامت الشرطة طاقما خاصا لتحليل تأثير الحادث على الجمهورين العربي واليهودي. ومن بين الاستنتاجات التي توصل اليها الطاقم ان الحادث لن يمر بدون عمليات انتقام، وتم التركيز على احتمال وقوع عملية كبيرة. وبعد ساعات من العثور على جثة الفتى الفلسطيني اندلعت موجة من الشائعات حول مصيره. وكان نشطاء اليمين شركاء في نشر معلومات على الشبكة الاجتماعية، زعمت ان القتل تم على خلفية شرف العائلة او خلاف بين العائلات في شعفاط.
ورفضت عائلة ابو خضير بغضب هذه الادعاءات، واكدت انها ليست على خلاف مع احد. وقال ابن عم القتيل “لو كان احدهم يريد تنفيذ القتل على خلفية خلاف لما فعل ذلك في رمضان وفي شارع داخلي في البلدة”. واكد: “عائلتنا ليست متورطة في أي خلاف ومحمد كان ولدا جيدا. وما حدث كان اختطافا ويجب ان يعرف الجميع ذلك”.
وقالت والدة الطفل، سهى، لصحيفة “هآرتس” انها متأكدة بأنه تم اختطاف ابنها من قبل مستوطنين. وقالت: “اليوم ابني ولا أعرف من سيكون غدا. نحن نطالب بالحماية”. وقال محمود ابو خضير ان القتلة بحثوا عن الانتقام. وقبل يومين جرت محاولة اخرى لكن المتطرفين فشلوا ولاذوا بالفرار. وهذه المرة استغلوا حقيقة عدم وجود الكثير من الناس وتمكنوا من الهرب”.
وقال سكان من شعفاط انه جرت يوم امس الأول، محاولة لاختطاف طفل في السابعة من الحي. وتم الاعتداء عليه من قبل يهوديين، لكن صراخ امه وتدخل المارة جعل المعتدين يهربون. وقالت الشرطة انها تعرف عن الحادث، وقامت بإرسال دورية الى المكان فور وقوعه. مع ذلك قالت الشرطة ان عائلة الطفل لم تقدم شكوى رسمية، وليس من الواضح ما اذا تم الاعتداء عليه من قبل يهود. وبطلب من الشرطة تم اصدار امر يمنع نشر تفاصيل جريمة القتل.
وقالت الشرطة ان المحققين تسلموا تفاصيل مختلفة عن القضية لكنهم لا يدعمون اتجاه تحقيق معين. وقال وزير الامن الداخلي اهرونوفيتش لنتنياهو، مساء امس، انه لا يمكن حتى الآن تحديد دافع القتل، وانه تم تعزيز قوات الشرطة في القدس وانحاء البلاد بعد الحادث. وشجب رئيس بلدية القدس الحادث ودعا الجمهور الى التحلي بالصبر.
وكتبت “يسرائيل هيوم” ان عاصفة اندلعت في الكنيست، امس، خلال خطاب النائب احمد الطيبي الذي اتهم وزراء بالتحريض الفظ وغير المسؤول وغير الانساني. وحدثت مواجهة كلامية بين الطيبي ونائبة رئيس الكنيست روت كلدرون، من “يوجد مستقبل” طالبها الطيبي خلالها بعدم التصرف بصفاقة ووعظه على الاخلاق.
وبعد فترة وجيزة من شيوع نبأ العثور على جثة الفتى محمد ابو خضير، اندلعت اضطرابات عنيفة بالقرب من بيت الفتى في شعفاط، وامتدت الى مخيم اللاجئين شعفاط وبلدات العيسوية وسلوان وبيت حنينا وراس العمود، وتواصلت طوال ساعات يوم امس، ووصلت الى قمتها في المساء. وقام الفلسطينيون برشق الشرطة بأربعة عبوات مرتجلة، انفجرت اثنتان منها دون أن توقع اصابات.
وقالت مصادر فلسطينية ان 12 شابا فلسطينيا اصيبوا بوسائل تفريق التظاهرات، كما اصيبت مصورة صحفية إسرائيلية بالرصاص المطاط في وجهها، واصيب صحفي آخر بجراح طفيفة. وكانت أحداث الأمس في القدس من أشد الأحداث عنفا التي شهدتها المدينة في السنوات الأخيرة.
اصابة مباشرة لعمارة اسكانية في سديروت
كتب موقع “واللا” انه تم خلال الليلة الماضية اطلاق عشرة قذائف صاروخية على اسرائيل من قطاع غزة، سقطت ثلاث منها في بلدة سديروت واصابت بناية اسكانية. وبينما لم تسفر الاصابة المباشرة عن وقوع ضحايا الا انها الحقت اضرار مادية للبيوت والسيارات. كما تسببت الصواريخ بقطع التيار الكهربائي عن مناطق شاسعة في المدينة جراء اصابة خط للتيار العالي. وشن سلاح الجو الإسرائيلي هجمات على 15 هدفا تابعة لحركة حماس في انحاء غزة. وكان من بين الاهداف منصات لاطلقا الصواريخ ومواقع تدريب ومستودعات لتخزين الأسلحة.
دانون يطالب بإقالة ليفني
قال موقع المستوطنين (القناة السابعة) ان نائب وزير الامن، داني دانون، دعا رئيس الحكومة نتنياهو الى اقالة وزيرة القضاء تسبي ليفني “وقيادة الحكومة الاسرائيلية الى حرب صارمة وحقيقية ضد حماس”.
واعتبر دانون ان ليفني لا تزال تعاني من وهم المفاوضات، وتدير المجلس الوزاري المصغر بطريقتها الانهزامية بدل ان تقود روح المعسكر القومي الحرب ضد الارهاب ومساعديه.
وكان النائب شاؤول موفاز قد هاجم نتنياهو، امس، ايضا، واتهمه بالمسؤولية عن تآكل قوة الردع الإسرائيلية. وقال ان حقيقة قيام الجهاز الامني باحباط 44 عملية اختطاف خلال السنة والنصف الاخيرتين، تثير القلق. وحسب رأي موفاز فان اختطاف الشبان الاسرائيليين هو ليس مجرد عملية أخرى، وانما اشارة خطيرة الى تدهور حالة الردع الإسرائيلية.
عائلة فرانكل: لا يوجد فرق بين دم ودم
كتبت “يديعوت احرونوت” ان ابراهام وراحيل فرانكل، والدا الشاب المقتول نفتالي، تطرقا الى الشبهات حول قتل الفتى الفلسطيني محمد ابو خضير انتقاما لمقتل ابنهما وشابين آخرين، وقالا في بيان نقله شقيق ابراهام، يشاي: لا نعرف تماما ما حدث الليلة في القدس الشرقية، ولكن اذا تم فعلا قتل الفتى العربي على خلفية قومية فهذا عمل مروع وفظيع، لا يوجد فرق بين دم ودم، والقتل هو القتل، مهما كانت قومية وجيل القتيل. لا يوجد أي مبرر ولا تسامح ولا غفران على قتل كهذا”.
تحريض على الانتقام من العرب
واشارت صحيفة “هآرتس” الى قيام اليمين المتطرف بإطلاق حملات تحريض عنيفة ضد الفلسطينيين على شبكة الانترنت، حيث نشرت مجموعة كبيرة من صور الاسرائيليين الذين رفعوا شعارات عنصرية ضد العرب، وكان من بينهم جنود في الجيش. وقالت “هآرتس” انه وكما توقعت الشرطة والشاباك، فقد جر العثور على جثث الشبان اليهود موجة واسعة من التظاهرات اليمينية التي طالبت بالانتقام. وكالعادة عزفت على هذه الحملة مجموعة انصار الراب كهانا، التي تنجح بالحفاظ على بقائها في الصورة، وتحظى بدعم كبير من وسائل الاعلام، منذ اكثر من عشرين سنة، رغم تحريضها المتواصل على العنف. وقالت الصحيفة ان وزراء ونواب اليمين الذين يزعمون ان الحكومة عاجزة عن الرد على مقتل الشبان الثلاثة يساهمون في حملات التحريض وتأجيج اجواء العنف.
وطلب المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، من الشرطة، فتح تحقيق في اعمال التحريض على العنف والعنصرية التي تنشر على المواقع الاجتماعية. وستتولى التحقيق وحدة السايبر التابعة لوحدة لاهف 433. يأتي ذلك بعد فتح عشرات الصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي والتي تطالب بالانتقام لمقتل الشبان الاسرائيليين. وتبرز بين هذه الصفحات صفحة “شعب إسرائيل يطالب بالانتقام” والتي باتت تضم اكثر من 30 الف عضو، رغم انشائها قبل عدة أيام فقط. ويقوم اعضاء المجموعة، ومن بينهم الكثير من الجنود، بنشر صور حملوا فيها لافتات تطالب بالانتقام لمقتل الثلاثة، بينما ظهرت في بعض الصور قطع اسلحة وشعارات مماثلة. ويثور القلق في الجهاز الامني بسبب مشاركة جنود في نشر صور كهذه، وهي مسألة اعتبرها الجيش بالغة الخطورة.
بطاقة الثمن تجدد عدوانها
كتبت “يسرائيل هيوم” ان الغضب على مقتل الشبان الاسرائيليين الثلاثة انعكس، امس، في سلسلة من اعمال بطاقة الثمن في انحاء البلاد. فقد تم احراق مخزن في قرية عقربة، قرب نابلس، وكتابة شعار “بطاقة الثمن الانتقام من العرب”. وفي كريات يام، قرب حيفا تم كتابة شعارات على جدران عدد من البيوت من بينها الموت للعرب والانتقام من المخربين. وفي بيتح تكفا قدم المواطن موسى ابو عياش من كفر قاسم شكوى الى الشرطة بعد الاعتداء عليه من قبل ثمانية يهود، تقمصوا هوية افراد شرطة، بعد ساعات قليلة من العثور على جثث الشبان الاسرائيليين. وقال انهم هاجموه وطعنوه بوحشية.
محاكمة تأديبية لطالبين عربيين وتجاهل تام للتحريض اليهودي
ذكرت صحيفة “هآرتس” ان معهد التخنيون في حيفا، وجامعة اريئيل، قررا تقديم طالبين عربيين الى المحكمة التأديبية بسبب ملاحظات تتعلق باختطاف الشبان الاسرائيليين. فقد كتب الطالب مراد ابو الهيجاء الذي يدرس في كلية الطب على صفحته في الفيسبوك ان “منتخب فلسطين سجل ثلاثة اهداف رغم عدم مشاركته في المونديال”، وكتبت طالبة من قسم بيولوجيا الاحياء في جامعة ارئيل: “انتظروا، بعد عدة أيام ستتسلمون تحية من المخطوفين الثلاثة”.
وقال مسؤول في معهد التخنيون ان مراد سيقدم الى المحاكمة التأديبية وسيواجه الطرد من المعهد. كما اعلنت جامعة ارئيل انها ستقدم الطالبة الى المحاكمة التأديبية، وانه تم تحويل الموضوع الى الجهات الأمنية ذات الصلة!
وقال الطالب مراد ابو الهيجاء، انه كتب ملاحظته بعد الاختطاف وليس بعد العثور على الجثث كما تم الادعاء، وان ما كتبه هو نوع من الطرفة السوداء، وقام بشطب ملاحظته بعد عدة ساعات بمبادرة شخصية. واضاف انه يتألم لمقتل الشبان تماما كما يتألم لمقتل الفلسطينيين. واضاف ان المعهد يتجاهل الملاحظات التي نشرها طلاب يهود يطالبون بقتله.
نيابة القدس تطلب تشديد العقاب على الشيخ صلاح
قالت “يسرائيل هيوم” ان نيابة لواء القدس طالبت بتشديد العقوبة على الشيخ رائد صلاح الذي ادين بعرقلة شرطي عن القيام بعمله خلال تفتيش امني لزوجة الشيخ في نيسان 2011، اثناء عودتهما الى البلاد عبر جسر اللنبي. وتطالب النيابة بفرض عقوبة السجن الفعلي على الشيخ رائد.
في هذه الأثناء قرر وزير الداخلية غدعون ساعر تمديد امر منع سفر الشيخ رائد الى الخارج، حتى التاسع من كانون الأول 2014.
اعتقال 463 فلسطينيا منذ بدء الحملة العسكرية في الضفة
كتبت يسرائيل هيوم، انه رغم العثور على جثث الشبان الثلاثة الا ان الجيش يواصل ملاحقة المشبوهين مروان القواسمة وعامر ابو عيشة. ويقدر الجهاز الأمني بأنها لا يزالان في الضفة الغربية.
وقام الجيش الليلة قبل الماضية، باعتقال 42 فلسطينيا آخر في الضفة الغربية، 40 منهم من نشطاء حماس. كما تم اغلاق ستة مؤسسات دعوة. وبلغ عدد المعتقلين منذ بدء العملية 463 فلسطينيا.
وفي الجانب الفلسطيني قال الناطق بلسان الرئاسة، نبيل ابو ردينة، ان القيادة الفلسطينية تواصل اجراء مداولات حثيثة منذ مطلع الأسبوع. وتستعد السلطة للتوجه الى المزيد من المؤسسات الدولية اذا قررت إسرائيل مواصلة فرض العقوبات عليها.
الادارة تحاول منع التصعيد
كتبت صحيفة “هآرتس” ان الادارة الأمريكية تحاول منع التصعيد بين اسرائيل والفلسطينيين وتطوره الى مواجهات عنيفة في كل انحاء الضفة الغربية. وقال مسؤولون امريكيون ان هذا هو السبب الذي جعل وزير الخارجية جون كيري، ومستشارة الامن القومي، سوزان رايس، ينشران بياني شجب لعملية قتل الفتى الفلسطيني في القدس، قبل بدء الشرطة التحقيق في الجريمة. وقال الامريكيون انه على الرغم من عدم اتضاح خلفية الجريمة حتى الآن، الا أن تزامن قتل الفتى مع العثور على جثث الشبان الاسرائيليين ولد محفزات حدوث اندلاع العنف بشكل واسع بين اسرائيل والفلسطينيين. وقال مسؤول امريكي ان واشنطن لم تحمل المسؤولية لأي طرف، ولكنها تتخوف من دائرة انتقام ولذلك تسعى الى تهدئة الأجواء بالسرعة الممكنة”.
ونشرت رايس على صفحتها في تويتر عدة تغاريد ادانت فيها جريمة قتل محمد ابو خضير وكتبت ان الولايات المتحدة تتوقع من الحكومة الإسرائيلية اجراء تحقيق عاجل وعميق وتقديم القتلة الى القضاء. ودعت كافة الاطراف الى الامتناع عن اجواء الانتقام. وتحدث كيري مع نتنياهو، امس، وناقش معه التصعيد في القدس. واكد كيري في بيان لاحق ان اسرائيل فتحت تحقيقا في الحادث وانه يتحتم على الجانبين بذل كل جهد لمنع اعمال العنف ومحاكمة المجرمين وبذل كل جهد من اجل حماية الأبرياء.
وفي المقابل اجرى مسؤولون في الادارة الامريكية محادثات مع ديوان نتنياهو وديوان عباس ونقلوا رسائل تدعو الى التهدئة. يشار الى ان نتنياهو لم يصدر بيان شجب لجريمة قتل الفتى الفلسطيني وانما اكتفى بالإشارة الى المحادثة التي اجراها مع وزير الامن الداخلي اهرونوفيتش، ومطالبته بالتحقيق بسرعة للعثور على منفذي عملية القتل ودوافعها. وقال نتنياهو ان اسرائيل هي دولة قانون والجميع مطالبون بالعمل حسب القانون.
وفي رام الله حمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسؤولية لإسرائيل وطالب نتنياهو بشجب قتل الفتى الفلسطيني كما شجب هو اختطاف الشبان الاسرائيليين. وطالب عباس الحكومة الإسرائيلية بالعمل من اجل اتخاذ تدابير حقيقية لوقف عدوان المستوطنين والفوضى التي خلفها العدوان الإسرائيلي والذي ادى الى قتل 15 مدنيا فلسطينيا منذ مطلع حزيران.
وشارك قرابة الف شخص، امس، في مظاهرة جرت في القدس ضد مظاهر العنف والعنصرية، والدعوة الى الانتقام من العرب. ونظم التظاهرة منتدى “بطاقة النور” الذي تأسس ردا على “بطاقة الثمن”. وجرت المظاهرة في ساحة القطط في القدس، حيث تم الاعتداء على العمال الفلسطينيين من قبل اليمين المتطرف، امس الأول.
مقالات
فقدان السيطرة
تحت هذا العنوان تكتب صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها الرئيسية، ان المداولات الليلية التي يجريها المجلس الوزاري المصغر، حول الرد المطلوب على حماس، يمكنها ان تغرس الانطباع بأن رئيس الحكومة يدير عملية اتخاذ قرارات موزونة، موضوعية ومهنية، ولكن هناك فجوة كبيرة بين ادارة النقاش وبين السيطرة على الأحداث.
فبعد عدة ساعات من تشييع الشبان ايال يفراح وغيل عاد شاعر ونفتالي فرانكل، تلقت الشرطة بلاغا حول حادث اختطاف لفتى عربي من حي شعفاط، وبعد فترة وجيزة عثر على جثة الفتى في غابة القدس، ويسود الاشتباه بأن يهود نفذوا عملية الاختطاف والقتل انتقاما لقتل الشبان الثلاثة. يمكن تأمل عدم ثبوت هذا الاشتباه، لكن تقارير لمواطنين اشارت الى انه سبقت عملية الاختطاف محاولة فاشلة لاختطاف وخنق طفل فلسطيني في السابعة من عمره. وتضيف الصحيفة: “الى جانب هذا الحادث الخطير خرجت حشود يهودية متحمسة، تنتمي الى اليمين، الى شوارع القدس وبدأت بملاحقة العرب. ووسط ترديد هتافات “الموت للعرب” و”اليهودي هو روح والعربي ابن مومس” انقض البلطجيون على المارة العرب وحاولوا الوصول الى سوق محنيه يهودا. وقد قامت الشرطة فعلا بسد الطريق امام هؤلاء، ووقف حركة القطار الخفيف باتجاه منطقة بيت حنينا، لكنه يبدو ان هذا يشكل فقط بداية لحملة انتقام خطيرة.
ان نشطاء اليمين والبلطجيين الذين يأخذون على انفسهم مهمة “معاقبة” العرب، يسخرون من الجهود المبذولة لادارة حرب مركزة ضد نشطاء الارهاب العرب، ويهينون عائلات المخطوفين الاسرائيليين الذين قتلوا والجمهور المتضامن مع حزنها. ويسود التخوف الأكبر من قيام هذه العصابات باملاء الأجواء في الحكومة ودفعها الى اتخاذ تدابير متطرفة في سبيل تلبية شهوة الانتقام. ومن هنا ستكون الطريق قصيرة نحو التدهور العنيف وفقدان السيطرة المطلق. لقد حدد رئيس الحكومة، عندما قارن بين العرب واليهود، امس الأول، بأن هناك “فجوة واسعة وعميقة بيننا وبين اعدائنا، فهم يقدسون الموت ونحن نقدس الحياة، هم يقدسون الوحشية ونحن نقدس الرحمة”. ولكن اختطاف وقتل الولد العربي، اذا ثبت انه تم على ايدي يهود، سيحطم هذه المقارنة الشاملة والكاذبة. ولكن اذا كان نتنياهو يؤمن بها فعلا، فانه يتحتم عليه اثبات ذلك بالعمل، ويجب ان يتم التحقيق في الاختطاف والقتل في شعفاط بسرعة وبنجاعة وبشفافية. ويجب العثور على بلطجة “بطاقة الثمن” و”صيادو العرب” في القدس، فهذه هي الطريقة الوحيدة لصد شغب الشوارع”.
نتنياهو وعباس – الزوج الغريب
تحت هذا العنوان يكتب اري شبيط في “هآرتس” ان نتنياهو وعباس يملكان الكثير من المشترك بينهما. فكلاهما يقولان انهما يريدان السلام، وانهما مستعدان لدفع ثمن السلام، وانهما يمقتان العنف. وخلافا لرؤساء الحكومات السابقة، لا يسعى نتنياهو الى الحرب، ولا يسارع الى الضغط على الزناد، ولا يميل الى التورط في حرب زائدة. وعباس، خلافا لعرفات، يفهم ان الارهاب الفلسطيني يلحق ضررا بالشعب الفلسطيني ولذلك فانه يحاول فعلا القضاء عليه.
وحسب رأي شبيط فان الهدوء النسبي الذي نزل على إسرائيل وفلسطين خلال سنوات حكم نتنياهو وعباس لم يكن صدفة، وانما هو نتاج حقيقة وقوف شخصين على رأس الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، يستوعبان حقيقة وجود حدود للقوة وكون القوة المفرطة ستؤدي الى نتائج مدمرة. ويقول ان نتنياهو وعباس ليسا حمائم بالمفهوم الاستراتيجي، ولا يجسدان السلام الكبير، ولكنهما الى حد معين يعتبران حمائم تكتيكية: فكلاهما يؤمنان بأن الطريق السياسي هو الطريق الصحيح لدفع الاهداف القومية. وحسب شبيط فان اختطاف الشبان الاسرائيليين وضع امام نتنياهو وعباس تحديا ليس سهلا. فقد تم تفعيل الضغط على نتنياهو للرد بوحشية. وعباس وقف في مواجهة التأييد الشعبي الواسع والمثير للقلق، للخاطفين وعملية الاختطاف. لكنهما استغلا المأساة كل لدفع جدول اعماله، وكالعادة، شتم احدهما الآخر. لكنهما، فعلا، عملا بشكل مثير جدا. فإسرائيل بقيادة نتنياهو لم تقم بخطوات غير معقولة، وعباس الفلسطيني اظهر بطولة حقيقية عندما وقف ضد الجريمة البشعة. ومن دون ان يعترفا بذلك امام شعبيهما، اقدم نتنياهو وعباس في بداية الحادث على ما لم يفعلاه طوال سنوات المفاوضات، لقد عملا كطاقم مسؤول وبالغ استوعب الاوضاع المتفجرة ومنع التصعيد.
ويشير الكاتب الى نجاح نتنياهو بدعم بعض الوزراء بلجم الافكار الوهمية التي طرحها نفتالي بينت وبعض الوزراء الذين سعوا الى تأجيج النار، ويقول ان نتنياهو لم يفقد عقله ولم يحرض على المواجهة حتى بعد مقتل الشبان. ولكن الخطر لا يزال قائما. فمثيري الشغب اليهود ينتشرون في شوارع القدس. واختطاف وقتل الفتى العربي ساهم في تأجيج الغرائز ورشق الحجارة. والغربان السوداء الوحشية تحوم في الأجواء، والحماقة تربض على الباب. فمن اظهر اعتدالا في مسألة القيام بعمل عسكري متهور، قد يكون متطرفا بشأن خطوات استيطانية متهورة. فعندما يغلي الدم وتغيب عملية السلام المحققة للاستقرار- يمكن لكل قرار خاطئ ولكل جريمة كراهية ولكل صاروخ قاتل أن تشعل النار التي يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.
ولذلك يرى شبيط ان الطابة تعود الآن الى نتنياهو وعباس، فعلى نتنياهو ان يعلن موقفا قياديا واخلاقيا واضحا ضد المتطرفين الاسرائيليين، ويتحتم على رئيس السلطة شجب المتطرفين الفلسطينيين. كما يتحتم على نتنياهو تطبيق القانون على اليهود كما يطبق على العرب، وعلى عباس التنكر لحماس. ولمنع التدهور يجب منع كل اشكال الاستفزاز. وعلى الزوج الغريب، نتنياهو وعباس ان يعملا من اجل تثبيت الانجاز الوحيد: الاستقرار.
قتل الفتى: بالنسبة للفلسطينيين خرج الشيطان من القمقم
تحت هذا العنوان يكتب عاموس هرئيل، في “هآرتس” انه حتى عصر الاربعاء، لم تتمكن الشرطة والشاباك من ترسيخ تجاه التحقيق في قضية قتل الفتى الفلسطيني من شعفاط في القدس الشرقية. والى جانب احتمال ان يكون الحادث قد وقع على خلفية قومية، وانتقاما نفذته خلية ارهاب إسرائيلية على خلفية قتل الشبان الثلاثة، يجري، ايضا، فحص احتمال قتل الفتى على ايدي فلسطينيين على خلفية مختلفة. وينبع الحذر عن عدم توفر معلومات، ولكن، ايضا، بسبب الخوف من ارتكاب خطأ في فترة حساسة، تحولت الشرطة خلالها، في كل الاحوال، الى كيس اللكمات الاعلامي في اعقاب فشلها في قضية المحادثة التي اجراها معها احد المخطوفين. ويضيف هرئيل: ان عدم الوضوح لا يهم الفلسطينيين، فبالنسبة لعائلة الفتى وسكان شعفاط، لا يوجد ادنى شك، بأن الفتى قتل بأيدي اسرائيليين، ذلك ان تزامن الحادث مع العثور على جثث الشبان الثلاثة، وخروج مئات الشبان الاسرائيليين للانتقام من العمال الفلسطينيين في مركز القدس، مساء امس الأول، يخلق بالنسبة لهم الرابط الواضح للجريمة. لقد خرج الشيطان من القمقم، والتفكير بأنه تم هنا بدء سلسلة من عمليات القتل والانتقام يتم التعامل معها كواقع.
ويعتقد هرئيل ان صلاة اول جمعة من رمضان، غدا، ستجري في اجواء متوترة اكثر من المعتاد في الحرم القدسي، في وقت تقوم فيه إسرائيل والسلطة الفلسطينية بنقل رسائل تهدئة عبر قنوات التنسيق الامني، على امل ان تساهم في كبح العنف بعد قتل الفتى من شعفاط، ايضا. ولكنه من المبكر لأوانه التكهن بما اذا كانت ستنجح هذه المحاولات لأن عدم نجاحها سيقود الى دورة انتقام دموي متبادل. لقد انعقد المجلس الوزاري الامني – السياسي المصغر، مرة اخرى، مساء امس، لمتابعة مناقشة الرد على قتل الشبان الثلاثة. ومن المتوقع ان يتم بضغط من المستوطنين وممثليهم في الحكومة، المصادقة على بناء آلاف الوحدات في المستوطنات، خاصة في منطقة غوش عتصيون.
ويتمحور الخلاف حول الرد العسكري وما اذا يجب مواصلة التركيز على شبكات حماس في الضفة الغربية او مهاجمة قطاع غزة. وحذر قادة الجهاز الامني من رد غير مسؤول في قطاع غزة، قد يقود الى مواجهة متواصلة مع حماس. وطرحت على جدول الأعمال، وكما في مرات سابقة، مقترحات عدة، اولها: قصف قواعد ومستودعات ومكاتب التنظيمات الارهابية والامتناع عن اصابة الأشخاص، او توجيه ضربات الى البنى التحتية لانتاج وتخزين الصواريخ ذات المدى المتوسط التي تملكها حماس والجهاد الاسلامي، او القيام بعمليات احباط مركز (اغتيالات) تستهدف كبار المسؤولين.
ويشار الى ان وزراء اليمين من الليكود والبيت اليهودي يؤيدون القيام بعمليات صارمة، لكن رئيس الحكومة نتنياهو يعرف ان اختيار الاقتراحين الثاني والثالث من شأنه ان يجره الى صدام عسكري مع حماس، سيشمل قصف غوش دان بكميات كبيرة من الصواريخ. وسيضطر نتنياهو الى فحص ما اذا كان يمكن الاكتفاء بلهجة شديدة وخطوات تظاهرية ومحدودة لإرضاء المطالبين بالانتقام. واذا تواصل الضغط الشعبي عليه، يحتمل ان يتم تشديد الهجمات على قطاع غزة، وبذلك شق الطريق نحو مواجهة عسكرية طويلة مع حماس. وهذه بالضبط هي المصيدة التي يعرف الزعيم كيف يدخل اليها لكنه يستصعب تخطيط خروجه منها. الى ذلك تم يوم امس، تسجيل ارتفاع في عدد الصواريخ التي اطلقت من قطاع غزة. فقد تم خلال اليوم الأخير اطلاق قرابة 20 صاروخا وقذيفة هاون باتجاه النقب. وحسب تقييمات الجهاز الاستخباري امام المنتدى الوزاري، فان حماس ليست معنية بالصدام العسكري وتفضل البقاء على التزامها بالتفاهمات التي تم التوصل اليها بعد عملية عامود السحاب في 2012.
يجب عدم التركيز على اجتثاث حماس فقط
تحت هذا العنوان ينشر رون برايمان، في “يسرائيل هيوم”مقالة تنضح بالتحريض على الفلسطينيين وقيادتهم، معتبرا ان عملية الاختطاف والقتل الوحشي للشبان الثلاثة، تحتم ردا إسرائيليا ملائما، كبيرا وموضوعيا دون تمييز بين عباس وحماس. ويكتب: يوجد بيننا من يسمون انفسهم بالمعتدلين ويطالبون بالرد العقلاني، ولذلك ينعتون الآخرين بالمتطرفين، ويصفونهم بأنهم “يردون من البطن”. وحتى الآن يبدو ان هؤلاء واولئك يميلون الى التحفظ، أي العودة الى طابع التفكير والسلوك الذي يميز القيادة الاسرائيلية، سواء كانت حكومة يسار او يمين، منذ ايلول الأسود 1993، الذي تم فيه توقيع اتفاق الاستسلام والخداع مقابل منظمة تحرير كل فلسطين.
ويضيف: كما كان الأمر في حينه فان القيادة الإسرائيلية تواصل اليوم، دون فرق بين يمين ويسار او مركز، او أي اتجاه آخر، التمييز بين نوعين من الاعداء: مخربون “أخيار” والذين يجب منحهم اللفتات والاحترام، ومخربين “أشرار” والذين يجب محاربتهم. وحتى عندما تحالف رئيس السلطة أبو مازن مع شقيقه التوأم حماس، تحدث رئيس الدولة شمعون بيرس عنه كصديق وشرّع الحشرة التي تحاول الحكومة الإسرائيلية احيانا شجبها.
ويواصل: واما هذه الحكومة التي اطلقت حملة “عودوا ايها الأخوة” في اعقاب اختطاف الشبان على ايدي تحالف المخربين “الأخيار” و”الأشرار”، رجال عباس ورجال حماس، فانها تحارب حماس فقط، اما شريك حماس من جانب واحد وشريك اليسار من جانب آخر، فيتم اعفائه، ويواصل التحليق في ارجاء العالم كي ينقي أياديه ويستقبل زيارة خنوع من قبل نواب في الكنيست ورجال فكر من اليسار المتطرف، حتى عندما يتمسك بتحالفه مع اخوته “الأشرار”، الاخوة في الدم!
ويواصل برايمان تحريضه فيكتب ان حكومة اليمين الأسيرة لمفهوم اوسلو قررت بأن العدو هي حماس فقط، وليس حليفها في رام الله، ورغم ذلك تواصل تزويد كلاهما بالكهرباء المجانية والخدمات الأخرى، وتحول اليهود الى جباة ضرائب وسقاة ماء لأعدائهم. ويقول ان الرد الملائم يجب ان يبدأ بالتخلي عن التقسيم المصطنع بين الأعداء “الاخيار” و”الاشرار” في وقت يجمعهما الهدف ذاته، شطب إسرائيل عن الخارطة. وطالما كانت اسرائيل الرسمية والاعلامية تتعامل مع محمود عباس ورفاقه كشركاء “أخيار” ويستحقون تسليمهم قلب ارض إسرائيل، فانه يمكنها ان تخوض حربا غير اخلاقية حيث تخاطر بحياة جنود الجيش في حرب ضد حماس، لتقوم بعدها في حال نجاح هذه الحرب ضد “الاشرار” بتحويل ثمارها الى أيدي اخوتهم “الأخيار” الذين يتمتعون بدعم وتشجيع اللاسامية المسيحية والاسلامية واللاساميين اليهود.
ولا يوجد أي عمل غير اخلاقي وفاسد، أكثر من تحويل جنود الجيش الى طبق الفضة الذي ستقام عليه دولة للأعداء في قلب ارض اسرائيل. ويرى هذا الكاتب اليميني ان شجب عباس للاختطاف، وحتى تعاون اجهزته الامنية التي ينعت افرادها بالمخربين في زي عسكري، يجب ان لا يتسببا بارتباك إسرائيل وترسيخ خط التفكير السخيف الذي يميزها خلال الـ21 سنة الأخيرة، والذي قادها الى وضع لا تبدي فيه استعدادها للتفكير بمسار آخر سوى المسار الانتحاري المسمى كذبا “حل الدولتين”، الذي لا يعني الحل ولا السلام.
الكراهية تعمي
تحت هذا العنوان يكتب نداف شرغاي، في “يسرائيل هيوم”، ان المشاغبين الذين هاجموا العرب في البلدة القديمة، امس الأول، سيستصعبون تصديق ان هناك مواطنين عرب بكوا معنا عندما دفن الشبان الثلاثة. وانا شخصيا أعرف بعض هؤلاء. وفي المقابل، هناك الكثير من الفلسطينيين الذين استمتعوا وفرحوا، بخبث وكراهية، ازاء عملية الاختطاف والقتل. لقد شاهدناهم، ولم يكلفوا انفسهم حتى عناء اخفاء مشاعرهم.
ولكن الذين اصيبوا بالجنون والألم وهاجموا العرب في القدس، امس الأول، وربما قتلوا الفتى العربي، اذا تبين معاذ الله ان قتله تم انتقاما، لا يحترمون صلاحيات القانون وأصوات الاخلاق اليهودية والانسانية الأساسية. فالكراهية أعمتهم وأصمتهم، واعمالهم ليس فقط لن تحقق الردع، وانما ستوسع دوائر الكراهية والارهاب، وتقلص مجال عمل الحكومة وتقيد أياديها.
ويضيف شرغاي: لقد شهدنا مثل هذا الفيلم، فقبل 24 سنة تم اختطاف الشابين المقدسيين رونين كرامني وليئور طوبول، من مفترق راموت، وقتلهما طعنا بالسكين. وردا على ذلك وقعت في القدس وضواحيها انتفاضة يهودية ضد العرب، وتم قتل مواطنتين عربيتين. وقادت موجة الاعتداء على العرب الى موجة مضادة من الارهاب الدموي ضد اليهود. وتم جرح العشرات، واستخدم الارهابيون العرب عمليات الانتقام لتبرير اعمالهم. وانضم اخرون الى دائرة العداء والشيطنة ضدنا. واليوم، أيضا، لن يأتي الردع والخلاص من العمليات الخاصة الجامحة، فمثل هذه العمليات تنمي الكراهية فقط وتسكب الزيت على النار وتوسع دائرة الارهاب والشيطنة وتشكل خطرا على الاحياء.
وفي القدس الشرقية ينطوي مثل هذا السلوك على ضرر مضاعف. فالسكان العرب في المدينة التي نحاول الحفاظ عليها موحدة، يمرون منذ سنوات في عملية أسرلة، والكثير منهم لا يريدون تقسيم المدينة. لكن الاحداث الأخيرة تعيدهم سنوات الى الوراء، وتقربهم مجددا من اخوتهم في الضفة. كما يلعب هذا السلوك الى ايدي من يدعون انه يجب تقسيم المدينة ويمنع البناء فيها، ويمكنه ان يؤدي الى فقدان السيطرة وارتداد هذا السلوك عيلنا كالبوميرانج”.
روح شريرة
تحت هذا العنوان يكتب بن درور يميني في “يديعوت احرونوت”، ان الغالبية اليهودية تتمنى بأن لا يكون اليهود وراء مقتل الفتى من شعفاط، وان يكون مشاغبو بطاقة الثمن مجرد اقلية هامشية تتوقف عملياتها على رسم الشعارات. ولكنه يسود التخوف بأننا نمر في حالة انكار، وان سرطان اليمين العنصري يكمن فينا، ويسود التخوف، ايضا، من ان تكون مجموعة من هذا اليمين قد تطورت الى خلية قاتلة نفذت اختطاف وقتل الفتى محمد ابو خضير. ويقتبس يميني ما كتبه الراب يتسحاق غينزبورغ، رئيس المدرسة الدينية “يوسف لا يزال حيا” حيث قال: “ان الانتقام يعتبر ردا طبيعيا، مرتجلا، يرافقه الشعور بأنه طالما لم تتوفر القوة لإلحاق الضرر بمن أضر بي، فانه لن تتحقق النهضة”. ويقول يميني “ان الروح الشريرة تخرج من بعض الحاخامات، وغينزبورغ الذي يعظ على الانتقام ويشجعه، يعتبر الراعي الروحي لشبيبة التلال وبطاقة الثمن. وهو ليس وحيدا، فلديه مؤيدين، وصفحة الفيسبوك التي تدعو الى الانتقام باتت تحظى بتأييد الآلاف. وهناك الحاخامين يتسحاق شبيرا ويوسف التيسور مؤلفا كتاب “امر الملك” الذي يناقش السماح بقتل الأغيار. وقد منح الراب دوف ليئور والراب غينزبورغ دعمهما للكتاب. وكتب غينزبورغ: “يجب اجتثاث الروح الصهيونية، فهي تخصي وتمس بكل نمو روحاني او طموح الى الخلاص الحقيقي والمتكامل”. وهو يدعو الى اسقاط كل حكومة، من اليمين واليسار، حتى يتم تشكيل سلطة توراتية. ويكتب يميني: اذا اعتقدنا ان الخلافة الاسلامية المظلمة تقوم وراء جبال الظلام، فقد اخطأنا، اذا انه يوجد بيننا، ايضا، من يريدون انشاء خلافة يهودية مظلمة.
ويضيف يميني: حتى الآن لم يثبت ان مقتل الفتى من شعفاط نجم عن عمل يهودي. ولكن على خلفية الرياح الشريرة التي تهب من جهة اليمين المعادي للصهيونية، يمكن ان يكون الأمر كذلك. والمسألة الواضحة جدا الآن هي ان افضل ما كان يمكن ان يحدث لحماس هو وقوع عملية مشابهة من قبل الجانب اليهودي. نحن نتهم حماس وبحق بقتل الشبان الثلاثة، لأنه حتى اذا لم يكن اسماعيل هنية وخالد مشعل قد اصدرا الأمر فانهما خلقا الأجواء. وهذا لا يشبه ما حدث في القدس بتاتا، فلدينا ترفض الغالبية القتل، ولا توجد لدينا صرخات فرح، بينما توجد لديهم احتفالات فرح، وتقوم عائلات القتلة بتوزيع الحلوى. ولدينا قامت الدولة بوقف تمويل مدرسة “لا يزال يوسف حيا”، بينما يحصل القتلة لديهم على تمويل دائم وشهري من السلطة الفلسطينية. ورغم ذلك، فانه من المناسب التذكير بأن لدينا في طرف الطرف، جهاد يهودي، وهو ليس صهيونيا وليس قوميا، بل معاد لليهودية وللصهيونية. ويجب العمل ضد الجهاد الاسلامي الكبير، وكذلك ضد الجهاد اليهودي الصغير.
اللحظة المصيرية لحماس
تحت هذا العنوان يكتب المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت احرونوت” اليكس فيشمان ان المجلس الوزاري المصغر لا يزال يتخبط. ولكن قيادة اللواء الجنوبي تزج قواتها مقابل قطاع غزة. وتم في الأيام الأخيرة القيام بسلسلة من التدابير لزيادة الاستعداد لأي تطور على هذه الجبهة القابلة للانفجار، سواء تم ذلك بموجب قرار حكومي او نتيجة تصعيد العمليات من قبل القطاع. ويضيف فيشمان ان القيادة الجنوبية قامت بنشر قواتها بشكل مثير، كي يراها العدو. وتم نقل جانب من الوحدات التي شاركت في عمليات التفتيش في الضفة، الى منطقة غزة، كما تم ارسال قوات مدرعة، لا يحاول الجيش حتى اخفاء تحركها على الطرق المتجهة الى القطاع.
وحسب فيشمان فانه يفترض بهذه العمليات أن تبث حالة من الردع. فتوصية الجهاز الأمني للمجلس الوزاري، تدعو، حتى الان، الى اظهار القوة والاستعداد ولكن ليس تحطيم الآليات. ويتركز الجهد العسكري على الاستخبارات والعمل الجوي، وتحاول الاستخبارات استيعاب التحولات التي يمكن حدوثها، سواء على المستوى التكتيكي او على المستوى السياسي.
ويرى الكاتب ان حماس تمر في لحظة مصيرية، فغزة باتت أقرب اليوم، اكثر من أي وقت مضى، الى ما يحدث في صوماليا: منطقة دامية تعمها الفوضى، تعج بالعصابات التي تسيطر على الشارع، بلا سلطة مركزية فاعلة يمكنها ان تشكل عنوانا. وعلى هذه الخلفية ينعقد المجلس الوزاري لمناقشة سبل الرد على حماس. ويقول ان ما يبرد تحمس الوزراء الى مهاجمة غزة، هو التخوف من عدم قدرة الجبهة الداخلية على الصمود، والابعاد الدولية لعملية كهذه. ويلي ذلك، حسب التدريج، الثمن العسكري للعمليات البرية الواسعة، ومن ثم الثمن غير المحتمل للبقاء في غزة لفترة غير محدودة. وهذا التوجه يسود منذ سنوات، ولا يميز الحكومة الحالية فقط. ويجب حدوث شيء دراماتيكي جدا، كتضعضع ميزان الرد بشكل كامل، حتى تقرر حكومة متوازنة القيام بعمل عسكري واسع في قطاع غزة، على غرار “الرصاص المسكوب” و”عامود السحاب”. ويتكهن فيشمان بأن هذا هو ما حدث هذه المرة، ايضا، عندما قرر وزراء المجلس الامني – السياسي المصغر، تعليق قرار العمل ضد حماس في غزة، وتخويل وزير الامن ورئيس الحكومة صلاحية تحديد موعد الهجوم.
يفضل حماس في غزة على داعش في غزة
تحت هذا العنوان يكتب الجنرال (احتياط) افرايم هليفي، في “يديعوت احرونوت”، ان رئيس الحكومة نتنياهو نشر عشية العثور على جثث الشبان الثلاثة، نظريته السياسية والامنية امام مواطني اسرائيل والعالم، والتي تقوم على فرضية ان إسرائيل ستتحمل لوحدها المسؤولية الأمنية عن كل أرض إسرائيل، لأنها هكذا فقط ستتمكن من ضمان سلامة مواطنيها. وسيبقى هذا الوضع الى أجل غير محدود، وحتى اذا تم في يوم ما التوصل الى طريقة لمنح الفلسطينيين ما يشبه دولة داخل حدود ما، فانها ستكون كيانا تنعدم فيه الكثير من رموز الاستقلال السياسي.
وحسب نتنياهو فان التطورات الاقليمية تحتم على إسرائيل انشاء جدار على طول الحدود الاردنية، في سبيل مواجهة المخاطر من الشرق ومن الشمال الشرقي، وكذلك السيطرة الفاعلة على تحركات السكان الفلسطينيين الذين يعيشون بين الجدار الأمني الغربي والجدار الجديد، الشرقي. كما يرى نتنياهو ان إسرائيل ستواصل محاربتها للارهاب الذي تقوده حماس وستجبي الثمن الذي يمكن ان يكون كبيرا وبالغا، حسب ما يتطلب الأمر، وفي المقابل ستطور سياسة اقليمية وتصادق دولا مثل مصر والسعودية ودول الخليج، وستكون مخلصة بشكل خاص للأردن. وفي هذا الاطار كرس نتنياهو مقولة خاصة وواضحة لكردستان حيث اعلن دعمه لاستقلالها السياسي.
ويقول هليفي انه ليس من المؤكد ان هذه السياسة ستكون قابلة للتطبيق، فالجمهور الفلسطيني في الضفة بدأ بالاستيقاظ والاضطرابات المتطورة بين اليهود والعرب تتزايد وتتضخم، وسيطرة ابو مازن على شعبه تضعف وتتضاءل، سواء بسبب فشله او بسبب عمل إسرائيل ضده خلال الاشهر الاخيرة، في سبيل اجباره على السير على طرق ترسمها له. وفي وضع كهذا يمكن خروج مبادرات فردية وجماعية لتنفيذ عمليات انتقام، سيتم احباط بعضها، لكن بعضها الآخر سيؤجج الغرائز.
ويضيف هليفي انه بما ان الجانب الفلسطيني لن يستطيع تقبل التوجه المطروح عليه، سيضطر ابو مازن الى محاربته والانصراف من الحلبة، وبالتالي سيكون انهيار السلطة مسألة غير ممنوعة. ويشير هليفي الى ما ورد في حديث نتنياهو حول قوى الاسلام المتطرفة، داعش، والربط بينها وبين حماس، ويقول ان الوضع ليس كما صوره نتنياهو لأن حماس تعتبر المنافس الأكثر مرارة والأكثر نجاعة لداعش. وقد اعلن خالد مشعل، امس، ان حماس معنية بالحفاظ على الاتفاقيات بينها وبين إسرائيل، التي انهت المواجهتين السابقتين ، الرصاص المسكوب وعامود السحاب.
وعليه يرى هليفي ان حماس في غزة افضل من داعش في غزة. ويخلص الى القول: من المؤكد ان هذا التوقيت هو الأسوأ للحديث عن مصالح مشتركة بين إسرائيل وحماس، في الوقت الذي تجلس فيه العائلات حدادا على اولادها الذين قتلوا في الجريمة البشعة. ويضيف: القلب يقول “لن يتم ذلك ابدا”. ولكن السؤال هو: ما الذي يقوله العقل؟