عباس: الحكومة الجديدة ستتبنى شروط الرباعي الدولي
تصدرت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه امام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، في رام الله، امس، صدر الصفحة الاولى لصحيفة “هآرتس”، التي كتبت بان الحكومة الجديدة التي ستقام في اطار اتفاق المصالحة مع حماس، ستتبنى شروط الرباعي الدولي، حيث اعلن عباس انها ستعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وستحترم الاتفاقات السابقة التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية.
وعرض عباس خلال خطابه شروطه لتمديد المفاوضات مع اسرائيل، وهي الافراج عن الدفعة الأخيرة من الأسرى، بما في ذلك 14 أسيرا عربيا من اسرائيل، ووقف الاستيطان بشكل كامل بما في ذلك في القدس الشرقية، واجراء مفاوضات جدية لمدة ثلاثة أشهر حول حدود الدولة الفلسطينية، بحيث تقوم اسرائيل خلالها بعرض خرائط للحدود العتيدة”. وقال عباس: “لا يوجد أي مفر من التوصل الى اتفاق يقوم على أساس الثوابت القومية للفلسطينيين، واقامة دولة فلسطينية داخل حدود 67 تكون القدس الشرقية عاصمتها”. وأضاف: “نحن ندعم حل مسألة اللاجئين حسب مبادرة السلام العربية وقرار الأمم المتحدة 194”.
وأوضح عباس في كلمته إن الحكومة التي سيشكلها ستكون “حكومة تكنوقراط” تتركب من خبراء وليس من سياسيين يمثلون فتح او حماس، وستنفذ سياسته كرئيس لها. كما اوضح عباس ان كل مسألة الاتصالات مع اسرائيل ستبقى مندرجة في إطار مهام منظمة التحرير الفلسطينية، ولن تتدخل فيها الحكومة الجديدة، التي ستعالج القضايا الداخلية وتعد لانتخابات البرلمان والرئاسة.
واكد عباس في خطابه انه لا يزال معنيا باستمرار العملية السلمية، وقال ان المصالحة لا تتعارض مع محادثات السلام مع اسرائيل، بل على العكس، فالمصالحة ستمنع قيام دولة فلسطينية في غزة وحكم ذاتي في الضفة الغربية. واتهم اسرائيل بإفشال المفاوضات، وقال انها هي التي تضع العقبات. وكرر عباس معارضته الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. وقال: اذا تواصل الجمود فسنقول لإسرائيل تفضلي واستلمي الضفة الغربية والشؤون اليومية للفلسطينيين”.
ورفض الرئيس الفلسطيني ادعاء رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأنه (عباس) تحالف مع تنظيم ارهابي. وقال ان نتنياهو نفسه هو الذي توصل الى اتفاق على وقف اطلاق النار مع حماس، في فترة الرئيس المصري السابق محمد مرسي. “فلماذا لا يحق لي عقد اتفاق مع حركة تشكل جزء من الشعب الفلسطيني”. وقال عباس ان كيري ابلغه بأن نتنياهو لا يثق به ولذلك وافق على اطلاق سراح الأسرى على اربع دفعات. وأوضح: “نتنياهو يحاول ابتزاز تنازلات فلسطينية كإبعاد الأسرى او طردهم، وهذا يشكل خرقا للاتفاق ولن نقبل به”.
وتطالب الادارة الأمريكية بأن تتفق سياسة وبرنامج الحكومة الفلسطينية الجديدة مع شروط الرباعي الدولي: الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف واحترام الاتفاقيات السابقة. وقد اكد عباس الالتزام الفلسطيني بهذه الشروط، يوم الخميس الماضي، خلال محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. واعتبرت الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية جين ساكي، في حديث مع الصحفيين، يوم الجمعة، ان التزام عباس يحمل رسالة ايجابية. اما إسرائيل فلا تكتفي بذلك، وتطالب كل مركبات الحكومة بإعلان تقبلها علانية لشروط الرباعي الدولي.
المصالحة، حجة اسرائيل لتفجير المفاوضات
في هذا السياق يؤكد مما تنشره صحيفة “يسرائيل هيوم” ان الحكومة الاسرائيلية كانت تبحث عن أي حجة لتبرير رفضها مفاوضة الفلسطينيين، حيث تكتب الصحيفة ان اسرائيل لن تفاوض الفلسطينيين اذا تم تشكيل حكومة تضم حماس، حتى اذا تبنت الحكومة شروط الرباعي الدولي! وقالت الصحيفة ان هذه هي روح الرسالة التي بعث بها بنيامين نتنياهو الى الفلسطينيين والامريكيين والمجتمع الدولي. واوضح مقربون من نتنياهو، امس، ان اسرائيل لن تفاوض اي حكومة فلسطينية تعتمد على حماس، بأي شكل من الأشكال. وادعت هذه المصادر ان ابو مازن يتحالف مع تنظيم ارهابي ويحاول تشريع تجاوز الخط الأحمر بواسطة “الأحابيل” المختلفة، كعدم وضع نشطاء الارهاب او رجال حماس في المقدمة، وانما ممثليهم.
وهاجم موظفون اسرائيليون كبار خطاب الرئيس عباس، وقالوا ان عباس “أطلق رصاصة الرحمة على عملية السلام”، وادعوا أن إسرائيل بذلت جهودا مخلصة لتمديد المفاوضات ولم تطرح أي شروط، بينما تحالف عباس مع حماس ووضع شروطا يعرف أن اسرائيل لن تقبلها.
حماس لا تستبعد الاعتراف باسرائيل
قال موقع “واللا” العبري ان صحيفة “واشنطن بوست” نشرت امس السبت، على لسان طاهر النونو، المستشار الاعلامي لاسماعيل هنية، قوله ان حماس لا تنفي امكانية الاعتراف باسرائيل. ولكنه أشار الى ان خطوة كهذه يجب مناقشتها في اطار الجهود التي تبذلها حماس للانضمام الى منظمة التحرير وتركيب الحكومة. وقال ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين فتح وحماس، يركز على الجوانب المتعلقة بالشعب الفلسطيني وليس على القضايا السياسية الخارجية.
اوباما يدعو الى برهة زمنية ودانون يحرض الكونغرس
في السياق ذاته، دعا الرئيس الامريكي باراك اوباما، يوم الجمعة، في كوريا، الى “فترة انقطاع” لمحادثات السلام في الشرق الأوسط، على خلفية الأزمة، داعياً الطرفين إلى تدبر البدائل. وادعى اوباما ان المصالحة الفلسطينية لم تكن مفيدة، لكنه اوضح، ايضا، ان اسرائيل قامت بخطوات الحقت ضررا بفرص التوصل الى اتفاق. وقال: “للحقيقة لم نلمس رغبة سياسية باتخاذ قرارات صعبة، من قبل الجانبين”. وأضاف ان الولايات المتحدة ستواصل حث الطرفين على التقدم، لكنه اكد انه لا يقدر بأنهما سيفعلان ذلك، خلال اسبوع او شهر او ستة أشهر.
وكما يتبين فان الكونغرس الامريكي سيجري نقاشا حول امكانية قطع التمويل للسلطة الفلسطينية بناء على اوامر إسرائيلية. فقد قال نائب وزير الامن الاسرائيلي داني دانون، انه بادر الى هذه الخطوة وتحدث مع عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري، اليانا روس-لاتينان، التي ابلغته انه تم تحديد موعد للنقاش في الثامن من ايار القادم. كما توجه دانون الى اعضاء الكونغرس المؤيدين لاسرائيل وطالبهم بوقف تمويل السلطة الفلسطينية، وزعم ان النصف مليار دولار الامريكي ستمول الارهاب ضد اسرائيل.
وكان دانون هذا قد هاجم الرئيس الفلسطيني بعد خطابه امس، واعتبر “يمضي نحو لقب “بروفيسور للارهاب”. وقال دانون ان عباس وبعد حصوله على الدكتوراه في انكار الكارثة، يدعي الآن ان حماس ليست تنظيما “ارهابيا”.” وكما يبدو نسي ابو مازن انه بعد الانتخابات في غزة قام رجال حماس بالقاء رجال فتح عن سطوح المباني، ونسي ان هدف التنظيم هو تدمير اسرائيل، ونسي ان العالم يعتبر حماس تنظيما ارهابيا”!
مطالبة المستشار القضائي رفض سحب مواطنة الاسرى العرب
في أعقاب النشر في “واللا” حول التفكير بسحب مواطنة 14 أسيرا عربيا من اسرائيل، تشملهم الدفعة الرابعة من الأسرى الذين يفترض الافراج عنهم، توجهت جمعية حقوق المواطن ومركز “عدالة” القانوني، الى المستشار القضائي للحكومة، وطالباه بعدم المصادقة على ذلك.
وقال موقع “واللا” ان المحامي حسن جبارين، من عدالة، والمحامي عوديد فيلر، من جمعية حقوق المواطن، أشار في رسالتهما الى ان المحكمة العليا رفضت طلبا كهذا في السابق. كما أشارا الى ان المحكمة رفضت في عام 1996 سحب المواطنة من قاتل رئيس الحكومة يتسحاق رابين، وعللت قرارها بأن المجتمع يعرب عن تحفظه واشمئزازه من القاتل بطرق أخرى، ولا تسحب مواطنته. وجاء في القرار آنذاك ان “المواطنة هي احدى الحقوق الاساسية الواضحة جدا”. وقال المحاميان في رسالتهما ان سحب المواطنة يعتبر “صلاحية متطرفة جدا تميز الانظمة المظلمة والمستبدة”.
اسرائيل تدعي عدم التمييز ضد الفلسطينيين في سياسة التنظيم والبناء
قالت صحيفة “هآرتس” انالنيابة العامة للدولة تدعي ان الفلسطينيين في المنطقة (C) لا يعانون من التمييز في حقوق التخطيط والبناء، وان الادارة المدنية تقوم بدفع خرائط مختلفة تخصهم. جاء هذا الادعاء في اطار رد قدمته النيابة العامة الى المحكمة العليا التي ستنظر، يوم غد، في طلب اعادة صلاحيات التخطيط والبناء للفلسطينيين في البلدات التي تقوم على 60% من أراضي الضفة الغربية.
وادعت النيابة، ايضا، ان أي تغيير في القانون العسكري الذي سحب من الفلسطينيين صلاحيات التخطيط والبناء، سيغير الوضع الراهن منذ توقيع الاتفاقات المرحلية في عام 1995، وقالت ان هذه المسألة تعتبر سياسية ومن المناسب ان يتم الاتفاق عليها في اطار الاتصالات السياسية الجارية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وبناء عليه ستطلب الدولة من المحكمة العليا رفض الالتماس الذي تم تقديمه في تموز 2011، بشأن الأمر العسكري رقم 418، لعام 1971، والذي الغى لجان التنظيم المحلية واللوائية التي عملت وفق القانون الأردني، ومنحت صلاحيات التنظيم لهيئة التنظيم العليا. يشار الى ان الأمر العسكري ذاته، نص على انشاء لجان تنظيم محلية لصالح المستوطنات الإسرائيلية فقط.
وقال الملتمسون ان هذه اللجان حصلت على كامل الصلاحيات التي تم سلبها من الفلسطينيين، دون أي اهتمام بعدم قانونية المستوطنات حسب معاهدة جنيف. ويرى الملتمسون في القانون العسكري يمس بظروف سكن الفلسطينيين وحقهم بالتطوير، وخلق ضائقة شخصية غير محتملة في البلدات القائمة، ونقصا كبيرا في الأراضي في منطقتي A و B، ويتعارض مع معاهدة لاهاي التي تلزم الاحتلال بالاهتمام بالجمهور المحلي، ولذلك يطلب الملتمسون الغاء الأمر العسكري واعادة شؤون التنظيم والبناء الى البلدات الفلسطينية.
يشار الى ان قرية ديرة الرفاعية، في جنوب جبل الخليل، وثماني قرى فلسطينية اخرى هناك، انضمت الى هذا الالتماس، اضافة الى مركز القدس للمساعدة القانونية والمركز الكاثوليكي لحقوق الانسان، وجمعية “حاخامات لحقوق الانسان” واللجنة الاسرائيلية ضد هدم المنازل. وتمثل هذه التنظيمات في المحكمة المحامية نيطاع عمر – شيف.
سلاح الجو يستعد للمشاركة في مناورات نيفادا
ذكرت “هآرتس” ان سلاح الجو الاسرائيلي يستعد لإمكانية مشاركته في المناورات العسكرية الأمريكية “ريد فلاغ” (red flag) التي ستجري في الصيف المقبل في نيفادا. وحسب المخطط سترسل اسرائيل 10 طائرات للمشاركة في المناورات، الى جانب اسلحة الجو الامريكية والاوروبية.
ورغم ان اسرائيل لم تقرر نهائيا المشاركة في المناورات حتى الآن، كما يبدو بسبب مسألة الميزانيات، فقد اختارت الطائرات والطيارين الذين سيتم ارسالهم في حال قررت المشاركة. وكانت اخر مرة شاركت فيها اسرائيل في هذه المناورات في عام 2009. ويجري خلال هذه المناورات التدرب على خوض معارك جوية في ظل تهديد الدفاعات الجوية (الصواريخ المضادة للطائرات). ويولي سلاح الجو الاسرائيلي اهمية لرحلة الطيران الطويلة، كونها تتيح له تخيل قيامه بهجمات جوية على اهداف بعيدة.
الى ذلك ذكرت “يسرائيل هيوم” ان لجنة “لوكر” لتحديد ميزانية الامن لسنوات 2015 -2025، ستجتمع بعد “عيد الاستقلال”. ويفترض باللجنة انهاء عملها قبل كانون الأول 2014، وسيتم دمج توصياتها في اطار ميزانية العام 2015. وكان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو قد قرر تشكيل اللجنة قبل نصف سنة، بالتنسيق مع وزير الامن، موشيه يعلون، ووزير المالية يئير لبيد. وجاء ذلك في اعقاب الادعاءات التي طرحها الجهاز الأمني والجيش حول فترة توصيات لجنة بروديت. ويطالب الجهاز الأمني والجيش بزيادة 3.8 مليار شيكل الى ميزانية الأمن في العام الجاري، واضافة خمسة مليارات شيكل الى ميزانية الأمن لعام 2015.
موقع اخباري سري للاستخبارات الاسرائيلي
ذكرت صحيفة “يديعوت احرونوت” ان شعبة الاستخبارات العسكرية تدير موقعا اخباريا مغلقا على شبكة الانترنت، يسمح بدخوله فقط للشخصيات العسكرية والامنية، ورئيس الحكومة، كونه ينشر الاخبار بدون أي رقابة، كما تصل من المصادر، لتطلع عليها هذه الشخصيات.
ويحمل الموقع اسم “inet”، ويعرض خارطة للتحذيرات الساخنة على كل الجبهات، وتقارير استخبارية مختصرة، مع نسخة عن التقرير الأساسي، لمن يرغب بالتوسع. كما يشمل الموقع تغطيات ميدانية وتحليلات عسكرية لرجال الاستخبارات. كما يوفر الموقع زاوية لأشرطة الفيديو التي تنقل الاحداث ببث مباشر عبر الاقمار الاصطناعية التابعة لوحدة 9900 ومن وسائل المراقبة العسكرية السرية. وقال المحرر الرئيسي للموقع ان هيئة التحرير تتسلم مواد مباشرة من مختلف الجبهات، ايران والسلطة الفلسطينية وسوريا ولبنان، وتقوم بنشرها كما هي.
مقالات
“عباس يمهد للاستقالة”
تحت هذا العنوان يكتب جاك خوري في “هآرتس” عن الحملة التي يقودها الجهاز الاعلامي الاسرائيلي، بقيادة ديوان رئيس الحكومة، ضد السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، منذ اتفاق المصالحة الفلسطيني، والتركيز على اعتباره “ليس شريكا”، واختياره لحماس بدل السلام. ويشير خوري الى اللقاء الذي أجراه عباس مع الصحفيين الاسرائيليين عشية توقيع اتفاق المصالحة، حيث أوضح للصحفيين انه يتابع ويعرف ما يكتبونه عنه في اسرائيل.
وحسب خوري فقد كرر عباس، خلال خطابه امام المجلس المركزي لمنظمة التحرير في رام الله، امس، ذات الرسائل التي تهدف الى توضيح الجهل الاسرائيلي، حيث قال ان إسرائيل لا تجري مفاوضات مع الحكومة الفلسطينية، وانما مع منظمة التحرير التي اعتبرت في سنوات السبعينيات والثمانينيات تنظيما ارهابيا، وهو ذات التنظيم الذي اعترف بإسرائيل في اطار اتفاقيات اوسلو، ويطالب بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 الى جانب اسرائيل. ويضيف ان عباس والمقربين منه لا يكلفون انفسهم حتى الرد على الانتقادات الاسرائيلية، فهم يعرفون ان الأمر الأهم هو كيف سيخلد اسم الرئيس الفلسطيني في الوعي الفلسطيني والعربي.
ويقول خوري: “لو كان الامر متعلقا بعباس لكان قد وقع امس، على اتفاق دائم ينهي الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني ويضمن قيام الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل ويطبق المبادرة العربية التي تنص على اقامة علاقات بين إسرائيل والدول العربية كلها، بعد توقيع الاتفاق”. ويضيف: “ان هذه الأمور تبدو اليوم، وكأنها نهاية العالم، لكنه كانت هناك أيام رأى عباس في هذه الأمور حلا للنزاع، وعلق آمالا كبيرة على إدارة أوباما – خاصة بعد خطاب القاهرة والتصميم الكبير لوزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، في العملية السياسية. وانضمت الى ذلك كله التقييمات التي قالت إن الاتفاق يحظى بتأييد الأغلبية. ولو تحقق مثل هذا السيناريو، لوضع عباس في مقدمة المسرح التاريخي كرجل حقق حلم الدولة الفلسطينية، الذي يعتبر الهدف الأسمى منذ النكبة. وكان من شأن انجاز كهذا تبرير الخط الذي تبناه عباس في تفضيله للدبلوماسية على الكفاح المسلح.
لكن الطموح يختلف عن الواقع، فاليوم، بعد 22 عاما من بدء المفاوضات، بات عباس يتحدث بمفاهيم سلطة بدون سلطة ودولة بدون سيادة، ويدرك انه لم ينجح بإنهاء الاحتلال. بل على العكس من ذلك: ففي كل يوم يتلقى الرئيس الفلسطيني المزيد من التقارير حول مصادرة الأراضي والبناء في الضفة الغربية. وهو يفهم ان الادارة الاميركية التي علقت عليه الآمال، لا تستطيع مع الرباعي الدولي والمجتمع الدولي تغيير هذا الواقع، وأنه حتى تصبح العقوبات فعالة او ستحدث متغيرات سياسية في اسرائيل فانه لن تتبقى مساحة للبناء عليها.
ويرى خوري ان حلم الدولة الفلسطيني يبتعد عن عباس الذي قارب على الثمانين من عمره. ويقول ان المقربين منه يتحدثون عن دلائل يأس ازاء العملية السياسية، وحدوث تغيير سيؤدي في نهاية الأمر الى نزوله عن المسرح السياسي. لكن عباس لا يريد ان يتذكرونه كمن خلف ارضا محروقة وفوضى وصراعات داخلية، ولذلك هناك الكثير ممن يعتبرون المصالحة الفلسطينية خطوة هامة ستقود الفلسطينيين الى صناديق الاقتراع خلال ستة أشهر، لانتخاب برلمان ومجلس قومي ورئيس. واذا لم ينافس عباس على الرئاسة فسيهتم بالإشارة الى من سيخلفه. واذا اقنع الامر اسرائيل والعالم على مواصلة الطريق حسب المبادئ التي حددها، سيكون جيدا، واذا لم يتم ذلك، سيكون بمقدور عباس القول لشعبه “لم انجح بإنهاء الاحتلال ولم اوافق على التنازل عن الثوابت الوطنية، ولكني نجحت بتحقيق اعتراف 138 دولة في الامم المتحدة، بفلسطين كدولة مراقبة، وحققت وحدة الشعب الفلسطيني، وانتخابات جديدة وقيادة جديدة. ومن هنا ارجع الى بيتي، ولتحضر اسرائيل ملفا لمن سيأتي بعدي”.
نتنياهو لا يريد السلام
يذكر أمير اورن في مقالة ينشرها في “هآرتس” بما قاله وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر في منتصف السبعينيات، من ان الدعم الامريكي لإسرائيل لن يحقق التقدم في السعي الى تحقيق السلام مع العرب، وانما يمكنه تحقيق الحرب. فقد قال كيسنجر في حينه ان “العرب والاسرائيليين يستحقون بعضهم البعض، فلو كانوا يعيشون في مكان آخر لكنا تركناهم يعالجون بعضهم البعض، لكنهم لسوء الحظ يتواجدون في مكان استراتيجي. ويعتقد الاسرائيليون اننا ضعفاء وانني ابحث عن النجاح، وبسبب الدمج بين هذين العاملين تمسكوا بمواقفهم. نحن لسنا ضعفاء، ولا يمكن للكونغرس ان يدير السياسة الخارجية. فالكونغرس يمكنه الاشارة الى تقديم المال، ولكن ليس ادارة سياسة خارجية. والحقيقة هي انه لا يمكن لغيرنا تحقيق السلام في الشرق الاوسط، واذا دعمنا اسرائيل، لن نتقدم، قد تحدث الحرب ولكن ليس التقدم”.
ويقول اورن ان كيسنجر تحدث في حينه عن تكتيك المساومة الذي يفضل تأسيسه على قدر ضئيل من المبادرات والاقتراحات التي تدفع الجانب الآخر الى الدفاع الدبلوماسي والاعلامي. ويقول الكاتب ان اسرائيل القديمة، كانت تجيد في الاربعينيات والخمسينيات البدء من النهاية، وكانت تلك هي الفكرة المركزية التي طرحها موشيه ديان في التخطيط لحرب سيناء (العدوان الثلاثي) ودافيد بن غوريون في تقبل مبدأ تقسيم البلاد. ويقوم هذا المبدأ على تحديد الهدف النهائي وبناء عليه رسم الخطوات التي ستقود اليه، من خلال الحفاظ على اليقظة واحتساب التطورات التي يمكن أن تنشأ. لكن التشويه طرأ مع احتلال الأراضي العربية في حرب 67، والاستيطان فيها.
ويقول ان اسرائيل قامت في الثمانينيات ببناء منظمة حماس كند لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي اوسلو عينت منظمة التحرير ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني. لكن ياسر عرفات لم ينفذ الجانب المطلوب منه في اوسلو، لأنه ارتدع عن المواجهة مع حماس، وتمتع بالحفاظ على أذرع للعمليات، تحت سيطرته وخارجها، كي يحث اسرائيل على الانسحاب. كما تهربت اسرائيل من تنفيذ الجانب المطلوب منها، وواصلت ارسال المستوطنين الى الضفة رغم تناقض ذلك بشكل واضح مع روح الاتفاق ان لم يكن مع لسانه، ايضا، والذي نص على تجميد الوضع واعادته الى الوراء. ويرى ان حجة اتفاق المصالحة مع حماس الآن، ليست الا ذريعة شفافة يتخذها نتنياهو للتهرب من الموافقة على اتفاق، يشمل تطبيقه تفعيل القوة الرسمية على المستوطنين. ويضيف ان المستودع الاسرائيلي مليء بالذرائع، وعلى من يريد السلام الاستعداد له، وهو ما لا تفعله حكومة نتنياهو. ولذلك يرى الكاتب ضرورة العودة الى مبدأ “البدء من النهاية”.
“حماس لا تجيد الا قتل اليهود”!!
يزعم بوعاز بيسموط في مقالة ينشرها في “يسرئايل هيوم” أن “ابو مازن قضى على المفاوضات، رغم انه وعد شعبه بدولة سيحصل عليها من القدس، وليس من غزة”. وحسب رأيه كان يتحتم على عباس بذل كل شيء كي يمدد المفاوضات، لأن ذلك كان ينطوي على مصلحة له ولإسرائيل وللأمريكيين. لكن ابو مازن اختار حماس.
ويدعي بيسموط ان القرار الذي اتخذه ابو مازن يثبت، المرة تلو الأخرى، انه لا يريد ولا يستطيع التوصل الى اتفاق. ويقول: “سيكون هناك من يختارون تحميل المسؤولية لإسرائيل والادعاء انها لا تملك سياسة في هذا الموضوع، الا انه في مثل هذا اليوم، عشية ذكرى المحرقة، نذكّر بأن مطالبة الحكومة الاسرائيلية بحدود آمنة ليس مجرد سياسة وانما التزاما نحو مواطنيها”.
ويشن بيسموط هجوما على حماس زاعما ان كل ما تريده وتجيد عمله هو قتل اليهود، ويكتب: “اسرائيل كانت تفضل لو أن “الديموقراطية” الفلسطينية انتخبت في قطاع غزة في 2007، ادارة اخرى غير حكومة “الارهاب”. لكنها ورغم الواقع غير المحتمل وافقت على اجراء المفاوضات، بل واطلقت سراح “قتلة” من السجن. لكن هناك حدود للتعامي الذي يمكن لإسرائيل انتهاجه مقابل الواقع الواضح جدا اليوم. فحماس لن تعترف بإسرائيل، وستواصل الطموح الى بذل كل ما تجيد عمله، “قتل اليهود”! ويمكن لعباس ان يواصل الادعاء بأنه صاحب السيادة في الحكومة الجديدة، وان اعترافه بإسرائيل يعني اعتراف الحكومة الفلسطينية كلها. لكن حماس سيخرج نفسه من هذا التصريح، وسيدعم الحكومة الفلسطينية الجديدة (اذا قامت) من الخارج، حتى يصل الأمر الى التفاوض مع اسرائيل، وعندها وكما في 2011 و2012، ستنتهي المصالحة الفلسطينية مرة أخرى بانشقاق جديد!”
“الفلسطينيون كلهم ارهابيون”!
هذا التحريض الأرعن يشنه المدعو د. رون برايمان، الرئيس السابق لمنتدى “البروفيسورات للمناعة السياسية والاقتصادية”، في مقالة ينشرها في “يسرائيل هيوم” حيث يعتبر أن احداث الأسبوع الأخير، خاصة التحالف بين عباس وحماس، تتيح برهة من الوقت للتفكير وفحص الفرضيات التي قادت اسرائيل حتى الهاوية ومن ثم الى اليقظة.
ويعتبر هذا الكاتب المتطرف ان فرضية السلام قامت على وجود “ارهابيين” أخيار و”ارهابيين” أشرار، وانه تم اخيرا تكذيب هذه الفرضية. ويزعم ان التحالف بين من يسميهم “الارهابيين في رام الله” و”الارهابيين في غزة” ينطوي على هدف مشترك وهو القضاء على دولة اسرائيل، وليس فقط طرد المستوطنين من الضفة! وبالنسبة له ان الفارق بينهما يكمن في الطريقة، فحماس لا يخفي هدفه، اما عباس فيفعل ذلك، ويحظى بالتالي بتأييد “العالم المتنور” والزوج اوباما – كيري، واليسار المتطرف في اسرائيل. ويرى ان هؤلاء لن يربكهم أي واقع ولن يتأخر اليوم الذي سيعودون فيه للضغط على اسرائيل كي تدفن رأسها في الرمل وتواصل “العملية السلمية”.
وحسب ما يراه فان اسرائيل حظيت الآن بفرصة لتحطيم ما يسميه “الصيغة الكاذبة لحل الدولتين غربي الأردن”، وهو الحل الذي يعتبره مستحيلا. ويقول انه يتحتم على اسرائيل الاهتمام بشؤونها كما يهتم العرب بشؤونهم، وعليها اولا الاهتمام باستيعاب المهاجرين، لأن اللاسامية المتعاظمة تحتم على اسرائيل التركيز على هدفها الصهيوني، تجميع شعب اسرائيل في بلاده، شريطة ان لا تبث بأنها تنوي طرد اليهود من بيويتهم!
ويزعم برايمان ان التسوية الاقليمية تمت في المنطقة عندما تم توقيع اتفاق السلام مع الاردن، ولم يتبق لإسرائيل الا انتظار قيام غالبية الفلسطينيين بتطبيق حقوقهم في الأردن. وبرأيه ان الفارق بين العرب في اسرائيل والعرب الذين لا يحملون المواطنة الاسرائيلية (يقصد سكان الضفة والقطاع) هو 19 سنة فقط، من عام 1948 حتى 1967، وهذه السنوات حسب رأيه تشكل نسبة نصف بالمئة من تاريخ شعب اسرائيل! ويرى في طلب عباس اطلاق سراح الاسرى العرب من اسرائيل انه يعتبر نفسه زعيما لعرب ارض اسرائيل، بما في ذلك مواطني اسرائيل العرب، وهذه المسالة يعتبرها حقيقة يجب الاعتراف بها. وفي المقابل، يقول، لا يوجد نوعان من اليهود: يهود من شرق “الخط الأخضر” الذين يقيمون في مساكن مؤقتة، وتداس حقوقهم الملكية، على حد زعمه، ويسمح بطردهم ووضع مخططات عنصرية لاخلائهم وتعويضهم، ويهود من غرب “الخط الأخضر”، يقيمون في مساكن ثابتة ولا يحق لاحد سلبهم بيوتهم واملاكهم. ويرى ان كل من يبادر الى “السلام” على أساس هذا التمييز البلطجي بين نوعين من اليهود لا يعتبر رجل سلام وليس انسانا يعتبر حقوق الانسان منارة لطريقه.
ويخلص الى القول ان “العجل الذهبي” للسلام استنفذ ذاته، ولا يمكن مواصلة الرقص من حوله وترديد “هؤلاء هم الهتك يا اسرائيل”.
اما الضم واما الانسحاب او الوضع الراهن ولكن حتى متى؟
يكتب ايتان هابر في “يديعوت احرونوت” انه لا يوجد امام اسرائيل إلا خيارين: اما ضم المناطق الفلسطينية وانشاء دولة ثنائية القومية، او ترسيم الحدود من جانب واحد، اسرائيلي، والانسحاب اليها. اما الخيار الثالث فهو مواصلة الوضع الراهن.
ويكر هابر بأن اسرائيل صرخت طوال سنوات بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، انه يمثل نصف الشعب الفلسطيني، وكانت تسأله عما اذا كان ما ستتفق معه عليه سيمثل غزة، أيضا. ويقول هابر: “لقد سخرنا منه وحولناه الى مهزلة، ووصفناه بأنه شخص لا قيمة له وقللنا من هامته كزعيم، والآن، عندما بات يمكن تحقيق الوحدة (وان كانت خطيرة بالنسبة لنا) في العالم الفلسطيني، وعندما بدأت غزة ببناء جسر وعلاقة مع الضفة الغربية، نقول: هل جننتم؟ فهذه هي حماس التي تريد تدمير دولة اسرائيل، وليست مستعدة للتسوية حتى ترى الإسرائيليين يهربون من هنا او اموات، الآن تريدون ان نتصالح معكم، ان نبحث عن السلام ونتوصل اليه؟”.
وحسب رأي الكاتب فان “حماس وفتح، ايضا، كانتا ترغبان منذ زمن بأن تختفي اسرائيل من الوجود. وكل الفلسطينيين (تقريبا) يريدون انتهاء الوجود الإسرائيلي القومي وربما الجسدي، وبينما كان يمكن للمعتدلين منهم ان يكتفوا بتحميلنا على السفن، فان المتطرفين ما كانوا سيتركوننا أحياء. لكن الخطأ الأول ارتكبه، كما يبدو، النبي موسى الذي احضرنا الى الأرض الموعودة، فهو لم يسمح لنا باختيار جيراننا، ولكن هذا هو الموجود، وهذا هو ما علينا مواجهته، مهما كان سيئا. نحن دولة محاطة بالأعداء على بعد لمسة، وفي الدائرة الثانية 1.2 مليار مسلم يريدون رؤيتنا جميعا نسبح في البحر. لا يوجد شيء جيد في هذه القصة”.
ويضيف: “هناك من سيقول ان الصهيونية، منذ بدايتها، قامت على اكتساب الوقت، سنة اخرى، ماعز آخر، ودونم أرض آخر. ومع مرور السنوات أضفنا مدفعا آخر، ودبابة أخرى، وطائرة أخرى. ولكن السؤال هو: كيف يمكن لهذه الحكاية الرائعة ان تتواصل لاحقا؟ وما الذي يمكن عمله أمام جدار العداء المشترك الذي بني هنا في الأسبوع الماضي؟ ويقول ان الاسرائيليين يميلون الى النظر الى الوقت القريب، الحالي، الى الاسبوع القادم والشهر القادم، لكنه يتحتم على القادة التفكير والعمل من اجل الأجيال القادمة، كيف ستعيش هنا، ومع من؟
ويرى هابر بأن الوحدة بين فتح وحماس لا تبشر بالخير، بل على العكس، ان الفلسطينيين يزدادون قوة بعد ان تكشف خلال العقد الأخير انشقاقهم وضعفهم. لقد احتفلنا في حينه، ولم يهمنا اذا قام محمد بقتل محمود، بل تمنينا ان يزداد ذلك، واستمتعنا بكل لحظة، اذا كان يمكن تسمية ذلك متعة. ويقول: حاليا، من شبه الواضح انه لا يوجد من نتحدث معه في الجانب الفلسطيني، ليس مع فتح وبالتأكيد ليس مع حماس. والخيار الأول المتبقي امامنا، ضم المناطق مع ملايين الفلسطينيين، لم يفكر فيه حتى مناحيم بيغن الذي فهم كيف سيكون وضع اسرائيل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لو اقدمت على ذلك. اما الخيار الثاني، ترسيم الحدود والانسحاب اليها، فهو لا يفكر فيه المستوطنون وانصارهم، الذين يبدو الآن انهم غالبية في اسرائيل، ويبقى الخيار الثالث، وهو كما يبدو ما سيتم، مواصلة “شد” الوضع الراهن.. ولكن حتى متى؟ ويتذكر ما قاله له القائد العام للجيش دافيد العزار في الثاني من اكتوبر 1973 ردا على سؤال مشابه. “لن يحدث أي شيء، قال العزار، لكننا بعد ثلاثة ايام وجدنا انفسنا في خضم الحرب امام الجيوش المصرية والسورية”.
“اتفاق غزة مجرد ابداء نوايا وليس مصالحة”!!
تدعي سمدار بيري في “يديعوت احرونوت” ان اتفاق المصالحة الفلسطيني، ليس الا مجرد ورقة حملت بعض الأسطر، وليس اكثر من “ابداء نوايا”. وحسب رأيها فان هذا الاتفاق يشبه المرات الثلاث السابقة ولا تتوقع منه شيئا. وتقول ان مصادر في غزة قالت لها ان عباس توجه نحو توقيع هذا الاتفاق بسبب غضبه على كل العالم، وفي رام الله يقولون ان ابو مازن نجح بتفخيخ حماس في لحظة واجهت فيها أزمة اقتصادية وسياسية، وقبل لحظة من انتخاب السيسي لرئاسة مصر وقيامه بتصفية كل الحسابات.
وتضيف ان الأسابيع الخمسة التي تم تحديدها لتشكيل حكومة الوحدة تبدو كأنها أبدية، فهم لم يتفقوا، مثلا، على من سيتحكم بأجهزة الامن في قطاع غزة، وكيف سيتم تقاسم اموال الوحدة، واي تمثيل ستحصل عليه حماس، وكيف ينوي القطاع ادارة شؤونه مقابل رام الله. وتشير بيري الى الموقف الغضب الذي اظهره نتنياهو (امام وسائل الاعلام الاجنبية) حين اعلن عن تعليق المفاوضات مع الفلسطينيين وفرض عقوبات اقتصادية عليهم. وتقول انه لا يمكن لنتنياهو تجويع غزة، وستمر الشاحنات اليها، وهو يعرف تماما مثل ابو مازن والسيسي، ان “المصالحة التاريخية” يمكن أن تنتهي بصفر مربع. ولذلك يبقي الباب مفتوحا” ويعلق المفاوضات، ولا يقتلها، سيما انه حقق مكسبا يتمثل في عدم تنفيذ المرحلة الرابعة من اتفاق الاسرى، كما ان الحكومة لن تنهار، ولن يفجر كيري وليبني وعريقات دماغه.
وحسب رأيها فان التوجه لم يكن مفاجئا، وانما قد يكون التوقيت الغريب الذي اختاره ابو مازن هو المفاجئ، اذا انه جاء قبل اسبوع من الموعد المحدد لنهاية المفاوضات. ولكن عندما يقوم رجال فتح بتنسيق دخولهم الى غزة عبر ايرز، مع الجهات الامنية الاسرائيلية، وتفتح مصر معبر رفح لمسؤول حماس موسى ابو مرزوق، لا توجد هنا دراما، فما تعرفه مصر يمكن لإسرائيل التكهن به.
وتطرح ما تعتبره دليلا مسبقا على ما حدث، وهي الرسالة المفتوحة التي وجهها احمد مسلماني، مستشار الرئيس المصري المؤقت، قبل اسبوعين، الى خالد مشعل. ففي الوقت الذي تعتبر فيه حركة الاخوان المسلمين تنظيما ارهابيا بالذات، ينصح مسلماني خالد مشعل بفصل حماس عن الاخوان المسلمين والتفكير الى الامام بمصطلحات سياسية ايجابية. وتضيف بيري: ما الذي يعينه ذلك سوى ان مصر تواجدت عميقا في الصورة. فهي تعرف من ابو مازن، انه بفضل التنسيق الاستراتيجي تعرف اسرائيل كل ما يدخل الى الفرن الفلسطيني.
والحقيقة، تقول، انه بعد رفع الأيدي ابتهاجا بتوقيع الاتفاق في غزة، سمعنا التهاني والثناء على النظام المصري. فما الذي يعنيه ذلك؟ ان حماس تتزلف للجنرال السيسي: ماذا مع الانفاق والملاحقات في سيناء؟ وتخلص بيري الى القول: يبدو ان ابو مازن مخادعا اكثر مما تصورنا، وسار حسب خطة منظمة: في البداية دعا الصحفيين الاسرائيليين كي يبلغهم بأنه نصير سلام، وبعد ذلك هدد بتفكيك السلطة، وفي اليوم التالي اسقط القنبلة. انه لم يقرر حتى الآن من الذي يكرهه بشكل اكبر، نتنياهو او مشعل، فلنراه يتوجه الى غزة، ولنراه يشكل حكومة، ولنراه يعين موعدا للانتخابات، ولنرى حماس تغلق فمها والاذرع العسكرية لا تقوم بتفجيرات.