أضواء على الصحافة الاسرائيلية 6 آب 2014

2014/08/06
Updated 2014/08/06 at 9:53 صباحًا


اسرائيل تسحب جيشها من القطاع وتهدد باستئناف الحرب

مع بدء الهدنة المؤقتة، وبدء محادثات القاهرة، وبعد 29 يوما من الحرب غادر آخر الجنود الاسرائيليين قطاع غزة، أمس، لكن لهجة التهديد باستئناف الحرب تواصلت على لسان ضباط كبار في الجيش كما يستشف من تصريحات ادلوا بها للصحف الإسرائيلية. وقالت صحيفة “هآرتس” ان الجيش بدأ باعادة بعض الألوية العسكرية الى معسكراتها الثابتة، لكنه نشر قوات كبيرة حول القطاع، لاحتمال اضطرار لمواصلة الحرب. وقال ضابط رفيع، امس، انه “اذا تعرضت اسرائيل للنيران فسنرد بالنيران”.

وينوي الجيش تسريح بعض قوات الاحتياط التي جندها لهذه الحرب، وبدء ترميم السياج الحدودي. وسيواصل الجيش خلال الأيام القريبة تفجير فتحات بعض الانفاق التي تمتد من غزة الى الأراضي الاسرائيلية، والتي تم اكتشافها في الجانب الشرقي من السياج. ويعمل طاقم استخبارات مهني تم توسيعه بعد العملية، على فحص طرق تدمير الأنفاق.

وقال احد المسؤولين العسكريين ان الفحوصات اثبتت بأنه تم الحاق ضرر كبير بالأنفاق وانها فقدت هدفها الأساسي – تنفيذ عمليات في الجبهة الداخلية الاسرائيلية. وحسب اقوال ضابط رفيع شارك في الحرب فان الهدف الساسي للعملية هو “انتزاع الانفاق من أيدي حماس”. وقال: “في 90% منها أصبنا الهدف وكنا نعرف أين تتواجد، ولكنه كانت لدينا فجوات في المعلومات، ايضا”.

وكتبت “يديعوت احرونوت” انه بعد قصف صاروخي مكثف سبق دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ بدقائق، ساد الهدوء في الجنوب، امس. وتجري المعركة الآن لاقناع سكان محيط غزة بقدرة الجيش على حفظ امنهم في ضوء التخوف من بقاء انفاق في المنطقة. ولهذه المعركة، ايضا، تم تجنيد قائد المنطقة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان، الذي خرج الى وسائل الاعلام امام مقر كتيبة غزة، امس، وقال انه “يمكن للسكان العودة الى بيوتهم الى واقع افضل واكثر آمنا، وان الجيش سيعمل على تفجير أي نفق يعرف عنه حتى لو احتاج الأمر الى توغل بري”.

ويتكهن الجيش بأن المفاوضات السياسية ستستغرق اسبوعين بعد انتهاء الهدنة الحالية التي تم اعلانها لمدة 72 ساعة. وفي حال لم تكن حماس راضية عن التفاهمات فانها ستتحدث الى إسرائيل بالصواريخ، ولذلك ابقى الجيش على قواته في حالة تأهب.

وقال ضابط رفيع، امس: “اذا اردنا الحفاظ على انجازات العملية سنضطر الى اثبات اصرارنا في العمل وليس في التصريحات”. وحول استمرار الحرب لمدة شهر وليس لعدة ايام كما توقع الكثير من العسكريين، قال الضابط للصحيفة: “لم يعد أي وجود للحروب القصيرة. وعلى القائد العام للجيش استخلاص هذه العبرة واعداد المخططات العملية لبقية الجبهات”.

وفي حديث لصحيفة “هآرتس” اعتبر ضابط رفيع ان عدد النشطاء الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الحرب على غزة اكبر من العدد الذي تحدث عنه الجيش (بين 750 و900)، وهي “نسبة جيدة” حسب رأيه. واضاف: “هذه مسألة متنسابة وفق كل مبادئ الأخلاق، وانا اقول ذلك من وجهة نظر الجيش والمجتمع الإسرائيلي”. ويرى بأن اوامر فتح اطلاق النار في غزة كانت صحيحة، حتى في رفح حيث قتل الكثير من المدنيين!

في المقابل سيبدأ الجيش باجراء عدة تحقيقات تتعلق بالنشاط العسكري في غزة، وكما يتوقع فان غالبيتها ستركز على موضوع الانفاق. ولكنه سيتم فحص احداث اخرى، كانهيار البيوت على قوات الجيش اثناء عملها والاخطاء التكتيكية التي حدثت خلال الحرب.

اسئلة بحاجة الى أجوبة

وكتبت صحيفة “يديعوت احرونوت” في هذا الصدد انه الى جانب النجاح العسكري في عملية الجرف الصامد، ستضطر اسرائيل الى مواجهة عدة تساؤلات صعبة:

فيما يخص العملية العسكرية: كيف تمكنت حماس رغم القصف الضخم من الحفاظ على قدرات قصف صاروخي حتى اليوم الأخير؟ وكيف لم تتمكن اسرائيل خلال 29 يوما من الحرب من الوصول الى مخابئ قيادة حماس وتصفيتهم؟ ولماذا لم يستعد الجيش للخطر، ولم يعد الخطط لمعالجة الأنفاق، ولم يهتم بتزويد ما يكفي من القوات والمعدات لتدمير الأنفاق؟ ولماذا دخلت قوات جولاني الى قطاع غزة مصفحات “زالدا” القديمة وغير المدرعة، والتي تحولت احداها الى فخ مميت؟ هل كان يمكن منع موت الجنود الذين قتلوا جراء سقوط القذائف في مناطق التجميع، وهل كانوا يملكون وسائل حماية؟ كيف حديث وتمكن “المخربون” من التسلل عبر نفق والوصول الى برج الحراسة في ناحل عوز وقتل خمسة جنود؟

مجال الردع، نقطة الانطلاق: كيف حدث ولم تتمكن اسرائيل من طرح تهديد ملموس امام حماس يردعها عن مواصلة اطلاق الصواريخ؟ لقد افترضت حماس منذ البداية ان اسرائيل لا تنوي المضي حتى النهاية، وبحق. ومعرفتها الواضحة بأن إسرائيل لن تمارس كل القوة من اجل تدميرها عززت قوتها على تلقي الخسائر.

اصرار العدو: كيف حدث انهم قالوا لنا المرة تلو الأخرى ان حماس هزمت واصيبت وتستجدي وقف اطلاق النار، لكنها بقيت صامدة حتى النهاية، بل وخرقت الهدنة الانسانية من خلال التلميح الى عدم رغبتها بوقف اطلاق النار؟

غياب الردع: كيف تخرج اسرائيل من غزة دون هزم حماس واصابة قادتها؟ يمكن لقادة حماس بعد ان يقفوا على حجم الدمار في القطاع ان يفكروا مرتين قبل عودتهم لإطلاق النار، ولكن هذا ليس مؤكدا. كما يمكن الافتراض بأن حزب الله يتابع تسلسل الحرب ويستنتج العبر. ولكن من جهة ثانية يرى حزب الله نجاحات القبة الحديدية ويفهم انه سيكون من الصعب عليه اصابة الجبهة الداخلية.

وهناك تساؤلات تتعلق بتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة: كيف تدهورت الى هذا الحد؟ صحيح ان الولايات المتحدة دعمت اسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، خلال الأيام الاولى للحرب، ولكن كلما تواصلت العملية وصل الشجب الامريكي وتبادل الاتهامات، وفي النهاية جاء الانذار الذي وجهه اوباما بوقف الحرب فورا والذي تجاهلته إسرائيل.

لقد غضبت إسرائيل على وزير الخارجية جون كيري الذي عرقل المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار وفضل قطر وتركيا، ولكن من جانب آخر يجب ان نذكر انه في ساعة الاختبار فتحت الولايات المتحدة مستودعات اسلحتها امام اسرائيل وصادقت على مساعدة مالية طارئة بقيمة 225 مليون دولار للقبة الحديدية.

العالم ضدنا: كان من الواضح ان صور الاولاد القتلى في غزة والاحياء المدمرة والمساجد المفجرة ستثير المجتمع الدولي وتمس بشرعية العملية، ورغم ذلك، كيف لم يتمكن الجيش والقيادة السياسية من تقليص هذا الضرر، ولم ينجح الاعلام الإسرائيلي باقناع العالم بأن حماس تتحمل المسؤولية لأنها تستخدم المدنيين كدروع بشرية؟

“حماس لم تحقق أهدافها”

كتبت “يسرائيل هيوم” ان رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اطلع الوزراء خلال اجتماع عقده للمجلس الوزاري المصغر، أمس، على بنود الترتيبات التي تستند الى تفاهمات ‘عامود السحاب’ في 2012. وحسب الصحيفة تتطرق هذه الترتيبات الى وقف إطلاق النار وترتيب مسائل الأمن، والتنمية الاقتصادية، ووقف الأعمال العدائية، والفهم بأن أي خرق للهدوء من قبل حماس سيتم الرد عليه باطلاق النار، والاتفاق على مجالات الصيد قبالة سواحل غزة وحركة البضائع والناس على المعابر.

وفي المقابل، اضافت الصحيفة، تتعاون اسرائيل مع مصر حول ما يسمى “منع تعزيز قوة حماس”، ما يعني التنسيق لمنع نقل الصواريخ والأسلحة والذخيرة من سيناء إلى قطاع غزة.

وحسب رأي الجيش الإسرائيلي فانه نظرا لتعقيدات الوضع السياسي، وتدخل مصر وتركيا وقطر والولايات المتحدة وحماس، فان التوصل الى ترتيبات سياسية سيستغرق وقتا طويلا. وحسب احد القادة الكبار في لواء الجنوب فانه “ستسود بعد الترتيبات فترة هدوء حقيقية. فالضرر هائل في غزة، وسيستغرق سنوات طويلة لترميمه”.

وقال مصدر سياسي، امس، ان حماس منيت بضربة عسكرية كبيرة، على مستوى الانفاق والصواريخ، ووصلت الى القاهرة في غياب كامل لمطالبها عن طاولة المفاوضات. واضاف: “كان يمكن لحماس الحصول على الأمر نفسه وفق اقتراح وقف اطلاق النار الأول، لكنها رفضت المبادرة المصرية وبالتالي استسلمت للإملاء المصري، ولم يتم رفع الحصار. وفي نهاية الأمر انتصرت المبادرة المصرية وحماس خسرت”.

وعلم امس ان حماس تراجعت عن غالبية المطالب التي طرحتها في بداية الاتصالات، وذلك بعد ان اوضح الوسطاء المصريين بأن مطلب انشاء مطار في غزة وفتح الميناء البحري ليس مطروحا على الجدول. واوضحت مصر للفلسطينيين انها مستعدة لمناقشة فتح معبر رفح، فقط في حال تسلم سلطة ابو مازن للمسؤولية عنه في الجانب الغزي. وخلافا لموقفه في السابق يبدو ان حماس مستعدة للموافقة على ذلك الآن.

وكتبت صحيفة “هآرتس” ان وفدا إسرائيليا ضم ثلاثة شخصيات وصل الى القاهرة للاجتماع بالوسطاء المصريين، حسب ما اعلنته مصادر مصرية. وقالت المصادر للصحيفة ان الوفد يضم المحامي يتسحاق مولخو، ورئيس الشاباك يورام كوهين ورئيس الطاقم الأمني السياسي في وزارة الأمن عاموس غلعاد. لكنه لم يتم تأكيد ذلك بشكل رسمي لا من قبل اسرائيل ولا مصر.

وقالت المصادر ان الاسرائيليين سلموا المصريين ورقة بالمطالب الاسرائيلية، وتم عرضها على الفلسطينيين. وواصل الوفد الفلسطيني اجتماعاته مع الوسطاء المصريين في القاهرة بهدف صياغة اتفاق يقود الى تمديد وقف اطلاق النار ووضع ترتيبات جديدة لفتح المعابر. وانضم الى الوفد الفلسطيني، امس، ثلاثة أعضاء جدد يمثلون الفصائل في غزة، وهم خليل الحية وعماد العلمي، من حماس، وخالد البطش من الجهاد الاسلامي.

وقال مصدر مصري ان الوسطاء يركزون بشكل أساسي على منع انفجار الاتصالات وتمديد وقف اطلاق النار بشكل تدريجي، وعدم طرح كل الأمور مرة واحدة. ولهذا السبب تم تأجيل مناقشة العديد من القضايا، مثل بناء ميناء بحري والتركيز على فتح المعابر وتخفيف الحصار على غزة. مع ذلك قال اعضاء في الوفد الفلسطيني ان الموقف الإسرائيلي لا يزال غامضا بالنسبة لهم.

ونشر اسماعيل هنية بيانا، امس، قال فيه انه يتابع عن قرب محادثات القاهرة، وان حماس حافظت طوال ايام الحرب على اتصالات مع قطر وتركيا ومصر بهدف وقف العدوان الإسرائيلي. وقال ان الوفد الفلسطيني يحظى بتفويض واسع من قبل كل الفصائل الفلسطينية، ويهدف الى تحقيق نتائج وحل عادل يتفق مع الثمن الدامي والتضحية الفلسطينية. وقال ان الفلسطينيين موحدين في موقفهم ويؤمنون بأن مصر والدول العربية تدعم موقفهم الذي يدعو الى رفع الحصار عن قطاع غزة.

واضاف: “إسرائيل التي فشلت في ساحة الحرب لن تنتصر في الساحة السياسية. دم الشهداء الذي سفك في شوارع غزة لن يذهب هدرا”. وتطرق هنية الى التزام الفصائل الفلسطينية، خاصة حماس وحكومة المصالحة، باعمار القطاع وتعويض العائلات التي اصيبت جراء العدوان على القطاع.

واعلنت كتائب عز الدين القسام في بيان لها ان الكتائب الفلسطينية تواصل حالة التأهب ولا تعتبر المعركة منتهية طالما لم يتم الموافقة على المطالب الفلسطينية. وجاء في البيان “اننا نتعامل مع هذه المرحلة كفترة مرحلية، والسلوك الإسرائيلي سيحدد طابع المعركة ووجهتها في الفترة القريبة”.

في المقابل تواصل السلطة الفلسطينية اتصالاتها مع اسرائيل لنقل المساعدات من الضفة الى قطاع غزة. وقال وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ان إسرائيل وافقت على نقل معدات هندسية وطواقم طوارئ الى غزة، لمساعدة القوات على اخلاء الركام وتفكيك العبوات المتبقية في المنطقة.  واعلن وزير الاقتصاد الفلسطيني ونائب رئيس الحكومة، محمد مصطفى، ان الدول الداعمة ستجتمع في مطلع ايلول في النرويج لتجنيد الأموال لاعمار غزة. ويقدر مصطفى ان حجم الاضرار الفلسطينية في القطاع يصل الى ستة مليارات دولار.

إسرائيل تستعد للمعركة الدولية

كتبت صحيفة “يديعوت احرونوت” انه مع انتهاء عملية “الجرف الصامد” بدأت اسرائيل الاستعداد لهجمات قانونية من جانب الفلسطينيين الذين ينوون التوجه الى المؤسسات الدولية المختلفة لاتهام اسرائيل بالمسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب. وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية انه تنتظر اسرائيل معركة دبلوماسية وقانونية، سيكون تقرير غولدستون (بعد الرصاص المصبوب) بمثابة لعبة مقارنة بها.

ويتوقع ان تواجه إسرائيل في المجال القضائي عدة تحديات، من بينها محاولة استصدار اوامر اعتقال ضد الضباط والمسؤولين الرسميين في الخارج، ومحاولة جر اسرائيل الى لجنة تحقيق والى المحكمة الدولية في لاهاي.

وقد بادرت السلطة الفلسطينية الى مشروع قرار في المجلس الدولي لحقوق الانسان، بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب التي يدعى ان إسرائيل ارتكبتها في “الجرف الصامد”. وتعمل الامم المتحدة في جنيف على تركيب اللجنة ومنحها التفويض الدولي. في المقابل تعمل الولايات المتحدة التي عارضت تشكيل اللجنة، مع إسرائيل من اجل تذويب القرار، لكن القدس تتكهن بأن الخطوة ستفشل وسيتم تشكيل اللجنة.

ويبدو حاليا ان إسرائيل ستقاطع اللجنة كما قاطعت لجنة غولدستون. وقامت وزيرة القضاء بتشكيل طاقم يتولى تقديم توصيات الى الحكومة حول سبل مواجهة الهجمة المتوقعة. وفي المقابل تقرر ان تستعد اسرائيل لشن هجوم قضائي من جانبها. وسيتم في هذا الاطار عرض ادلة امام جهات الفحص الدولية، حول “جرائم انسانية” خطيرة ارتكبتها حماس قبل وخلال الحرب ضد سكان اسرائيل والمدنيين في غزة.

وبدأت النيابة العسكرية التحقيق في اعمال اطلاق النار وقتل المدنيين في غزة. وستستخدم إسرائيل هذه التحقيقات عندما ستدعي انها تفحص الحالات بنفسها ولا حاجة للتحقيق فيها من قبل المؤسسات الدولية!

وتوجه وزير الخارجية الفلسطيني الى المحكمة الدولية في لاهاي، مطالبا التحقيق بجرائم الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة. وتفحص السلطة الفلسطينية امكانية الانضمام الى معاهدة روما، بهدف تقديم شكاوى ضد الجهات الاسرائيلية في لاهاي. يشار الى ان إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الدولية، ومن المشكوك فيه انه سيتم محاكمتها. وقال مصدر فلسطيني في رام الله لصحيفة “يديعوت احرونوت” ان ابو مازن لم يقرر بعد ما اذا كان سيدعم التوجه الى المحكمة الدولية.

ليفني تدعو الى تشكيل جبهة دولية ضد حماس

نقلت صحيفة “يديعوت احرونوت” عن وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني قولها، انه من المهم انهاء العملية العسكرية في غزة بوقف جبهة دولية واسعة ضد حماس. وقالت خلال لقاء مغلق في معهد الدراسات القومية، ان تشكيل هذه الجبهة بالغ الاهمية في سبيل ترسيخ المبادئ والاهداف الساعية الى خلق واقع جديد في غزة يضعف حماس ويمنعها من تحقيق انجازات بعد الحرب.

وحسب ليفني فقد تولدت فرصة حقيقية لتجنيد العالم وأشارت الى المبادئ التي يجب على إسرائيل تحديدها بمساعدة المجتمع الدولي: منع تضخم قوة حماس، الاشراف على المعابر حتى تجريد القطاع من السلاح، عودة ابو مازن والسلطة الفلسطينية الى غزة، وجعلها العنوان الشرعي الوحيد، منع تمويل الارهاب، والتمييز بين الشعب وحماس في غزة، وترميم القطاع فقط من خلال المراقبة ونزع السلاح.

وحسب رأيها فانها استنتجت من محادثات اجرتها مع قادة العالم خلال الأسبوعين الأخيرين، ان الفرصة مواتية لتجنيد العالم، وقالت: “هذا مهم لأمن اسرائيل على المدى الفوري والطويل، وهذه فرصة يجب عدم تفويتها”.

غلؤون: انتهاء الحرب بدون افق سياسي يعني الفشل

قالت رئيسة حركة “ميرتس” زهافا غلؤون ان التوصل الى وقف لإطلاق النار يعتبر مسألة بالغة الاهمية، لكنها لا تتوهم بأن حماس ستصبح محبة لصهيون، ولكن اذا ساد الشعور برفع الخناق عن قطاع غزة ودعم الجهات المعتدلة في السلطة الفلسطينية ومنح اقصى ما يمكن من الانجازات للرئيس محمود عباس، فان من شأن ذلك ان يساهم في خلق واقع جديد يولد الضغط على حماس.

واضافت غلؤون في حديث لموقع “واللا” انها تعتقد بأنه اذا انتهت عملية “الجرف الصامد” كخطوة عسكرية فقط بدون افق سياسي، فهذا يعني الفشل المعروف مسبقا. فخطوة كهذه مع ما رافقها من قتل ودمار كبير في غزة، ومقتل 64 جنديا، ستكون فاتحة لجولة اخرى اذا انتهت كخطوة عسكرية فقط.

وقالت غلؤون انها لا تؤمن بأن الحرب تهزم الارهاب. واكدت ان الحرب لم تهدف الى اسقاط حكومة حماس وهناك من روج الى عرض كاذب يدعي بأنه يمكن تحقيق ذلك.

“انفاق غزة تختلف عن انفاق التدريبات”

تواصل الصحف الإسرائيلية تناول المفاجأة التي اذهلت الجيش الإسرائيلي في كل ما يتعلق بمبنى الانفاق في قطاع غزة. وكتبت صحيفة “هآرتس” انه يستدل من افادات ادلى بها جنود وضباط بعد خروجهم من غزة ان قوات الجيش الاسرائيلي لم تتدرب على محاربة انفاق مشابهة لتلك التي تم العثور عليها في غزة.

وعلمت “هآرتس” انه تم خلال الحرب فقط نقل التوجيهات المهنية من قبل سلاح الهندسة الى ألوية الجيش، بشأن طريقة كشف وتدمير الأنفاق. وقد واجهت القوات مصاعب في كشف الأنفاق واستخدمت طرق عدة لتدمير تلك التي تم اكتشافها. واضطر الجنود الى ارتجال طرق بمساعدة ما تزودوا به من معدات وتوصلوا بقواهم الذاتية الى طرق سهلة نسبيا، ساعدتهم على تنفيذ المهمة.

وقال ضابط رفيع في كتيبة غزة، امس، انه “كانت هناك فجوات في امور معينة تتعلق بالأنفاق”. وحسب الجيش تم خلال العملية تدمير 32 نفقا، بمساعدة عشرات آلاف الجنود الذين امضوا اكثر من اسبوعين داخل غزة.

وقال جنود وضباط ان الجنود تدربوا فعلا على محاربة الأنفاق، ولكن الأنفاق التي تدربوا عليها لم تشبه بتاتا انفاق غزة، وانما كانت مناطق حربية تحت الأرض كتلك التي تم اكتشافها خلال حرب لبنان الثانية كجزء من “المحميات الطبيعية” لحزب الله (مواقع شملت أقبية وقنوات تحت الأرض). ويدير سلاح الهندسة وحدة خاصة لمحاربة الأنفاق، تعمل بطريقة التسلل اليها وارسال روبوت لكشف ما يحدث تحت الأرض، لكن ذلك كله لا يشبه بتاتا ما واجهه الجنود في غزة.

معطيات حول حرب غزة 2014

تنشر “هآرتس” معطيات تلخص ايام الحرب، والتي تم جمعها من الجيش الإسرائيلي ونجمة داوود الحمراء وقسم المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية والمركز الفلسطيني لحقوق الانسان.

وحسب هذه المعطيات، فقد قتل 64 جنديا اسرائيليا وثلاثة مدنيين، واصيب 1620 جنديا و684 مدنيا. وتم تجنيد 82.201 جندي احتياط للمشاركة في الحرب، وتم تدمير 32 نفقا. وشن سلاح الجو الاسرائيلي 4762 هجوما على غزة، وسقط في إسرائيل 2657 صاروخا فلسطينيا، واعترضت القبة الحديدية 584 صاروخا.

اما في الجانب الفلسطيني فقد بلغ عدد القتلى 1865، من بينهم بين 750 – 1000 مسلح، و243 امرأة، و429 طفلا. وبلغ عدد الجرحى 9536. وتم تهجير 485 الف فلسطيني من بيوتهم، وتدمير 141 مدرسة، و30.920 منزلا.

الخسائر الاقتصادية لإسرائيل جراء الحرب

قال مدير سلطة الضرائب في اسرائيل، موشيه أشير، امس، ان الفحص الأولي لتكاليف عملية الجرف الصامد يشير الى انها كلفت الاقتصاد الاسرائيلي قرابة 4.5 مليار شيكل، نجمت عن فقدان 0.5% من الناتج القومي.

وقالت “يسرائيل هيوم” ان هذه طبعا ليست التكلفة الوحيدة للحرب. فحسب التقييمات، كلفت العملية الجيش الإسرائيلي قرابة 8 مليارات شيكل، وعلى ضوء ذلك من المتوقع ان يطالب الجيش بزيادة ميزانية الأمن في عام 2015.

بالإضافة الى ذلك، تم تقدير الضرر الذي اصاب المباني بقيمة 50 مليون شيكل. كما تم تقدير انخفاض المدخول الضرائبي بقرابة 1.5 مليار شيكل. ويتوقع وصول الحجم الكلي للتعويضات التي سيتم دفعها لسكان محيط غزة، على مدار 40 كلم، الى مليار شيكل، اضافة الى خسائر بملايين الشواقل لفرع السياحة.

ويسود التخوف الآن من رفع الضرائب في إسرائيل لتعويض خسائر الحرب. لكن أشير يقول انه سيبذل كل جهد لمنع رفع الضرائب. وفي المقابل رفض اشير تخفيض نسبة الضريبة المضافة بـ1.5%. وقال ان تخفيض 1% من ضريبة القيمة المضافة يعني خسارة 4.7 مليار شيكل.

بالاضافة الى ذلك قال المدير العام لاتحاد مربي الابقار الحلوب، ابيتار دوتان، ان الخسائر التي منيت بها حظائر الأبقار المتواجدة داخل نطاق 40 كلم من قطاع غزة، خسرت قرابة 30 مليون شيكل خلال الحرب.

استطلاع ديالوج: 51% يعتبرون الحرب انتهت بالتعادل

يستدل من نتائج استطلاع للرأي اجراه معهد ديالوج لصالح صحيفة “هآرتس” امس، ان الجمهور الاسرائيلي يلخص الحرب على غزة بدعم واسع لقادة الحرب نتنياهو ويعلون وغانتس، لكنه لا يعتبر إسرائيل حققت انتصارا، ولا يسوده الوهم الزائد وينظر الى الواقع بشكل واع. وحسب الصحيفة فانه لو سئل المشاركون في الاستطلاع عن تلخيصهم للمعركة لكانوا سيجمعون على اختيار كلمة “تعادل”.

وقد فحص الاستطلاع الذي اشرف عليه البروفيسور كميل فوكس من جامعة تل ابيب، مواقف الجمهور بشان شكل انتهاء الحرب في هذه المرحلة. وقال غالبية المشاركين في الاستطلاع (51%) ان الانتصار لم يكن حليف أي طرف خلال ايام الحرب. وحسب رأي 56% فقد تم تحقيق اهداف الحرب (تدمير الانفاق وضرب حماس) بشكل جزئي.

وحسب الصحيفة فان هذه النتائج تدل على دلائل البلوغ وفهم الامور من قبل العينة التمثيلية التي شملها الاستطلاع. وتقول ان الاسرائيليين المجربين لعمليات كهذه في محاربة الارهاب، حزب الله في الشمال وحماس والجهاد في غزة، يدركون انه في نهاية كل عملية عسكرية وكل حرب، تكمن بذور المواجهة القادمة، وهم يعرفون انه لا توجد انتصارات كبيرة ولا هزائم محرقة، وانما تحقيق اهداف محدودة ستطرح للاختبار خلال الأشهر والسنوات المقبلة.

ويتضح هذا البلوغ في الرد على السؤال المتعلق باستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية برئاسة ابو مازن، والحاجة الى تدعيمه من قبل اسرائيل. فقد اعرب غالبية الجمهور عن دعمه لذلك، ما يثبت ان كل شيء نسبي. فقبل شهرين اعتبر عباس بمثابة الشيطان، والان احتلت حماس مكانه، واصبح هو نجما لامعا.

وحسب الصحيفة فان مكانة عباس ارتفعت في إسرائيل بعد شجبه باللغة العربية، في اجتماع لوزراء الخارجية العرب، اختطاف الفتية الاسرائيليين. كما يقدر الاسرائيليون بقاء الضفة هادئة نسبيا خلال ايام الحرب على غزة.

وفيما يلي نتائج الاستطلاع: في الرد على سؤال حول تقييم نتائج عملية الجرف الصامد في المرحلة الحالية، قال 36% ان اسرائيل انتصرت، فيما قال 6% ان حماس انتصرت. لكن 51% لا يعتبرون الانتصار حليف أي طرف. وقال 6% انهم لا يملكون جوابا.

وحول ما اذا تم تحقيق الاهداف التي حددها الجيش للمعركة: تدمير الانفاق واعادة الردع وتوجيه ضربة بالغة لحماس، قال 26% انه تم تحقيق كافة الأهداف، فيما قال 56% انه تم تحقيقها بشكل جزئي، مقابل 13% يعتبرون انها لم تحقق اهدافها. ورفض 5% الاجابة.

وبشأن دعم عباس واستئناف المفاوضات بعد عملية غزة، قال 53% انهم يؤيدون ذلك، مقابل 37% يعارضون ذلك، و5% رفضوا الاجابة.

اما بالنسبة لأداء نتنياهو ويعلون وغانتس خلال الحرب، فقد قال 44% انهم يعتبرون نتنياهو تصرف بشكل جيد، فيما قال 33% انه تصرف بشكل ممتاز، وقال 12% انه لم يتصرف بشكل جيد، مقابل 8% اعتبروا تصرفه سيئا، و3% رفضوا الاجابة.

وبشأن يعلون، اعتبر 43% انه تصرف بشكل جيد، فيما قال 33% انه تصرف بشكل ممتاز، وقال 9% انه لم يتصرف بشكل جيد، مقابل 6% اعتبروا تصرفه سيئا، و7% رفضوا الاجابة.

واما غانتس فقد قال 53% انه تصرف بشكل ممتاز، فيما قال 30% انه تصرف بشكل جيد، مقابل 7% اعتبروه تصرف بشكل غير جيد، و3% قالوا انه تصرف بشكل سيء. ورفض 7% الاجابة.

يشار الى ان الاستطلاع اجري في 5 آب وشمل 442 إسرائيليا. وتصل نسبة الخطأ الى 5.2% في كل سؤال على حدة.

اسرائيل تدعي التوصل الى ادلة تثبت تمويل حماس لاختطاف الفتية

ادعت اسرائيل في رد قدمته الى المحكمة العليا، على التماس ضد هدم منازل مروان القواسمة وحسام القواسمة وعامر ابو عيشة، المشبوهين بقتل الفتية الثلاثة غيل عاد شاعر ونفتالي فرانكل وايال يفراح، ان حسام القواسمة المعتقل لديها، هو الذي قاد الخلية، وان تمويلها وصل من حماس في غزة!

وقالت صحيفة “هآرتس” ان هذا الادعاء يتناقض مع ادعاء جهاز الشاباك بأن مروان وعامر هما المشوهين الرئيسيين في العملية. وكانت الوحدات الخاصة قد اعتقلت حسام في منزل احد اقربائه في مخيم شعفاط، في تموز الماضي. وتدعي إسرائيل انه اعترف خلال التحقيق معه بالحصول على تمويل للعملية من حماس في غزة، وانها تشتبه بتلقيه مساعدة من احد محرري صفقة شليط في تحويل التمويل.

وحسب ادعاءات نيابة الدولة فقد التقى مروان مع حسام بعد خطف وقتل الفتية الثلاثة، وسافرا معا الى قطعة الأرض التي اشتراها حسام في حلحول ودفنا الثلاثة هناك. وساعد حسام مروان وعامر على الاختباء، وخطط للهرب الى الأردن بمساعدة وثائق مزيفة.

وتدعي النيابة انه لا يوجد أي مبرر لتدخل الجيش بقرار هدم منازل الثلاثة، وان تدهور الاوضاع الامنية في الضفة، والذي وصل الى قمته في اختطاف وقتل الفتية الاسرائيليين، يجعل من تفعيل صلاحية هدم المنازل مسألة حيوية لردع الآخرين. وكان الجيش قد استأنف سياسة هدم منازل المشبوهين بتنفيذ عمليات، في مطلع تموز حين دمر منزل عائلة زياد عواد من اذنا، المشبوه بقتل الضابط باروخ مزراحي.

يشار الى ان مروان وعامر لا يزالا طليقين، ولم يتمكن الجيش من الوصول اليهما. وقام بعد ثلاثة ايام من اختطاف الفتية باعتقال زوجتي مروان وعامر والتحقيق معهما ومن ثم اطلاق سراحهما.

فاينشتاين: الزعبي لا تملك صلاحية امام التحقيق

قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” ان المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين اعتبر انه لا يحق لعضو الكنيست حنين زعبي تسلم مواد التحقيق التي ادت الى قرار التحقيق معها، وان عليها المثول للتحقيق في الشرطة في الموعد الذي سيتم تحديده. واعلنت زعبي بعد تسلمها رسالة فاينشتاين انها تنوي المثول للتحقيق خلال الأيام القريبة.

وجاء في بيان صدر عن مكتب الزعبي انه بعد تلقي رد المستشار القضائي للحكومة والذي تطرق فيه الى موضوع التحقيق والشكاوى التي قدمتها الزعبي ضد المحرضين عليها، ستمثل الزعبي امام الشرطة وتدلي بافادتها الكاملة.

وكان فاينشتاين قد صادق الاسبوع الماضي على التحقيق مع الزعبي بشبهة التحريض على العنف واهانة موظفي جمهور، في تهجمها على افراد شرطة عرب في ساحة المحكمة في الناصرة. وقد استدعتها الشرطة للتحقيق يوم الاحد الماضي لكنها رفضت الحضور وطالبت بتسلم مواد التحقيق التي استند اليها القرار وما هي الشبهات الموجهة اليها.

واعلن فاينشتاين امس رفضه لطلب الزعبي وقال ان سلطات القانون ليست ملزمة بتحويل مواد التحقيق، ولا حتى لعضو الكنيست. واضاف فاينشتاين ان قانون الحصانة لا يمنح عضو الكنيست الحصانة امام التحقيق معها في الشرطة.

مقالات

يجب العمل مع الجيران

تحت هذا العنوان تكتب صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها الرئيسية، ان وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ أمس، يستبدل الحرب بين إسرائيل وحماس بطاولة المفاوضات. وهذه هي عادة المرحلة التي تنتهي فيها الحروب، شريطة التوصل الى اتفاق يتجاوب مع تطلعات الجانبين. لكن هناك من يتوقعون منذ الآن بداية جولة أخرى من العنف لأنهم لا يؤمنون بأن حماس مستعدة للالتزام الطويل بالتفاهمات التي سيتم التوصل اليها في القاهرة. وقد تكون على حق. ولكن هذا هو بالضبط الافتراض الذي يحتم بناء قاعدة صلبة للتعاون مع جميع الأطراف الأخرى المشاركة في المفاوضات.

ان مصر، التي أثبتت موقفا قويا، باتت تعتبر شريكا ليس فقط للمفاوضات مع حماس، ولكن أيضا في القضايا الأمنية الأخرى، والتي نأمل أن تتسع الى المجالات الاقتصادية والسياسية. وسيكون محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، منذ الآن الممثل المتفق عليه لإدارة برنامج اعمار غزة والاتصالات الامنية. وعلى النقيض من الموقف المخزي والمدمر لوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي قرر أمس أن “التفكير بأبو مازن كحليف يعتبر خطأ فادحا”، يجب تعزيز مكانة ابو مازن وكذلك التفاوض معه على مستقبل غزة – ويجب تجديد مجمل العملية السياسية معه.

إن إعادة إعمار غزة هو الخطوة الصحيحة الآن، بعد اعمال الدمار والقتل التي تعرض لها 1.800.000 نسمة في غزة. ويجب على إسرائيل ومصر والفلسطينيين، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة وأوروبا، التجند لخلق قاعدة اقتصادية قوية يمكنها إحداث التغيير المناسب في حياة المواطنين الغزيين، وهو التغيير الذي يمكن أن يشكل حصنا حقيقيا ضد استئناف العنف.

من الواضح، ان مثل هذا التأهيل الاقتصادي يحتم رفع الحصار عن غزة، وفتح المعابر والسماح وتمويل بناء ميناء بحري في غزة. ومع ذلك، فان التأهيل وحده لا يكفي بدون أفق سياسي. كخطوة أولى يتحتم على إسرائيل الاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية واعتبارها ممثلا متفقا عليه، وتستحق التعاون معها في جميع المجالات. فمن دون هذا الاعتراف، ستجد إسرائيل نفسها توقع على اتفاق مع حماس، لن يكون اكثر من اتفاق لوقف إطلاق النار لفترة محدود. يتحتم على رئيس الوزراء الذي يدرك أن أمام إسرائيل فرصة سياسية لاعادة تشكيل علاقاتها مع بعض الدول العربية – اعتماد نهج واسع لا يكتفي باتفاق يخص العلاقة مع غزة، وانما يعيد احياء عملية السلام التي قد تشمل الآن شطري السلطة الفلسطينية.

يريدونهم أمواتاً

تحت هذا العنوان يكتب تسفي بارئيل، في “هآرتس” انه كان يمكن سماع تنفس الصعداء الشامل في الدولة مرتين: الاولى عندما قرر الجيش المصادقة على موت الجندي اورون شاؤول، والثانية عندما أعلن موت الجندي هدار غولدين. بل يبدو ان نوعا من مشاعر الانتصار رافقت تلك التنهيدة. فحماس لم تنجح باختطاف جنود، ما منع اصابة الدولة بصدمة مضاعفة. لأنه من ذاك الذي يمكنه الصمود مرة أخرى أمام حشد من آلاف المواطنين الساعين الى الخير، الذين سيقفون عند تقاطعات الطرق رافعين شعارات تدعو إلى “إعادة الجنود إلى الوطن”. من يملك الصبر على تحمل هؤلاء الآباء، الذين سيبدؤون فورا الركض بين عواصم أوروبا لحشد التأييد والتأثير على حماس. ومن يملك الموارد اللازمة لإجراء مفاوضات مع الوسطاء الألمان والبريطانيين أو القطريين، في سبيل الحصول على بعض المعلومات حول الرهائن، ولم نتحدث بعد عن الضغوط السياسية، وعن التصريحات الجوفاء لأعضاء الكنيست بشأن “التهديد الاستراتيجي” الكامن في الإفراج عن أسرى مقابل الرهائن. باختصار، اعطونا اياهم قتلى وسنرضى بذلك.

الحرب والموت والجنازة، واسبوع خال من التشكك، والاعتراف الرسمي بالثكل، هذا هو ترتيب الأمور المرغوب فيه. فأسير واحد يعني التحطيم الكامل لصورة النصر، ولنص النجاح الكامل. الأسير يعتبر اخفاقا قوميا.

ولكن هناك علاج: فقد اخترع صيادلة الجيش “نظام هانيبال”. مخلوق مشوه، شيطاني، يمكن تسميته باللغة الشعبية “فليمت العالم وكذلك المخطوف، على أن نقف خجولين”. ويتم التعبير العملي عن هذا الاجراء بالقصف المدفعي والقصف الجوي وتدمير كل شيء يتحرك في المنطقة التي وقعت فيها عملية الاختطاف، لمنع الخاطفين من الهرب. فليمت المئات وحتى آلاف المدنيين، وليتم تسوية مئات المنازل بالأرض، وليبقى الأطفال يتامى ولتتمرغ النساء الحوامل بدمائهن، وكل ذلك من اجل ضمان موت الخاطفين وربما المخطوف، ايضا. “يجب بذلك كل ما يمكن من اجل وقف عملية الاختطاف، بما في ذلك إطلاق النار، ولكن ليس بشكل يمكنه أن يؤدي إلى قتل المخطوف، وذلك من خلال الفهم بأن قيمة حياة المخطوف تفوق ثمن الاختطاف”، أوضح البروفيسور آسا كاشير، واضع القانون الأخلاقي للجيش الإسرائيلي .

ما الذي يعينه ذلك؟ كم من المدنيين يسمح بقتلهم، وكم من البيوت يسمح بتدميرها في سبيل منع الاختطاف؟ هل يكفي 100 فلسطيني؟ او ربما 150؟ وهل يعتبر هدم 100 منزل في اطار المسموح به؟ حسناً، ان حياة الفلسطينيين لا تساوي شيئا في كل حال، وبالتأكيد لا تساوي بيوتهم شيئا. ولكن أين اختفى التغاضي الذي رافق لبضعة أيام المتحدثين العسكريين والسياسيين، الذين كلفوا انفسهم عناء الشرح لنا بأن الوقوع في الأسر، كمقتل أو إصابة الجنود، هو جزء لا يتجزأ من الحرب؟ إذا كان  الوقوع في الاسر مسألة “طبيعية”، فلماذا نثير الضجيج في العالم؟ سيما انه بسبب مقتل جندي إسرائيلي لا يدمر الجيش عمدا مدرسة أو عيادات، أو هكذا ينبغي علينا أن نأمل، فلماذا اذن ومن أجل الأسير يحرق الجيش البركان الذي قد تحرق حممه الأسير نفسه؟

لا توجد أي نية للإنقاذ في اطار “إجراءات هانيبال”، وبالتأكيد لا ينطوي على أي أساس من الأخلاق أو القيم. ان وقوع الانسان الحي في الاسر يحتم بذل كل شيء لتحريره من الأسر – وليس من الحياة. نعم، يمكن وينبغي أيضا أن نتفاوض لإطلاق سراحه، لاستبداله بأسرى، أو دفع فدية اذا كان هذا هو المطلوب. والدول التي لا تقل اخلاقية عن إسرائيل فعلت ذلك، وستواصل القيام بذلك، سيما ان عورة اكذوبة عدم مفاوضة التنظيمات الارهابية تكشفت منذ زمن. وفي هذه الأيام تفاوض إسرائيل حماس، والتي سبق ووقعت معها اتفاق التفاهمات في عام 2012. فهل يعتبر التفاوض على وقف اطلاق النار اكثر اخلاقية من التفاوض على اعادة أسير؟

يبدو ان كل التفسيرات بشأن تأييد او معارضة استبدال الأسرى استنفذت في قضية غلعاد شليط وسابقيه، وانه في نهاية المطاف، يعتبر الافراج عن الاسرى اكبر عمل انساني واخلاقي فعلته الدولة من اجل جنودها.  لكن “اجراءات هانيبال” تتناقض بشكل مطلق مع هذا المفهوم، ويجب العمل على الغائها فورا.

مصر تعد وريثا لخالد مشعل

تحت هذا العنوان يكتب جاكي خوري في “هآرتس” ان المفاوضات التي بدأت في القاهرة حول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حماس، يمكنها ان تشكل فاتحة لإجراء تغيرات إقليمية، وفي المقام الأول عودة مصر إلى الحلبة كعامل سياسي واستراتيجي مؤثر في الشرق الأوسط.

لقد كتب وقيل الكثير حول هذا الموضوع، ولكنه يبدو على الساحة حدوث تغيير جوهري، يمكنه أن يكون حاسما في المستقبل المنظور، أيضا، فيما يتعلق بالفصائل الفلسطينية. ان التكتيك الذي استخدمه المصريون في الأزمة مع حماس لم يهدف فقط الى إذلال التنظيم أو معاقبته على دعمه لجماعة الإخوان المسلمين. وانما يشير أيضا الى اتجاه مصمم لتحييد مراكز القوى في التنظيم، بما في ذلك القيادة السياسية، وتحسين مكانة الآخرين.

وقال مسؤولون فلسطينيون كبار، شاركوا في المحادثات التي جرت لتشكيل الوفد الفلسطيني إلى القاهرة، ان مصر عارضت وصول بعض الشخصيات الرئيسية في حركة حماس، وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي خالد مشعل. كما رفضت مصر استقبال إسماعيل هنية المسؤول البارز في حماس الذي كان مفتاح التعامل مع مصر في الماضي. وبرزت مكانته تلك بشكل واضح في المفاوضات لإطلاق سراح جلعاد شاليط. وكان الشخص المركزي الذي وقف إلى جانب هنية، خلال تلك المفاوضات، هو نائب قائد الجناح العسكري للتنظيم (وربما القائد الفعلي) أحمد الجعبري.

بالنسبة لمصر، يعتبر الجناح العسكري لحماس – وربما حتى هنية – شريكا في تنفيذ هجمات ضد الشرطة وقوات الأمن المصرية في رفح. وبالإضافة إلى ذلك، وفقا للمصريين، فقد اهتم مشعل في المقام الأول بالمصالح القطرية والتركية، وهذا لا يتفق مع رغبات مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. والى جانب ذلك، اختار المصريون استضافة نائب مشعل، موسى أبو مرزوق – الوحيد من قادة حماس الذي يعيش في القاهرة، ويحافظ على اتصال وثيق مع السلطات المصرية. وكان أبو مرزوق، خلال الشهر الماضي، العامل الوحيد الذي اجرى اتصالات مع المصريين وقيادة التنظيم. وعلى عكس مشعل، يحافظ أبو مرزوق على مستوى ظهور منخفض، ويقلل من ظهوره العلني. وحسب احدى الروايات الفلسطينية، فقد كان أبو مرزوق على بينة من المبادرة المصرية، اضافة الى بيان منظمة التحرير الفلسطينية بشأن وقف إطلاق النار من جانب واحد، وهو ما رفضته قيادة حماس في غزة على الفور.

وحسب مصادر مصرية قريبة من دائرة صناع القرار، فان القاهرة تعتبر أبو مرزوق شخصية رئيسية: رجل لطيف وبراغماتي، يمكن اجراء اتصالات معه، وفي الوقت ذاته الحفاظ على المصالح المصرية. إذا نجحت المفاوضات في القاهرة، فانه من غير المشكوك فيه أن مصر ستواصل المحادثات مع أبو مرزوق، وتدفع بمشعل وهنية الى الهامش. وفي هذه الأثناء، لا تزال المفاوضات في بدايتها، وحماس تحتاج الى الكثير من المال، الذي لا تملكه مصر – لكن متوفر لدى قطر. ويبدو ان حلبة الملاكمة السياسية التي بدأت في القاهرة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية توفر صراع قوى مثيرة ومتوترة.

الحرب بدأت

تحت هذا العنوان يكتب ناحوم برنياع في “يديعوت احرونوت”، ان الجنود اختفوا من نقاط التجميع في منطقة محيط غزة، وخلفوا اطنانا من الغبار وجبالا من ورق المراحيض. لكنهم خلفوا شيئا آخر يصعب قياسه: شعور الخيبة وتفويت الفرصة.

في هذه الحالة فان الخيبة كانت، ايضا، من نصيب الجنود الذين دخلوا الى القطاع، وكذلك من نصيب سكان الجنوب. فقد كان هؤلاء وهؤلاء يتأملون نهاية حاسمة، وتحقيق انجاز يشطب الى الابد التهديد الكامن في الجانب الثاني من الحدود. ويمكن لهذا ان يحدث في المستقبل، خاصة بفضل الانقلاب في مصر، وربما بفضل العملية العسكرية، لكن احد لا يمكنه الوعد بذلك.

خلال السنوات الثماني الماضية، خاضت اسرائيل اربع عمليات عسكرية ضد تنظيمات ارهابية: حرب لبنان الثانية في 2006، الرصاص المصبوب في 2009، عامود السحاب في 2012، والجرف الصامد في 2014. وتميزت كلها بفجوة كبيرة بين التوقعات والنتائج. ويثير تراكم خيبات الأمل القلق. اذ انه على الرغم من التفوق العسكري للجيش في الجو والبحر والبر، ورغم استخباراته المتطورة ووسائل الدفاع المدهشة، الا انه يستصعب هزم عدة آلاف من محاربي الارهاب.

ان ميزان الربح والخسارة في الجانبين معقد. واذا كانت تكهنات شعبة الاستخبارات صحيحة، فقد انجرت حماس الى الحرب مرغمة، فمنظومة الانفاق التي اقامتها لم تكن جاهزة للعمل، ومنظومة الصواريخ منيت بالهزيمة امام القبة الحديدة، ومحاولات الهجوم وراء السياج حققت نتائج قليلة. ولكن حماس اظهرت قدرة على الصمود ومعنويات عالية في الحرب، ولم يصب احد من قادتها، ولم تفقد سلطتها في غزة، وهذه انجازات ليست صغيرة في مواجهة جيش قوي وعصري، ارسل كل وحدات الصف الاول الى الحرب.

في هذه الاثناء يجلس رجال الذراع القطرية في حماس، في القاهرة ويفاوضون إسرائيل من خلال وسيطين: السياسيون الذين ارسلهم ابو مازن، وجنرالات الاستخبارات المصرية. ويطالب الفلسطينيون برفع الحصار عن غزة، ولكن حسب وجهة النظر الاسرائيلية حتى العملية العسكرية، يعتبر الوفد الفلسطيني المشترك من حماس والسلطة الفلسطينية بمثابة عملية ارهابية، ورفع الحصار بمثابة انتحار.

لكنه طرأ تحول على توجه نتنياهو خلال العملية العسكرية. فإسرائيل مستعدة الآن لتقبل، بل ربما للتعاون، مع سلطة فلسطينية تشكل حماس جزء منها. وهناك مساع دولية لاعادة السلطة الفلسطينية الى غزة، ويفترض بحماس ان تشكل الفرع الديني لابو مازن، وستتنازل ظاهريا عن سلطتها في غزة، مقابل الحصول على موطئ قدم في الضفة، والمهم انها ستكبح نشاطها العسكري. لكن الحكومة الإسرائيلية تستصعب تصديق هذه الرؤية المثالية، الا انها تفهم ان هذا ليس الوقت المناسب لافشال الجهد، فالتخوف هو حدوث العكس: ان تكون السلطة مسؤولة عن غزة، ولكنها لن تسيطر عليها، وحماس سترجع الى العمل علانية في الضفة.

من الواضح ان ابو مازن يعتبر الرابح الاكبر. ومن المتفق عليه من قبل الجميع انه الحل. ولكن بالنسبة لكثير من الفلسطينيين لا يعتبر اكثر من متعاون. وقال احد المقربين من ابو مازن هذا الأسبوع: “في الضفة اصبحنا لحما ميتا، واذا عدنا الى غزة على حراب الجيش الإسرائيلي سينعتني حتى اولادي بالخائن”.

لقد دخلت إسرائيل الحرب بدون خطة استراتيجية وخرجت منها بدون خطة استراتيجية. وكما حرصت على عدم القيام بأي مبادرة خلال السنوات الفاصلة بين الحروب، حرصت على عدم المبادرة الى شيء خلال ايام الحرب. هناك فارق اساسي بين المواجهات العسكرية وبين المباريات الرياضية. في الرياضة يوجد غالب ومغلوب، لكن الامر ليس كذلك دائما في الحرب. هناك حروب يخسر فيها الجانبان.

الكلمة الأخيرة

تحت هذا العنوان يكتب شمعون شيفر في “يديعوت احرونوت”، انه عندما لا يعرف السياسيون كيف يلخصون حدثا لا تبدو نتائجه واضحة، فانهم يلجؤون الى القول ان “الكلمة الاخيرة لم تقل بعد”. لكن الكلمة الأخيرة في عملية “الجرف الصامد” قيلت، وكانت لحماس.

ان وابل الصواريخ التي اطلقتها حماس والجهاد الاسلامي قبل  دخول الهدنة السابعة حيز التنفيذ شكلت “الكلمة الأخيرة”. لقد حددت حماس سقف اللهيب طوال العملية العسكرية، ونجحت بجعل دولة بأكملها تنبطح على ارصفة الشوارع، واجبرت ممثلي الحكومة الإسرائيلية على الحضور الى القاهرة لمفاوضة تنظيم ارهابي، كمتساوين امام متساوين، على اتفاق لا يضمن اكثر من وقف اطلاق النار لفترة غير معروفة.

من شبه المؤكد ان الاطراف ستتوصل في القاهرة الى اتفاق على استئناف وقف اطلاق النار، ولكن انسوا كل الحديث عن تجريد قطاع غزة من الأسلحة ونزع الوسائل القتالية لحماس. ما كان سيبقى حتى الجولة القادمة. لدينا، سيسارع الجيش الى الاعلان عن تشكيل طواقم لفحص المسائل التي اثيرت خلال ايام الحرب. يمكن الافتراض بأنه كما في السابق لن تعلمنا الاستنتاجات أي شيء بشأن ما ستطلبه المعركة القادمة، ذلك ان لجان الفحص تحلل الماضي، ولا يمكنها التنبؤ بالمستقبل. وفي تقديري فانه لن يتم قطع رؤوس، ولن تتغير طرق الحرب. وهذا سيحدث، ايضا، في الشاباك التابع لديوان رئيس الحكومة. ورغم انه تتبين في الأيام الأخيرة المزيد من اخفاقات الجهاز في الاستعداد امام غزة، فانه حسب تقديري، لن يتم تشكيل أي لجنة لفحص سلوك الحكومة ورئيسها.

انظروا كيف يدور الدولاب: في حرب لبنان الثانية، وقبل عودة الجنود من الحرب، دعا نتنياهو، رئيس المعارضة في حينه، الى تشكيل لجنة تحقيق. لكن هذا لا يحدث الآن. حتى بدون تشكيل لجنة فحص، يسمح توقع اهمال الحكومة لمهمة تهدئة العلاقات مع العرب في اسرائيل وتهدئة الاوضاع في الضفة. فهذه مهمة وجودية بالغة الاهمية.

السلام سيشكل خطرا على مطار بن غوريون

تحت هذا العنوان يكتب د. رون برايمان في “يسرائيل هيوم”، ان فصلا واحدا من “الجرف الصامد” انتهى، لكن الحرب لم تنته. فمنذ اليوم الأول للعملية العسكرية، وبكل قوة خلال الفترة الحالية، بدأ الثرثارون في وسائل الإعلام الإلكترونية يتحدثون عن الحاجة إلى استراتيجية للخروج، كما لو أن الغرض من العملية هو وقف اطلاق النار وليس اجراء علاج جذري للعدو الغزي. وبعملهم هذا لم يعكسوا رأي الجمهور والجنود، الذين فهموا أهمية وضرورة العملية العسكرية، على الرغم من الثمن الباهظ للثمرة الفاسدة المتمثلة باتفاقات أوسلو في عام 1993 وطرد اليهود عام 2005.

لقد اوحوا في عملهم هذا للعدو ان عليه عدم الاستسلام، وانما الصمود حتى تلمح “القوة الإقليمية” بأنها تريد وقف اطلاق النار، وفقا لشروطه. بالإضافة إلى ذلك، تسببت الإدارة الأمريكية، التي تجهل الواقع الشرق اوسطي، وتمنع إسرائيل، عادة، من حسم حروبها، بأضرار بالغة للاقتصاد ولصورة إسرائيل والسياحة اليها. لقد جر القرار المتسرع بوقف الرحلات الجوية، سلسلة من ردود الفعل الأوروبية. ومنح إغلاق مطار بن غوريون والحصار الجوي على اسرائيل، شعورا للعدو بتحقيق الانجاز الذي تاق اليه بشدة. وتعلم العدو ما هي نقطة ضعفنا.

من المهم استخلاص العبر من اطلاق النار باتجاه المطار الدولي الوحيد في إسرائيل. ويجب الحذر من “السلام” الذي يقوم على تأسيس دولة العدو في قلب البلاد، ليس في غزة، “البعيدة “، وانما في السامرة التي تطل على مطار بن غوريون والتي يمكن منها فصل الاتصال الجوي بإسرائيل ومنها خارجا، بواسطة قذائف المورتر والصواريخ طويلة المدى.

الكثير من الإسرائيليين، الذين كانوا خلال عقدين عرضة لغسيل الدماغ المنهجي، على استعداد للتخلي عن قلب البلاد بل وتنفيذ طرد عنصري لمئات الآلاف من اليهود من منازلهم. ولكن وقف الرحلات الجوية خلال العملية أثبت – للراغبين في الاستيقاظ ورؤية الواقع كما هو حقا – ان ثمن “السلام” يشمل أيضا قطع المواصلات الجوية الاسرائيلية: ولن تعد هناك رحلات حثيثة الى الخارج، وانما سيسود الحصار المتواصل والمتزايد الذي سيؤثر على كل مواطن. ان العبرة المستفادة من فصل مطار بن غوريون تحت وطأة نيران العدو هي انه يجب الانفصال مرة وإلى الأبد عن الأكذوبة التي تقول ان اقامة دولة عربية أخرى، والتي ستشكل خطرا زائدا على البلاد، هي الممر نحو السلام. فالعكس هو الصحيح: هذه وصفة لتحويل المواطنين الإسرائيليين الى رهائن في أيدي الإرهابيين – الإخوة عباس / حماس. ورجالهما- والذين سيقومون، كلما شاءوا، بقطع شريان حيوي لإسرائيل: الاقتصاد والأمن والسياحة، وكذلك- لوسيلة يستخدمها المواطنون في إسرائيل للتنفس بين الحين والآخر في الخارج.

ربما تؤدي هذه العبرة الى استيقاظ الكثيرين، وربما يفهموا اخيرا انه يمنع تكرار طرد اليهود من أي مكان في البلاد كما حدث قبل تسع سنوات في غزة. يدعي مهندس “سلام” اوسلو انه في عهد الصواريخ لا توجد أهمية للأرض. لكن فصل إسرائيل عن العالم الخارجي أثناء عملية الجرف الصامد يثبت أهمية الأرض والسيطرة الإسرائيلية عليها: لا للأمم المتحدة والأوروبيين والأمريكيين، وبالتأكيد ليس للإرهابيين امثال محمود عباس. ابو مازن هو جزء من المشكلة وليس الحل. السكان المسالمين في المدن الطرفية كموديعين ورأس العين أو كفار سابا، سيضطرون للأصغاء الى آليات حفر الأنفاق تحت منازلهم، اذا تحقق “السلام” معاذ الله.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً