خديجة وسحر، نعيم وعرفات، أطفالٌ معوقون، يرسمون الشمس في «مؤسسة غسان كنفاني»، ويلونون الأمل بغد أجمل ويغنون للبراءة.
أنشئت «مؤسسة غسان كنفاني الثقافية» في 8 تموز 1974، وهي جمعية لبنانية غير حكومية، وذلك في الذكرى الثانية لاستشهاد غسان كنفاني، الصحافي والمناضل من أجل حقوق الشعب الفلسطيني. تعمل المؤسسة على تأسيس وإدارة رياض للأطفال ومراكز تأهيل الأطفال المعوقين، وتستقبل ستمئة وخمسين طفلاً كل سنة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومناطق لبنانية. ويقوم برنامجها على المتابعة والاستلحاق المنزلي للأطفال المعوقين، ويرتكز على النهج الشمولي التكاملي، التعلم النشط والتربية الدامجة. والأنشطة اليومية التي يقوم بها الأطفال تدعم مختلف جوانب التطور عند الأطفال: الحسي، الحركي، العاطفي، الذهني، الاجتماعي والإبداعي.
وفي العام 1995 تبنت المؤسسة التعليم الدامج للأطفال المكفوفين لذوي الأعمار الصغيرة، والهدف من ذلك تمكين هؤلاء الأطفال لدمجهم لاحقاً في المدارس المحلية، وأصبح الأطفالُ من ذوي الإعاقات الحسية والإدراكية والجسدية جزءاً من برنامج الدمج في الروضة.
في المركز، في مخيم عين الحلوة، تحدثت خديجة، وهي طفلة معوقة، تعبّر بمفردات قليلة تكاد لا تفهم، عن مدى سعادتها لوجودها بالمركز. أمّا مدرّستها فتقول: «خديجة حضرت إلى المؤسسة منذ يومين لتتعلم». كذلك، يقول أحمد الذي كان يرسم ويلون جسم إنسان، ويضع له دوائر صغيرة حول مفاصل اليدين والقدمين: «جئت لأتعلم». وهناك كثيرون أتوا إلى المركز للغاية نفسها.
وتشير المشرفة على أحد صفوف الروضة، ناديا زعيتر، إلى أنّ «بعض الأطفال لديه صعوبات في النطق، وبعضهم ولد ولديه نقص في الأوكسيجين (غيبوكسيا)، وآخرون لديهم شلل. والصعوبة تكمن في كيفية تأقلمهم ومواكبتهم للأطفال غير المعوقين».
تضيف: «لكن على الرغم من ذلك فقد تعودوا على بعضهم البعض، ولا تحصل مشاكل بينهم، بل إنهم يقومون بمساعدة بعضهم البعض».
وتلفت زعيتر إلى أنّ «في المركز مشروعاً يساعد الطالب المكفوف على الاندماج مع الطلاب الآخرين، لكن ظهرت مشاكل في البداية مع الأهل، لأن هؤلاء، لا يتقبلون فكرة دمج وتعليم المكفوف، لكنهم اليوم أصبحوا يشجعون على وجود أولادهم في المؤسسة».
وتقول: «عملنا في هذا المشروع في ظروف صعبة، لأننا كنا نريد تدعيم المشروع، بعدما وجدنا أن هذه الفئة مهمشة في المخيم، ولم تكتف المؤسسة بذلك، بل بدأت بإعداد مشروع التخلف الاجتماعي والصعوبات التعليمية والإعاقات الحركية، والحسية، وبعد ذلك تم دمج الأولاد مع بعضهم البعض».
وتشير زهرة الأسدي، المشرفة التربوية في قسم التأهيل، إلى أنهم في المؤسسة تدربوا منذ العام 1995 على العمل كفريق، وعملهم يرتكز مع مراكز صحية في صيدا، ومع هيئات الإعاقة والمؤسسات العاملة في هذا المجال، إضافة إلى برنامج التدخل المبكر، حيث يقومون بزيارات ميدانية للبحث عن أطفال معوقين، ويعملون على إقناع الأهل بضرورة وجود أطفالهم داخل المؤسسة للاعتناء بهم.
أما الحالات التي يهتمون بها فهي الشلل الدماغي، وتثلث الصبغية 21 (سندروم داون)، والتأخر في النمو العقلي والجسدي بشكل عام، والتوحد، وصعوبة إدراك المعرفة، والصعوبات التعلمية.
وتتبنى المؤسسة مشروع الدمج لأنه أمر أساسي، وقد أستحدث فيها «صفّ الفتوة»، الذي يحوي شباناً بين عمر الثامنة عشرة والحادية والثلاثين، وقسم لتأهيل الأولاد في عمر الخامسة عشرة، وهناك عملية دمج في أنشطة محدودة.
انتصار الدنان- السفير اللبنانية .