واشنطن/ في سابقة غير معهودة قطع الرئيس الأميركي باراك أوباما إجازته السنوية التي يمضيها في منتجع “مارثاز فينيارد” وعاد إلى البيت الأبيض في وقت متأخر من مساء الأحد، لمتابعة الأزمات الداخلية والخارجية التي تحاصر إدارته، وفي مقدمتها تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة الذي تنتهي منتصف الليلة (الاثنين -الثلاثاء) فترة وقف النار الأخير بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وقوى المقاومة الفلسطينية في غزة.
ويأتي قطع أوباما لإجازته لكونه “يشعر بالحرج من الانطباع الذي يروج له الإعلام، خاصة الموجه من المعارضة في الحزب الجمهوري بأنه في الوقت الذي تلتهب فيه ولاية ميزوري الأميركية -مدينة فيغرسون بسبب قتل مراهق أسود بدم بارد من قبل شرطي أبيض ينتمي لجهاز بوليس يتهم بالعنصرية، والأزمات المتفاقمة الأخرى بين إسرائيل وحماس، والدولة الإسلامية في العراق حيث كثفت الولايات المتحدة من قصفها الجوي لداعش، والأوضاع في سوريا حيث يتعرض الرئيس لضغوطات كبيرة لضرب تجمعات داعش داخل الأراضي السورية، وإلى الأزمة الأوكرانية التي تدل بعض المؤشرات لاقتراب غزو روسي لأوكرانيا” بحسب مصدر مطلع في واشنطن.
وفيما يتعلق بوقف إطلاق النار الذي يقترب من الانتهاء في غزة، علمت دوت كوم أن الرئيس أوباما تحدث مع عدد من زعماء العالم بشأن الأزمات الملتهبة، وأن إحدى هذه المكالمات مع كانت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بخصوص “ضرورة الحفاظ على الهدوء والاستمرار بالتفاوض في القاهرة لتثبيت وقف إطلاق نار دائم يجنب المدنيين من الطرفين خطر العنف من الأعمال العسكرية”.
وكان الرئيس أوباما تحدث الأربعاء الماضي مع نتنياهو قبيل انتهاء وقف إطلاق النار السابق في مكالمة ساخنة “تبادل فيها الرجلان اللغة القاسية والاتهامات الشخصية بشكل غير معهود” بحسب تقارير مختلفة.
وتعتبر الفجوة بين أوباما ونتياهو بشكل خاص، ونتياهو وبقية أقطاب الإدارة الأميركية بشكل عام، الأكبر منذ قيام دولة إسرائيل قبل 66 عاماً.
ويكثف الرئيس الأميركي أوباما، وإلى درجة أقل وزير خارجيته جون كيري من ضغوطهما على رئيس الوزراء الإسرائيلي من أجل “اتخاذ خطوات ملموسة أولاً نحو تثبيت وقف إطلاق نار دائم يضمن سلامة المواطنين وإيصال المواد الغذائية والطبية والمساعدات الإنسانية الملحة لسكان غزة، ومن ثم العمل من أجل إيجاد حل حقيقي للنزاع الفلسطيني ألإسرائيلي وتحقيق السلام بما يضمن أمن إسرائيل واستقلال الفلسطينيين وتمكينهم من العيش الكريم في بلدهم” بحسب تقارير تحدثت عن مكالمة أوباما الأخيرة مع نتنياهو.
وكان الرئيس الأميركي قد عبر عن “تعاطفه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقادة السلطة الفلسطينية الآخرين” وهي كلمة (تعاطف) يصفها ذوي الشؤون الدبلوماسية في واشنطن بأنها “خارج المعتاد”.
وتثمن الإدارة الأميركية “موقف عباس المناهض للعنف بثبات وقوة، وهو حقيقة (موقف عباس) ما حال دون انفجار انتفاضة ثالثة أثناء الحرب الدامية في غزة”.
وامضى الوزير كيري الكثير من الوقت مع الرئيس عباس باحثاً معه ترتيبات وقف إطلاق النار والابتعاد بنفسه (عباس) عن حماس خلال هذه الفترة ” بحسب قول مسؤول لنشرة “ألمونيتور” التي تصدر في واشنطن.
واضاف المسؤول بحسب النشرة ان “واشنطن تنظر إلى ممارسات وتحركات عباس الإقليمية خلال هذه الفترة على أنها إيجابية، وترى وجود فرصة لخلق جسر بين الترتيبات من أجل التهدئة في غزة وتلك المطلوبة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”. إلا أن مصدرا مطلعا في واشنطن قال لـ دوت كوم: “ان الوقت الراهن لا يشجع على التفاؤل بصدد حل الصراع كما كان عليه الوضع قبل عام عند انطلاق المباحثات المباشرة بين الطرفين”.
واضاف المصدر: “هذا لا يعني تراجع الانخراط الأميركي فيما يجري، بل على العكس فان الانخراط الأميركي مزدوج التوجه، في القاهرة هناك مباحثات وقف لاطلاق النار يجريها مساعد الوزير فرانك لوينتسين الذي يقود الفريق الأميركي، بينما تبذل جهود أميركية بشكل حثيث من أجل استمرار التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، رغم التعقيدات التي تفرضها ممارسات إسرائيل الأمنية في الضفة الغربية، وفظاعة الحرب في غزة”.
واشار المسؤول إلى “انخفاض التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ انتهاء المفاوضات (التي فشلت) في الربيع الماضي، وهو حقيقة يحدث في إطار الدبلوماسية الأميركية الهادئة من وراء الستار”.
وتواجه واشنطن تحديات جمة في مساعيها لاستقرار المنطقة “تعطي فيها الأولوية للحيلولة دون قيام انتفاضة، وتكوين أرضية للتقدم في المستقبل، كما أنها تؤيد (إدارة أوباما) رفع الحصار عن غزة بشكل متدرج مقابل نزع سلاح حماس، ولذلك فإن الإدارة ترى دوراً مهماً للرئيس محمود عباس رغم إصرار الإسرائيليين على أنه ضعيف وغير قادر على اتخاذ الخطوات التاريخية” بحسب وصفهم.
وميدانياً، تمسك الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي المشاركان في المفاوضات غير المباشرة في القاهرة، بمواقفهما الاثنين إزاء التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة قبيل انقضاء هدنة مدتها خمسة أيام.
وقال موسى أبو مرزوق -القيادي في حركة حماس وعضو الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة- إن الاحتلال الإسرائيلي أعاد المفاوضات إلى المربع الأول.
وكتب أبو مرزوق على صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو “رفض الورقة المصرية، وقدم الوفد الإسرائيلي تعديلات عليها، أعادت الوضع إلى المربع الأول” في حين بدت نبرة من التشاؤم تغلب على الخطاب الإعلامي داخل إسرائيل، فقد أفادت القناة العاشرة بأن “الفجوة بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني كبيرة جداً، وأن الفريقين يستعدان لاستئناف الحرب” .
القدس دوت كوم