غزة / تواصلت الاحتجاجات الشعبية في قطاع غزة وفي مدن الضفة الغربية التي شهدت مواجهات مع جيش الاحتلال، لليوم الثاني على التوالي احتجاجا على استشهاد الأسير عرفات جرادات في أحد السجون الإسرائيلية جراء التعذيب، وهو ما دفع تل أبيب التي أبدت خشيتها من زيادة التوتر على حدود غزة ووقوع عمليات فدائية داخل مدنها، إلى اتهام السلطة بتنفيذ مخططات من شأنها أن تؤدي إلى ‘إشعال النار في المنطقة’.
وخرجت مسيرات من قطاع غزة جابت شوارع رئيسية بمشاركة كافة الفصائل، منددة بالسياسات التي تنتهجها إسرائيل بحق الأسرى، وانطلقت واحدة من هذه المسيرات من أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقال أحد المنظمين للمسيرة في مكبر صوت ‘هناك أسرى آخرون من المضربين عن الطعام ينتظرون مصير الأسير الشهيد عرفات جرادات’، في إشارة لتردي الوضع الصحي لأربعة أسرى مضربين عن الطعام منذ أشهر.
وقال ‘ننتظر في أي لحظة أن يعلن عن نبأ استشهاد أحدهم’، ووصلت المسيرة في نهايتها إلى مكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في القطاع.
وأعلنت الفصائل الفلسطينية في غزة عن سلسلة فعاليات تضامنية أخرى مع الأسرى، تندد باستشهاد جرادات.
وليل الأحد انطلقت عدة مسيرات في مناطق متفرقة في القطاع، وقال الدكتور صلاح البردويل القيادي في حماس خلال مسيرة في مدينة خانيونس ‘إن المقاومة الفلسطينية لن يهدأ لها بال حتى تحرير كافة الأسرى من داخل السجون’، وطالب فصائل المقاومة بالقيام بعمليات أسر لجنود إسرائيليين، كما ودعا لانتفاضة ثالثة ‘تنتهي بتحرير كل أسير وشبر بفلسطين’.
وطالب القيادي في حماس من مصر التي رعت اتفاق صفقة تبادل الأسرى الأخير بالتحرك والمحافظة على الاتفاق، وقال ‘مصر قوية وقادرة على الضغط’.
وفي السجون الإسرائيلية واصل أكثر من 3 آلاف أسير إضرابهم عن الطعام لليوم الثاني، حدادا على استشهاد جرادات، الذي أكد وزير الأسرى عيسى قراقع أنه عانى في السجون الإسرائيلية جراء تعرضه لعمليات تعذيب قاسية، وتحدث عن وجود آثار للتعذيب على جسده.
ورفض الأسرى تسلم وجبات الطعام، وأعاقوا عمليات العد اليومي التي تجريها لهم سلطات السجون.
وأنذرت فصائل فلسطينية عدة في أوقات سابقة بأنها ستكون في حل من حالة التهدئة المبرمة مع إسرائيل إذا ما مس الأسرى بسوء.
وفي تصريحات نقلتها وكالة ‘صفا’ المحلية قال أبو مجاهد الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية، أن التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي تحتاج إلى إعادة نظر بعد استشهاد الأسير جرادات.
وأكد على أن التهدئة لن تكبل يد المقاومة إذا ما أتيحت أية فرصة لتحرير الأسرى، لافتا إلى أن فصائل المقاومة كافة قررت وبعد استشهاد جرادات أن تبدأ بمرحلة جديدة في تحرير الأسرى وتبييض السجون منهم.
وأضاف متوعدا ‘التهدئة بهذه الطريقة التي يقتل فيها أبناء الشعب الفلسطيني والأسرى يومياً أصبحت هشة وبحاجة لإعادة النظر’، لافتا إلى أن كافة الخيارات والوسائل أصبحت مفتوحة.
وبسبب تردي الأوضاع الأمنية وسخونة الأجواء في المناطق الفلسطينية خاصة في الضفة الغربية أبدت مصادر إسرائيلية مسؤولة خشيتها من عدم قدرة أجهزة السلطة الفلسطينية على السيطرة على التظاهرات الاحتجاجية.
وقالت المصادر ان السلطة الفلسطينية تسيطر حاليا على مستوى التظاهرات في المناطق، معربة عن ذلك عن خشيتها من أن تفقد السلطة السيطرة على مجريات الأمور.
وأضافت في تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية ‘إن السلطة الفلسطينية تحاول تنظيم احتجاجات شعبية ومنع عمليات إرهابية في مسعى لإعادة طرح القضية الفلسطينية على جدول الأعمال الدولي تمهيدا لزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما’.
ورفض رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الجيش عاموس غلعاد الادعاءات بأن الأسير جرادات قضى جراء الضرب، منتقدا بذلك الاتهامات الفلسطينية بذلك، وقال أن قيادة السلطة الفلسطينية تتحفظ من الإرهاب، لكنه قال أيضا انها ‘تخاطر بالمقابل بلعبة حساسة تحاول من خلالها السماح بأعمال عنف محدودة اعتقادا منها بأنها ستستطيع السيطرة عليها’، وأكد المسؤول الإسرائيلي الكبير أن مثل هذه التحركات ‘قد تؤدي إلى إشعال النار في المنطقة’.
وحمل ياسر عبد ربه أمس سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إسرائيل المسؤولية عما يجري في الضفة من مواجهات، وقال ان السبب في ذلك هو سياسة إسرائيل المتمثلة في الاستيطان واحتجاز اسرى الحرية وسياسة القتل في السجون.
وحذر من أن الحركة الشعبية الفلسطينية ‘تنمو منذ مدة وتتطور في مواجهة الاحتلال وممارساته وضد الاستيطان ومن أجل دعم الأسرى ولتحقيق المطلب الأساسي لشعبنا وهو الحرية’.
وجاء ذلك كله في الوقت الذي بدأ فيه فعليا الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لإمكانية حصول مواجهات عنيفة، في مناطق الضفة الغربية، وبحسب ما ذكرت تقارير إسرائيلية فإن قوات الجيش رفعت حالة التأهب في عدة مواقع في الضفة، بحيث جرى تسليح أفراد الجيش بوسائل تفريق المظاهرات.
والاحد وعقب الإعلان عن استشهاد الأسير جرادات أصدر رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، تعليمات طالب فيها قوات الجيش باستكمال كافة الاستعدادات الضرورية تحسبا لاستمرار التظاهرات في الضفة، وتدهور الأوضاع الأمنية.
وتفيد التقارير أن مصادر أمنية إسرائيلية أعلنت عن نقلها تحذيرات سابقة للمستوى السياسي، تنذر بإمكانية اندلاع مواجهات شاملة في الضفة الغربية، ومن بينها عودة العمليات الانتحارية، إضافة إلى نشوب حرب مع فصائل غزة، حال استمر الجمود السياسي وتجاهل تطلعات الفلسطينيين.
وانتقدت جهات مسؤولة أخرى في تل أبيب قرار حكومتها في شهر كانون الاول (ديسمبر) الماضي القاضي بوقف تحويل أموال المستحقات الضريبية إلى السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أن الجزء الأكبر من هذه الأموال يستخدم لصرف رواتب أفراد أجهزة الأمن الفلسطينية.
وكان رئيس الوزراء بنيامين الإسرائيلي نتنياهو قرر الأحد بعد تدارك خطورة الموقف تحويل المستحقات الضريبة عن كانون الثاني (يناير) الماضي إلى السلطة الفلسطينية.
واعتبر عبد ربه أن قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو بإعادة أموال الضرائب المجمدة للفلسطينيين والخاصة بشهر كانون الثاني (يناير) الماضي، يأتي في إطار الحديث عن ‘أعمال القرصنة’.
وأضاف ‘الإفراج الجزئي عن أموالنا يدل على أن حكومة إسرائيل تتصرف فعلا بطريقة عنصرية’.
القدس العربي .