القدس – أ ف وافقت إسرائيل على وقف لإطلاق النار في لبنان دخل حيّز التنفيذ الساعة الرابعة من فجر أمس بجهود دبلوماسية من كل من الولايات المتحدة وفرنسا.
ورحّبت جهات إقليمية ودولية بالاتفاق، معتبرة أنه سيكون له تأثير إيجابي على استقرار المنطقة المضطربة.
وقالت إسرائيل إن الاتفاق سيسمح لها بالتركيز على حماس في قطاع غزة وعلى إيران، عدوّها اللدود.
على مدار عام كامل، شكّل حزب الله اللبناني ما قال إنها جبهة “إسناد” لحركة حماس في قطاع غزة واستمر تبادل إطلاق النار بينه وبين إسرائيل عبر الحدود اللبنانية إلى أن تحوّل إلى حرب مفتوحة اعتبارا من منتصف أيلول ثم بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما بريا داخل الأراضي اللبنانية.
وكان حزب الله يردّد أنه لن يوقف عملياته ضد إسرائيل ما لم تنسحب الدولة العبرية من قطاع غزة الذي تتواصل فيه الحرب منذ قرابة 14 شهرا.
إلا أن وقف إطلاق النار يؤشر على تراجعه عن موقفه هذا.
ويقول مؤسس مركز أبحاث منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي أمير أفيفي: إن إسرائيل سترغب في تأمين أهدافها الأخرى في غزة قبل الموافقة على وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.
وأضاف لوكالة فرانس برس: “وقف إطلاق النار مع حماس في غزة له غرض واحد هو إطلاق سراح الرهائن” الذين تحتجزهم حركة حماس منذ هجومها على إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023.
وبحسب أفيفي، تهدف إسرائيل في لبنان إلى دفع حزب الله إلى الخروج من منطقة الحدود لجعلها آمنة بشكل يسمح بعودة 60 ألف إسرائيلي نزحوا من بيوتهم، لكن في غزة فهي تسعى إلى القضاء على حماس بالكامل.
وقال أفيفي هذا يعني “غزو المنطقة بأكملها وتدمير حماس”.
وبما أن قدرات حزب الله أقوى من قدرات حماس، فلا مصلحة لإسرائيل في محاولة توسيع عمليتها البرية في لبنان لتشمل الدولة بأكملها، وفق ما ترى الخبيرة في مجموعة الأزمات الدولية ميراف زونسزين.
وتضيف زونسزين: “كان من الواضح للجيش (الإسرائيلي) منذ اللحظة التي صعّد فيها ضد حزب الله أنه يريد عملية محدودة، لأن التكلفة قد تكون أعلى بكثير من الفائدة”.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الثلاثاء إن الاتفاق سيسمح لإسرائيل بإعادة تأمين إمدادات للجيش والتركيز على حماس وإيران.
وقال أفيفي لوكالة فرانس برس إن هذا يعني أنه في حال الالتزام بوقف إطلاق النار، يرجّح أن تنقل إسرائيل وحداتها من لبنان إلى غزة، وأن تخفّف العبء عن جنود الاحتياط المنهكين من المعارك في وقت بدأت البلاد تجد صعوبات في التجنيد.
وأضاف: “سيكون (الجيش الإسرائيلي) قادراً على نقل المزيد من الوحدات إلى غزة، ومن المؤكد أن هذا قد يحدث تغييرا أيضا في غزة”، وقد يساهم في الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم خلال هجومها المباغت على إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023.
وأكّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأربعاء إن الهدف الأبرز بعد وقف إطلاق النار في لبنان يتمثل في صفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة، وأن وقف إطلاق النار في لبنان من شأنه أن يزيد الضغط على حماس.
ويرى الخبير الجيوسياسي مايكل هورويتز من شركة الاستشارات الأمنية في الشرق الأوسط “لو بيك” أن حركة حماس “تبدو حتى الآن غير قابلة للخضوع للضغوط”.
ويضيف إن وصول إدارة أميركية جديدة يُنظر إليها على أنها أكثر تأييدا لإسرائيل قد يدفع نتنياهو إلى ممارسة مزيد من الضغط على حماس للتخلّي عن شروطها لوقف إطلاق النار.
وبحسب هورويتز “قد يستغرق الاتفاق بعض الوقت وقد تتحوّل الحرب إلى نزاع مجمّد”.
في العام 2024، وصلت التوترات بين إسرائيل وإيران إلى مستويات جديدة، وبلغت ذروتها مع قصف إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية مرتبطة بالصناعة الصاروخية في 26 تشرين الأول.
وقال نتنياهو الثلاثاء إن وقف إطلاق النار مع حزب الله المدعوم من إيران، سيسمح لإسرائيل بالتركيز على إيران، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
ويرى هورويتز أن وقف إطلاق النار من شأنه أن يمنح إيران الوقت لتهدئة التوترات وتجنب الاضطرار إلى الرد بالمثل على هجوم 26 تشرين الأول.
وأضاف: “إن وقف إطلاق النار يسمح (لإيران) بتجنّب المواجهة مع إسرائيل التي من شأنها أن تعقّد أي جهد دبلوماسي”، لا سيما في ظل استعداد إيران لاستئناف المفاوضات مع دول غربية هذا الأسبوع حول ملفها النووي.
وترجّح زونسزين أن تدفع إسرائيل بمصلحتها من خلال تركيز انتباهها على إيران لوقف برنامجها النووي، على أمل أن تحصل على دعم الولايات المتحدة في ذلك.
وتقول: “تشعر إسرائيل أكثر من أي وقت مضى أنها في وضع يسمح بإبقاء إيران ضعيفة وعرضة للخطر، وبمحاولة مواصلة الضغط على برنامجها النووي”.
ويقول أفيفي إن إسرائيل تأمل في أن تحصل على دعم الولايات المتحدة في مواجهة إيران، وأن “تشارك في الهجوم عليها معها”.
ويضيف: “إسرائيل بحاجة إلى اغتنام الفرصة وإقناع الإدارة الأميركية بالمشاركة في الردّ على إيران”.