رام الله / يرتفع منسوب العنصرية الإسرائيلية الممنهجة ضد الفلسطينيين، على أساس طرد سكان الأرض وترهيبهم وقتلهم وتشريدهم، كل ذلك في تحد صريح وواضح للكيان والوجود الفلسطيني صاحب الأرض والمكان والهوية، ليعرف الجار قبل صاحب الدار كيف قامت دولة الاحتلال وعلى حساب من.
تتمثل العنصرية الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني في سياسات التطهير العرقي، وسن القوانين والأنظمة التي تبيح الاستيلاء والسيطرة على الأرض، وإقامة المستوطنات، وبناء الجدار العنصري، والتحكم بأدق تفاصيل الحياة اليومية الفلسطينية، يضاف إلى ذلك تعبئة الجمهور الإسرائيلي من خلال وسائل الإعلام، بأفكار وصور تشوه الحقيقة، فيظهر الفلسطيني إرهابيا أو فلاحا بدائيا، لاجئا فوضويا غير متطور، أو شخصية كاريكاتورية أو غائبا تماما. ويجند الاحتلال ثقافته ومناهجه الدراسية، ومؤسساته وإعلامه وكل ما يملك، لغرس الكراهية والعداء للفلسطينيين والعرب، فنغيب كشعب ونختصر في صور عنصرية وتشويهية.
وكان الأديب الإسرائيلي سامي ميخائيل، قد وجه انتقادات شديدة خلال حديثه في المؤتمر السنوي الدولي للجمعية الدولية للدراسات الإسرائيلية الذي عقد في جامعة حيفا، ضد العنصرية المتفشية في إسرائيل والشروخ الطائفية بين مختلف أركان وشرائح المجتمع الإسرائيلي، دون أن يغفل دور اليسار الإسرائيلي ومسؤوليته في هذا السياق.
وقال ميخائيل: ‘إسرائيل تواجه اليوم خطرا في حال لم تنجح القيادة الحالية بأن تدرك أن إسرائيل لا تقع شمال أوروبا، وإنما في قلب منطقة الشرق الأوسط الثائرة والمعذبة’. لا يوجد مكان لنا في الشرق الأوسط بعد أن أثقلنا عليه وجعلناه يبغضنا بعد أن أكدنا صباح مساء أننا نكرهه، فمن شأن دولة إسرائيل أن تكون ظاهرة غابرة على غرار مملكة إسرائيل أيام المعبد الأول والثاني.
ويرى ميخائيل أن المصيبة تكمن بغرق جيران إسرائيل أيضا في نفس الوضع المزري، قائلا: هم لا يملكون غاندي، ونحن لا نملك روزفلت إسرائيليا.
وحول السياسة الإسرائيلية في احتلالها يعتبر أنها ‘كارثة’ بالنسبة لإسرائيل، فحلم أرض إسرائيل الكبرى، وفر الحماس للاحتلال وللسيطرة والاستيطان في قلب مجتمع سكاني فلسطيني مزدحم.
ويعتبر الكاتب أن ليبرمان صادق عندما يقول إنه يعبر بصوت عال عما يفكر به آخرون. ويضيف: نحن لا نستطيع أن نخدع أنفسنا، فالثقافة الإسرائيلية مسممة بدرجة لا تقل عن التيارات ‘المتطرفة’ عند المسلمين. نحن نغذي أطفالنا منذ رياض الأطفال وحتى الشيخوخة بشحنات الكراهية والتشكيك والاحتقار تجاه الآخر والغريب، وخاصة تجاه العرب.
كما تطرق إلى محاولات التشريع غير الديمقراطية ضد منظمات حقوق الإنسان والتصريحات المختلفة لأعضاء الكنيست ضد اللاجئين الأفارقة وغيرهم، مشيرا إلى أن منسوب العنصرية يواصل ارتفاعه في إسرائيل مع قيام عناصر من الكنيست والحكومة بتشجيع هذه المظاهر عبر تصريحات وقوانين قمعية ضد الديمقراطية والآخر والمختلف، وضد منظمات حقوق الإنسان.
وقال: ومن بين دول العالم كافة، فإن إسرائيل هي الدولة التي بمقدورها أن تتوج بلقب الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور.
وترى الباحثة الإسرائيلية نوريث بيلد في كتابها بعنوان ‘فلسطين في الكتب المدرسية الإسرائيلية: الأيديولوجيا والبروباغندا في التعليم’، أن الفلسطيني يختصر في كتب الجغرافيا والتاريخ واللغة والدراسات المدنية الإسرائيلية في صور عنصرية وتشويهية، فالفلسطينيون غائبون تماما كشعب في الكتب الدراسية الإسرائيلية، بدءا من رياض الأطفال حتى مختلف المراحل التعليمية.
وتضيف بيلد: إذا ظهر الفلسطيني فهو إرهابي بوجه مغطى، أو عربي ينتمي إلى 22 دولة عربية، فيما ليس للإسرائيلي أي مكان آخر، فالكتب التعليمية تركز على الفلسطينيين بوصفهم جماعة تشكل خطرا ديمغرافيا يتهدد الأغلبية اليهودية، لذا ينبغي التحكم بهم، إضافة إلى الدور المؤثر الذي تلعبه ألوان الصورة في إشعار الإسرائيليين بالعداء والنفور من الفلسطينيين في الوقت الذي لا تتطرق به المناهج الإسرائيلية إلى موضوع السلام، ولا يعطى الطالب الإسرائيلي طوال سنوات دراسته تعريفا لمن هو الفلسطيني، فيدخل الطالب الجيش بتعميمات عنصرية وتشويهية عن الفلسطينيين والعرب.
ونشرت صحيفة ‘بيزنس داي’ (BUSNIESS DAY) مقالا لألون ليل، الذي شغل منصب سفير إسرائيل لدى جنوب إفريقيا، حول شراء المنتجات الإسرائيلية المصنوعة في فلسطين، قال فيه ‘من خلال خيارك كمستهلك، فإن حدود العام 1967 المتوافق عليها دوليا والتي يتم إعادة رسمها، تعتبر الأساس الواقعي للسلام.
وأضاف: في عام 1990 كنا نؤمن بالسلام، الأمر الذي أثار الجدل في إسرائيل وفلسطين على حد سواء، وشكك البعض بإمكانية تحقيق سلام بينهما، وهذا الجو لم يعد يسود بين الجانبين اليوم. لا شك في أن تلك الفترة كانت فترة إنتاج أكثر من الوقت الحالي وكانت فترة تواصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويبدو أن إسرائيل نجحت في تلك اللحظة بكبح جماح طموح الحرية لدى الفلسطينيين من خلال تقطيع أوصال المجتمع الفلسطيني.
وتابع: لقد توصل الإسرائيليون الآن إلى أنهم ليسوا بحاجة إلى السلام، وفي الوقت الحالي لا تخطط الحكومة الإسرائيلية لأي انسحاب خلف الجدار، إسرائيل حققت الأمان مع أو من دون سلام، الاقتصاد ينمو وتل أبيب حققت ازدهارا واضحا، والاحتلال لم يعد يشكل مصدرا لعدم الارتياح في إسرائيل، باستثناء الأقلية التي تكافح ضد الخدمة العسكرية. إن الاضطهاد الذي يتعرض له الفلسطينيون لا يمكن تخيله، ويعتقد كثير من الإسرائيليين أن من الممكن إدارة الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال ألون ليل: أستطيع أن أفهم رغبة أصحاب الضمائر الحية في إعادة التأكيد على تطبيق أجندة العدالة التي تذكر الإسرائيليين بوجود الفلسطينيين، ولا أستطيع أن أدين الحركة التي تكبح استيراد المنتجات المصنوعة في الأرض الفلسطينية المحتلة والتي تزور وتصنف ويكتب عليها ‘صنع في إسرائيل’.
وأضاف: إنني أدعم حكومة جنوب إفريقيا التي تصرّ على التمييز بين إسرائيل والأراضي التي تحتلها. كوني خدمت سفيرا لإسرائيل في جنوب إفريقيا، أستطيع أن أقارن بين النزاعات، وعلى طريقة جنوب إفريقيا فإن الحل الأمثل لكل من إسرائيل وفلسطين هو من وجهة نظري إنهاء فكرة الدولة اليهودية -الحلم اليهودي القديم- وأن حل الدولتين هو الطريقة الوحيدة للوفاء للأجيال اليهودية الأربعة الماضية.
إن وضع عبارة ‘صنع في إسرائيل’ أو ‘صنع في الأرض الفلسطينية المحتلة’ على المنتجات لا تخلق حالة من الاستقلالية، بل إنها تعرف المبادئ بشكل واضح.
وقال: من خلال خياراتك كمستهلك، فإن الحدود المتعارف عليها دوليا ما قبل 1967، والتي تعتبر الأساس الواقعي للسلام والتي نتم الآن إعادة رسمها، فإن مثل هذه الأعمال تذكرنا بأن المستوطنات تعتبر خرقا للقانون، ‘ونحن متأكدون من أن الهدف يكمن في تحقيق استقلال فلسطين وليس تمكين إسرائيل لتصبح دولة الفصل العنصري’.
وأضاف: هناك تمييز يقع بين المنتجات الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات والتي ترجع إلى رسم الحدود وتثير الغضب لدى البعض، وتعتبر محرجة لمن يريدون حل الدولتين، لأنهم لا يستطيعون تبرير لماذا يتم كتابة ‘صنع في إسرائيل ‘على المنتجات الفلسطينية.
وكالة وفا