ستكون الجدران «الجميلة والحديثة» بارتفاع مترين، المغلقة لكن ليس بشكل كامل، هي الوسائل الدفاعية للجيش الاسرائيلي التي ستحافظ على عذرية النساء المجندات في الجيش (ينيف كوفوفيتس، «هآرتس»، 23/4). وطهارة الجنود سيحميها السماح بالغياب عن المكان الذي يسمع فيه غناء النساء.
في صناديق المرضى سيتم استخدام اطباء غير يهود كسور منيع أمام تدنيس السبت. في احتفال «العاب الماضي» الذي تنظمة وزارة التربية والتعليم لن يسمح للاولاد باللعب مع البنات. القفز بالحبل وغيرها من الالعاب، التي كانوا يلعبونها بصورة مختلطة، ستلعب بصورة منفصلة بحيث يكون هناك جدار جندري بين الجنسين وكأن الامر يتعلق بالصلاة في الكنيس، وفي الحافلات في القدس سيطلب من النساء الجلوس في المقاعد الخلفية خشيةً من اثارة المشاعر، وفي المحكمة العليا سيجري نقاش حول قانون الدكاكين، ومن يعرف ماذا ينتظرنا بعد، فربما أن الفصل بين الرجال والنساء في السيارات الخاصة مثلما هي الحال في السعودية، وربما تكون هناك مواقف عامة منفصلة للرجال والنساء مثلما هي الحال في ايران، التي يعتبر فيها الاطفال في جيل الرابعة رجالاً من أجل اغراض الفصل الجنسي.
الحاجة الى مقارنة اسرائيل بدول ظلامية يملي الدين فيها نمط الحياة، هي من اجل اظهار الى أين تنزلق الدولة. اسرائيل تتحول نموذجا للتقليد. اذا كانت دولة الهاي تيك الغربية والديمقراطية والليبرالية تضخ الله في كل زاوية من زواياها الحية وتمنح حاخاماتها الظلاميين صلاحية أن يملوا عليها نمط الحياة المدني، فان ايران والسعودية أو افغانستان يمكنها أن تتخذها نموذجا.
العلمانيون الذين تحولوا في اسرائيل الى قطاع، يجب أن يقلقوا، قناع الليبرالية الغربي الذي يلبسونه يحميهم من الاستسلام الاعمى لمفهوم «دولة يهودية»، والانجرار وراء الثورة الدينية التي تعتبر بديلا للهوية القومية والصهيونية. اذا كانت الانباء، الى ما قبل سنوات، عن الفصل بين الاولاد والبنات في رياض الاطفال في غيتوات مثل بيت شيمش وموديعين عيليت وعمانوئيل أو بني براك بدت كنكتة مسلية، وسلوك غريب يميز مخلوقات نادرة وغير ضارة، فقد تبين الآن أن الامر يتعلق بوباء بتشجيع من السلطات يحول العلمانية والعلمانيين الى نكتة مسلية.
إذا كان الانتماء الديني في السابق استخدم كمبرر لاقامة دولة قومية، الآن تحول الدين الى سبب وجود اسرائيل. أي أن الدولة هي أداة لخدمة الدين وليس لخدمة مواطنيها. مسار سيطرة الدين على الدولة يشبه الطريقة التي مر بها الاستيطان في «المناطق»، من مكانة تحت رعاية الدولة، أي أن مبرر وجودها هو الخدمة الامنية والتاريخية التي تقدمها للدولة، الى مكانة صاحبة البيت في الدولة، الى حلمها وسبب وجودها. النتيجة هي أنه بدون مستوطنات وبدون السعي الى التهويد لا يوجد أي معنى لمفهوم «دولة اسرائيل». بهذا جاء النجاح الكبير لمشروع الاستيطان ومشروع التهويد، اللذين يفرضان على الاغلبية العلمانية السجود للمالك، وأن تكون مقموعة أو أن تفقد هويتها.
إذا كان في الماضي غير البعيد وبدرجة كبيرة، الآن، استخدم مفهوم «مراعاة المشاعر» كأداة عمل نادرة هدفت الى اقناع العلمانيين بأن يكونوا ذوي صدر رحب، والسماح للاقلية المقموعة بأن تمارس شعائرها وعاداتها وكأن الامر يتعلق بقبيلة منقرضة، الآن لم يعد يوجد لهذا المفهوم مكان. الحرب هي على هوية مواطني الدولة وهوية الدولة نفسها، وليس على الجدران الفاصلة بين الجنود والمجندات أو على لعبة أولاد مشتركة.
هذه حرب معركة صعبة بشكل خاص لأنه يجب أن تجري بين الاغلبية العلمانية وبين حكومتها، بين مواطنين علمانيين يعتبرون مليشيات متمردة وبين اجهزة متقدمة استثمر فيها موارد كثيرة. هذا نضال بين متطوعين مثل مديري المدارس والمعلمين أو النشطاء في منظمات حقوق الانسان وبين من يستطيعون حرمانهم من مصدر رزقهم ومن ميزانياتهم ومن احترامهم. في هذه الحرب لا يوجد مكان لـ «مراعاة المشاعر» و»ترتيب مصالحة»، وبالتأكيد لا يوجد مكان للاستسلام.
عن «هآرتس»