دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى إقامة دولة كردية في شمال العراق، جاءت تتويجاً لمسار طويل من الجهود التي يبذلها في الأشهر الأخيرة لإقناع زعماء العالم بعقيدة «دفتي الكتاب» لاحتواء «التطرف السني والشيعي» في كل من العراق وسوريا
كشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن المساعي التي يبذلها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو منذ أشهر لدفع الغرب إلى تعزيز وتقوية المملكة الأردنية الهاشمية واستقلال الأكراد في العراق، الدولتان المعتدلتان والمقربتان من الغرب، الأمر الذي يعد احد الحلول الكفيلة باحتواء الجهات المتطرفة من السنة والشيعة في المنطقة، ووسيلة لمنع الفوضى في سوريا والعراق من التمدد إلى دول أخرى في الشرق الأوسط.
وتكشف الصحيفة أن نتنياهو، وفي جلسات خاصة، يشدد على تعزيز ودعم الأردن واستقلال الأكراد، ويؤكد أن الجانبين الأردني والكردي، عاملان قويان في تمتين الاستقرار وصد التطرف في المنطقة، وليسا عاملي فوضى. ووفقا لعقيدة نتنياهو، فان واحدا من الأساليب الفعالة لاحتواء التطرف، يكون من خلال تعزيز وضع «القوى الاحتوائية لهذا التطرف».
وعلى هذا الأساس، أقدم نتنياهو على التصريح بدعمه لاستقلال كردستان العراق، الخطوة التي تعد الأولى من نوعها، التي يقدم عليها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، وبصورة علنية ومباشرة، وذلك «برغم إدراكه ان دعم استقلال الأكراد في شمال شرق العراق، يخالف سياسة الولايات المتحدة، التي تفضل الحفاظ على عراق موحد».
وكان نتنياهو قد أكد في كلمة ألقاها في وقت سابق من الأسبوع الماضي، ضرورة العمل على احتواء العناصر الإسلامية المتطرفة في المنطقة، من السنة والشيعة على حد سواء، التي من شأنها أن تلحق الضرر بإسرائيل ودول أخرى معتدلة في الشرق الأوسط، ودعا إلى «دعم الجهود الدولية لتعزيز وتقوية الأردن في موازاة دعم التطلعات الكردية من اجل الاستقلال عن العراق».
من جهتها، شرّحت صحيفة «ذا ماكر» العبرية، مشهد العراق في اليوم الذي يلي تقسيمه الى ثلاث دول، شيعية وسنية وكردية، وطالبت تل أبيب بضرورة العمل على تعزيز العلاقة مع الدولة الكردية حصرا.
الرقعة الجغرافية المسماة العراق وسوريا، قد تتشظى إلى ثلاث أو أربع دول
ولفتت الصحيفة إلى أن الرقعة الجغرافية المسماة العراق وسوريا، قد تتشظى إلى ثلاث أو أربع دول – شيعية علوية، وكردية، وسنية. وإذا كانت الولايات المتحدة تعرب ظاهريا عن أنها مع دعم عراق موحد، لكن ليس من الواضح أن هذا هو موقفها الحقيقي، فيما أعرب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عن تأييده لقيام دولة كردية مستقلة.
ولجهة الموقف من الدول الثلاث، أشارت الصحيفة إلى انه من ناحية تل أبيب، والى حد بعيد جدا الولايات المتحدة، لا تعد الدولة الشيعية في جنوب العراق كدولة صديقة، إذ يكفي معاينة أصدقاء هذه الدولة، إيران وسوريا، لاتخاذ الموقف منها. أما حيال الدولة السنية، فيبدو ان تنظيم «داعش» قد استولى عليها مسبقا، وهذا التنظيم ليس صديقا لأحد، علما أن إسرائيل تشجع على قيام نظام سني علماني مستقر في غرب العراق وفي سوريا معا.
أما لجهة الدولة الكردية، فتؤكد الصحيفة أن الأكراد أصدقاء طبيعيون لإسرائيل، وهم موحدون سياسيا ولديهم قوة عسكرية أثبتت نفسها في العراق، إضافة إلى أنهم يسيطرون على مصادر كبيرة للنفط، بل ومن المثير للاهتمام، أن من مصلحة الأتراك حاليا إيجاد دولة عازلة تمنع وصول الفوضى العراقية إليهم، وأو تصغير العراق وقطع جزء منه، الأمر الذي يدفعهم إلى دعم الأكراد وتمكينهم من تصدير نفطهم بكميات كبيرة.
وطالبت الصحيفة تل أبيب بضرورة مساعدة الدولة الكردية، عبر شراء النفط منها وتزويدها بالأسلحة والخدمات، إضافة إلى تدريب قواتها المسلحة، ومؤازرتها استخباريا ربطا بالقدرات الاستخبارية الإسرائيلية المتطورة جدا، مع مراعاة هواجس أنقرة.
ولفتت الصحيفة إلى أن من مصلحة الأكراد ضم اكبر قدر ممكن من الرقعة الجغرافية العراقية التي تقطنها أغلبية كردية أو أغلبية من الأقليات، مشيرة إلى أن الاستيلاء على كركوك في الأسابيع الأخيرة، يجعل من مدينة الموصل الهدف التالي، ربطا بتعددها الاثني والديني، ومن بعدها مدينة تلعفر التركمانية، حيث السيطرة عليها توفر للأكراد التواصل الجغرافي مع المنطقة الكردية في شمال شرق سوريا، التي تتمتع باستقلال أمر واقع نتيجة للحرب في هذا البلد. اما لجهة الطموح المستقبلي، فترى الصحيفة أن بإمكان الدولة الكردية لاحقا، التطلع إلى مناطق الأكراد في إيران، التي تعد استراتيجية جدا، إذ بإمكان هذه المناطق أن تربط الدولة الوليدة بأرمينيا وبالجيب الآذري، وهي مسألة حساسة جدا لدولة مغلقة دون منفذ بحري، ذلك أن الحدود البحرية من الجانب الغربي للمنطقة الكردية في سوريا ستكون متعذرة وصعبة، لان الأكراد سيعملون على الحفاظ على العلاقات الجيدة مع تركيا، وسيمنعون ما من شأنه التسبب بتردي العلاقات البينية.
الاخبار اللبنانية