الناصرة / أنشأت شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وحدة لمراقبة وسائل الإعلام المصرية والعربية المختلفة، لرصد توجهات العالم العربي نحو إسرائيل في أعقاب الثورات التي تعم العالم العربي.
وذكرت صحيفة (هآرتس) العبريّة أن الاستخبارات العسكرية أنشأت بالتعاون مع مصادر خارجية، وحدة أطلقت عليها اسم وحدة (MI)، تختص في مراقبة جميع وسائل الإعلام العربية، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة كـ(الفيسبوك) و(تويتر) لرصد ما يبثه نشطاء هذه المواقع الاجتماعية وما تبثه الوسائل من رسائل معادية لإسرائيل. وكشفت الصحيفة العبريّة النقاب عن أن هذه الوحدة ستعمل على جمع المواد الإخبارية والتصريحات السياسية على مدار 24 ساعة في اليوم، وتشمل متابعتها جميع المواقع الفلسطينية، والصفحات الشخصية لمسؤولين فلسطينيين ومصريين وعرب على مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت تحصل على المعلومات والتصريحات المعادية لإسرائيل عن طريق منظمتين، هما منظمة الشرق الأوسط للبحوث الإعلامية ومقرها العاصمة الأمريكية واشنطن والتي يترأسها الضابط السابق في جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية يغآل كارمون، ومركز الإعلام الإسرائيلي الفلسطيني بمدينة نيويورك التابع لعدد من المتطرفين اليمينين الإسرائيليين، ويترأسها إيتمار ماركويس.
وأشارت الصحيفة، بحسب المصادر الأمنيّة في تل أبيب، والتي وُصفت بأنّها رفيعة المستوى، إلى أن الحكومة الإسرائيلية تُولى موضوع التحريض ضد إسرائيل اهتمامًا كبيرًا، وبدا ذلك واضحًا من خلال العديد من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخاصة بعد مقابلة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للأسيرة المحررة آمنة منى في تركيا. الجدير بالذكر أن هذه الوحدة ستكون جزءاً من وحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، والتي تعمل في مجال التجسس الإلكتروني.
في السياق ذاته، تُعتبر الوحدة 8200، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي من أكثر الوحدات تطورًا من الناحية التقنية والتكنولوجية ولها نشاطات واسعة في حروب الإنترنيت والشبكات، وقد انضم إليها الآلاف من العقول الإسرائيلية منذ إنشائها نظرا لشهرتها الواسعة حيث تعمل على ضمان التفوق النوعي لإسرائيل من خلال عمليات دفاعية أو هجومية في الفضاء الإلكتروني.
وبحسب موقع (Defense News) فإن الدولة العبرية قامت منذ العام 2003 بتجنيد آلاف الشباب من طلاب الثانوية في هذه الوحدة مما أثار الجدل حينها حول الأسباب التي تستدعي استقطاب كل هذه الأعداد وطبيعة المهام التي ستوكل إليهم، لكن الأمر ظل مبهما وتعرضت الصحف العبرية لضغوطات لوقف النبش بالموضوع. لكن مع نهاية العام الماضي بدأت المعلومات تتسرب بأن من تم تجنيدهم شكلوا أكبر جيش الكتروني لنشر الفكر الصهيوني والتوغل في أعماق العالم العربي لتسميم البنية الثقافية والفكرية وضرب قيمه الأخلاقية والإنسانية والعقائدية، وقد أتاح له فضاء مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات والمواقع الالكترونية ميدانًا مفتوحًا للتحرك بحرية كاملة.
وبحسب المعلومات التي تم تسريبها فإن فرقا من هذه الوحدة هي التي تتولى تدريب جيوش الكترونية لمعارضات العديد من الدول والتي قادت الثورات العربية في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها في الوقت الذي يعمل الآلاف منهم بهدوء على بث الفتن وترويج الإشاعات واستهداف الناشطين والمثقفين وتأجيج فتن مذهبية دينية. بجانب تلميع صور الجماعات المتطرفة، وأعمال استخبارية وتجسسية مختلفة، بكلمات أخرى، فإن جل اهتمام الوحدة في هذه الأيام هو كي الوعي العربي بما يتناسب مع مصالح دولة الاحتلال.
والمشكلة تكمن في أن هذا النشاط الإسرائيلي الذي يعمل على تفكيك المجتمعات العربية بشكل خطير جدا ما زال يعمل بدون رد، ولم يُواجه بأي تحرك عربي للحد من أثاره المدمرة. وأشار الموقع إلى أن الوحدة المذكورة تلعب الدور الحاسم في مجال التجسس الالكتروني، لافتا إلى أن الجنرال المتقاعد اوري ساغي، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية اعترف بوجود مثل هذه الوحدة، التي اعتبرها من أهم الوحدات الاستخبارية في الدولة العبرية. كما قال ساغي إن أهداف (الوحدة 8200) هو المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء. وتعتمد الوحدة على ثلاث صور من صور العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتنصت، والتصوير، والتشويش.
وقد كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي النقاب عن إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرئيل شارون نجح في إقناع الرئيس جورج بوش الابن في التحول ضد عرفات بهذا الشكل الجارف عندما عرض شارون على مسامع بوش محادثات لعرفات يطلب فيها من مقاومين في حركة فتح مواصلة العمل المسلح ضد إسرائيل في مطلع انتفاضة الأقصى، وقد تم عرض محتوى هذه المكالمات على الكثير من المسؤولين في أوروبا وبعض الدول العربية التي ظلت على علاقة مع إسرائيل.
ووفق (فورين بوليسي) فإنّ (امان) عمل وبكل ما أوتي من قوة لزرع احدث أجهزة التجسس الرقمية (ديجيتال) في القطاع قبل رحيل الجيش عنه وذلك من اجل وضع الفصائل الفلسطينية، أو بالأحرى نشطائها، تحت الرقابة الإسرائيلية الدائمة، ونقل أي معلومات مباشرة إلى مقر (امان) في تل أبيب. وتابع التقرير في المجلة الغربية قائلا إن إسرائيل تُخطط للسيطرة على جميع خطوط الهاتف وأنظمة الاتصال في القطاع بشكل يمكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من رصد تحركات واتصالات النشطاء.
القدس العربي .