بقلم: عنات كام / يكثر نحاميا شترسلر من التطرق في مقالاته الى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وكأنه تشمبرلين، بمقارنة المارق من قيصاريا برئيس الحكومة البريطاني في أواخر الثلاثينيات الذي بسبب تساهله مكن الوحش النازي من النمو. يوجد لديّ بعض التحفظات على هذه المقارنة، على رأسها أنها تظلم بالأساس تشمبرلين الأصلي، ولكن إذا كنا اطلقنا اسما سيئاً على التساهل، فيجدر كما هو سائد في تراث اليسار إجراء نقد ذاتي، والتوقف لحظة واتهام انفسنا.
أول من أمس نشرت في الشبكات الاجتماعية دعوة وجهها منتدى “حسمبا”، شباب من أبناء عائلات المخطوفين، لإجراء “حلقة نقاش” في ميدان المخطوفين قبل التظاهرة اليومية في بوابة بيغن – كابلان. منظمو الحدث ومؤسسو المنتدى، ومن بينهم غيل ديكمان الذي شارك، الاثنين الماضي، في جنازة ابنة عمته كرمي لغيت التي قتلت في أسر “حماس”، لا يجب الاحتجاج ضدهم. هم سيتحدثون وسيلتقون مع كل من يريد التحدث معهم وسماعهم. يستحق أبناء عائلات المخطوفين والأموات التحدث عنهم والتذكير بهم. وإذا كانت حلقة النقاش هي الطريقة فليكن ذلك.
بعد بضعة أيام على هجوم 7 تشرين الأول، عندما بدأ الناجون في الكيبوتسات يدركون بصعوبة ما حدث، وعندما لم يكونوا بعد قد انتهوا من جمع وتشخيص الذين تم ذبحهم في حفلة “نوفا”، فان ماكينة السم بدأت في نظرية الخيانة من الداخل وضخ الشرور التي هم متخصصون فيها. في الوقت ذاته سارع المستوى السياسي، الذي يبدو أنه المهذب فيها، الى رعاية “نحن أخوة” و”معاً سننتصر”، لأن “الوحدة” هي المهمة الآن. هم على حق. ولكنهم لم يدركوا بأنه لا يمكنهم أن يكونوا جزءاً في هذه الوحدة، لأنهم فعلوا اكثر من أي أحد آخر من اجل المس بها. الناشط اليساري سفستيان بن دانييل كتب هنا بعد اقل من أسبوع على الهجوم: “أنهينا حلقات النقاش والتساهل. لن نهدأ ولن نرتاح الى أن يختفي آخر مسؤول من الساحة العامة”.
انظروا الى الأمر العجيب، “لم نقم بإنهاء أو إخفاء أي أحد”. ها هم يجتمعون في ميدان المخطوفين من كل مكان في العالم، ومستعدون لمد يدهم لمن يهمه الأمر، حتى لمنتديات الامل والبطولة المتعطشة للدماء، الذين هم، فقط هم، وفقط الضغط السياسي الذي استخدموه، سيؤديان الى التخلي عن المخطوفين في الأسر بما في ذلك المخطوفون الستة الذين قتلوا في نهاية الاسبوع الماضي، وبينهم الثلاثة الذين كان سيتم تحريرهم في الهدنة الانسانية لو أن إسرائيل وافقت عليها. بالضبط مثل بني غانتس، الذي صافح بن غفير في حفل زفاف ابنة الناشطة السياسية موتي بابتشيك (حريدية لم يتم تعريفها اكثر من ابنة فلان، والآن هي زوجة فلان، لا يوجد لها اسم خاص)، فان عائلات المخطوفين يمدون اليد لمن سيوافق على الاستجابة.
هذا التسامح مع إرهاب اليمين هو الذي باسمه ما زال سمحا روتمان يلقي الخطابات ويشارك بشكل شرعي في مؤتمرات نقابة المحامين (من الواضح أن هذا بسبب منصبه، لكن في هذا الائتلاف غير الشرعي فان منصبه ليس اكثر من منصب فارغ). والذي باسمه، على مدى اشهر كثيرة في لقاءات منتهى ايام السبت في ميدان المخطوفين، لم تتجرأ سيفان كوهين، الرسمية الى درجة الاشمئزاز، على توجيه أي انتقاد. والذي بسببه وصلنا الى ما وصلنا إليه. لأننا “متسامحون” و”مستوعبون” و”متعددون” و”ليبراليون” – يجب إنهاء هذا الاسترضاء والتسامح. فلا حلقات نقاش أو حوار. وطالما أنكم أعلنتم الحرب فستواجهون بحرب. انتهينا من اللعب المهذب.
عن “هآرتس”