واشنطن/ قال مارتن أنديك الذي استقال الشهر الماضي من موقعه كمبعوث الولايات المتحدة لمفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية الأخيرة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نهاية شهر تموز 2013 ان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو كان تساءل حتى قبل الحرب الاخيرة عما إذا كان سيسمح بقيام “دولة حماس أخرى في الضفة الغربية”، وان “احتياجات إسرائيل للابقاء على الجيش الإسرائيلي لا تقتصر على الأغوار-وهو ما ناقشناه في جولة المفاوضات الأخيرة- بل في الضفة الغربية برمتها، أي عدم انهاء الاحتلال لمدة ثلاثين عاماً أخرى، ما يضع مسماراً أخراً في نعش حل الدولتين ويعني نهايتها”.
وقال إنديك الذي كان يتحدث للمرة الأولى في ندوة عامة منذ استقالته كمبعوث سلام، نظمها معهد بروكينجز تحت عنوان “أزمة غزة: “إننا في أوضاع مروعة، وذلك بعد مرور 12 شهراً من الجهود المكثفة من الولايات المتحدة من أجل التوصل للسلام وحل الدولتين، ونجد أنفسنا في نفق الاكتئاب في أعقاب جولة العنف الأخيرة المروعة وبعيدون عن تحقيق هذا الهدف”.
وقال إنديك في معرض رده على سؤال وجهته له القدس بخصوص الدور الذي لعبه فشل المفاوضات الأخيرة في إشعال فتيل العدوان الإسرائيلي الشرس على غزة: “إذا كنا نقارن مع نهاية عهد الرئيس السابق كلينتون، وانهيار المفاوضات آنذاك الذي أدى إلى انطلاق الانتفاضة الثانية المسلحة، فليس هناك مقارنة، كونه ليس هناك شعور بالفشل كما كان الحال عليه في نهاية عام 2000 (كامب ديفيد) حيث لم يكن هناك توقعات بنجاح المفاوضات: لا حماس، ولا حزب الله ولا إيران حاولوا إفشال المفاوضات ولم يعارضونها كونهم كانوا واثقين من أنها لن تنجح”.
وأضاف إنديك: “لذلك أقول ان الدوافع التي فجرت الحرب الأخيرة في غزة لا علاقة لها بالمفاوضات بل ان لها علاقة كاملة بالإطاحة بمحمد مرسي وفقدان حماس حليف كبير في مصر، وخنق حماس من قبل السيسي الذي دمر أنفاقهم وحاصرهم بالكامل واضطرهم أولاً للفرار إلى السلطة الفلسطينية وحكومة الوحدة الوطنية، وإلى العمل اليائس في الضفة الغربية الذي أدى في نهاية الأمر لانفجار الوضع”.
وشدد إنديك على ضرورة عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بقوة لضمان أن “يكون هناك سلطة واحدة، حكومة واحدة، وبندقية واحدة كما تحدث أبو مازن مرة تلو الأخرى” مطالباً العالم بالتدخل السريع في غزة لمعالجة الأحوال الإنسانية المتدهورة.
وفي معرض رده على سؤال يخص التوتر الأميركي الإسرائيلي الذي تشهده علاقات الدولتين في الأيام الأخيرة قال إنديك “إسرائيل تشعر بأن لديها متسع من الحركة أكثر من السابق لان لها علاقات جديدة قوية مع الهند والصين وروسيا، بل أيضاً مع الدول العربية- هناك حالة من اعادة ترتيب التحالفات تضم إسرائيل والأردن والسعودية ودولة الأمارات العربية، أي الملكيات السنية، وحتى السلطة الوطنية الفلسطينية في مواجهة حماس والإخوان المسلمين، بما يعطيها عتاداً للتمرد على الولايات المتحدة”.
ولعل المشاركة التي أثارت اهتمام الحضور أكثر من الآخرين كان الباحث خالد الجندي وهو أميركي من أصل مصري، وعمل مستشاراً للوفد الفلسطيني المفاوض لفترة طويلة ويعمل حالياً زميلاً في معهد “بروكينجز” حيث فند إدعاءات إسرائيل وتبريرها في عدوانها الشرس على غزة الذي أودى بحياة 1900 شخص معظمهم من المدنيين، وجرحت قرابة الـ 10,000معظمهم أيضاً من المدنيين إلى جانب هذا الدمار المروع مذكراً الحضور مرة تلو الأخرى بأن “غزة تحت حصار خانق ولسنوات طويلة، وليس صحيحاً أن حماس تريد حرباً مع إسرائيل” موجهاً اللوم إلى الإدارة الأميركية التي “انغمرت في حل الأزمة وابتعدت عن إدارتها، مما جعل الأمور تتفاقم وتخرج من حيز السيطرة”.
ونبه الجندي مستمعيه ان “ليس هناك شعب غزة وكأنها في عالم آخر؛ هناك الشعب الفلسطيني في غزة الذي يعاني من الحرب الإسرائيلية والدمار الذي لحق به والكارثة الإنسانية التي يعاني منها”.
واتسمت مشاركة ناتان ساكس، وهو إسرائيلي الأصل، شرح الموقف الإسرائيلي الذي “اتسم باعتدال نتنياهو في طبيعة الضربات الموجهة ضد حماس، في حين أن معتدلين مثل تسيبي ليفني كانت أكثر وأشد صرامة في رغبتها بالمضي قدماً حتى القضاء على الخطر الذي توجهه حماس”.
وقال ساكس في معرض حديثه: “صحيح أن الذي قتل رابين هو إسرائيلي يميني ولكن ما أجهز على سياق السلام في عام 95-1996 هو العمليات الانتحارية التي شنتها حماس وبددت حظوظ شمعون بيرز بالفوز بالانتخابات وأحضرت نتنياهو”.
القدس دوت كوم- سعيد عريقات