رام الله / كشف تقرير أعده مركز “إبداع المعلم”، عن ان 40% من طلبة الصفوف الاساسية لا يجيدون القراءة والكتابة .
هذه الاحصائية الملفتة والخطيرة في نفس الوقت تضاف الى معاناة الطلبة لا سيما الصفوف التمهيدية الناتجة عن تعطيل الدراسة بسبب الاضرابات التي نفذها اتحاد المعلمين, فيكاد يكون انتظام الدراسة في مدارس الضفة والتحصيل العلمي هذا العام صفر.
واوصى التقرير بضرورة العمل من أجل تجاوز مشكلة تدني التحصيل العلمي لدى الطلبة، خاصة في المراحل الأساسية، سيما على ضوء ما أظهرته الاحصائيات سيما وأن ظاهرة تدني التحصيل تمثل إشكالية تفرض نفسها على النظام التربوي، الذي يجب أن يولي هذه المسألة مزيدا من الاهتمام.
ونقل عن مدير الإشراف والتأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم ثروت زيد، نحتاج إلى عمل تكاملي، يتسم بالشمولية سواء كان على مستوى المنهاج وتطويره، او النظام التربوي واستحقاقات القرن الواحد والعشرين، والثقافة التربوية العامة وانعكاساتها على المستوى الاجتماعي، والكادر البشري ونموه المهني، والموارد المادية، والبنية اللوجستية التي تسهم في توظيف التعلم والتعليم، ونقله الى سياقات حياتية .
وقال زيد : التعليم في فلسطين يعاني من تدني في التحصيل، سواء على مستوى مدارس الحكومة، أو الوكالة أو الخاصة. موضحا ان هناك عددا من العوامل تقف وراء تدني التحصيل، مثل البيئة التربوية .
ورغم بدء الوزارة بعملية اصلاح تربوي لإعداد وتأهيل المعلمين. يقول زيد” ان عملية الإصلاح التربوي لا تتم بتغيير مناهج ولا بتأهيل معلمين فقط، لكنها أيضا بحاجة إلى ضخ دماء وتعيينات جديدة، والتي هي عملية شبه متوقفة منذ فترة، بالإضافة الى اعادة هيكلة المدرسة كمؤسسة اجتماعية فيها قيادة تربوية، وليس مجرد شخص يضطلع بمهام ادارية.
وفضلا عن برنامجا للتعليم عن طريق الترفيه، ذكر زيد أن الوزارة تركز على مسألة التعليم المساند والعلاجي، ونفذت ذلك في قرابة 100 مدرسة، هي بمثابة مراكز “عناقيد مدرسية” في تجمعات سكنية متنوعة في الضفة العام الماضي، وان المجتمع المحلي يسهم في ذلك ببرامج متنوعة والوزارة تشجع ذلك، من خلال تشكيل مجالس التعليم المجتمعية، ومؤسسات المجتمع المدني.
وارجع نائب رئيس برنامج التعليم في وكالة الغوث في الضفة الغربية وحيد جبران، سبب تدني التحصيل العملي للطلبة الى الوقت الذي يضيعه المعلم في التدريس وإعطاء التعليمات وضبط الصف ومتابعة الطلبة فضلا عن عدم مرونة المنهاج وعدم مواءمة البيئة التعلمية من حيث عدم مراعاة أنماط المتعلمين واحتياجاتهم، أسهما في صرف اهتمام الطالب عن التعلم”.
وقال: إن وكالة الغوث، وفي سياق استراتيجية الاصلاح التعليمي الشاملة لعدة مجالات، والتي أعدتها للسنوات 2011-2015، أخذت تركز على منحى التطور المهني المستمر للمعلم المستند إلى المدرسة، حيث سيتم استهداف جميع معلمي الصفوف من الأول حتى السادس، في كل المدارس، في إطار عملية تنمية مهنية تقوم على التعلم الذاتي في سياق المدرسة، وتغطي موضوعات تدريبية تهم الجميع، مثل التعلم النشط، والتربية الجامعة، والعلاقة مع المجتمع المحلي، والتقويم من أجل التعلم، وتعليم المهارات الأساسية في القراءة والحساب.
وتحدث عن تجربة التعليم العلاجي التي نفذتها مدارس وكالة الغوث في السنوات الأخيرة، في إطار خطة النهوض بالتعليم، مشيرا إلى قيام برنامج التعليم، بتطوير مواد خاصة بالتعليم العلاجي، حيث خصص معلم أو أكثر للتعليم العلاجي في معظم المدارس، وأتاح المجال لمتطوعين من المجتمع المحلي والمؤسسات المحلية للمشاركة في الصفوف العلاجية، وتم فتح المدارس يوم السبت أمام الطلبة، وتنظيم أنشطة تعلمية وأخرى ترفيهية في هذا اليوم، وأطلق على يوم السبت “يوم للتعلم والمرح”.
ودعا إلى توجيه الاهتمام للطلبة الذين يعانون من تدني التحصيل وتراجع الأداء الأكاديمي، وتوفير أنشطة ومصادر تعلمية إضافية لهم، ووضع برامج خاصة لهم في إطار التعليم الجامع أو التربية الشمولية، بحيث يتم تطعيمها ببرامج ترفيهية، ويتم تنفيذها في أيام العطل الأسبوعية، وخلال إجازة ما بين الفصلين والعطلة الصيفية، بالتنسيق مع الأهل ومع المجتمع المحلي.
وأشار إلى أهمية التركيز والتأكيد على دور المجتمع المحلي، وانخراطه في العملية التعليمية، والتخطيط، والمشاركة سواء من خلال مجلس أولياء الأمور، أو مجلس المدرسة، أو المجالس المجتمعية.
ودعا إلى تنظيم ورشة عمل وطنية لمتابعة الأمر، والاهتمام به عبر وضع الحلول التي تضيق هذه الفجوة في التحصل، والأداء بين الجنسين.
وأكد مدير عام المركز رفعت صباح، أنه بالرغم من كثرة المشاريع المشابهة للمشروع، إلا أن ما يميزه، كونه يحاول أن يخلق نموذج للشراكة بين أطراف العملية التعليمية، وهم المدرسة والمجتمع المحلي والأهالي، بالإضافة إلى أن الأطفال يتلقون التعليم بطرق غير تقليدية وحديثة، مما يسهل وصول المعلومة إليهم، ويجعلهم يحبون الذهاب إلى هذه الصفوف.
وأضاف: إن الإرشاد الفردي والجماعي في هذه الصفوف، كان له الأثر البالغ في نجاحها وتميزها، حيث أن الكثير من المشاكل الأكاديمية، يعود سببها بشكل أساسي إلى الظروف النفسية والاجتماعية والمادية التي يعاني منها الطلبة.
واستدرك: المشروع لم يغفل دور الأهالي، وبالتالي تم استهدافهم عبر الكثير من الدورات والورشات لتعريفهم بموضوع صعوبات التعلم وكيفية التعامل معها، ليكونوا بدورهم شركاء في تعليم أبنائهم، والنهوض بالنظام التربوي.
وقال: بعد النجاح الباهر الذي حققه المشروع في دورته الأولى، وكانت خلال العام الدراسي 2011-2012، واستهدفت 125 طالبا وطالبة، ظهر تطور شخصي وأكاديمي ملحوظ عليهم، جرى إطلاق الدورة الثانية.
وأردف: بالرغم من أن العمل مع الطلاب في الدورة الحالية، لم يمض عليه إلا 4 أشهر، فقد أظهرت علامات الطلاب في الفصل الدراسي الأول تطورا ملحوظا، فمثلا في قرية “برطعة” قضاء جنين، كان معدل الطلاب المشاركين في المشروع في اللغة العربية 42%، والآن أصبح 64%، أما في اللغة الانجليزية فقد تحسن من 39% إلى 68%، وفي الرياضيات تطور معدل علاماتهم المدرسية من 41% إلى 69%، بالإضافة إلى التطور الشخصي لدى كل الطلبة المشاركين، وذلك بشهادة الأهل والمعلمين في المدارس، حيث تم حل والتعامل مع الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية، مثل النشاط الزائد، والخجل، وعدم الثقة بالنفس، والعدوانية، وغيرها.
وقال: من خلال التعامل مع الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم، تبين أن أغلب هؤلاء الأطفال لا يعانون من أي مشاكل عضوية تعيق تقدمهم الدراسي، بل هم فقط بحاجة إلى بعض الدعم والاهتمام والمتابعة، فأغلب الحالات هم طلاب أذكياء لكن ظروفهم المحيطة والنظرة المسبقة إليهم بأنهم غير قادرين على النجاح والإبداع، تقتل فرص النجاح لديهم.
وأورد قصة طفل في الصف الثالث، كان يتمنى أن يمسح اللوح “السبورة” ولو لمرة واحدة، وعندما سمحت له معلمة الصفوف العلاجية بذلك، كان سعيدا جدا وبدأ يظهر تعاونا واستجابة عالية، نتيجة للشعور الذي تولد لديه بأهميته، ودوره بين أقرانه، وتحقيقه لهذا الحلم “البسيط”.
ومن الجدير بالذكر أن مشروع الصفوف العلاجية، يستهدف 200 طالب وطالبة موزعين على 7 قرى شمال الضفة الغربية، بالإضافة إلى طلبة في حي “التفاح” شرق غزة.
وكالة معا .