بقلم: شيرين افيتان كوهن
عندما انطلقت حماس الى الدرب، في صباح 7 أكتوبر، خططت لهجوم من ثلاث مراحل. الأولى: قتل، احتلال وتخريب في الغلاف في اثناء الساعات الأولى من العملية؛ المرحلة الثانية ركزت على الدفاع – عشرة اشهر عمل الجيش الإسرائيلي بقوة كي يفكك كتائب حماس بينما تجتهد منظمة الإرهاب للحفاظ على قوتها تحت الأرض، تحمي الكتائب لحين الحاجة وتقاتل من فوق الأرض بقوة محدودة. المرحلة الثالثة هي مرحلة انقاذ السنوار – اختطاف المواطنين في 7 أكتوبر كان يفترض به أن يوفر له بطاقة خروج من الانفاق، تحرير مخربين بجموعهم وإعمار القطاع. من ناحيته ستكون هذه هي اللحظة التي تتوج فيها مذبحة 7 أكتوبر كنجاح من الأقصى الى الأقصى.
هذا التحليل يعرفه غير قليل من كبار المسؤولين في جهاز الأمن وفي قيادة المستوى السياسي، وحياله يحاولون إدارة معركة طويلة مثلما هي إعادة المخطوفين دون ان يقفوا في مسرحية السنوار.
يعمل الجيش الإسرائيلي على تحقيق اهداف الحرب في غزة مع خطط عمل تتيح بقاء المنظمة من ناحية مدنية – إدارية وكمنظمة إرهاب أيضا، حتى وان لم تكن بدون قدرات عسكرية. فدخول وخروج الجيش الإسرائيلي من مراكز القتال تسمح للعدو بأن يعيد تنظيم نفسه وتجبي منا أثماناً. نقد علني من كبار المسؤولين في جهاز الأمن لم يؤدِ حتى الآن الى تغيير في أوساط محددي السياسة ولهذا فان هذه الحرب أيضا، بقيود الخطط، ليست على وشك الانهاء.
مع ذلك، في المستوى السياسي يقدرون بأنه نضج الوقت لصفقة وأن السنوار سيستجيب للضغوط الإسرائيلية، في موضوع محور فيلادلفيا أيضا. في أوساط مسؤولي الإدارة الاميركية يسود لأول مرة منذ زمن ما تفاؤل بالنسبة للقدرة على التوقيع على صفقة لتحرير المخطوفين تؤدي الى زمن محدود من وقف النار في غزة.
بقدر ما يحشر الضغط الذي في تصفية هنية على ايدي جهات مجهولة ورفيعة المستوى السنوار في الزاوية – ستكون هذه هي اللحظة التي توقع فيها صفقة تؤدي الى تحرير مخطوفين احياء. حماس، التي أملت بأن من ستنضغط حتى الآن ستكون دولة إسرائيل تكتشف ان الولايات المتحدة منشغلة هذه الأيام في خلق تحالف دفاع لإنقاذ دولة اليهود.
في إسرائيل يشخصون هنا زخماً لم يكن هناك مثيل له لصفقة. ستتيح المرحلة الأولى إعادة مدنيين؛ بالنسبة للمرحلة الثانية – استئناف الحرب او إعادة الجنود الاسرى – لا احد مستعد لأن يتعهد. كما أن هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو يطالب بالحفاظ على روافع الضغط للاستمرار، بما في ذلك محور فيلادلفيا واستئناف الحرب بضمانة أميركية واضحة.
في هذه اللحظة مثلما نشرنا الأسبوع الماضي يمكن لحماس ان تكسب أسابيع من الحرية من الحرب دون إعطاء مخطوفين – هذه الصيغة مطلوب تحديثها. إذ انه مع أن وقف النار يخدم الآن الديمقراطيين كما يخدم إسرائيل، فحسب فهم كبار المسؤولين في اليمين هنا ينبغي إبقاء إمكانية استئناف الحرب بقرار إسرائيلي وليس لاي جهة دولية أخرى.
ستتيح الفترة الانتقالية التي ستنشأ في الصفقة إعادة مخطوفين، اختيار موعد مريح اكثر للحرب ضد حزب الله وعلى ما يبدو أيضا ضد رأس الافعى، بينما سيكون في البيت الأبيض جمهوريون مع نهج مريح اكثر لإسرائيل. هكذا، على الأقل، يقدر مسؤولون كبار في الحكومة، ينظرون الى الانتخابات في تشرين الثاني كنقطة كفيلة بان تغير سير الأمور في الشرق الأوسط. هذا بالطبع اذا ما انتخب ترامب، الذي يتراجع حالياً في الاستطلاعات للرئاسة، وفي حينه أيضا سيدخل الى المنصب بعد نحو نصف سنة.
وزير كبير قال لنا الأسبوع الماضي ان رسائل في موضوع التطبيع مع السعودية نقلها دونالد ترامب ورجاله لمسؤولين في إسرائيل. على حد قولهم الزخيم للتطبيع بإقرار المجلسين في الولايات المتحدة انقضى في اعقاب قرب الانتخابات. فالجمهوريون لن يكونوا مستعدين الآن لأن يوقعوا لبايدن على تطبيع مجزٍ له، وفي ضوء الحرب المتواصلة في غزة يبدو ان لإسرائيل أيضا لم يعد مهماً الانتظار. وحتى ذلك الوقت؟ هجوم من جانب حزب الله هو موضوع منتهٍ، كما يقدرون في إسرائيل، ولم يتبقَ الا موضوع التوقيت.
في المستوى السياسي والأمني يعملون على عمل رد وفقاً لنتائج الهجوم وليس وفقاً لتنفيذه بالفعل. هكذا وجدت المعادلة التي أتاحت عشرين سنة من النار على غلاف غزة دون إبادة قدرات حماس. من هذا المفهوم لم يتخلص بعد من يديرون المعركة باستثناء ان هذه المرة سيكون من الصعب ان نرى كيف سيوافق المواطنون المجربون في الشمال ان يعودوا الى بيوتهم بعد التوقيع على اتفاق ما مع منظمة إرهاب ذات قدرات. في الوقت الذي يضع فيه زعماؤنا المخططات، فإن المواطنين هم من يتعين عليهم ان يواصلوا احتواء المعاناة.
عن “إسرائيل اليوم”