عمان ـ «القدس العربي»: حالة السكون التي دخلت فيها الحكومة الأردنية بشكل غامض طوال اليومين الماضيين في ظل الأنباء عن إنسحاب قوات الجيش العراقي النظامي من نقطة حدود طريبيل تؤشر بوضوح الى «لعبة سياسية» غامضة تمضي خلف الكواليس قوامها ترتيبات أكثر غموضا إستدعت فيما يبدو حضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لوقفة سريعة في عمان يعقبها زيارة لبغداد.
مجلس الوزراء الأردني بات ليلة أمس الإثنين في حالة إستفسار بسبب طبيعة ما يجري على الحدود مع العراق والتصريح اليتيم الصادر عن الناطق الرسمي الدكتور محمد المومني إرتكز على مسألتين الأولى تمثلت في ضرورة تجنب «التهويل» دون «التهوين»، والثانية تمركزت على إتخاذ كل الإحتياطات الأمنية والعسكرية الحدودية المعتادة.
لم يصدر عمليا في الأردن بيان رسمي يتحدث عن ما اعلنته قوات المالكي من الإنسحاب عن مركز إدارة الحدود مع الأردن ولم تعلق السلطات المحلية على الأنباء المتكررة التي أقلقت الرأي العام عن «لجوء» عشرات الضباط العراقيين هربا إلى الجانب الأردني او عن وجود تنظيمات داعش في إدارة المركز الحدودي.
خلافا لذلك توسعت «التسريبات» من المصادر الأمنية والعسكرية التي مالت بوضوح لتجنب إثارة البلبلة في المجتمع عبر التفصيل في طبيعة الإجراءات الفنية والعسكرية التي إتخذت من جانب الأردنيين حيث أعادت قوات حرس الحدود إنتشارها وتموضعها وأرسلت تعزيزات عسكرية مدرعة تحت عنوان التصدي لأي «إنتهاكات» محتملة دون الإعلان رسميا عن أي خلل.
عسكريا تحركت على طول الحدود مع العراق وهي أقل بنسبة 65٪ من الحدود مع سوريا قاذفات صواريخ وقطع دبابات من باب الإحتراز وتكثفت الرقابة الأمنية في الوقت نفسه وبدأت عمليات مراقبة إلكترونية للحدود.
عمليا إستيقظت عمان صباح أمس الإثنين وغيومها ملبدة بالتساؤلات عن حقيقة ما يجري على حدود العراق دون وجود رواية رسمية صلبة واحدة تخاطب الرأي العام في الوقت الذي إمتنعت فيه القوات المسلحة الأردنية عن المصادقة رسميا على التقارير التي تتحدث عن «تعبئة» وإعادة إنتشار قوات حرس الحدود.
سياسيا حصل ذلك لسبب فالحكومة الأردنية لا تريد إرباك وإقلاق الرأي العام ولا زالت حسب معلومات «القدس العربي» تنتظر توضيحات من جانب حكومة الرئيس نوري المالكي عن تبرير قصة الإنسحاب التكتيكي وسط تضارب مرجح في الأنباء والتقديرات ودون مظاهر أمنية مبالغ فيها خصوصا في المنطقة الشرقية المحاذية للحدود مع العراق.
بالنسبة للمومني حركة العبور توقفت مساء أمس الأول لكن بالنسبة لمصادر امنية مطلعة جدا تحول الحدود مع العراق إلى جوار لدولة تنظيم داعش لا زال معلومة إعلامية وصحافية فقط ولا تدخل في الحسابات الرسمية في سياقات الحقيقة والواقع دون نفي أو تأكيد أي تسريب.
لوحظ بوضوح ان زيارة كيري الخاطفة لعمان والإلتقاء بوزير خارجيتها ناصر جودة حصلت بعد سلسلة تصريحات أمريكية تحدثت عن أخطار داعش على الأردن وهي تصريحات صدرت عن البيت الأبيض والرئيس الأمريكي باراك أوباما ولم تصدر في الواقع عن الحكومة الأردنية. وفيما يواصل العاهل الأردني جولات عمل له توقف أمس في برلين لمقابلة المستشارة الألمانية في الوقت الذي تنشط فيه المؤسسة السيادية الأردنية في التحدث ضمنيا عن إحتياطات لكن بدون وجود «مخاطر» حقيقية في الوقت الذي تجاوبت فيه القطاعات الشعبية والإقتصادية والتجارية مع المعلومات المتقاطعة الواردة من العراق.
مقابل «هدوء الأعصاب» الأردني يتجنب تنظيم داعش الذي يسيطر عمليا على شريط يزيد عن 100 كيلومترا من جوار الحدود مع الأردن توجيه أي رسائل إستفزاز تدفع الأردنيين للتحول إلى طرف في الصراع لا على الصعيد الإعلامي ولا على الصعيد الميداني في الوقت الذي كشفت فيه مصادر مختصة ومطلعة النقاب لـ «القدس العربي» عن خطط أردنية عسكرية كانت موضوعة أصلا ولم تبرز بعد الأحداث الأخيرة.
إمكانات الأردن في التصدي لأي طموحات عند داعش بالتوسع تشمل تجيهزات خاصة في المنطقة بالتعاون مع السعودية لطائرات بدون طيار إضافة للإستعداد في حالة الطواريء القصوى وعندما يتطلب الأمن القومي والوطني الأردني الإشتباك مع أي جماعات مسلحة حتى داخل حدود العراق إذا أصر المالكي على الإبتعاد عن المشهد وتطلبت الحاجة.