غزة – الحياة الجديدة- عبد الهادي عوكل – يعاني مدخنو السجائر والمعسل في قطاع غزة من أزمة كبيرة في الحصول على السجائر بسبب ارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق والتي وصلت لأكثر من 200%، ما حدا بالكثير من المدخنين الى الإقلاع عنه أو تقنينه.
وتعتمد سوق قطاع غزة في السجائر بشكل كلي على السجائر المصرية المهربة عبر الأنفاق منذ قرابة ثمانية أعوام بعد تعطل دخولها بطريقة رسمية عبر المعابر مع إسرائيل منذ عام 2006.
وشهد عام 2006 أزمة مماثلة عقب سيطرة حماس على غزة وانسحاب مستوردي السجائر من المعابر، قبل أن يكتشف الغزيون الأنفاق التي شكلت المصدر الوحيد لعدة سنوات في توفير جميع الاحتياجات والسلع لقطاع غزة ومنها السجائر. إلا أن نشاط الجيش المصري على مدار الأشهر الماضية تجاه الأنفاق والذي أدى الى اغلاقها أعاد أزمة السجائر مجددا.
وارتفعت أسعار السجائر المصرية بشكل مفاجئ لتتفوق على أسعار السجائر الأجنبية في الضفة الغربية. فعلى سبيل المثال ارتفع سعر علبة دخان من نوع “رويال” من 6 شواقل إلى 20 شيقلا، وعلبة “LM” من 8 شواقل إلى 25 شيقلا، والمالبورو من 12 شيقلا الى 35 شيقلا، وعلبة المعسل 100 غرام من 6 شواقل إلى 30 شيقلا.
ويشتكي باعة السجائر من قلة إقبال المدخنين كما كان في السابق بسبب ارتفاع أسعارها، حيث اضطر الكثير من المدخنين إلى تقنين شرائها ومنهم من توقف عن التدخين قسرا.
أبو العبد صاحب محل الأمانة قال ان اكثر بيعه للسجائر منذ ظهور الأزمة بطريقة النفل (بالسيجارة) وأن الإقبال شهد انخفاضا كبيرا مشيرا الى ان الانخفاض يزداد يوما بعد يوم. ولفت إلى أنه لا يستطيع شراء كميات كبيرة من السجائر بسبب أسعارها المتذبذبة فتارة ترتفع كثيرا وتارة تنخفض فجأة.
كثير من المواطنين اقلعوا تماما عن التدخين لأنهم شعروا انهم أسرى للسيجارة. وقال المدخن إبراهيم محمود: “رب ضارة نافعة.. ففي بداية الأزمة وارتفاع أسعار السجائر بشكل جنوني انتابني الغضب، وكنت اشتري علبة السجائر من نوع رويال بـ 18 و 20 شيقلا، إلا انني وقفت مع نفسي أفكر وأتساءل: لماذا أحرم أبنائي احتياجاتهم الضرورية من اجل التدخين؟ وإلى متى سأستمر في هذا النهج بالإنفاق الكبير على التدخين؟ وما الفائدة التي تعود علي من التدخين؟ .. ومن هنا وعندما وجدت الإجابات كلها ضدي، قررت الإقلاع عن التدخين بلا رجعة حتى لو عاد سعره لأقل مما كان عليه في السابق“.
وعلى صفحات الفيسبوك، أعلن كثير من الشبان اقلاعهم عن التدخين حتى لا يكونوا أداة في أيدي التجار ليستغلوهم كيفما يشاؤون لتحقيق مكاسب مالية على حسابهم.
ويعاني مدخنو النرجيلة أزمة بعد ارتفاع أسعارها أيضا في المقاهي وهو ما لا يستطيع تحمله الشباب الذين يعانون من أزمة كبيرة في البطالة ويلجأون في أغلب الأوقات الى المقاهي لمشاهدة مباريات كرة القدم وتدخين النرجيلة للترفيه.
وقال مدير شركة يونيبال لاستيراد السجائر في غزة أحمد غباين لـ “الحياة الجديدة” ان الشركة ليس لديها أي مشكلة في استيراد السجائر من الخارج لقطاع غزة خاصة أن السجائر موجودة في مقر الشركة في رام الله، ولكن إدخالها للقطاع بحاجة إلى موافقة الجانب الإسرائيلي الذي يطالب بكتاب رسمي من السلطة الوطنية بهذا الشأن.
وقال: “مشكلة إدخال السجائر لقطاع غزة هي مشكلة قديمة حديثة ويتطلب إعادة إدخالها اجراءات رسمية لم تنضج بعد“.
من جانبه، اوضح نظمي مهنا مدير هيئة المعابر والحدود لـ “الحياة الجديدة” ان السلطة الوطنية تعمل على ادخال جميع السلع المسموح بها الى قطاع غزة، وان الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء د. رامي الحمد الله أوعزا للجهات المختصة بالعمل الجاد على إدخال ما يمكن إدخاله من سلع للقطاع، فيما السلع الممنوعة سيتم بحثها مع الجانب الإسرائيلي لادخالها.
وحسب معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن حجم الانفاق على التدخين بلغ نحو 470 مليون دولار خلال العام 2013 وبمقارنه تقريبية مع نسبة الزيادة في الاستهلاك والإقبال على التدخين فان حجم انفاق الفلسطينيين على السجائر من المقدر أن يرتفع هذا العام إلى 500 مليون دولار.
وللانتهاء من الأزمة طالب المدخنون السلطة الوطنية بالسماح بإدخال السجائر والمعسل إلى القطاع بطريقة رسمية كي لا يكونوا أداة لاستغلال التجار الذين رفعوا أسعارها من دون مبرر بمجرد إغلاق الأنفاق مع مصر والأزمة في سيناء.