كتب فايز أبو عون:منذ صباح السابع عشر من نيسان الماضي، ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، والذي أعلن فيه نحو 1800 أسير فلسطيني خوضهم معركة الأمعاء الخاوية، والأسير المحرر نعيم محمود أبو مطر (65 عاماً)، يضرب مثالاً للوفاء لهم من خلال حمله صورة الأسير القائد مروان البرغوثي وأسرى آخرين، ومشيه سيراً على الأقدام مسافة لا تقل عن خمسة كيلومترات يومياً، هي المسافة التي يقطعها من منزله في مخيم جباليا شمال القطاع، ليحط رحاله في خيمة الاعتصام والتضامن المقامة على أرض السرايا الحكومي وسط مدينة غزة.
أبو مطر الذي تحرر من سجون الاحتلال في العام 85 بعد أن قضى 15 عاماً في الأسر متنقلاً بين أقبية التحقيق، وغرف العزل الانفرادي، والغرف الجماعية، والعيادات الطبية، يحافظ على أن يكون أول المتواجدين في الاعتصام الأسبوعي الذي ينظمه الأسرى يوم الاثنين من كل أسبوع أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ولم يترك منذ العام 85 وحتى الآن، اعتصاماً أسبوعياً، أو إضراباً تضامنياً عن الطعام، أو مسيرة إلا وشارك فيها، ليُثبت ولاءه للأسرى الذين كان يوماً منهم، وعاش معاناتهم لحظة بلحظة.
ووصف أبو مطر لـ”الأيام الالكترونية”، حالة الأسرى في سجون الاحتلال في مثل هذه الأيام من الإضراب، قائلاً: “إن الأسرى يكابدون عنف وصلف الجلاد الإسرائيلي بأبسط الطرق والوسائل، ولكن أصعبها عليهم، وهي بأمعائهم الخاوية لتحقيق جزء من حقوقهم المشروعة ولتحسين شروط أسرهم التي نص عليها القانون الدولي الإنساني، واتفاقات جنيف الرابعة، ولكن المحتل لا يتجاوب مع أي مطلب من هذه المطالب إلا بعد أن يتيقن أنه خلَّف لبعضهم أمراضاً ستدوم معهم بعد الإفراج عنهم قد تودي بحياتهم في أي لحظة”.
وأضاف، كما أن إدارة السجون الإسرائيلية تُجبَر في العادة أمام أية فعالية للأسرى كالإضرابات عن الطعام أو أية ضغوط دولية أن تقبل بتحقيق بعض المطالب للأسرى والتي لا تُشكل إنجازاً كبيراً لهم، كزيادة مدة الزيارات، أو تحسين جودة الطعام المقدم من حيث الكمية والنوعية، أو إعادة بعض الأشياء البسيطة الأخرى التي تكون قد استولت عليها، والتي سرعان ما تسحبها من جديد في أي وقت آخر، لتُضاف إلى جملة المطالب السابقة الذي يتم الطلب في إعادتها.
وتحدث أبو مطر الذي أخذ له ركناً في خيمة التضامن بأرض السرايا يُقلب فيها صفحات إحدى الجرائد المحلية عن وضع الأسرى في مثل هذه الأيام، قائلاً: “إن إدارة السجون تتعمد في كل إضراب زيادة معاناة الأسرى من خلال إقامة حفلات شواء داخل أسوار السجن وفي أماكن تهب فيها الرياح المحملة بروائح الشواء باتجاه غرف الأسرى”.
واستذكر لحظات خوضه العشرات من الإضرابات عن الطعام مع باقي الأسرى، موضحاً أن الأيام الأولى من أي إضراب كان عليه وجميع الأسرى الذين يضربون عن الطعام من أصعب الأيام، والتي تخف صعوبتها مع مرور الأسبوع الأول، حيث يدخل بعدها في مرحلة فقدان الشهية للطعام، وما يتناوله من مدعمات ومن ثم الماء والملح، يأتي من باب المحافظة على استمرار الحياة وعدم ضمور المعدة أكثر من اللازم.
وبيَّن أبو مطر أن قضاءه 15 عاماً من عمره في الأسر، وضياع زهرة شبابه بين أربعة جدران، متنقلاً بين كل فترة وأخرى من سجن إلى آخر، التي كان أولها سجن السرايا الحكومي في غزة، ومن ثم سجن عسقلان، لينتقل بعدها إلى سجن نفحة الصحراوي، ومن ثم سجن كيتسعوت بالنقب، لافتاً إلى أن كافة ظروف الأسر في السجون واحدة، سواء من حيث المعاناة اليومية والتي تتمثل في الفسحة أو العد الصباحي والمسائي أو حتى الخروج إلى عيادة السجن للعلاج، أو معاملة السجانين للأسرى فالسجانون كلهم سواء.
وشدد على أهمية نصرة الشعب الفلسطيني والعربي والمجتمع الدولي لقضية الأسرى، وذلك من خلال وضع برامج يومية لاستمرار الإضراب الذي يشد من أزرهم ويُعزز من قوتهم لتحقيق مطالبهم العادلة، سواء من خلال تحسين شروط معيشتهم أو بعدم تجديد الاعتقال الإداري لهم، أو بعدم وضع بعضهم تحت مسمى مقاتل غير شرعي، تمهيداً للإفراج عنهم.
وأوضح أبو مطر أن الأسرى جميعهم الذين اختاروا بمحض إرادتهم فقدان حريتهم مقابل تمتع شعبهم بحريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، يتطلعون لزيادة حجم الضغط الدولي على الاحتلال من أجل الإفراج عنهم، وجلب مجرمي الحرب الإسرائيليين للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم على ما اقترفته وتقترفه أيديهم من جرائم بحقهم، لاسيما إخضاعهم للتعذيب، أو التغذية القسرية، أو العزل الانفرادي وغيره الكثير.
الأسير المحرر أبو مطر.. نموذج للنضال داخل وخارج أسوار السجن
Leave a comment