بيروت : ذكرت صحيفة “السفير” اللبنانية أن مخابرات الجيش اللبناني تمكنت مؤخرا من إلقاء القبض على عميل يعمل لصالح الموساد منذ ثلاثة وعشرين عاما.
ونقلت الصحيفة الأسبوع الماضي عن مصادر أمنية قولها أن العميل يدعى (ر. ع. ي) من بعلبك وهو عضو في مجلس بلدية المدينة وموظفاً في وزارة الأشغال، وقد اعترف بتعامله مع العدو الإسرائيلي، وبأنه زار الأراضي الفلسطينية المحتلة وتل أبيب، كما سافر إلى دول عدة للقاء مشغليه.
وخضع لدورات عديدة لدى جهاز الموساد ومن ضمنها كيفية استخدام الحبر السري، بالإضافة إلى بعض الأجهزة.
وأشارت المصادر إلى أن “العميل المذكور لعب دورا فاعلا في خدمة العدو خلال حرب تموز 2006″، واعترف بأنه قدم للعدو الإسرائيلي كماً كبيراً من المعلومات حول المقاومة والجيش وأسماء قياديين ومسؤولين في “حزب الله”، وحركة “أمل”، بالإضافة إلى معلومات حول شبكة الاتصالات العائدة للمقاومة، وتقديرا لخدماته ولأهمية ما قدمه للموساد أقام الكيان الإسرائيلي له تكريما خاصا به.
ووصفت المصادر العميل المذكور بأنه “الأغلى” من بين جميع العملاء الذين أُلقي القبض عليهم، إذ تقاضى من العدو لقاء ما قدمه 600 ألف دولار أميركي.
وقد أحيل العميل الموقوف إلى القضاء العسكري، حيث أصدر قاضي التحقيق مذكرة بتوقيفه سندا لمواد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وإليكم “الجزء الأول” من محضر التحقيق مع المذكور حسب ما نشرته صحيفة”الجمهورية” اللبنانية، حيث سنقوم بنشر الجزء الثاني غدا بإذن الله:
بطاقة التعريف:
علي رفيق ياغي، متأهل وعنده ولدان، والدته وسيلة ياغي من مواليد بعلبك 30/7/1946 ومقيم في بعلبك حي العسيرة بملكه، مجاز في الهندسة المدنية وبرمجة الحاسوب وعضو مجلس بلدية بعلبك، يملك مكتب للهندسة في بعلبك بناية المطرانية، إضافة إلى أنّه تاجر ملبوسات.
السقوط والارتباط:
بين عامي 1990 و1996 بإدارة الضابط “ميشال”بحكم عمله في تجارة الانتيكا تعرّف في اميركا على جورج انافيان عام 1990(يهودي من أصل ايراني) والذي عرّفه على المدعو ميشال في قبرص تحت عنوان مساعدته من قبل الأخير في تسويق بضاعته، حيث سافر في ذات العام الى قبرص لمقابلة ميشال على أساس انه تاجر انتيكا يهودي، لكنّ الأخير عرض عليه في اليوم التالي عملاً امنيّا يتيح له إنتاجية دائمة ومرتفعة، بعد أن صرّح له بأنه ضابط استخبارات إسرائيلي.
وافق ياغي مباشرة على عرض ميشال ودون أيّ تحفّظ حيث تمّ الاجتماع به عدة مرّات في السفارة الإسرائيلية طُلب منه في ختامها العودة الى قبرص بعد ستة اشهر، حيث كان اللقاء الثاني معه في قبرص أيضا وتمّ خلاله نقله الى تل أبيب حيث بقي هناك أسبوعا كاملا كان برنامجه فيه التالي (وهذا البرنامج كان ثابتاً في اللقاءات اللاحقة):
– مراجعة وتقييم التقارير والمعلومات التي قدّمها سابقا وكيفية تحصيله لها.
– إسقاط أهداف على الخارطة الجوّية.
– برنامج تدريب وتأهيل.
– الخضوع للاختبار على آلة كشف الكذب.
– تكليفه ببرنامج جمع معلومات.
– برنامج ترفيهي.
– منحه مبلغ 15000$ والطلب منه العودة بعد ستة أشهر.
لاحقاً أصبحت اللقاءات معه تجري في اليونان بإدارة الضابط نفسه ميشال وبمعدّل لقاءين في السنة حيث تمّ نقل اللقاءات من سفارة العدو في اثينا الى الفنادق حرصا على امنه وسلامته نظرا لأهميته وغزارة معلوماته التي كان يفيد بها، حيث كانت تسبق اللقاءات إجراءات حماية وتمويه له قبل ان يصل الى مكان اللقاء، وقد تخللها نقله عدة مرات الى فلسطين المحتلة تلقّى خلالها تدريبات امنية على كيفية استعمال الصوَر الجوية– الكتابة بالحبر السرّي– كيفية استقبال البرقيات عبر الراديو “اس دبليو” وفك رموزها– جهاز إرسال– كيفية الاستفادة من المخابئ السرية في الحقائب.
التجهيزات التي حصل عليها كانت راديو سوني – كتاب فك التشفير – قرطاسية الحبر السري – حقائب ذات قعر مزدوج – جهاز إرسال (استلمه سنة 93) كان مخبّأ داخل ساعة حائط خشبية اللون – نيغاتيف صوَر جوية لمنطقة البقاع مع منظار خاص بها.
آليات التواصل:
– صندوق بريد في ايطاليا بهدف إرسال الرسائل إليه من بيروت.
– خطوط خلوية لبنانية نظيفة.
استمرت هذه المرحلة بإدارة الضابط ميشال حتى العام 1996 وخلالها قدم معلومات مهمة عمّا يعرفه عن مراكز المقاومة في منطقة البقاع وإجراءات وتفاصيل حمايتها ونشاطاتها ونشاطات افرادها، كما قام بمراقبة منازل ومواكب مسؤوليها وشخصياتها في المنطقة وتفاصيل وإجراءات حمايتهم وعلى رأسهم عباس الموسوي.
مرحلة عمالته بين عامي 1996 و1998 بإدارة الضابط “كارلوس”:
عام 1996 تولّى الضابط الإسرائيلي كارلوس إدارته خلفاً لميشال، وقد استمرّت ادارته حتى عام 1998 وتضمّنت هذه المرحلة ثلاثة لقاءات مع العميل في العاصمة الايطالية روما، وتعتبر هذه المرحلة امتداداً للمرحلة السابقة بكلّ تفاصيلها سيّما لجهة البرنامج المعلوماتي المكلّف به العميل.
اللقاءات الثلاثة كانت تبدأ بانطلاق العميل من مطار بيروت الى روما حيث كان ينزل في الفنادق المحددة له مسبقا من جانب الضابط، ليتمّ نقله في اليوم التالي الى سفارة العدوّ او الى فندق آخر، وكان برنامج الزيارة يستغرق غالبا ستة ايام.
خلال لقاءاته في روما كانت تتمّ مراجعة التقارير والمعلومات والإحداثيات المرسلة من جانبه أثناء وجوده في لبنان، كما كان يلتقيه خبراء الخرائط الجوّية، وأيضا كان يتمّ إخضاعه لاختبار كشف الكذب أحيانا، إضافة إلى رحلات ترفيهية وشراء هدايا له، وفي ختام كلّ لقاء كان يمنح مبلغا يتراوح بين 15000$ و18000$.
خلال لقاءات ايطاليا تلقّى العميل تدريبات على جهاز ارسال جديد، وتسلّم الجهاز الموضوع في مخبأ وقام بتلف الجهاز القديم. وخلال اللقاء الأخير به في ايطاليا كُلّف بتحصين ساتر تردّده إلى الخارج عن طريق تجارة الملبوسات والأقمشة، وبالفعل اعتمد هذا الساتر في غالبية الرحلات اللاحقة، وأصبح يستورد كمية من الأقمشة او غيرها من البضاعة بحجّة التجارة.
مرحلة عمالته بين عامي 1999 ونيسان 2006 بإدارة الضابطين “رينيه” و”جوني”:
تمّت جميع اللقاءات في بانكوك عاصمة تايلاند، وبعد لقائه في اليوم الأوّل في السفارة كان يُنقل لاحقاً الى احد الفنادق، وكانت الزيارة تستمرّ أسبوعا، كان يتم خلالها إخضاع العميل لاختبار كشف الكذب، وتطويره حيث كان يتلقّى تدريبات على وسائل متطوّرة وحديثة تمّ تزويده بها.
شمل برنامج تدريبه تدريباً مركّزا على الحاسوب (توصيل الحاسوب مع جهاز الإرسال والاستقبال – تشفير البرامج وفكّ التشفير – حماية البرامج – استعمال الأقراص المدمجة والتي تحتوي صوَر الخرائط الجوّية لمنطقة البقاع، وجرى تدريبه عليها وعلى كيفية تحديد الإحداثية المطلوبة..)
تمّ تسليمه خلال هذه المرحلة جهاز لابتوب – أقراص مرنة تحوي صوراً جوية لكامل منطقة البقاع.
أمّا برنامج الاتصالات وآليات التواصل معه فقد تمّ تزويده برقم خلوي دولي للتواصل معه في الحالات الطارئة عبر هواتف عمومية، كما قام هو بشراء خط خلوي لبناني للتواصل مع الضباط حال حدوث أي عطل في أجهزة الإرسال، كما اعتمد على الجهاز اللاسلكي المتطوّر في استلام البرقيات الأمنية، إضافة إلى ربط الجهاز بالحاسوب.
في هذه المرحلة تمّ تطوير برنامج العدوّ المعلوماتي ليشمل المسوحات الجغرافية، سيّما مناطق إمدادات المقاومة، إضافة إلى مخازن السلاح، ومراكز التدريب، كما جرى التركيز على نشاط المقاومة لا سيّما في منطقة البقاع، وأبرز الأهداف التي قدّمها للعدوّ في هذه المرحلة:
-مسح خط المصنع حتى منطقة السلطان يعقوب بما يحوي من مؤسسات وتحصيل أسماء أصحابها وارقام هواتفهم (عن طريق تحديد الإحداثية، إضافة إلى معلومات حول المباني والمحلات الممسوحة).
– مسح شامل لمنطقة العسيرة القريبة من عنوان سكنه والتي تُعتبر منطقة سكنية للعديد من العاملين في صفوف المقاومة وتحديد منازلهم وإسقاط عناوينهم على الخرائط الجوّية، وقد استثمر العدوّ هذه المعلومات خلال حرب تمّوز 2006 وقام بتدمير المنطقة.
– مسح خط اللبوة – الجبولة – النبي عثمان: من مؤسّسات ومحال على الخط العام وتحصيل اكبر قدر من المعلومات حول أصحابها ومالكيها.
– مسح شامل لخط شمسطار – النبي رشادة، للمحلات والمؤسسات.
– التأكّد إن كان للمقاومة نشاط على نهر العاصي بساتر رياضة الرافتينغ (التجديف بواسطة قارب).
– تحديث المعلومات حول مقرّات المقاومة في البقاع، اضافة الى تحديث المعلومات عن الشخصيات القيادية والمواكب التابعة لها.
– تحصيل معلومات عن معسكرات التدريب، والسيارات والآليات المستخدمة من قبل المقاومين.
– مزارع الأبقار والدواجن في مختلف مناطق بعلبك الهرمل من بلدات شمسطار، طاريا، النبي شيت، ايعات، جزين، وذلك للتأكّد إن كانت تستخدم كساتر من قبل حزب الله لتخزين السلاح.
– المحلات والمستودعات المغلقة وتفاصيل عمّا تحويه وتفاصيل عن المتردّدين اليها إن أمكن ذلك.
– التردّد مرات عدة الى منطقة حوش باي وتحديدا قرب النبع لمراقبة نشاطات المقاومة في محيطه.
السفير اللبنانية .