باريس، الناصرة، رام الله – «الحياة» – توقعت السلطة الفلسطينية ان تشهد الأمم المتحدة غداً حدثاً تاريخياً، من خلال تبني مشروع قرار يعترف بفلسطين دولة غير عضو في المنظمة الدولية، ما «سيفتح الباب أمام محاولة أخيرة لإنقاذ حل الدولتين».
واستذكر الفلسطينيون بقوة حلم زعيمهم الراحل ياسر عرفات بالاستقلال، اذ جاء نبش قبره أمس لمعرفة ملابسات وفاته قبل يومين من توجههم الى الامم المتحدة للحصول اعتراف المنظمة الدولية
بدولة فلسطين التي ارسى دعائمها الاولى من دون ان يعيش ليشهد ولادتها.
وعشية تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار الفلسطيني، وبالتزامن مع حملة ديبلوماسية فلسطينية نشطة في أروقة الأمم المتحدة لنيل أكبر تأييد لمشروع القرار، تكثفت الضغوط والتهويلات على القيادة الفلسطينية.
وجددت الولايات المتحدة تهديداتها بالانتقام مالياً في حال تم تبني هذا القرار، فيما خففت اسرائيل تهديداتها للسلطة خشية تقويضها في مقابل ارتفاع شعبية «حماس» خصوصاً بعد العدوان الأخير على قطاع غزة.
وتولت دول أوروبية تحذير الرئيس الفلسطيني من «اليوم التالي» لاعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين. وذكرت مصادر مطلعة في نيويورك إن «دولاً أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا، وبعدما يئست من إقناع القيادة الفلسطينية بتأخير تحركها لدى المنظمة الدولية، تسعى الى تعديل مشروع القرار الفلسطيني كي يتضمن فقرة تجرد الدولة الوليدة من إمكان اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية».
وكانت البعثة الفلسطينية في الامم المتحدة نشرت الاثنين مشروع القرار الذي سيطرح على التصويت في الجمعية العامة غداً الخميس بحضور الرئيس محمود عباس، في خطوة اعتبرها السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور «حدثاً تاريخياً سيفتح الباب أمام محاولة أخيرة لإنقاذ حل الدولتين». ورحب بإعلان فرنسا «الذي يرقى الى المستوى التاريخي» بدعمها المشروع الفلسطيني، داعياً الولايات المتحدة الى «عدم معاقبتنا على الإجراء الديموقراطي والسلمي الذي نقوم به من خلال منظمة الأمم المتحدة، عكس كل ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات عنفية وغير قانونية ووحيدة الجانب لحقوق الشعب الفلسطيني وآخرها الحرب على شعبنا في غزة واستمرار الاستيطان».
وعن إمكان محاكمة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية بعد الحصول على صفة الدولة، قال منصور ان «هدفنا العودة مباشرة الى المفاوضات مع تل ابيب… ولن نقيد أنفسنا بأية قيود في حال استمرت إسرائيل في جرائمها وانتهاكاتها وعدم تقيدها» بأسس عملية السلام والقرارات الدولية.
وشدد على أن القيادة الفلسطينية «مستعدة للتوجه الى طاولة المفاوضات في اليوم التالي» بعد الحصول على صفة الدولة»، لكن «إذا استمرت إسرائيل في رفض كل ما نطرحه فإننا سنتشاور مع أصدقائنا الأوروبيين وسواهم حول الطريقة التي نجبر فيها إسرائيل على الانصياع».
ويؤكد مشروع القرار الفلسطيني على «حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير والاستقلال في دولته فلسطين على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام ١٩٦٧».
وتقرر الجمعية العامة بموجب المشروع «منح فلسطين وضعية دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة من دون المس بالحقوق المكتسبة ودور منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني».
وفيما أكدت فرنسا والنمسا التصويت لمصلحة مشروع القرار الفلسطيني، أعلن السفير البريطاني لدى الامم المتحدة مارك ليال غرانت ان بلاده لم تتخذ بعد قراراً بشأن هذا المشروع.
واللافت ان الحكومة الاسرائيلية، وبعد تهديداتها القوية للسلطة الفلسطينية بمعاقبتها، خففت لهجة وعيدها بتقويض السلطة، مستجيبة على ما يبدو الى موقف المؤسسة الأمنية التي حذرت من أن حجب الأموال عن السلطة سيؤدي إلى فوضى في الضفة الغربية ستتأثر بها إسرائيل حتماً، فضلاً عن مخاوفها من ان يؤدي إضعاف السلطة الفلسطينية الى مقابل ارتفاع شعبية «حماس» خصوصاً بعد العدوان الأخير على غزة.
الحياة اللندنية – نيويورك – راغدة درغام .