القاهرة: نشرت مجلة “الأهرام العربي” تقريرا حول جريمة رفح تضمن تفاصيل جديدة، وجاء في التقرير: بينما انحنى السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، على يد المرشد العام لجماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، ليقبلها ويودعه، وتلاه الشخوص المرافقون له فى الوفد الذى ترأسه للقاهرة، ظلت كلمات مرشد الجماعة ونائبه وأمينها العام تدوى فى آذان “خالد مشعل”، تلك الكلمات التى همس بها المرشد فى فناء مقر الجماعة لـ”مشعل”، حيث قال له المرشد: “إن الإخوان لم يتمكنوا بعد من السلطة بمصر، وأن من يقودون القوات المسلحة لايزالون يمثلون حجر عثرة أمام قرار الجماعة الداعم للنضال الفلسطيني”، وأعرب بديع عن أمنياته أن “يتفهم الإخوة فى حركة حماس هذا الوضع الحرج للقيادة السياسية المصرية”، حيث تعانى مما اسماه بتربص فى الداخل والخارج بها من قبل من أسماهم فضيلته بأعداء الثورة، وبقايا نظام مبارك.
وربما أجل المرشد العام لجماعة الإخوان تلك الكلمات، وانتظر خروج الوفد الحمساوى من اللقاء الذى وصفته الجماعة بالخاص، والذى جمع الوفد مع أعضاء مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة، والذى حضره أكثر من وزير بالحكومة المصرية، ومسئول بالقيادة السياسية، نقول: أجل المرشد تلك الكلمات إلى حين الخروج فى الخلاء من اللقاء بعيداً عن الغرف المغلقة، ظناً منه أن مقر الجماعة مليء بأجهزة الرصد والتنصت، والكلام فى الخلاء لن يخرج عن مسامع من سمعوه، لكن الوفد الحمساوى سرعان ما سرب ما قيل له إلى رفاقه فى غزة، والذين قاموا بدورهم فى تسريبه بتقارير لرجال لهم بالقاهرة.
ونفت مصادر أمنية لنا ما تردد عن رفض الفريق عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، مقابلة خالد مشعل، والوفد المرافق له، وأكدت تلك المصادر بأن ما أثير حول هذا الأمر بمثابة شائعات يقف خلفها الموساد الإسرائيلي، وأن الوفد الفلسطينى جاء إلى القاهرة وفق أجندة أعمال جرى إعدادها بشكل مسبق، ولم يكن مدرجاً عليها لقاء وزير الدفاع أو أى من قادة القوات المسلحة المصرية، وهى أجندة أعدت قبيل ما نشرته مجلة “الأهرام العربي” بأكثر من أسبوعين، وتتعلق تلك الأجندة بالتفاهم مع المخابرات المصرية والقيادة السياسية المصرية بشأن زيارة أوباما المقررة للكيان الصهيوني.
ووفق ما وصلنا من معلومات فإن التفاهم يتعلق بـ: “قضايا المصالحة الفلسطينية، وعملية التسوية، والأوضاع بالمنطقة”. وأكدت المصادر الأمنية لـ”الأهرام العربي”: “أن خالد مشعل وعد السلطات الأمنية المصرية والسياسية التى التقاها بالتعاون التام مع الجانب المصرى بشأن التحقيقات المتعلقة بمذبحة رفح، وضرورة مثول المرتكبين لها أمام العدالة أياً كانت انتماءاتهم، واستبعد أن يكون لقيادة حماس أى دور فى تلك المجزرة”.
وقال المحلل السياسى المتخصص فى الشئون الفلسطينية إبراهيم الدراوي، لنا إن زيارة مشعل لمقر جماعة الإخوان هى زيارة روتينية وشخصية، حيث تعود مشعل كلما جاء إلى القاهرة أن يذهب للمقر للتشرف بمقابلة فضيلة المرشد العام للجماعة، إلا أن بياناً صدر عن جماعة الإخوان أوضح أن مشعل أكد للدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان «احترام حركة حماس وكل الفلسطينيين لأمن مصر القومى ومصالحها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية من أى زاوية من الزوايا”. وأضاف مشعل أن “مصر فضلا عن مكانتها وزعامتها للأمة العربية والإسلامية فهى تمثل للفلسطينيين السند القوى الداعم للقضية الفلسطينية فى الماضى والحاضر والمستقبل.
ووفق بيان الجماعة أبلغ مشعل المرشد أن: ” الفلسطينيين يقدرون تضحيات مصر والجيش المصري، ولا يمكن أن يتعرضوا له بأى سوء». ولفت رئيس المكتب السياسى لحركة حماس النظر بحسب بيان جماعة الإخوان أنه « تواصل مع مختلف المسئولين فى مصر، وخصوصاً الرئاسة والمخابرات العامة، وتم شرح كل هذه المواقف لهم، كما أنه يجرى التعاون والتنسيق معهم بما يخدم الأمن القومى المصري”.
ووفق مصدر مطلع فإن جهاز أمنياً سيادياً التقى وفد حماس وبحث معه القضايا الأمنية التى تفجرت أخيراً بين مصر وقطاع غزة، وحذره من مغبة تواصل الخروقات الأمنية التى تقوم بها جماعات فلسطينية للحدود المصرية وما يترتب عليها من تهريب للسلاح والأفراد، وكل الأمور التى تشكل تهديداً بالغاً الخطورة للأمن القومى المصري، لاسيما فى تلك المرحلة الحساسة التى تمر بها مصر، وشدد الجهاز السيادى على أن هجمات استهدفت عناصر أمنية بسيناء يقف خلفها متطرفيون من غزة وأشخاص متعددو الجنسيات يتخذون من جبال سيناء الوعرة ملاذات آمنة لهم، وأن القاهرة عازمة على القضاء تماما على تلك البؤر التى تشكل تهديداً للأمن القومى المصري.
وأكدت قيادات بهذا الجهاز خلال الاجتماع لخالد مشعل، بأن قرار إغلاق الأنفاق لا رجعة فيه، لأن الفلتان الأمنى بسيناء وصل إلى أوجه بسبب حالة فوضى الأنفاق التى أعقبت الثورة المصرية، وأن جيش مصر عازم على فرض سيادته التامة والمطلقة على سيناء، وأن الوقت قد حان للسلطات فى غزة أن تتخذ من المعابر الرسمية التى فوق سطح الأرض منطلقاً لإدخال كل ما تحتاج من مواده فى إطار القوانين المعمول بها ما بين الجانبين، ومن هنا فأن القاهرة لن تتعامل إلا بكل حسم مع كل مهربى المواد من وإلى غزة.
وبشأن المصالحة الفلسطينية فإن القاهرة توصلت إلى تفاهمات مع قيادة حماس عبر خالد مشعل، ستحاول من خلالها أن تتفاهم مع الإدارة الأمريكية التى تعترض على عملية المصالحة وتضع شرطا لها، ألا وهو اعتراف حماس بإسرائيل، وهو ما ترفضه حماس بقوة حتى الآن، حيث يحاول المسئولون بالقاهرة التوصل لحلول وسط ترضى الطرفين الفلسطينى والإسرائيلي، ومن خلالها يمكن أن تستأنف عملية السلام من جديد. وتجيء اللقاءات ما بين المسئولين الأمنيين المصريين والدكتور خالد مشعل، والوفد المرافق له قبيل أيام من زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لتل أبيب والمنطقة، والتى سيحاول من خلالها استثمار ثورات الربيع وإحياء عملية السلام.
كما تجيء زيارة مشعل للقاهرة، فى وقت سربت فيه أنباء تشير إلى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، اشترط لكى تشمل جولته زيارة القاهرة أن يوافق الرئيس المصرى على تواصل اللقاءات السياسية ما بين القيادة المصرية والحكومة الإسرائيلية، حيث يقتصر التعامل حاليا على التعاون الأمني، وهو الأمر الذى تتحفظ عليه القيادة السياسية المصرية حتى الآن بحجج متنوعة تقدم للجانب الأمريكي.
والخلاصة، وفق ما وصلنا من معلومات متعددة المصادر، فإن زيارة رئيس المكتب السياسى لحركة حماس خالد مشعل، للقاهرة أخفقت فى إغلاق ملف جريمة رفح التى وقعت خلال شهر رمضان الماضي، وراح ضحيتها 16 جندياً وضابطاً من قوات حرس الحدود المصرية أثناء تناولهم طعام الإفطار. وتباين الموقف المصرى بين تشدد من جانب جهات سيادية، وقوى سياسية عديدة، إذ رفضت أى تساهل فى التعامل مع هذه الجريمة.
وكانت القوات المسلحة المصرية قد أكدت أنها لن تتهاون حيال مرتكبى هذه الجريمة، إلا أن رئيس حزب الحرية والعدالة د. محمد سعد الكتاتني، قال: إن التحقيقات مازالت مستمرة ولم تتوصل بعد إلى الفاعلين الرئيسيين، مشددا أنه «لا أحد سيفلت من العقاب أيا كان موقعه».
وكان خالد مشعل، أبلغ جهة سيادية مصرية سلمته قائمة بمطلوبين للعدالة فى مصر، ينتمون لفصائل فلسطينية مختلفة عن تخوفه مما وصفه بمخطط لضرب العلاقة الخاصة بين الشعبين المصرى والفلسطيني، نافيا أن تكون حركة حماس ضالعة بشكل رسمى أو بأى شكل فى تلك الجريمة، وأكد الوفد الفلسطينى لجهة سيادية مصرية فى معرض تبريره لجرائم ترتكب بسيناء، أن أفراداً يمكن أن يكونوا تابعين للموساد من الممكن أن يتسللوا عبر الحدود، وهؤلاء الأفراد فلسطينيون يتجسسون على المقاومة الفلسطينية ذاتها، وغير فلسطينيين.