الايام – محمد الجمل:يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ 227 على التوالي، ويستمر الاحتلال في مذابحه وجرائمه دون توقف، بينما تتعمق معاناة النازحين، مع توسيع العدوان على رفح. وتواصل “الأيام” نقل مشاهد جديدة من قلب العدوان والحصار في قطاع غزة، أبرزها مشهد بعنوان “3000 شاحنة مساعدات تنتظر على معبر رفح”، ومشهد آخر يوثق معاناة النازحين خلال الرحلة اليومية للحصول على المياه، ومشهد ثالث بعنوان “أحياء محور صلاح الدين في عين العاصفة”، ومشهد رابع تحت عنوان “سيناريو إحراق خان يونس يتكرر في رفح”.
3000 شاحنة مساعدات تنتظر على معبر رفح
مر نحو 15 يوماً على إغلاق قوات الاحتلال معبر رفح البري مع مصر، ومنع دخول المساعدات، والأدوية، والوفود الطبية، وكذلك الوقود، وحظر سفر الجرحى، ممن هم بحاجة ماسة للعلاج في الخارج.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إن الأزمة الإنسانية تضاعفت في القطاع على نحو كبير، منذ إغلاق المعابر، وتكدس 3000 شاحنة مساعدات، جميعها متوقفة أمام البوابة المصرية لمعبر رفح، ولا يُسمح لها بالدخول للقطاع.
كما حال إغلاق المعبر دون سفر نحو 700 جريح، يعانون إصابات حرجة، ويحتاجون للخروج من القطاع بشكل عاجل، من أجل استكمال علاجهم، وإنقاذ حياتهم.
وأكد المكتب الإعلامي أن الحصار الإسرائيلي المشدد ومنع دخول المواد الطبية والوقود، ينذران بانهيار شامل للمنظومة الصحية في قطاع غزة، خاصة في ظل استهداف المستشفيات وحرقها، وتدميرها، وإخراج المزيد منها عن الخدمة.
وطالب دول العالم بممارسة ضغوط كبيرة على الاحتلال، من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية، وفتح المعابر فوراً، قبل وقوع الكارثة الإنسانية، خاصة مع وجود أكثر من 2.4 مليون مواطن في القطاع، غالبيتهم نازحون، يعيشون على المساعدات، التي يتسلمونها من الجهات الإغاثية.
وبدت تبعات وآثار إغلاق المعابر تظهر بشكل جلي على حال الناس، مع بدء نفاد ما كان بحوزتهم من مواد تموينية ومساعدات، إذ تصاعدت المناشدات من أجل استئناف تسليم المساعدات، التي توقفت منذ بدء اجتياح رفح، وإغلاق المعابر.
وقال المواطن هشام عيد، إنه كان يعيش طوال الفترة الماضية على ما تبقى لديه من مساعدات، سبق وتسلمها من وكالة الغوث، وبرنامج الغذاء العالمي، لكن ما لديه بدأ ينفد بالفعل، ولا يمتلك مالاً لشراء أي مواد غذائية من السوق.
وأوضح عيد وهو نازح من رفح، ويقيم في خيمة بمحافظة خان يونس، أنه وغيره من النازحين يواجهون خطر المجاعة بشكل حقيقي، مناشداً بسرعة فتح المعابر، واستئناف توزيع المساعدات، خاصة على خيام النازحين في خان يونس، متسائلاً عن الميناء البحري الذي روج له الأميركان، على أنه سيدخل مساعدات لغزة، وهل فعلاً دخلت مساعدات من خلاله؟.
شح وندرة الماء في خان يونس
تفاقمت معاناة مئات الآلاف من النازحين الموجودين في محافظة خان يونس، مع شح وندرة المياه، بشقيها، المياه المنزلية، ومياه الشرب.
ومن أجل الحصول على كمية من الماء، يضطر النازحون لقطع مسافات طويلة، تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 4 كيلومترات سيراً على الأقدام، للحصول على كمية محدودة من المياه.
وبدت علامات التعب والإرهاق واضحة على وجه المواطن أمجد جابر، إذ قطع مسافة تزيد على 3 كيلومترات، وهو يجرّ عربة صغيرة، حتى وصل إلى صنبور مياه، وقام بتعبئة ثلاثة غالونات، وعاد إلى خيمته في نهاية شارع 5.
وأكد جابر أن رحلة البحث عن المياه تبدأ في كل صباح، ومن أجل الحصول على 60 لتراً فقط يسير مسافات طويلة، ويبذل مجهوداً كبيراً، حتى بات يستخدم المياه بشكل مقنن في بيته.
وأوضح جابر أن معاناة النازحين في خان يونس كبيرة، والبحث عن المياه العذبة أمر شاق ومرهق.
بينما شوهدت طوابير طويلة من المواطنين تصطف أمام شاحنات تحمل صهاريج مياه، حتى يسمح لكل مواطن بتعبئة غالون واحد سعة 18 لتراً، إذ قال المواطن ياسر أبو طه، إنه يقضي ما بين 3 – 4 ساعات يومياً حتى يحصل على كمية محدودة من المياه، مبيناً أن أزمة الماء في خان يونس كبيرة وغير مسبوقة.
أحياء محور صلاح الدين في عين العاصفة
شهدت الأيام القليلة الماضية تعميق الاحتلال عدوانه البري على محافظة رفح، خاصة محور صلاح الدين الحدودي مع مصر أو ما اصطلح على تسميته “محور فيلادلفيا”.
وكانت هذه المنطقة من أوائل المناطق التي شهدت توغل الدبابات، إذ انطلقت الأخيرة من معبر كرم أبو سالم، واتجهت غرباً حتى معبر رفح البري، ثم أكملت طريقها على طول المحور حتى وصلت إلى حي البرازيل، وبوابة صلاح الدين، وبذلك تكون احتلت نحو نصف المنطقة الممتدة على طول الحدود المصرية.
وقال المواطن ناجي فرج، ويقطن قرب الحدود المصرية، إنه كان يعلم قبل اجتياح رفح، أن محور صلاح الدين هو أحد أهداف الحملة العسكرية على رفح، لذلك حرص مبكراً على إخلاء جزء من أثاث بيته، ونقلها إلى منزل أقربائه في منطقة مواصي خان يونس، ثم أكمل نقل حاجياته مع بدء العملية البرية في رفح.
وأكد فرج أنه يتوقع أن تتعرض تلك المنطقة لدمار كبير وواسع، مستنداً في توقعه لما يحدث في حي السلام الملاصق للحدود المصرية حالياً، حيث تتعرض كل المنازل المطلة على الحدود للتدمير في الوقت الحالي، وهذا الوضع قد يمتد لباقي المناطق الملاصقة للشريط الحدودي.
في حين قال المواطن عبد الحميد موسى، إن الجميع يعلم أن منطقة محور صلاح الدين ستكون محوراً رئيساً في عمليات الاحتلال في رفح، وسبق وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بالعمل في تلك المنطقة، وهذا سيخلق كارثة كبيرة، لاسيما أن الحدود المصرية الفلسطينية تمر من وسط أحياء ومخيمات شديدة الكثافة السكانية والاكتظاظ، وهذا يعني أن الدمار سيكون كبيراً، والوضع سيكون كارثياً.
وتسبب الخوف من تعميق العدوان على طول محور صلاح الدين، بحالة نزوح واسعة على طول تلك المنطقة، إذ يواصل مواطنون إخلاء منازلهم، واللجوء لأماكن أكثر أمناً، قبل وصول الدبابات لمحيط مساكنهم.
سيناريو إحراق خان يونس يتكرر في رفح
على مدار الساعة لا تتوقف ألسنة الدخان عن التصاعد من محافظة رفح، خاصة المناطق الشرقية منها، وجميعها ناجمة عن إحراق منازل، أُجبر سكانها على تركها عنوة، تحت التهديد والقصف.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن قوات الاحتلال تكرر في رفح ما حدث في جارتها خان يونس بداية العام الجاري، من حيث تعمد إشعال الحرائق في البيوت، لكن الوضع في رفح أكثر سوءا، فارتفاع درجات الحرارة يزيد من سرعة اشتعال النيران، وامتدادها، وبالتالي تعميق الخسائر المادية.
وقال المواطن خليل هاشم، من سكان غرب رفح، إنه لم ينزح من منزله بعد، ويصعد كل يوم إلى سطح المنزل، وينظر شرقاً فيشاهد النيران تلتهم البيوت في مناطق وسط وشرق رفح، وسحابات الدخان تتصاعد بكثافة من جميع المناطق.
وأكد هاشم أن النيران ناجمة عن حرائق متعمدة يحدثها الاحتلال في المناطق التي يُسيطر عليها، أو يقف على حافتها، وتحدث إما عبر إطلاق قذائف حارقة تجاهها، أو من خلال طائرات “مُسيرة صغيرة”، تتعمد إطلاق أجسام مشتعلة عبر نوافذ المنازل، التي اضطر أصحابها لإبقائها مفتوحة، حتى لا تتحطم.
وبيّن أنه كلما صعد إلى سطح المنزل وجد النار تشتعل في منازل جديدة، ورقعة الحرائق تنتشر، وهذا يذكر بما حدث سابقاً في محافظة خان يونس، حيث كانت سحب الدخان تُشاهد من محافظة رفح بوضوح، وبعد الانسحاب الإسرائيلي، اتضح أن الاحتلال أحرق مئات المنازل في المحافظة.
وكانت وسائل إعلام عبرية نقلت عن جنود وضباط عملوا في خان يونس وغزة، أنهم كانوا يتعمدون إحراق البيوت، حتى تلك التي مكثوا فيها، إذ يسكبون فيها مواد قابلة للاشتعال، ثم يضرمون النار فيها، أو يطلقون عليها قذائف حارقة تتسبب باحتراقها.