رام الله / تعيش الاراضي الفلسطينية المحتلة هذه الايام تداعيات الأزمة الغذائية العالمية، كما هو حال بقية دول العالم المستقلة، ووفقاً لتقديرات التقارير الدولية، وتقرير البنك الدولي على وجه التحديد ” الذي اعتبر دولاً في الشرق الأوسط وأفريقيا ستكون اكثر عرضة للتأثر بموجة الغلاء، وبين ان أسعار الغذاء تهدد الملايين من الأشخاص” وهذا ما يتفق عليه المحللون و المراقبون، وحتى المواطن العادي بوجود أزمة غذائية حقيقية تحتاج الى مواجهة والاستفادة من تجربة ازمة الغذاء عام 2007-2008 في وضع الحلول المناسبة لها.
ولتدارك هذه التداعيات ووضع الامور في نصابها، وقياسها على الحالة الفلسطينية فان للإعلام دورُ هام وكبير في التعاطي مع هذه الأزمة وغيرها بما ينسجم مع مبادئ مهنة الصحافة و الشفافية وتحقيق المصلحة الوطنية العليا.
وإذ باتت قضية ارتفاع الاسعار هي الشغل الشاغل لكل مواطن فلسطيني والهم الذي يؤرقه، حتى انها ولدت لدى البعض لديه حالة من الاحباط واليأس في قياس توجهاته المستقبلية، حتى اصبح يتنكر لذاته احياناً جراء ما يمر به من ازمات نفسية وسياسية واقتصاديه، بالمقابل تعمل السلطة الوطنية الفلسطينية جاهدة على وضع منظومة اجراءاتها للتخفيف من تداعيات هذه الازمات المتتابعة املاً بان تعود على مواطنيها بالنفع والفائدة، وتساعده على التكيف مع هذه الازمات.
ولكن اندفاعية تعاطي بعض وسائل الإعلام مع هذه الازمات وتركيزها على المظاهر بعيداً عن مفاصل هذه الازمات وجوانب قصورها يؤدي بطبيعة الحال الى عرقلة جهود علاجها والتخفيف من تداعياتها سواء من قبل السلطة الوطنية او مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني مما ساهم وبشكل كبير في مساعدة بعض التجار على رفع الأسعار دون مبررات لا داعي إلى اعادة ذكرها مرة أخرى، وإذكاء حالة من الاحباط لدى المواطن والتلاعب بمشاعره، حتى تحاول بعضها الى بلورة رأي عام تخدم اجندة بعض الجهات على حساب المصلحة الوطنية العليا.
وللأسف الشديد، فان غياب التخطيط والاستقصاء والتحري عن بعض وسائل إعلامنا واقتصارها على منهجية الوصف والتوصيف، والاكتفاء بما يحدث دون التمحيص من ذلك، و الاهتمام بلغة الاضداد في موازنة ومعالجة هذه الأزمة، ساهم بشكل كبير في تأجيج الوضع الذي قد يأخذ منحى اخر يلحق الضرر بمصالحنا الوطنية، ويحول دون حل ومعالجة هذه الازمة وغيرها، ونقدر في الوقت ذاته وسائل اعلامنا التي تحاول جاهده ابراز مجريات الاحداث بعد تدقيق واستقصاء واستقراء تساهم بشكل فعال في بناء رأي عام سليم متسلح بحقائق صحيحة وسلمية.
مطلوب اليوم من اعلامنا مع تقديرنا العالي له، التعاطي مع مجريات الإحداث وهذه الازمة على وجه التحديد وفق متطلبات العمل الإعلامي و الوطني، وان يحرص على تقديم معلومات وبيانات صحيحة و دقيقة و سليمة، وان يدخل الى قاموس عمله “الصحافة الاستقصائية” التي تعتبر العمود الفقري للنهوض بواقعنا، وان لا يركض وراء السبق الصحفي كي يخلق التميز له هنا وهناك، بل عليه ان يكون جزء لا يتجزأ في حل هذه الازمة وغيرها، ورافعة حقيقية للمجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.
صحيفة القدس .