بقلم: آفي أشكنازي/ يبحث رجال الاستخبارات دوماً عن إشارات صغيرة تشير إلى أننا أمام حدث كبير أو ذي مغزى. قبل 3 أيام كانت الإشارات أكثر من 250 مقذوفا من “حزب الله” نحو إسرائيل. وأول من أمس، كانت هذه ما لا يقل عن 15 بلاغاً لوسائل الإعلام، أصدرها الناطق العسكري في غضون اقل من 12 ساعة؛ من السابعة صباحا وحتى السابعة مساء تقريبا.
سعى الجيش الإسرائيلي ليعرض الرواية الإسرائيلية الواضحة في أن الجيش هاجم بشكل كثيف للغاية “حزب الله”، وتركه مفككا، محطما، ونازفا. نجحت إسرائيل بالتأكيد في أن تضرب غير قليل من قوة “حزب الله”: ضرب ثلاثين قرية في خط المواجهة الأول والثاني، تصفية قيادة “حزب الله”، طرد قدرات الذخيرة والنار، والقائمة طويلة وتتواصل حتى صور الجيش الإسرائيلي في وادي سلوكي وفي الليطاني، أول من امس. صحيح أن ذلك بقوات صغيرة، لكن حقيقة أن مقاتلي “غولاني” و”شلداغ” يتواجدون في المكان هي بالتأكيد صورة يريد الجيش الإسرائيلي أن يعرضها، بينما ما كان “حزب الله” ليضعها على المنصب في الصالون.
لقد استعد الجيش الإسرائيلي على مدى بضعة أسابيع لإنهاء الحرب. عرض سلاح الجو، مرة أخرى، قدرة خيالية. سقط برج إثر برج في بيروت. انهار في غضون دقيقتين وكأنه برج من ورق.
قرر الجيش الإسرائيلي أن تنفذ الغارات في مدن الشاطئ – من الناقورة، عبر النبطية، إلى صور وصيدا، وأن تنزع القدرات المستقبلية لـ”حزب الله”، وجعل إعادة بنائه صعبة، وإضعاف وسحق كرامته أمام الجمهور اللبناني أيضا.
على مدى السنين، كانت الطائفة الشيعية التيار الدوني في العالم الإسلامي، مع التشديد على الطائفة في لبنان التي اعتبرت دونية للغاية. الثورة في ايران وإقامة منظمتي “أمل” و”حزب الله” في لبنان أحدثتا ثورة، لم تؤثر فقط على علاقات القوى في لبنان بل أيضا في أرجاء الشرق الأوسط.
ما فعلته إسرائيل في الشهرين والنصف الأخيرة من اللحظة التي بدأت فيها أجهزة البيجر لدى “حزب الله” تزمر وتنفجر وحتى الغارات في الضاحية وفي مدن لبنان، هو وضع جديد. على إسرائيل الآن أن تنقل الصولجان إلى الأميركيين والسعوديين. لهم مصلحة في تعزيز لبنان الحر القائم على أساس المسيحيين، الدروز، والسُنة. لدول الخليج مصالح في لبنان. فهي تتذكر بأنه كانت للبنان منظومتها المالية. تتذكر الإمكانيات السياحية الكامنة للبنان، وهي معنية باستعادة المجد.
الآن، حين يكون “حزب الله” مضروبا، مهانا، نازفا، وضعيفا فإن هذه هي البنية التحتية للترميم. الاتفاق الآن ليس بين إسرائيل و”حزب الله”. بل مقدمة للفصل الثاني من اتفاقيات إبراهيم، أي خطوة عليا بين الولايات المتحدة، السعودية، دول الخليج، إسرائيل، ونعم، في الهوامش لبنان أيضا.
من هنا يمكن استخدام الخطوة كرافعة في اتجاهين – للاتفاق الأكبر للشرق الأوسط الجديد والتطبيع مع السعودية، أو لمواصلة القتال حول حوادث محلية. في الوضع الصعب لـ”حزب الله” من الصعب الإيمان بأنه سيحاول الدخول إلى مغامرة مع إسرائيل. من المشكوك فيه أن يكون له إسناد من ايران ومن الجمهور اللبناني.
عن “معاريف”