بين جبال نابلس وعلى سفوح رام الله وفي اودية اريحا و في مسافر مدينة يطا، مستوطن يهش على اغنام ترعى خيرات أراض فلسطينية، صودرت او وضعت يد المحتل عليها عنوة وسط دعوات متجددة لجلب مليون يهودي لاستعمار الضفة وفرض امر واقع فيها.
هذا المشهد انتشر بشكل كبير في الضفة الغربية خلال العام المنصرم، والى هذا المشهد يضاف العشرات من المشاهد التي تتعلق بالسيطرة على أراضي الفلسطينيين من خلال البؤر الاستيطانية التي ارتفعت وتيرة بنائها او من خلال الطرق الاستيطانية التي تنهش جسد الأرض الفلسطينية وتمزقها بشراسة، هو الضم الذي ما كان يراه الا الفلسطينيين وبات ظاهرا للعيان. في حزيران من العام الماضي قُتل أربعة مستوطنون وأصيب اربعة آخرون في عملية إطلاق نار على بوابة مستوطنة ” عيلي ” ، في منتصف الطريق بين مدينتي نابلس ورام الله . حكومة اسرائيل بدأت مشاورات على الفور في حينه لدراسة الموقف ، واستقر رأيها على استخدام الحادث ذريعة لإطلاق موجة جديدة من البناء في المستوطنات .
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومن خلفه غلاة التطرف والفاشية الجديدة الوزيران في حكومته سموتريتش وبن غفير اتخذ القرار ببناء ألف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة “عيلي”، وعلل مكتبه ذلك القرار بأنه رد على هجوم فلسطيني مسلح على مدخل المستوطنة أودى بحياة مستوطنين تواجدوا في المكان.. الذرائع ذاتها التي يعاد اجترارها يوميا لنهب الأرض.
والمتتبع للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية فإن التقديرات الرسمية الفلسطينية والدولية تشير إلى أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية بلغ مع بداية العام 2023 نحو 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، تحظى بدعم حكومي كامل
خلال النصف الأول من 2023، وافقت “إسرائيل” على بناء 12855 وحدة استيطانية في الضفة. في الوقت الذي تشنّ فيه حكومة الاحتلال حرب إبادة على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر، وتعلو الأصوات الحكومية والرسمية بضرورة تهجير سكان القطاع إلى خارجه، وإعادة المستوطنات الإسرائيلية من جديد داخل قطاع غزة، تجري في الضفة الغربية والقدس حرب استيطان متسارعة بعيداً عن أعين الإعلام، إذ نفّذ المستوطنون منذ 7 أكتوبر حتى نهاية العام الماضي نحو 750 اعتداء ضد الفلسطينيين في مختلف انحاء الضفة حيث تزداد وتيرة العربدة والإرهاب المنظم.
وبينما تعلو نغمة إعادة المستوطنات إلى قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب والتخلص من سكانه، فإن ما يجري في الضفة الغربية ليس أقل خطورة. ولا شك أن الحكومة الإسرائيلية ستواصل استغلال التطورات في غزة للتغطية على تسريع الاستيطان في الضفة أملاً منها في أن تقضي ميدانياً وعملياً على «حلم» الدولة الفلسطينية.