رام الله/ إتمام المصالحة المنشودة من غالبية الفلسطينين، سيطرح سؤالا مؤجلاً، كيف ستنعكس في الموازنة والنفقات، لا سيما وان السنوات الماضية شهدت جملة من المستجدات، التي انعكست مزيدا من النفقات والاعباء.
هكذا فان السلطة الفلسطينية (في رام الله) ستكون حال تمت المصالحة، مجبرة بنفقات المؤسسات الحكومية في قطاع غزة ورواتب العاملين فيها، تماماً كما كان قبل حزيران 2007، إضافة إلى 180 مليون دولار سنوياً، هي فاتورة توظيف حكومة حماس 23 ألف موظف في قطاع غزة.
وتبلغ فاتورة رواتب موظفي القطاع العام في حكومة غزة حوالي 500 مليون دولار سنوياً، عدا عن النفقات التشغيلية والتطويرية للوزارات والمديريات التابعة لها، إضافة إلى الخدمات اللوجستية لها، حسب بيانات صادرة عن معهد ماس في رام الله.
وكانت وزارة المالية في الحكومة المقالة، أعلنت مطلع العام الحالي موازنتها، التي تقدر بنحو 890 مليون دولار، بعجز يزيد عن 600 مليون دولار، سيتم تغطيته عبر المنح والهبات الخارجية.
وفي الجانب الاخر أعلنت وزارة المالية في رام الله، قبل أيام، عن مقترح لموازنتها للعام 2013، البالغة 3.6 مليار دولار، بعجز يتجاوز 1.375 مليار دولار، سيتم تغطيته من خلال خفض النفقات وانتظار المساعدات الخارجية.
وحسب وزارة المالية الفلسطينية، فإن موازنة العام الحالي (3.6 مليار دولار) جاءت على افتراض بقاء الوضع السياسي، والاقتصادي، مع قطاع غزة، على حاله دون أي تغيير، لكنها (وزارة المالية) ستكون مضطرة لتعديل موازنتها، ورفعها لاحتواء نفقات قطاع غزة.
وأعلنت الوزارة في وقت سابق من الشهر الحالي، عن تحضير ملحق لموازنة خاصة بالمصالحة، إن تمت، تجنباً لأي إرباكات مالية للحكومة الفلسطينية، والذي وحسب ورقة عمل لمعهد “ماس” سيكون خطوة إيجابية.
وفي مقابلة معه، يرى الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم، أن وزارة المالية ستضطر إلى زيادة الإيرادات والنفقات في موازنتها التي قد تصل إلى نحو 4.7 مليار دولار، عما أعلنت عنه سابقاً (3.6 مليار دولار).
واوضح انه وفيما يتعلق بالنفقات، فإن جزئية الرواتب والأجور، ستشكل غالبية النفقات المضافة، عدا عن بعض النفقات التشغيلية، والمتعلقة بمصروفات الوزارات والمديريات، والمواصلات والمصاريف الأخرى، وبعض النفقات التطويرية والتحويلية المرتبطة ببعض الإنشاءات والإضافات في البنى التحتية والفوقية، وتحويل بعض الأموال للأسر المحتاجة، وعائلات الشهداء والتي قد تشكل نحو 70 مليون دولار شهرياً.
وحول إمكانية إفراج إسرائيل عن المستحقات الفلسطينية من عائدات الضرائب، يقول عبد الكريم، بأنها قد تلجأ إلى منع تحويل الأموال، لكنها لم تستمر لفترة طويلة، “لعدم وجود حجة قانونية تمنعها من حجب أموال الضرائب المستحقة لصالح الفلسطينيين”. أما بالنسبة للدول الأوروبية والولايات المتحدة، فإن ردة فعلهم (حسب سياسيين)، ستكون أقل حدة تجاه تحقيق المصالحة بين فتح وحماس هذه المرة، لأن هذه القضية أصبحت مطلباً دولياً، باستثناء موقف إسرائيل.
وفي سياق آخر، يشدد عبد الكريم على أن أي تبعات اقتصادية، قد تنتج عن تحقيق المصالحة، حتى وإن كانت سلبية، لا بد وأن تكون ثانوية، “فالميزان السياسي الأخلاقي الوطني هو المعيار الأساسي في تحقيقها وليس المعيار الاقتصادي”.
ومقابل فاتورة النفقات التي سترتفع، فان الايرادات ستتحسن وترتفع ايضاً، وستتم زيادتها من خلال الحد من التسرب الضريبي، لا سيما تهرب عدد من المستوردين في قطاع غزة وحجبهم الفواتير الضريبية للجهات المعنية علما ان قيمتها الاجمالية تقدر بنحو 300-400 مليون دولار، كما أن ضم حكومة غزة لرام الله، سيعود على الخزينة بإيرادات متنوعة تصل إلى 300 مليون أخرى، ليصبح إجمالي الإيرادات المتوقعة قرابة 700 مليون دولار”، حسب الخبير عبد الكريم.
وعن المنافع الاقتصادية التي ستتحقق في حال تمت المصالحة، فإن أولها حسب الدكتور عبد الكريم، يتمثل في إحداث دمج اقتصادي، يخضع لنفس القواعد والإدارة الواحدة، ويخلق فرصة للتكامل في الضفة وغزة.
وحسب المحاضر في جامعة بيرزيت، فإن قطاع غزة، سيكون أكثر استفادة من الضفة الغربية، بحكم أنها ستكسب شرعية سياسية من الدول العربية، كما أن تسهيل حركة المعابر واستعادة البنوك عملها الطبيعي، سيخلق حالة جديدة بعيدة عن اقتصاد الأنفاق.
القدس دوت كوم – محمد عبد الله .