إلى الحرب على «الدولة الإسلامية» دُر. خلاصة الأمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائها أن لا استقرار وهدوء في العالم دون القضاء على التنظيم الإرهابي. ورغم النجاح بسرعة تأليف التحالف الدولي للبدء بتوجيه الضربات الجوية لـ«الدولة»، إلا أن هاجس نجاح هذه الضربات يبقى أساسياً، وخاصة مع استبعاد روسيا وإيران وسوريا عن هذا التحالف و«استحالة» التدخل البري
نجحت الولايات المتحدة سريعاً في بلورة التخوف الدولي من خطر «الدولة الإسلامية» على الأمن العالمي بتشكيل حلف من 10 دول لتوجيه ضربات إلى «الدولة» في العراق وسوريا والقضاء عليه، مع إمكانية توسيع الحلف لاحقاً.
الإعلان عن الدول المشكلة للتحالف رسم علامات استفهام عن قدرة نجاحه في ضرب «الدولة» وملاحقتها دون تنسيق الجهود مع روسيا وإيران وسوريا، الدول التي استبعدت عن التحالف. ليس ذلك فقط، فهناك سؤال جدي عن مدى النجاح العسكري الذي سيحققه التحالف المزمع مع اقتصاره على الضربات الجوية فقط و«استحالة» التدخل البري.
وأعلن وزيرا الخارجية الأميركية جون كيري والدفاع تشاك هاغل، في بيان مشترك، أن الدول التي سيتشكل منها التحالف ستضم بريطانيا والولايات المتحدة وأوستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وتركيا.
وأوضح الوزيران، عقب ترؤس بريطانيا والولايات المتحدة محادثات مع وزراء دفاع وخارجية الدول الثماني المشاركة في التحالف، في بيان مشترك أن هدف التحالف هو تدمير قدرات تنظيم «الدولة»، والتأكد من أنه لم يعد يهدد العراق والمنطقة والعالم.
شدد أوباما على ضرورة انضمام «دول عربية سنية» إلى التحالف
وتحدث البيان عن استراتيجيات عمل التحالف، موضحاً أنه «كي يستطيع التحالف إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، يجب التنسيق عبر خطوط متعددة من الجهد، وتشمل هذه الجهود: الدعم العسكري للشركاء العراقيين، وقف تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام إلى التنظيم، مكافحة تمويل تنظيم الدولة، التصدي للأزمات الإنسانية (التي يسببها التنظيم)، إنهاء شرعية الأيديولوجية الخاصة بالتنظيم». وأوضح البيان أنه «اتُّفق على تشكيل قوة متعددة الجنسيات، تكون مهمتها تبادل المزيد من المعلومات حول تدفق المقاتلين الأجانب من سوريا والعراق وإليهما، لما يمثله هؤلاء المقاتلون من تهديد حاد للحلفاء في الأطلسي»، وأشار البيان إلى أنه سيتم خلال الأيام المقبلة مواصلة النقاش مع الشركاء في المنطقة، الذين لديهم دور مهم، مضيفاً أن «هذا الجهد سيكون محور اهتمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من الشهر الجاري».
وشدد كيري على أن التدخل العسكري البري ضد عناصر تنظيم «الدولة»، يعد خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه بالنسبة إلى حلفاء مكافحة التنظيم.
وفي كلمته في الاجتماع، لفت إلى أن مقاتلي «الدولة» ليسوا منظمين كما يعتقد الجميع، مضيفاً: «لدينا التكنولوجيا، لدينا الخبرة. من الواضح أن ما نحتاج إليه هو الإرادة للتأكد من ثباتنا ومثابرتنا». وأوضح قائلاً: «يتعين علينا أن نهاجمهم بطرق تمنعهم من الاستيلاء على أراضٍ، وتعزز قوات الأمن العراقية وسواها في المنطقة ممن هم على استعداد لمحاربتهم دون إرسال جنودنا».
وعلى الرغم من أهمية دور إيران في العمليات التي تجري لضرب «الدولة» في العراق وسوريا، إلا أن واشنطن أعلنت أنها لا تنوي التعاون عسكرياً مع طهران للتصدي لتنظيم.
وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف أن بلادها «لن ننسق اي عمل عسكري مع إيران، ولن نتقاسم معلومات معها، كما ليس لدينا اي خطط للقيام بذلك».
الا أن المتحدثة قالت أيضاً إن الولايات المتحدة «تبقى بالتأكيد منفتحة على اي التزام» دبلوماسي مع طهران «كما فعلنا في السابق» خصوصاً حول أفغانستان.
وبعد ساعات من إعلان تشكيل التحالف الدولي، تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما هزيمة «الدولة الإسلامية» مع حلفائه، مضيفاً أنه مُنع تقدم مسلحي «الدولة» في العراق بفضل الحلفاء.
وأوضح أوباما، خلال كلمته في مؤتمر صحافي في قمة حلف شمال الأطلسي، أنه «لن تُنشَر قوات أميركية في الأراضي التي تُسترَدّ من الدولة»، معلناً أنه جرى الاتفاق على نشر قوة تدخل سريع لمواجهة «الدولة»، كاشفاً أن الولايات المتحدة جهّزت الحلفاء العراقيين لمواجهة «الدولة».
وأكد ضرورة انضمام «دول عربية سنية، وخاصة تلك الرافضة لتطرف الدولة، لنبين أن أفعال هذا التنظيم لا تمثل الإسلام بصلة»، مثنياً على أهمية دور العشائر السنية والاستخبارات في مواجهة التنظيم.
وفيما رأى أوباما أن الوضع في الشرق الأوسط خطير، شدد على أن الهدف الأساسي هو تفكيك تنظيم «الدولة» واستهداف قياداته «مثلما فعلنا مع تنظيم «القاعدة».
أما عن الوضع السوري، فأكد أوباما أن بلاده لن ترسل جنوداً أميركيين «من أجل السيطرة على مناطق النزاع في سوريا»، لافتاً إلى أن بلاده «تدعم شركاء فاعلين على الأرض لمحاربة تنظيم الدولة».
بدوره، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن فرنسا مستعدة للمشاركة في ائتلاف دولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» مع «احترام قواعد القانون الدولي»، مستبعداً أي عمل في سوريا في الوقت الراهن.
واشترط هولاند وجود «إطار سياسي» يتمثل في تشكيل حكومة عراقية جديدة، لدخول بلاده في الائتلاف.
واستبعد هولاند في الوقت الحاضر أي عمل في سوريا، «قبل التأكد من أن ذلك لن يصب في مصلحة الرئيس بشار الأسد»، معتبراً أن سوريا «حالة مختلفة». وكان قادة دول الحلف الأطلسي قد أبدوا استعدادهم لمساعدة العراق إذا ما طلب ذلك.
وأفاد البيان الختامي الصادر، عن اجتماع قمة دول حلف شمال الأطلسي، أن الحلف سيرد بحزم ودون تردد، على تنظيم «الدولة الإسلامية»، في حال تهديده لأمن أي من الدول الأعضاء، تطبيقاً لاتفاقية الدفاع المشترك بين دول الحلف.
وأعاد الأمين العام للحلف، أندريه فوغ راسموسن التأكيد أن الحلف جاهز لمساعدة العراق في التصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية»، إذا ما طلب ذلك، مؤكداً في هذا السياق أن العراق لم يقدم للحلف أي طلب بالمساعدة العسكرية.
وكان وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند،في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» أمس، قد كشف أن بريطانيا لم تلتزم المشاركة في أي ضربات جوية ضد «الدولة الإسلامية» في العراق، لكنها ما زالت تبحث امكانية التحرك عسكرياً ضد التنظيم.
ألمانيا التي بدأت بدعم البشمركة لمواجهة «الدولة»، أكدت على لسان وزير خارجيتها، فرانك شتاينماير أن «التحرك العسكري ضد الاسلاميين في العراق لن ينجح الا في اطار استراتيجية سياسية».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)