رام الله/ “يكفيك خمس دقائق تتجول خلالها وسط شارع ركب بمدينة رام الله لتكتشف بنفسك ” التحرش ” يمشي على الارض باشكاله المختلفة “، كما تقول الشابة “س.م”من مدينة رام الله لـ” القدس” دوت كوم.
حديث الشابة لم يكن مبالغا فيه حيث اكدت كلامها اخريات مررن بنفس التجربة وتعرضن لمضايقات مختلفة .
خبراء علم الاجتماع اكدوا تزايد هذه الظاهرة التي تنتشر في مراكز المدن كما يقول استاذ علم الاجتماع د. اباهر السقا في حديثه لـ دوت كوم.
المقعد الخشبي في وسط شارع “ركب” اخلي من رواده “قصرا “بعد ان ضبط شرطي مجموعة من الشباب يتخذون منه منصة لتحرشاتهم اللفظية للفتيات في الشارع .
“المقعد نفسه” تسبب في احالة ثلاث شبان لشرطة الاداب بعد تحرشهم باحدى الفتيات التي قدمت شكوى ضدهم الشهر الماضي، كما اخبرنا الشرطي في حينها.
وكان منتدى المنظمات الاهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المراة حذر من تزايد ظاهرة التحرش الجنسي ضد النساء من خلال اطلاق حملة “كن انسانا وارفض التحرش”والتي بدات في 25 من نوفمبر الماضي في جميع محافظات الضفة الغربية ، وتم التاكيد على ذلك في مؤتمر صحفي عقد اليوم الاثنين في مقر منظمة التحرير في مدينة رام الله.
وقال النقيب عطا جوابرة مدير دائرة حماية الاسرة في شرطة محافظة الخليل لـ دوت كوم “ان المجتمع ذاهب للهاوية اذا لم يتم التوقف بجدية امام هذه الظاهرة”، مشيرا الى ان كل المؤشرات تشير الى تعاظم المشكلة، واضاف: أن التشريعات والقوانين غير رادعة ولا تتناسب مع حجم انتشار هذه الحالات المتزايدة.
وارجع الخبير الاجتماعي اباهر السقا الظاهرة الى غياب القوانين الرادعة، وتغير في الانماط الاجتماعية، وقدوم اشخاص من مناطق اخرى الى مراكز المدن الكبرى، هذه المجموعات تستطيع ان تمارس التحرش بعيدا عن الاهل والمعارف .
واضاف ان كثيرا من النساء يتحاشين الحديث عن الظاهرة تحاشيا للفضيحة.
وعزا السقا تنامي الظاهرة الى الكبت الجنسي في ظل اعتقاد المتحرش ان المراة راس مالها جمالها واسماعها اطراءات معينة قد يلفت انتباهها.
واشارت مديرة طاقم شؤون المراة سريدة عبد حسين لـ دوت كوم الى ان التحرش الجنسي يمارس من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية واصبح ظاهرة متزايدة تنتهك حقوق المرأة وكرامتها.مضيفة ان التحرش اصبح ظاهرة متفشية وعلنية على الاقل في شوارع رام الله وتمارس بشكل علني دون رادع.
واشار المنتدى النسوي لعدم وجود احصائيات رسمية لعدد حالات التحرش الجنسي في المجتمع وذلك لعدم وجود اجراءات حازمة تثني المتحرشين جنسيا عن جريمتهم وبالتالي تمتنع النساء عن التبيلغ عن ذلك، لاعتبارات اجتماعية “وخوفا من الفضيحة “.
ورفض السقا المبرارات التي يسوقها المجتمع الذكوري تبريرا لهذه الظاهرة مشيرا ان جميع النساء من كافة الشرائح سواء محجبات او غير ذلك يتعرضن لمثل هذه التحرشات.
واضافت “حسين”عدم وجود نص قانوني لموضوع التحرش ومعالجته في اطار الفعل المنافي للحياء العام او هتك الاعراض يشجع المتحرشين على الاستمرار في انتهاكاتهم لغياب رادع .
اشكال التحرش؟
ووضع المنتدى قائمة حمراء للنساء للتوجه الى الشرطة، لتقديم شكوى ضد المتحرشين في حال تعرضن لاحدى هذه الاشكال من التصفير والغمز، والنظرات والنكات الجنسية ، والمداعبات الكلامية والتلميحات ذات الطابع الجنسي، والكلام الاباحي المحرج ومحاولات لمس اجزاء من الجسم ، وتوجيه دعوات جنسية بالاغراء او التهديد ، ومكالمات هاتفية او عن طريق الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ، وتعرض الضحية لمشاهدة افلام او صور اباحية، ومحاولة رمي رقم تلفون من اشخاص غير معروفين ، او باي شعور للضحية بالمضايقة او الاحراج او الاهانة او تهديد لجسداها وكرامتها .
وفي السياق ذاتهقالت فطنة خليفة من جمعية الارشاد أن الحركات النسوية اصبحت اكثر جرأة في مواجهة الظاهرةو التي كان مجرد الحديث فيها ممنوعا.
ساحات التحرش والفئات المستهدفة منه !
واشارت خليفة لـدوت كوم الى ان التحرش تزايد في اماكن العمل والمدارس والجامعات، ويتزايد بشكل كبير في مواسم الاعياد والمظاهرات، وهو يتراوح بين التحرش اللفظي ولمس الجسد.
واشارات ان اكثر الفئات النسوية التي تتعرض لتلك الظاهرة المطلقات الباحثات عن العمل والقاصرات والمعيلات للاسر، وبالعادة يرفضن الافصاح عن ذلك خوفا من فقدان العمل او نتيجة ظروف اجتماعية. في ظل تردد النساء في تقديم الشكاوي.
وبينت خليفة ان المؤسسات الارشادية والمتعلقة بالمرأة وجدت ان هناك تزايدا في عدد الحالات التي تالجا فيها النساء المعنفات جنسيا للمؤسسات .
وتحدث جوابرة عن تسجيل 2200 قضية تحرش في محافظات الضفة خلال عام من بينها 500 حالة في الخليل .
وفيما يتعلق بالتحرش الالكتروني اشار جوابرة الى عدم وجود قانون مخصص لذلك ولا توجد عقوبة قانونية محددة ، يتم فيها البت حسب تقدير القاضي.
ووفق احصائية مركز “سوا” وهو احد اعضاء المنتدى الذي يعنى بمناهضة العنف الموجه ضد النساء والاطفال .اظهرت احصائية ان عدد النساء اللواتي تعرضن للاساءة والعنف بلغ 2188 حالة بالاضافة الى 149″ حالة تعرضت لاعتداءات جنسية وكانت النسبة اكبر من الضحايا ممن تقل اعمارهن عن 18 سنة.
وأوضح جوابرة انه لا يوجد قانون واضح ولا مواد قانونية تتحدث عن موضوع التحرش الجنسي، ويستخدم قانون العقوبات الاردني لعام 1960، حيث يتم اللجوء الى مواد هتك العرض والقيام في عمل منافي للحياة في مواضيع التحرش .
وتابع جوابرة أن قضايا التحرش يتم اللجوء بها الى وحدات حماية الاسرة من خلال تقديم شكوى مباشرة او من خلال خط المساعدة الموجود في مدينة الخليل ويستقبل مكالمات وشكاوي من جميع محافظات الوطن، او من خلال المؤسسات الشريكة من وزراة شؤون المراة او وزارة الصحة.
ويتم اتخاذ الاجراءات بتدوين الافادة، ثم توفير المكان الآمن للمعنفة جنسيا، مشيرا أن الاعتداء الجنسي يتطلب تقرير طبيب شرعي لاثبات صحته، اما اذا كان تحرشا فيكتفى بموضوع الافادة.
ويتم في ذلك تطبيق نص المادة 3020 من ارتكاب اعمال منافية للحياء العام من القانون الاردني التي تصل العقوبة فيه الى 6 شهور ويمكن استبدالها بغرامة مالية بمقدار 50 دينارا حسب تقدير القاضي.
وبين ان هتك العرض تصل عقوبته الى 5 سنوات يتعلق الحكم في عمر الضحية، اذا كانت قاصرا و يرفع الى 7 سنوات .
وبين النقيب أنه يوجد في جميع المناطق تحرش وتنتشر بشكل كبير في الجامعات والمراكز التجارية ومراكز المدن.
وطالب المنتدى بوضع استراتجية وطنية وتعديل القوانين الخاصة بالمرأة . ودعا المؤتمر لاطلق حملات تعنى في التوعية بمخاطر التحرش ومدى تاثيرها السلبي على المجتمع ككل.
وطالبت مديرة شؤون طاقم المرأة بسن قانون وتوعية ، وفضح هذه الممارسات، وكذلك نشر شرطيات في الشوارع.
القدس دوت كوم .