عمان – قللت أوساط سياسية فلسطينية من فرص تحقيق تسوية سلمية قريبة، تعدُّ بها جهود أميركية أوروبية ستلي انتخابات البرلمان الإسرائيلي “الكنيست”، بعد غد الثلاثاء، والتي تؤشر لإفراز حكومة يمينية أكثر غلواً وتطرفاً وتمدداً استيطانياً.
وتوالى مؤخراً الحديث عن مبادرات دولية ستطرح بعد أيام لاستئناف المفاوضات، مقابل تسويق عربي لمبادرة السلام، التي طرحها في العام 2002، بنفس المضمون، مع تذييلها بجدول زمني محدد، برغم الرفض الإسرائيلي المتواتر لها.
ويُقابل ذلك الحراك بموقف فلسطيني ثابت “بوقف الاستيطان ومرجعية حدود 1967 وإطلاق سراح الأسرى لدى سجون الاحتلال، لاسيما المعتقلين منهم قبل أوسلو، بوصفها استحقاقات سياسية في أي مبادرة دولية”، وفق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف.
وقال، لـ”الغد” من فلسطين المحتلة، إن “التقديرات الإسرائيلية تعزز فوز حكومة مستوطنين متطرفة، بما يشي بمزيد من التوسع الاستيطاني والتهويدي، وبإغلاق الأفق السياسي، ولكنه في المقابل يفرض الحصار والعزلة الدولية حول الاحتلال”.
وأكد بأنه “لا عودة إلى “المحادثات الاستكشافية” مجدداً، والتي تم تجريبها سابقاً ولم تعط أي نتائج ملموسة”، لافتاً إلى “الاستعداد الفلسطيني للعودة إلى التفاوض فوراً، إذا توفرت متطلبات استئنافه وإنجاحه معاً”.
وكانت الإدارة الأميركية فشلت مؤخراً في إقناع الجانب الفلسطيني باستئناف “محادثات” مماثلة لما قيس تجريبه مطلع العام الماضي في عمان، بدون التزام إسرائيلي بوقف الاستيطان.
وقد تسببت السياسة الاستيطانية المتواصلة في قضمّ نحو 80 % من مساحة الضفة الغربية، مبقية أقل من 20 % للفلسطينيين ضمن ثمانية “كانتونات” معزولة، بما يقوّض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة.
وإزاء ذلك؛ تتبدد أجواء تسوية حقيقية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بحسب مدير مركز الزيتونة للدراسات والأبحاث محسن صالح، لأن “الحد الأقصى الذي يقدمه الاحتلال لا يصل إلى الحدّ الأدنى الذي يقبله الطرف الفلسطيني”.
وقال، لـ”الغد” من بيروت، إن “القدس وحق عودة اللاجئين والسيادة تعدّ ثوابت أساسية لا يملك الطرف الفلسطيني قبولها أو تمريرها”.
واستبعد الجدية الإسرائيلية في دفع أثمان “استيطانية” باهظة سبيلاً لتحقيق تسوية، بينما “يسير الكيان المحتل نحو مزيد من التطرف”.
ووصف الآراء التي تعتقد بتسوية سلمية في ظل المتغيرات الجارية في المنطقة وحكم الإخوان المسلمين في مصر الذين سيشكلون عنصر ضغط على حركة حماس للقبول بها، بأنها “غير منطقية”.
وأوضح بأنه “إذا كانت عملية التغيير تعبّر عن إرادة الشعوب وتطلعاتها، فيفترض أن تكون النتيجة ايجابية وليس تراجعاً عن ثوابت الأمة والتزامها بالقضية الفلسطينية ابتداءً”.
وأضاف إن “التيارات الإسلامية والوطنية، إذا كانت تعبّر عن الإرادة الجماهيرية، فستكون السند الأقوى للمقاومة والمطالبة بالحقوق الوطنية في التحرير وتقرير المصير وبرفض التطبيع”، محيلاً في ذلك إلى الموقف المصري من العدوان الإسرائيلي الأخير ضد قطاع غزة.
واستبعد استخدام صعود التيارات الإسلامية في الضغط على “حماس” للقبول بتسوية “ما”، وإنما “سيصلبّ الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية”.
وقدّر “بإجراء تعديل في الفضاء الاستراتيجي المحيط بفلسطين، على المدى المتوسط، لجهة دعم المقاومة وتفعيل الوحدة الوطنية وتقوية البيت الفلسطيني ورفع سقف العمل الوطني ضد العدو الصهيوني”، لافتاً إلى “ثوابت الإخوان المسلمين بعدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي والمطالبة بفلسطين من البحر إلى النهر”.
غير أنه على المدى القريب، لا توجد مؤشرات، بالنسبة لصالح، لتحقيق المصالحة الفلسطينية، لأن “الآليات التي أعتمدت لشكل المصالحة غير فاعلة”.
ورأى ضرورة “ترتيب منظمة التحرير أولاً حتى يكون القرار الفلسطيني مستقل خارج عن الضغوط، ومن ثم البحث في ملفات المصالحة الأخرى”.
من ناحيته، رأى رئيس مركز العودة الفلسطيني في بريطانيا ماجد الزير أن “مجمل الحراك المحلي الإقليمي الدولي الراهن لايهيئ لأي تسوية أو تعديل في الوضع القائم أو لما يصبّ لصالح الحقوق الفلسطينية”.
وقال، لـ”الغد” من لندن، إن “هناك رغبة ذاتية عند الأطراف الأميركية الإسرائيلية الفلسطينية لإشاعة هكذا أجواء تشي بحراك مستمر”، ولكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي ترجح التقديرات الانتخابية تشكيله لحكومة إسرائيلية جديدة، “لن يعطِ شيئاً للمرحلة القادمة”.
وأضاف إن “الطرف الفلسطيني قدم كل ما يمكن تقديمه، إذ قدم التنازلات بشكل غير حكيم ولا محمود من أجل التعامل مع المفاوضات، التي رهنت السلطة الفلسطينية نفسها بخيارها الأوحد”.
واعتبر أن “الرئيس محمود عباس يمتلك نقاطاً ايجابية، تتمثل في القرار الأممي بنيل فلسطين صفة “دولة مراقب” غير عضو في الأمم المتحدة، والحضور الجماهيري القوي الذي برز في ذكرى انطلاقة حركة فتح، مما أعطى صعوبة في ملف المصالحة، إذ كلما جرى التقدم في سلسلة التفاوض كلما ضعفت المصالحة”.
واعتقد بأن “وجود الإخوان المسلمين قوّى من أوراق “حماس”، من جانب، وشكل عامل ضغط عليها من جانب آخر”.
ولفت إلى “الغطاء الذي قدمته الحركة للرئيس عباس عند ذهابه للأمم المتحدة، في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، خلافاً لتصريحها السابق، بما يشكل جزءاً من أوراق الضغط من مصر وقطر وتركيا”.
ورأى أن “الربيع العربي أتى بشيء من الدعم للجانب الفلسطيني ومحاولة التوازن مع الطرف الإسرائيلي”.
الغد الأردنية – نادية سعدالدين.