رام الله/ كشف تحقيق صحفي نُشر حديثاً تراجع التعليم الحكومي إلى مؤخرة المدارس العاملة في الأراضي الفلسطينية (المدارس الخاصة والوكالة).
وأظهر التحقيق الذي أعدته الصحفيتان ميرفت صادق وعزيزة نوفل تفوق المدارس الخاصة في نوعية التعليم المقدم للطلبة، تلته مدارس الوكالة في المرتبة الثانية، والمدارس الحكومية في المرتبة الثالثة.
وحسب بيانات صادرة عن وزارة التربية والتعليم، يبلغ عدد المدارس الخاصة في محافظة رام الله والبيرة 51 مدرسة تضم 10175 طالباً وطالبة، منها 42 في مدينتي رام الله والبيرة وبيتونيا مقابل 27 مدرسة حكومية في المدينتين من أصل 180 مدرسة حكومية في المحافظة، إلى جانب 96 مدرسة تابعة لوكالة الغوث وتتركز غالبيتها في مخيمات اللاجئين.
وإلى جانب المعلومات أعلاه، التي تشير إلى ارتفاع أعداد المدارس الخاصة في مدن رام الله والبيرة وبيتونيا تحديداً بسبب قلة المدارس الحكومية وكذلك الإضرابات المتكررة فيها، إلا أن الوزارة تقر أيضاً بتقدم جودة التعليم لصالح الخاصة، حسب رئيسة قسم التعليم العام في مديرية تربية رام الله هناء البرغوثي.
من جهته، يوضح مدير دائرة القياس والتقويم في وزارة التربية والتعليم محمد مطر إن الاختبارات التي أجريت سواء الوطنية أو الدولية تؤشر إلى تفوق المدارس الخاصة على مدارس وكالة الغوث والحكومية، وفي الترتيب تكون المدارس الحكومية في آخر القائمة غالباً.
وأظهرت نتائج الدراسة التي أجريت عام 2011، تفوق المدارس الخاصة وتقارب في الأداء بين المدارس الحكومية والوكالة، حيث حققت المدارس الحكومية تقدماً استطاعت من خلاله جسر الفجوة الكبيرة التي كانت بينها وبين مدارس الوكالة التي حظيت بالمركز الثاني في الجودة بعد الخاصة، و لكن الحكومية لم تستطع تجاوزها في المستوى، وبقيت في المرتبة الأخيرة.
وحسب ما تناولته الصحفيتان في التحقيق، تجري هذه القياسات عن طريق اختيار عينات من الطلاب في صفوف مختارة مثل (الرابع والثامن والعاشر) وتخضع لاختبارات مختارة لمباحث معينة هي (العلوم و الرياضيات واللغة العربية)، وتقيس مهارات تراكمية من بداية الدراسة وحتى المرحلة التي وصل إليها الطالب، و تجري على مستوى الضفة الغربية والقطاع.
ورغم شكوى الأهالي من “النقص في المدارس الحكومية بمدينتي رام الله والبيرة خاصة”، يؤكد مدير التعليم العام في وزارة التربية والتعليم عمر عنبر أن الوزارة لا تشترط مكان المدارس وتوزيعها الجغرافي، ” فقضية المدارس الخاصة تجارية بالدرجة الأولى” حسب قوله. على أن لا تكون بجانب منشآت صناعية أو محطات وقود أو تكون عرضة للسيول في المناطق المنخفضة.
وفيما يتعلق بدور وزارة التربية والتعليم حيال المدارس الخاصة، يوضح عنبر أن مهمتها تنحصر في تطبيق شروط الترخيص التي يجب أن تستجيب لعناصر مثل الكشف على المبنى ومدى موافقته للشروط الصحية، وتوفر الحمامات ومشارب المياه وذلك بإشراف مندوب للوزارة ومهندس الأبنية في المديرية.
وتشترط التربية لترخيص المدارس الخاصة توفر محددات تربوية مثل عدد الطلاب والمعلمين والمناهج، إلى جانب فتح ملف ضريبي، كما تشترط شهادة الدبلوم أو البكالوريوس للمعلمين كحد أدنى، وأن يكون المعلمون من حملة الشهادات المتخصصة بالمواد المختلفة “مثل الرياضيات والانجليزي والعلوم..” اذا كانت لمراحل بعد السادس الأساسي.
وتلتزم غالبية المدارس الخاصة بالمناهج الفلسطينية، من حيث عدد المباحث والحصص، إلى جانب تبني بعضها مناهج أجنبية كاملة مثل “السات الأمريكي” و”الجي سي أس” البريطاني” أو المنهاج الألماني، ويشترط عليها أن تدرس خمسة مباحث فلسطينية منها (المدنيات، اللغة العربية، والتربية الإسلامية).
ولا تتدخل الوزارة أيضاً في قضية رسوم المدارس الخاصة، إذ تعتبرها شأناً مرتبطاً بالعرض والطلب في قطاع استثماري، وتتراوح في الضفة الغربية عموماً من 350 دولار في السنة الدراسية كحد أدنى إلى 18 ألف دولار للمراحل الثانوية.
وتتراوح أقساط السنة الدراسية في المدارس الخاصة بمدينتي رام الله والبيرة بين خمسة آلاف شيقل ابتداءً بالصف الأول الأساسي، فيما تصل في إحدى المدارس إلى 18 ألف دولار في مرحلة الثانوية التي يتقدم فيها الطالب لأحد امتحانات اجتياز المرحلة بنظامها الأمريكي أو البريطاني.
ورغم الارتفاع الباهظ في أقساط هذه المدارس، إلا أنها أضحت خيار الأهالي في ظل عاملين أساسيين أولهما تراجع جودة التعليم الحكومي وبالتالي مستويات الطلبة، وكذلك قلة عدد المدارس الحكومية في مدن رام الله والبيرة وبيتونيا تحديدا.
ويعبر عن ذلك لجوء الأهالي لتسجيل أبنائهم في الخاصة لعدم توفر المدارس الحكومية بمحيطهم، فحسب البيانات الرسمية لا توجد مدارس حكومية في ضواحي كبيرة مثل ضاحية الطيرة وهناك مشروع لبناء مدرسة حكومية أساسية من الصف الأول في منطقة عين منجد.
وحسب البيانات الرسمية، يتركز أعلى عدد للمدارس الخاصة في منطقة الخليل تليها القدس المحتلة، ومن ثم رام الله، وبعدها بيت لحم، ثم نابلس بتفاوت كبير جداً، ويخضع كادرها التعليمي لقانون العمل الفلسطيني، بينما يوقع غالبية معلمي هذه المدارس على عقود عمل سنوية.
القدس دوت كوم – محمد عبد الله.