الجولة الأخيرة : الجبهة و” نهاية العرب الصال
بقلم : أيمن عودة
في العام 1949 صوّت 90% من البقية الباقية لحزب “مباي” صانع نكبتها ، ومهجّر أهلها ، ومرتكب المجازر بحقها وناهب أراضيها في أكبر عملية سطو في وضح العصر الحديث ، عالميًا.
لم يقاوم هذا النهج النكبوي إلا الحزب الشيوعي ، وفي المدّ الجبهوي الذي ضخّه الانقلاب في بلدية الناصرة 1975 و” يوم الأرض” تحوّل التصويت للأحزاب الصهيونية إلى أقلية آخذة بالتناقص باضطراد ، ولم يبق من معاقل حزب ” مباي ” التاريخي إلا مجلسَا عمّال منطقة الناصرة والجليل المركزي ( الذي يضمّ اليوم منطقتيْ شفا عمرو والبطوف ).. كانوا دائمًا يزوّرون إرادة الناس ، إمّا بالتزييف وإما بالبلطجية المدعومة “أمنيًا”! وفي مقابل هذه الحالة “العربية الصهيونية” التي يلازمها ” خصوم الجبهة المحليين ” يقف في هذا الصباح رفاقنا ورفيقاتنا في مناطق الناصرة ، المثلث الجنوبي ، شفاعمرو والبطوف في معركة ممضة بلغت اليوم من المبدئية والعزيمة، من التنظيم والجاهزية القدرة على دكّ آخر قلاع حزب “مباي” ، فهل نحن في الجولة الأخيرة ؟!
نستطيع أن نسجّل لعوفر عيني أنه عادى الجمهور العربي ببنغوريونية فائقة ، وهاكم بعضًا منها:
أولا؛ بن غوريون اعتمد على “عرب المباي” دون احترامه لهم! فالأوّل رفض إدراج العرب في قائمته “الطاهرة عرقيًا” ليبقيهم في القوائم العربية الملحقة، وعوفر عيني ركل المرشح العربي الأول في قائمته إلى المكان الـ104!ثانيًا ؛ بن غوريون رفض استلام هويته الإسرائيلية لأنها مكتوبة، أيضًا ، باللغة العربية ، وعوفر عيني رفض بمثابرة طباعة أحرف التصويت باللغة العربية.
ثالثًا؛ بن غوريون رفض زيارة البلدات العربية إلا مرّة واحدة ، والثاني حذا حذو النعل بالنعل… فمن يذكر زيارة لـ”عيني” في البلدان العربية ، وهي تتصدّر لوائح البطالة والفقر؟!
رابعًا؛ الزعرنة والبلطجية وشراء الذمم كانت دين وديدن “المباي” في تعامله مع احتياط الأصوات العربي ! أما جماعة عيني فلم يكتفوا بضم آلاف المنتسبين في اللحظة الأخيرة ليزوّروا إرادة الناخب العربي ، بل يضعون اليوم الصناديق في بيوت خاصة ! نعم، بيوت سكن عادية وليس في المؤسسات الرسمية ! حتى أن لجنة الانتخابات بأغلبيتها المبائية رفضت وضع صندوق انتخابات في أكبر مشغّل رسمي للعاملين في الشمال ، بلدية الناصرة.. والأسباب معروفة!
ولكنّى “عيني” بزّ “بن غوريون” في موقف استراتيجي ، فالأوّل نحت مقولة: ( بدون ماكي وبدون حيروت) أمّا “عيني” فقالها صراحة : إن الجبهة كانت خارج ائتلافه طيلة السنوات السابقة ولا يريدها الآن ، وتحالفَ مع “حيروت” اليوم.. الليكود بقيادة “بيبي” النيوليبرالي.
بعد أن رفع عوفر عيني نسبة الحسم ليمنع الجبهة – الممثل الوحيد للعاملين العرب- لم يبق أمامنا إلا خيار المشاركة في قائمة ايتان كابل مقابل قائمة عوفر عيني المتحالف مع الحزب الحاكم ، الذي يقود سياسة نيوليبرالية اقتصادية ومعادية للسلام والديمقراطية سياسيا.
ولأن لنا هويتنا الوطنية والطبقية المميزّة ، فكان البند الأول من الاتفاق أن كتلة الجبهة مستقلة بقراراتها ، وما لا يقلّ أهمية هو اشتراطنا بأن تكون القوائم داخل البلدان العربية هي جبهوية صرفة ، وهذا ما كان.
هذا ليس أوان الإسهاب في تحليل المسيرة الشعبية والعمالية المحلية والعالمية ضد ناهبي الشعوب ، ولكنّ هذا الوقت لنقول لرفاقنا ورفيقاتنا في هذا الصباح أنّ باستطاعتهم جعل هذا اليوم تاريخيًا بدكّ آخر القلاع المبائية التي صمدت ستين عامًا.
الجبهويات والجبهويون ، رفيقاتنا ورفاقنا في هذه الساعات يضطلعون بهذا الدور.. فلتكن هذه الجولة الأخيرة.
- · الأمين العام للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة